أنماط التعلق .. كيف تؤثر طفولتنا في أسلوب تعلقنا بالآخرين؟

من طبيعتنا –نحن البشر– أننا كائنات اجتماعية، ففي البداية وقبل وقت طويل اعتمدت نجاتنا من أهوال الطبيعة واستمرارنا في التطور على قدرتنا على إقامة علاقات طويلة الأمد ومن ثمّ تكوين مجتمعات، وإلى يومنا هذا، دائمًا ما نتطلع إلى إقامة علاقات مستقرّة ومُرضية مع غيرنا، الأمر الذي يعزّز الثقة فيما بيننا ويمنحنا الشعور بالراحة والأمان.

وكأيّ شيء آخر، اعترى أعدادًا كبيرة من العلاقات اختلالٌ ما، يرجع لأسباب شتّى ومختلفة، وتوضّح لنا “نظرية التعلّق Attachment Theory” -كما سنتعرف إليها فيما بعد في المقال- سبب حدوث تلك الاختلالات. لماذا يصعب على البعض إيجاد الحبيب المناسب؟ لماذا تكون بعض العلاقات العاطفية متوتّرة أو غير مستقرة؟

لكي نجيب على هذه التساؤلات، من الواجب أن نفهم كيف أنّ تعلّقنا بمقدّمي الرعاية في طفولتنا –عادةً ما يكونون الوالدين– يؤثّر في أسلوب تعلّقنا بغيرنا في مرحلةٍ متقدّمة من حياتنا، في مرحلة الشباب مثلاً، باعتبار أنّ النظرية تصف طبيعة العلاقات طويلة المدى بين البشر، وسنتعرف أيضًا على أساليب أو أنماط التعلّق التي تحدّد طريقة تعاملنا مع غيرنا وانطباعاتنا نحو العلاقات العاطفية والمشاكل التي تواجهنا فيها، وكيف تتشكّل تلك الأنماط منذ صغرنا، وهل لنا أن نغيّر من تلك الأنماط أم أنّ الأمر إجباريّ؟

تاريخ النظرية

كان أوّل من ساهم في تقديم نظريةٍ تصِف طبيعة العلاقات المبكرة هو عالم النفس الشهير “سيجموند فرويد” في أواخر القرن التاسع عشر؛ حيث افترض أنّ ثدي الأم هو مصدر الحبّ بالنسبة للطفل، وأنّ تعلق الطفل بالشخص المألوف له –الأم– يمنحه التغذية التي يحتاجها ويشبع لديه الرغبة الفطرية بالشعور بالأمان.

في ثلاثينات القرن الماضي، أكّد عالِم النفس التطوري “أيان سوت” أنّ احتياج الطفل إلى العاطفة هو احتياج أساسيّ وفطري، ولا يعتمد على الحاجة إلى التغذية.

إعلان

ثم أكد عالم النفس “ويليام بلاتز” على أهمية تطوير العلاقات الاجتماعية وأنّ الحاجة إلى الأمان ما هي إلا جزء طبيعي موجود بالشخصية، وقد قدّم باحثون آخرون فرضياتٍ تفيد بأنّ الانفصال عن مقدِّم الرعاية للطفل يسبّب له القلق.

مساهمات عالم النفس جون بولبي

ولد “بولبي” عام 1907م في لندن لأسرة من الطبقة المتوسطة، لم يكن بولبي يرى والديه كثيرًا في حياته المبكرة وقد تمّت تربيته على يد مربية إلى أن غادرت بعد إكمال عامه الرابع مما أثّر على نفسيته بسبب فقدانه لمقدّمة الرعاية. درس علم النفس في جامعة كامبريدج وبعد التخرج عمل مع الأطفال الجانحين، ومن ثمّ عاد للدراسة فدرس الطب في لندن، ثم درس في معهد التحليل النفسي وبعد تخرّجه عمل كمحلل نفسي.

الطبيب النفسي البريطاني ادوارد جون بولبي 1907 – 1990

اهتمّ باضّطرابات الأطفال الذين ينشأون في مؤسسات الرعاية وملاجئ الأيتام والذين تظهر لديهم مشكلات نفسية، فقد بدا له أنّ مثل هؤلاء الأطفال غير قادرين على إبداء مشاعر الحبّ لافتقادهم رابطًا عاطفيًّا مع الأم منذ صِغر سنهم، ولاحظ بولبي أعراضًا مشابهة لدى أطفال تربّوا في أُسَرٍ عاديّة ولديهم أمهات، الأمر الذي لفت انتباهه إلى أنّنا يمكن أن نفهم طبيعة العلاقات الإنسانية من خلال فهم علاقة الطفل بالأم.

عقب الحرب العالمية الثانية، شكّلت أعداد هائلة من الأطفال المشرّدين والأيتام مشاكلَ كبيرة لفتت نظر منظّمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والتي طلبت من مستشارها المحلل النفسي البريطاني “جون بولبي” كتابةَ تقرير عن الصحة النفسية للأطفال الذين فقدوا أُسَرهم.

دكتور بولبي اثناء مراقبته لطفل في ملجأ للأيتام

بحث بولبي في مجالات عدّة منها علم النفس التطوري ونظريّات التحليل النفسي وعلم سلوك الحيوان واعتمادًا على وثائق أولية، وقدّم تقريرًا في أوائل خمسينيات القرن الماضي، عن “رعاية الأمومة والصحة النفسية” والذي انتقد فيه أساليب التربية المنتشرة وقتها بأنّ المعاملة اللطيفة قد تُفسد الطفل وأكّد على أهمية حبّ الأم لطفلِها في مرحلة الرّضاعة والطفولة بالنسبة لصحّته النفسية يعادل أهمية الفيتامينات بالنسبة لصحته الجسمية.

في نهاية الخمسينيات قدّم كتابًا بعنوان “قلق الانفصال Separation Anxiety” والذي وضّح فيه أنّ الانفصال عن مقدّمي الرعاية -ألا وهم الوالدين- يولّد قلقًا يشعر به الطفل ويجعله في حالة من الإحباط والتوتر.

قدّر بولبي وجود ثلاثة مراحل لتعلق الطفل بمقدمي الرعاية والتي تتغير بتقدم عمره:

  • في سنّ مبكّرة، أقلّ من شهرين، يكون الطفل في مرحلة ما قبل التعلق pre-attachment، في هذه المرحلة لا يستطيع الطفل التفريق بين والديه والغرباء عنه، لكن أظهرت الأبحاث الحديثة أنّ ذلك ليس بصحيح؛ حيث يمكن للرضّع في ذلك السنّ التفريق بين الوالدين والغرباء.
  • مرحلة تكوين التعلق attachment-in-the-making، تستمرّ هذه المرحلة حتى بلوغ الطفل لسنّ ستة أشهر، حيث يستطيع الطفل تمييز والديه لكنه يكون على ما يرام في وجود الغرباء.
  • مرحلة التعلق الواضح clear-cut attachment، في هذه المرحلة يبدأ الطفل بإظهار قلق الانفصال، وهو إبداء سلوك معيّن مثل البكاء عند انفصالهم عن الوالدين ومن ثمّ التوقف عن البكاء عند عودتهم.

فيما بعد تلك المرحلة، عندما يبلغ الطفل حوالي السنتين، فإنّه يفهم أنه يمكن للوالدين التغيّب عنه وأنّ ذلك طبيعي، ويقلّ لديه قلق الانفصال. بعد ذلك يصبح أكثر استقلالية ولا يقلق جرّاء انفصالهم عنه.

لم تتمّ صياغة النظرية بالكامل اعتمادًا على ما قدّمه بولبي فقط رغم إسهاماته العظيمة، فقد تمّ تطويرها على يد علماء نفسٍ كُثر أبرزهم عالمة النفس التطوري “ماري أينسورث” من خلال تجربتها التي أفادت بوجود أساليب أو أنماط للتعلق.

 

 

مساهمات عالمة النفس ماري أينسورث

في عام 1969م اجرت عالمة النفس “ماري أينسورث” وهي إحدى طالبات بولبي، بتجربة سميت بـ “الموقف الغريب Strange situation”، كان هدف التجربة هو تحديد نمط التعلق الذي يتبعه الطفل تجاه الأم (مقدّم الرعاية) تارة وتجاه سيدة غريبة تارة أخرى.

عالمة النفس “ماري أينسورث”

تمّت تلك التجربة على 100 طفل ما بين سنة لاثنتيَن، وتضمّ بعض التفاعلات بين طفلٍ رضيع والأم وسيدة غريبة. هناك ثلاثة مراحل أساسية للتجربة:

  1. ملاحظة سلوك الطفل وتفاعله عندما يترك مع أمه لوحدهما.
  2. ملاحظة سلوكه عندما تنضمّ إليهم سيدة غريبة.
  3. ملاحظة سلوكه عندما يترك لوحده، أو مع السيدة الغريبة.

كان الاستنتاج الأولي للتجربة أنّ الأطفال يُظهرون مجموعة سلوكيات تفاعلية حسب وجود الأم والسيدة الغريبة ما بين إظهار الطفل للتواصل والقرب من الأم وتجنّب إظهاره وابتعاده عنها.

 

بناء على هذا الاستنتاج، وصفت أينسورث أربعة أنماط مختلفة من التعلق:

1- تعلق آمن Secure:

هو أكثر الأنماط شيوعًا ويُعتقد أنه أكثرهم صحة، حيث يشعر الطفل بالأمان بالقرب من الأم وينزعج عند مغادرتها ويظهر ذلك بالبكاء، ولكنه يهدأ بسرعة عند عودتها ويتوقف عن البكاء، ھذا النوع من الأطفال غالبًا ما يكون اجتماعيًا ويميل لتكوين علاقات مستقرة. يمتاز نسبة 70% من الرضع بهذا الأسلوب.

2- تعلق متردد Resistant:

هو أكثر حدة مقارنة بالتعلق الآمن، حيث يظلّ الطفل قريبًا من أمه كثيرًا، وينزعج بشدة عند مغادرتها، ويستمر في البكاء حتى بعد عودتها ولا يهدأ، ھذا النوع يشیع عندما تكون الأم غير متواجدة ولا تستجیب لطفلها بكثرة وغالبًا ما يكون الأطفال قلقين ويعانون من مشاكل مع القلق عند الكبر.

3- تعلق تجنبي Avoidant:

في هذه الحالة لا يبدو على الطفل أنه يهتمّ سواء بوجود الأم أو السيدة الغريبة أو عدم وجودهما ويكون التواصل معهما ضعيفًا، فيما يُعرف بالتعلق التجنبي أي أنه يتجنّب القرب من مقدّمي الرعاية أو الغرباء، ھذا النوع يشیع عندما تكون الأم مھمله لطفلها أو عنيفة معه وغالبًا ما يفضل الأطفال العزلة وتكون علاقاتهم الاجتماعية والحميمية غير مستقرة.

4- تعلق مشوش او غير منتظم Disorganized:

هو أقل الأساليب انتشارًا، حیث تكون ردة فعل الطفل بعد عودة الأم مختلطة ومتضاربة ومتناقضة وأحيانًا يُظهر انفعالات عاطفية شديدة، يتكون هذا الأسلوب عندما تكون الأم عنيفة مع طفلها وغالبًا ما يكون الأطفال من ھذا النوع عرضة للاضطرابات النفسية ومشاكل في العلاقات المستقبلية.

 

دراسات حديثة

تعدّ استنتاجات “بولبي” و”أينسورث” مهمة إذ أنها ساهمت في صياغة نظرية التعلق بشكلٍ أفضل مما يمكّن أطباء النفس في الوقت الحالي من التعامل مع المشاكل النفسية المتعلقة بها، رغم ذلك فإنّ الدراسات والممارسات الحديثة لا تحدّد أنماط التعلق بهذا الشكل المحدّد، وإنما تتعامل معها كمقياس ما بين التعلق الآمن وغير الآمن بناء على السلوك الظاهر.

فبناء على الدراسات السابقة حدّد العلماء أبعادًا للتعلق والتي تُظهر – عبر السلوكيات المتنوعة للطفل – مدى درجة أمان التعلق الخاص به على المقياس الذي ذكرناه، على سبيل المثال:

السلوك ما بين البحث عن القرب تجاه الوالدين مقابل تجنبه، والذي يعني مدى رغبة الطفل في أن يكون قريب منهما. والسلوك بين إظهار مشاعر الغضب وعدم الاهتمام، والذي يصف مدى غضب الطفل تجاه والديه نتيجة معاملته معاملة سيئة أو لتركه وحيدًا.

فعندما تكون العلاقة بين الطفل ووالديه علاقة جيدة ويرغب الطفل في التقرب منهما ولا يفزع بشكل مبالغ إذا تم تركه وحيدًا، فهذا يشير إلى أسلوب تعلق آمن. ولكن إن تجاهل الطفل والديه وأظهر مشاعر غاضبة فهذا يشير إلى أسلوب تعلق غير آمن.

مع ذلك ليس الأمر محدّدًا بهذا الشكل، أي أنه ليس إما أبيض أو أسود، لا يوجد حدود واضحة بين أنماط التعلق تلك، فلا يعني في جميع الحالات أنّ نمط التعلّق الذي تظهره وأنت طفل يجعلك تظهر السمات والسلوكيات الخاصة به وأنت بالغ، حيث ليس العامل الوحيد المؤثر هنا هو تعامل والديك معك، فظروف الحياة تعدّ عاملًا قويًا أيضًا، فمثلًا إن تعرّضت لحدثٍ سلبيّ مثل فقدان أحد الأقرباء أو انفصال والديك أو الإصابة بمرض خطير، فيمكن أن يؤثّر ذلك على نمط التعلق الخاص بك.

صرّح الباحثون أيضًا أنه من المرجّح أن يغيّر الإنسان فكرته عن العلاقات والثقة والعاطفة نتيجة خبرة حياتية مكتسبة، لذا اختصارًا، إن تربيت في ظروف عائلية مستقرة وبدون أحداث سلبية فإنّ نمط تعلقك الذي تظهره في الصغر سيظلّ غالبًا مستمرًا معك في الكبر، ولكن هذا ليس ثابتًا وثمة أبعاد وظروف كثيرة بإمكانها تغيير ذلك والتأثير فيه، يعتقد العلماء أنه إن كان نمط تعلقك غير آمن ونجحت في تكوين علاقة مع شخصٍ ذي نمطِ تعلّق آمن فبإمكان ذلك أن يحسّن من أسلوب تعلّقك، الأمر الذي يَبْدُو منطقيًا، والعكس أيضًا صحيح، إن كان نمط تعلقك آمن ومررت بتجربة انفصال عن شريكك فمن المحتمل أن يؤثر ذلك على أسلوب تعلقك، الأمر الذي يقودنا إلى فهم طبيعة أنماط التعلق عند البالغين.

أنماط التعلق عند البالغين

اتسعت نظرية التعلق لتشمل العلاقات العاطفية عند البالغين، حيث أعدّ باحثان علم النفس من جامعة دنفر هما “سيندي هازان” و “فيليب شيفر” استبيانًا تم نشره في صحيفة “روكي ماونتن نيوز” عام 1985م، طلب الاستبيان من القرّاء أن يحددوا أيًّا من الحالات الثلاثة الآتية يعبر عن رؤيتهم للعلاقة العاطفية:

  1. أجد أنه من السهل نسبيًا الاقتراب من الآخرين، والشعور بالراحة عندما أعتمد عليهم أو أجعلهم يعتمدون عليّ. وأرى أنّه لا داعي للقلق بشأن التخلي عن شخص ما أو الاقتراب منه.
  2. أشعر أنّ الآخرين يترددون في الاقتراب مني كما أتردّد أنا ايضًا، وغالبًا ما أقلق بشأن ما إذا كان يحبّني شريكي ويريد البقاء معي أم لا، لديّ رغبة في أن أكون قريبًا جدًا من شريكي، وهذا أحيانًا يجعل الناس يبتعدون عني.
  3. بطريقة ما، أشعر بعدم الراحة عند قربي من الآخرين، وأجد صعوبة في الوثوق بهم والسماح لنفسي بالاعتماد عليهم، أشعر بتوتر عند اقتراب أحدهم مني، غالبًا ما يريدني الآخرون أكثر ودًّا وذلك يُشعرني بالراحة.

وطبقًا للحالات الثلاثة السابقة تمّ تعريف أربعة أنواع من التعلق عند البالغين:

  1. آمن Secure
  2. مضطرب أو متردد Resistant
  3. انطوائي أو تجنبي Avoidant
  4. مشوش أو غير منتظم Disorganized

تتوافق هذه الأنماط بشدة مع تصنيفات أنماط التعلق عند الأطفال التي ذكرناها سابقًا، حيث:

يميل البالغون المتعلقون تعلقًا آمنًا إلى اتخاذ فكرة إيجابية عن أنفسهم، وعن شركائهم وعلاقاتهم، فهم يشعرون بالراحة عند تحقق التوازن بين الحميمية والاستقلالية.

Cute & Mast” by Pierre Auguste”

يسعى البالغ في التعلق المضطرب أو المتردّد إلى بلوغ مستوى عالٍ من الحميمية والاستجابة مع الشريك، ويصبح معتمدًا عليه بشكل مفرط، فهو يميل إلى قلة الثقة واتخاذ أفكار إيجابية أقلّ عن ذاته وعن شريكه، فربما يُظهر درجات عالية من التعبير العاطفي والقلق والاندفاع في علاقته.

American Gothic” by Grant Wood”

بينما في حالة التعلّق الانطوائي أو التجنّبي يسعى البالغ إلى الوصول لدرجة كبيرة من الاستقلالية، وعادة ما يظهر تجنبًا تامًا للتعلق بالآخرين، وعادة ما يشعر بالاكتفاء الذاتي، ويرى نفسه محصّنًا ضدّ مشاعر القلق وبأنه لا يحتاج إلى علاقات حميمة، فهو يميل إلى كبت مشاعره، وعادة ما يبتعد عن شريكه باستخدام أسباب واهية، وكذلك ذوي التعلّق المشوّش أو غير المنتظم.

 

ختام

لدى كلّ شخص نمط مميز للتعلق بالآخرين، غالبًا ما يكون قائمًا على علاقته بوالديه في الصغر، ويمثل ذلك النمط أرضية أساسية تتشكّل عليها علاقات الصداقة والعلاقات العاطفية على مدار حياته، عندما يشعر شخص ما بالارتباط الآمن بشخص آخر، فإنه يثق بأنه يمكنه الاعتماد عليه وأنه سيكون مصدر دعم وحماية له وأنه سيستجيب لاحتياجاته. يشكّل نحو 50% منّا هذا النوع من أنماط التعلق، ومع ذلك ما أكثر هؤلاء من هم يتجنبون العلاقات أو مترددين في تكوينها، الشخصيات التي تعاني من التعلُّق القلِق التي لديها خوف من الرفض وتميل للبحث عن شريك حياتها بمتطلبات عاطفية ملحّة، أما الشخصيات التي تتجنب التواصل مع الآخرين فتبتعد عن فكرة تكوين علاقة من الأساس لا سيما في لحظات ضعفهم إذ أنهم يتجاهلون احتياجات التعلق لديهم.

يبدأ إصلاح ذلك عندما ننظر إلى أصل الموضوع، وهو علاقة الطفل بوالديه في سنواته الأولى باعتبار أنها من الأمور التي تؤثر على نموّه الاجتماعي والعاطفي بشكل كبير، حيث كلما كانت علاقته بهما قوية ومستقرة كلما أحسّ الطفل بالأمان والذي يوثر إيجابيًا على ثقته بنفسه وبالآخرين ويزيد من نسبه اكتسابه شخصية مستقلة على مدار حياته، بينما حدوث العكس أو على نحوٍ غير ذلك يؤدي هذا إلى عدم شعوره بالأمان والاستقرار ويؤثر سلبًا على علاقاته الاجتماعية مستقبلاً.

من المهمّ أيضًا أن يتيح من يعاني من التعلق المتردد، المشوش أو المضطرب الفرصةَ لنفسه بأن يفهم حالته جيدًا ويتفهم متطلباته العاطفية ومحاولة تكوين علاقة مع من لديه سمة التعلق الآمن، فبنسبة كبيرة يمكن أن يغيّر ذلك من أسلوب ارتباطه وزيادة الاهتمام لتلبية حاجاته العاطفية.

بالطبع، من المهم فهم تلك النظرية ولكن فلتعرف أننا جميعًا مختلفون ولا تنطبق علينا بشكل كامل تلك القوالب النفسية الأكاديمية، فأنت لا تعلم ما ينتظرك غدًا لعله يغيّرك، هذا يعتمد عليك.

إعلان

مصدر مصدر 1 مصدر 2 مصدر 3
فريق الإعداد

إعداد: كريم محمد

تدقيق لغوي: ضحى حمد

الصورة: The Lovers" 1928"

اترك تعليقا