ما هو قلق الوقت.. وكيف يمكن مواجهته؟

القلق Anxiety هو حالة نفسية وفسيولوجية معقدة تتركب من عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية نتيجة لتكوّن شعور سلبي يرتبط عادةً بمشاعر عدم الارتياح والخوف والتردد تجاه احداث متوقعة.

يصحب القلق بعض الآثار الجسدية الداخلية مثل خفقان القلب بسرعة، الشعور بالدوار، الغثيان في بعض الأوقات، ضيق في التنفس، آلام أسفل المعدة، والصداع، وبعض الآثار الخارجية مثل شحوب الجلد وتغير لونه، التعرق والارتعاش، واتساع حدقة العين. من الممكن أن تتصاعد تلك الأعراض لدى البعض إلى الشعور بالفزع او الذعر.

هناك أنواع من القلق؛ منها القلق الوجودي existential anxiety : والذي صنفه “بول تليك” (فيلسوف وجودي مسيحي 1886 – 1969) وقد قسمه إلى ثلاث فئات؛ مادي فيما يتعلق بالمصير والموت، وأخلاقي فيما يتعلق بالذنب والإدانة، وروحي فيما يتعلق بخواء النفس وعدم وجود معنى، ووفقًا له فإن القلق الروحي هو أكثر الأنواع الثلاثة انتشارًا في العصر الحديث.

قلق الامتحان exam anxiety: وهو ما يشير إلى شعور الطلاب بعدم الارتياح والتوجس وانفعالات أخرى يشعر بها الطلاب الذين لديهم خوف من الفشل في الامتحان.

القلق الاجتماعي social anxiety: النسبة الأكبر ممن يعانون منه هم الشباب في سن مبكرة، وهو الخوف الزائد من الأشخاص الغرباء والخوف من حكم الآخرين عليهم.

إعلان

هناك نوع آخر من القلق وهو قلق الوقت time anxiety: هو اختصارٌ لذلك الهاجس المُلّح بأنك لا تملك وقتًا كافيًا دائمًا، وهو ما سنتكلم عنه بشيء من التفصيل في هذه المقالة.

كم مرة في الغالب تشعر بالقلق خلال الوقت؟ هل تشعر أحيانًا بالضغط والهرع والقلق لأنه لا يوجد ما يكفي من الوقت أو لأن الوقت يبدو وكأنه يمر بسرعة؟ إن الوقت والقلق هما شريكان قاسيان يتعاركان في عقلك ويسببان لك الذعر أحيانًا، قالها وليام بـِن ذات مرة: “الوقت هو أكثر ما نحتاج، ولكنه أسوء ما نستخدم”. نحن دائمًا نريد المزيد من الوقت لكن عندما يمر منا سهوًا نصبح قلقين، وتلاحقنا فكرة أننا لا نستغل وقتنا بشكل جيد دائمًا، وتجعلنا نشعر بالذنب وتسبب المزيد من القلق.

أنواع قلق الوقت:

نحن نستخدم مفهوم الوقت لقياس أشياء مثل العمر ومدة الصلاحية وغيرها، مستخدمين في ذلك الأرقام حيث لا تبقى الأرقام بقيمة موضوعية، لكننا نخصص المعنى لها مستخدمين عبارات مثل ثواني، دقائق، ساعات، أيام، سنة، قرن، ألفية، وهكذا، حيث لدينا نحن البشر القدرة على قياس الوقت من خلال الأرقام وهذا أمرٌ رائع، لكن المتعدي على هذه الروعة هو القلق المتعلق بالوقت.

حيث أن هناك أنواع مختلفة من الوقت لها علاقة بالتأثر بقلق الوقت بشكل خاص واضطرابات القلق بشكل عام

فيما يتعلق بالحاضر:

مثال على ذلك عند تمني أحدهم لو أن عدد ساعات اليوم تصبح أكثر مما هي عليه لعدم كفاية الوقت بالنسبة له أو هكذا يظن، هذا النوع يسبب شعور بالتسرع ويجعلنا نشعر بالإرهاق بشكل شبه دائم والشعور بالضغط والتوتر والقلق، فحتى قراءة جملة تحث على عدم إضاعة الوقت قد تشعره بالقلق تجاه عدم توفر وقت كافي. كقول فيليب ستانهوب، إيرل تشيسترفيلد الرابع (لقب انجليزي):

“اِعرفْ القيمة الحقيقة للوقت، انتزعْ وانتهزْ واستمتعْ بكل لحظة فيه، بلا كسل ولا تسويف، ولا تُؤجِل إلى الغد ما تستطيع عمله اليوم.”

فيما يتعلق بالمستقبل:

التكهنات حول الغد وما يحمله من أحداث، ماذا سيجلب الغد؟ وأفكار حول ما قد يحدث في المستقبل والتي تثير القلق، وأسئلة ماذا لو المتكررة، ماذا لو لم يكن ما أفعله اليوم كافيًا؟ ماذا لو حدث شيء سيء؟ ماذا لو فشلت؟ ماذا لو وقع حادث ما؟ وهكذا..

في كثير من الأحيان، يتشابك المستقبل مع الماضي فيما يتعلق بالقلق، فنكون أحيانًا قلقون بشأن ما سيحدث غدًا بسبب الشعور بالذنب إزاء ما كان يجب أن نفعله في الماضي.

فيما يتعلق بمدة التواجد:

ما أقصده هنا الوقت الممنوح لك لتكون موجودًا، أي حياتك بأكملها. القلق الوجودي هو نوع من القلق المنتشر عالميًا، نتعرض له لأننا بكل بساطة موجودون، كما ذكرنا يمكن أن يخلق شعورنا بمرور الوقت إحساسًا خانقًا بالقلق، وعندما يتعلق الأمر بحياتنا أو ربما بنهايتها فيؤدي الأمر أحيانًا للشعور بالفزع، ولمَ لا؟ إن الشعور بالوقت الضائع من حياتنا، وإدراكنا بأنه ينحسر دون عودة أبدًا بينما نحن نتسابق ونتشتت وننشغل في أمور الحياة المتعددة، يساهم بكل تأكيد في توليد الشعور بالقلق والخوف وحتى الذعر.

كيف يمكن أن نقلل من قلقنا حيال الوقت؟

مرور الوقت بالفعل يولد إحساسًا بالقلق، إذ يشعرنا بأن الأمر خارج عن سيطرتنا وهو الذي لا تحبه أدمغتنا ولا تعرف كيف تتصرف حياله فيتولد الشعور بالقلق. يمكن أن يؤدي تغيير منظورك للأمر وتغيير تصرفك تجاهه إلى تغيير إحساسك حيال الأمر برمته ألا وهو مرور الوقت، فبفهمك لهذا الموضوع واستيعابك له وبالتحكم في حياتك الخاصة يمكن أن ينكمش القلق بشكل تدريجي وطبيعي.

تقليل قلق الوقت يبدأ بفهم بعض الحقائق:

– الوقت موجود.

– الوقت لا يتغير.

– الوقت يتقدم للأمام وكذلك نحن.

بعد ذلك، من الواجب تنفيذ هذه الاستراتيجيات:

– تصور سعادتك، وحدد كيف يتم استغلال الوقت بشكل جيد في جميع مناحي حياتك، ولا تهتم بأمر احتياجك لوقت أطول.

– لا تقلق حيال المزيد من الوقت، فقط حرر نفسك من القيام ببعض الأمور غير الضرورية لخلق وقت فارغ، وقم بتنظيمه.

يكون الشعور بالقلق حيال الوقت عندما نكون عالقين في المهام التي ننسى أنفسنا معها، اجعل تركيزك عليها ولاحظ تلاشي القلق لديك، فكرة عدم وجود ما يكفي من الوقت لن تتسبب في تقليل القلق ما لم تقم أنت بذلك.

ختامًا، تقول ماريا ايدجوورث وهي كاتبة أيرلندية:

“إذا اعتنينا نحن باللحظات، سوف تعتني السنوات بنفسها”

إعلان

مصدر مصدر 1 مصدر 2
فريق الإعداد

إعداد: كريم محمد

تدقيق لغوي: آلاء الطيراوي

الصورة: Pinterest

اترك تعليقا