الأضداد تتجاذب أم الطيور على أشكالها تقع؟
تشكِّل الأمثال الشعبية جُزءًا من حياة المواطنين العرب، حيث يستخدمونها في مفرداتهم اللغويّة بغزارة خلال حياتهم اليومية، ويعتبرونها مُسلّمات يجب الإيمان بها؛ وذلك لكثرة تكرارها على ألسنة آبائنا وأمّهاتنا حتى ولو كانت غير متوافقة مع بعضها البعض كما في عنوان المقال.
الأضداد تتجاذب. مثلٌ شائع وفكرة مدعومة سواء من الأمثال الشعبية أو من الأفلام، والقصص، والروايات وربما أيضًا من كتاب تيم لاهاي “تجاذب الأضداد” “Opposites Attract”
“لا يتم الزواج مطلقًا بين شخصين لهما الطباع نفسها. لماذا؟ لأن الطباع المتشابهة تتنافر، ولا تتجاذب”
هكذا يرى تيم لاهاي في كتابه “تجاذب الأضداد”، أن الإنسان يبحث عن الكمال، فلا يقبل بما هو شبيه له فيبحث عن شخص آخر يكمل كلٌّ منهما الآخر، ويدعَم كلامه بكثافة السينما الهيليودية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فيلم لَديك رسالة “You’ve Got Mail” الذي يعرض قصة ألدّ عدويّن في مجال الأعمال يملك كلٌّ منهما متجرًا للكتب ولكن في النهاية يقعانِ في حب بعضهما البعض؛ بسب إيميل. وكذلك فيلم “خادمة في مانهاتن” وغيره الكثير.
كل هذه المؤثرات من كتب وأفلام وأمثال شعبية جعلتنا نؤمن بأن الأضداد تتجاذب. ولكن هل يحدث ذلك حقاً؟
في علم النفس الشعبيّ، عادةً ما يكون لكلِّ مثل مثلٌ آخر مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الدلالة، فمثل “الطيور على أشكالها تقع” هو الوجه المعاكس لمثال الأضداد تتجاذب.
ترى بعض الدراسات البحثية أنٔه عندما يتعلق الأمر بالحب أو الصداقة فعادة ما تصبح القاعدة أقرب لـ”تجاذب الأمثال” لا “تكامل الأضداد”، ففي دراسة تم إجراؤها على 1523 من الأزواج، أصدقاء أو متزوجين، وطُلب منهم بها مِلء استمارات تعبّر عن سماتهم الشخصية سواء كانت أفكارًا سياسية أم ترفيهيةً أو ما يتعلّق بتناول الخمور والكحوليات. بعدها، تمّ التوصّل إلى وجود تشابه بما يقرب 86% من الصفات السابقة بين بعضهم البعض. [1]
وفي دراسة أخرى، طلبَ عالِما الأحياء بيتر بوستون وستيفن ت. ايملين من 978 متطوعًا اختيار 10 سمات يتمنّون وجودها في شريك حياتهم، وبعدها طلبا من المتطوعين، أنفسهم، ترتيب الخصائص العشرة هذه، وكان من الواضح أنّ نسبة كبيرة جدًا قد اختارت الأشخاص الذين يمتلكون سماتٍ مطابقة لما في أنفسهم.[2]
تقول دراسة “بيرن وريفز”: أنّه كلما زادت درجة التشابه بين سلوكيات شخص وسلوكياتنا، زاد ميلنا إلى الإعجاب به؛ أي أنّ علاقتنا بأصدقائنا تميل إلى ما يُطلق عليه علماء النفس الدالّة الخطيّة “دالة الخط المستقيم”، حيث تؤدي الزيادة في التشابة إلى زيادة نسبية في درجة الإعجاب. [3]
لكن في الحقيقة لا يمكننا مطابقة هذه الدراسات بشكل وافٍ، لأنّ بعض الناس حينما يتحدثون عن أنفسهم غالبًا ما يكونون منحازين، لذلك من الأفضل أن تختار من هو متوافق مع أفكارك وعاداتك ليكون شريك حياتك -على الأقل- حتى تظهر دراسة جديدة تقول لنا غير ذلك.
المصادر 1- https://www.medicaldaily.com/birds-feather-opposites-attract-similarity-374869 2 http://www.pnas.org/content/100/15/8805 3 كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس