هل سيكون هنالك روبوت صديق في المستقبل

العلاقاتُ الإنسانيّة مستمرّة وما من نهايةٍ لها، ولكن مع تقدّم تكنولوجيا الروبوت والذّكاء الإصطناعيّ وحصول الروبوتات على قدرات اجتماعيّة أكبر، فإنّنا نحن البشر سَنُكوِّن علاقاتٍ مع روبوتاتنا المساعدة بل وربّما سنشعر كما لو أنهم أصدقاءٌ لنا.

ولكن هل هذا حقًّا ما نريده؟ إنّه لمن الصّعب تخيّل الحصول على آليٍ كصديق، ولكنّه بالفعلِ مستقبل قد يتمنّاه الكثير منّا؛ إذ تمهّد الطبيعة البشريّة الطريق لمثل هذه العلاقات والتي قد تكون أمرًا حتميًا.

ولهذا سببٌ عملي في مجمله, حيث يعيش النّاس لعمرٍ أطول وهنالك ازديادٌ في النّمو السّكانيّ للأشخاصِ فوق الخامسة والستّين من العمر والّذين يحتاج معظمُهم إلى نوعٍ من الرّعاية الصحيّة خلال تقدّمهم بالعمر، ويتنبّأ خبراءُ الرّعاية الصّحيّة الخاصّة لكبار السن بنقصٍ حاصلٍ لمقدّمي الرّعاية الصّحيّة لتلبية الطّلب المتزايد، وستكون الروبوتات ضروريةً لسدّ هذه الفجوة (قد تكون سيّئ الحظّ وتصبح طريحَ الفراش ولكنّك ستجد الدّب الرّوبوت بجانبك والذي سيغنيك عن المساعدة البشرية ! ).

هنالك عددٌ من المبادرات حول العالم تتّجه إلى ابتكار إنسانٍ آلي يتصرّف كمعاونٍ للرّعاية الصّحيّة أو الشّخصيّة؛ مساعدٍ لطيفٍ وذكيٍ اجتماعيًّا، وسوف يكون هنالك طلبٌ حقيقيٌ على هذا النوع من الرّوبوتات في السّنوات القادمة.

مساعد الرّعاية الصحيّة في المستقبل

ما الذي سيكون عليه هذا الرجل الآلي المساعد؟ قد يكون مشابهاً لcare-O -bot المطور في ألمانيا، روبوتٌ جبانٌ مدولبٌ ذو عجلاتٍ مع أيديٍ حول الشاشة  و التي تمثل الرّأس، وقد يبدو أشبه بالبشر مثل روبوت “pepper” الشّخصي الصّادر عن شركة soft bank Robotics برأسِه الكرتونيّ و الشّاشة في صدره، ووفقًا لما ورد على موقع الشركة فقد اكتسب Pepper شهرته من خلال الادّعاء بقدرته على فهم واستقبال المشاعر حيث تتمّ محاكاته لإدراكِ المشاعر  البشريّة الرّئيسية و تعديل سلوكه حسب مزاج محاوره، و قد يكون مشابهًا أكثر ل  Zeno، روبوتٌ منزليٌ أصغر حجمًا والّذي تصنّفه الشّركة المصنّعةُ بأنّه ” رفيقكَ الذكي الصغير” و الذي باستطاعته تشغيل التلفاز و قراءة وصفة الطّعام خلال قيامك بالطهي ولكنّه بالمقابل لا يستطيع تحضير الطعام او حتى ملئ غسّالة الاطباق.

إعلان

Care-O bot و peppr يعيدان لذاكرة الروبوت الذكي المساعد في فيلم “روبرت و فرانك” للعام 2012 حيث منح المعمر و سارق المجوهرات فرانك رجلًا آليًّا للرّعاية الصحيّة حيث يصبح باستطاعته العيش وحيدًا في المنزل على الرّغم من إصابته بالخرف، ويقوم الرّوبوت المذكور بتحضير الطّعام وتذكير فرانك بأخذ دوائه، والاعتناء بالحديقة وأيضًا يساعد في عودة فرانك السّريعة إلى السطو، يمتلك هذا الرّوبوت عددًا من الإمكانيّات ويحتاج سنوات عديدة ليصبح روبوتًا واقعيًّا، ولكن هذا الخيال العارم تنبّأ وبشكلٍ صحيح كيف يمكن لروبوتات مساعدة كبار السنّ حتى دون مغادرة منازلهم.

روبوت مقدمٌ للرّعاية الصحيّة بخصائص بشرية

إنّ الشّكل الخارجيّ لمقدّمي الرّعاية الصحيّة الآليين في المستقبل أمرٌ مهمّ، و هنالك سببٌ مقنعٌ في كون الروبوتات المبكرة مشابهةً للإنسان أو لحيوانٍ ودود أو بشكلٍ كرتونيّ، فوفقًا للأستاذة المساعدة في علم النّفس الصحي في جامعة اوكلاند، نيوزيلاندا، Elizabeth Broadbent، إنّه من السهل على النّاس تكوين علاقةٍ مع جسمٍ ماديٍ يحوي الذّكاء الاصطناعي مقارنةً بصوتٍ غير مجسم كما في جهاز المساعد الشخصي الصّوتيّ أمازون إيكو؛ حيث شاركت Broadbent في بحثٍ أوضح أن كبار السن الّذين يستخدمون الذكاء الإصطناعي يتفاعلون مع الروبوتات و كأنهم رفقاءٌ مقرّبون.

و يشير البحث الذي أجرته Broadbent إلى أنه بالرغم من قدرة الناس على تكوين صلةٍ مع صوت الذكاء الاصطناعي الشخصي على القرص الرقمي أو الكمبيوتر، فإن الصلةَ تكون وثيقة أكثر إذا كان هذا الذكاء  الاصطناعي بشكلٍ مجسم على هيئة روبوت.  وبالرغم من قدرة جهاز إيكو على توليد مشاعر من الارتباط لدى  الشخص ،  فإنه من المحتمل اكثر أن تلك المشاعر قد يتم توليدها بشكلٍ أكبر  خلال المرور بعلاقةٍ مع روبوتٍ مجسم.

نسيان أن الروبوت هو محض آلةٍ و حسب

وتتسائل Broadbent هل يبدو لكم كما لو اني أتسلسل في حديثي عن العلاقات مع الروبوتات؟ هنالك احتمالٌ كبير أنه عندما يتم تطوير هذه الروبوتات بالشكل الكافي  لتصبح قادرةً على الانخراط معك في المحادثات ، عليك أن تكون مدركاً و بشكلً تام أن هذا لإنسان الآلي هو  ما هو عليه إلا أن السلوك البشري يميل لعرقلةِ هذا المنطق العجيب, إذ إنك بالفعل قد تدخل في تفاعلِ مع هذا الروبوت كما لو كان شخصاً حقيقياً.

و وفقاً لما قاله الباحثٌ في مجال تفاعل الروبوت البشري، في الخطاب الذي ألقاه على منصة تيد   Astrid Weiss، في عام 2017 : “حتى لو كان هذا يبدو سخيفاً، فإنه لا يُحدث فرقاً” وأضاف أنه ليس من المنطقي معاملة جهاز الحاسوب على أنه إنسانٌ آخر يمكن التفاعل معه، ولكن هذا يحدث تلقائياًو ذلك لأن التفاعل الإجتماعي حاجةٌ أساسيةٌ للإنسان.

ويتناول المؤلف والمتنبأ بالمستقبل Richard Yonk مواضيع كهذه في كتابه “Heart of the Machine ” حيث يقول في كتابه : ” مستقبلنا في عالم الذّكاء الإصطناعيّ العاطفيّ والذي يسجل كيفية توظيف المشاعر في واجهات  الذّكاء الإصطناعيّ و الروبوتات المستقبلية، و يضيف Yonk أنّ واجهات الحاسوب و الرّوبوتات تتوجّه لخلق سياقٍ من التّفاعل مع المستخدمين و بعبارةٍ أخرى فإنّ الذّكاء الاصطناعيّ قادر على تعلّم كيفيّة الحديث معك بطريقة مشابهةٍ لأي إنسانٍ أخر؛ هذا ولأنّه ياخذ بعين الاعتبار كلَ ما يعرفه عنك وكلّ ما اكتشفهُ خلال حديثه معك.

ارتباطٌ عاطفي

و في اللحظةِ التي يتمكن فيها الرّوبوت و الذكاء الاصطناعي من أن يصبح متفاعلًا مع احتياجاتك الشّخصيّة بشكلٍ كبير، فإن هنالك احتمال لتشكل ترابطٍ عاطفيٍ بينك و بينه.

و يقول Yonk أنّه من الممكن أن يصبح الشّخص حزينًا على فقدان عاملٍ ذكيٍ كهذا وذو معرفة شخصيّة عنك.

ومع تقدّمنا بالعمر فإن الرّوبوتات قد تكون حاضرة في مستقبلنا؛ ففي دور رعاية المسنين قد تعمل الروبوتات على مساعدةِ الكوادر البشرية  و ربّما تقديم الوجبات والدّواء أو حتّى مرافقة كبار السن وقراءة قصص و لعب ألعاب معهم، أمّا في البيت فإنّ الرّوبوتات الشخصيّة ستعمل على تذكيرك بأخذ وصفتكَ الطبيةَ، أو مراقبة صحتك، أو إجراء اتصالٍ هاتفيٍّ لك، أو حتّى طلب المساعدة في حالة الطوارئ؛ جميع هذه الامور هي استخداماتٌ رائعة لهذه التكنولوجيا المزدهرة.

هل كل شيءٍ على ما يرام؟

دعونا نعطي الكلمة الاخيرة لأستاذة الدّراسات الإجتماعية للعلوم والتكنولوجيا في معهد ماساتشوستس لتكنولوجيا، Sherry Turkle، والّتي تعتقد أنّ استخدام الروبوتات عوضًا عن الإنسان لرعاية كبار السنّ ليس ما يجب ان نصبو إليه؛ حيث قالت في خطاب ألقته على منصّة تيد للعام 2012:” أعتقد أنّ هذا سيؤدّي إلى تدمير ما تعاهدت عليه الأجيال” و أضافت : ” تلك الآلات لا تستطيع فهمَنا، إنهم يتظاهرون بذلك، وبالنّسبة لي هذا يقلل من شأننا كما انه لا يعدّ استخدامًا صحيحًا للتكنولوجيا، بالأولويات الإجتماعية الصحيحة نحصلُ على عددٍ أكبر من الناس لخدمة كبار السنّ، حيث أنّ طلب القيام بهذه الأعمال من الرّوبوتات يعني سؤال المزيد من الآلات للعمل، وبالمقابل عدد أقلّ من النّاس.

السؤال هو هل هذه الروبوتات ضارّة أم نافعة أم أنّها بين هذا وذاك بالنسبة لك و لغيرك من كبار السنّ المقرّبين؟ اعتقد بأنّك في السّنوات القادمة ستغدو قادرًا على الإجابة عن هذا.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: ليلى سلامة

تدقيق لغوي: أمل مصري

تدقيق علمي: عمر العجيمي

الصورة: pixabay

اترك تعليقا