مراجعة كتاب الربح فوق الشعب … الليبرالية الجديدة والنظام العولمي لـ نعوم تشومسكي

“عندما تجد الفقر والتحولات الإجتماعية العنيفة تحدث في مجتمع ما، فإبحث عن النيوليبرالية وصبيان شيكاجو”
“الربح فوق الشعب” _ نعوم تشومسكي

أقدم لكم كتاب الربح فوق الشعب ، الليبرالية الجديدة والنظام العولمي ” للكاتب ناعوم تشومسكي والذي ينتقد فيه الليبرالية الجديدة كنظام سياسي وإقتصادي يحافظ على مصالح القلة التي تتمثل في رجال الأعمال والشركات العملاقة.
ويوضح في الكتاب المفاهيم المتعارف عليها كالديموقراطية والأقليات وغيرها في ظل النيوليبرالية ” الليبرالية الجديدة ” .

مقدمة كتاب الربح فوق الشعب بقلم روبرت ماكشيسني

هو أستاذ الاتصالات المساعد في جامعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية ويعتبر من أكبر منتقدي الليبرالية الجديدة، يعرف الليبرالية الجديدة بأنها النموذج السياسي والاقتصادي الذي يعرف به عصرنا، وهي تتعلق بالسياسات والعمليات التي تتيح لحفنه من الشركات الخاصة السيطرة على أكبر حيز ممكن من الحياة الإجتماعية كي يتم تحقيق أقصى الأرباح ويشير لإرتباط إسمها لريجان وتاتشر ( ملاحظة : ترجه ناعومي كلاين صاحبة كتاب عقيدة الصدمة بأسبقية بيونشيه ديكتاتور تشيلي بالإرتباط بالأفكار النيوليبرالية تحت عرابها الأكبر توماس فريدمان وتلاميذه ويطلق عليهم صبيان شيكاجو) .

يشير ماكشيسني لنقطتين مهمتين تجعل قراءة كتاب الربح فوق الشعب مهمة

النقطة الأولى:

أن تشومسكي يكذب أسطورة السوق الحر التي يتغنى بها مؤيدو الليبرالية الجديدة، فيقولون أن الحكومات والمؤسسات غير كفؤة لابد من تقييدها كي لاتلحق ضررا بالسوق ” الحر ” . ويرد تشومسكي على ذلك بأن الحكومات الحالية أمر مهم ومركزي بالنسبة للنيوليبرالية لأنها تدعم الشركات بسخاء ويدلل على ذلك بظهور اقتصاد السوق العولمي ( العولمة ) الذي يتم تقديمه على أنه توسع طبيعي للأسواق الحرة عبر الحدود ولكن العولمة نتاج ضغوط تمارسها الحكومات القوية ولاسيما الولايات المتحدة على شعوب العالم لتحقيق صفقات تجارية واتفاقات تسهل هيمنة الشركات العملاقة على الاقتصاديات حول العالم دون أن تلتزم بأية واجبات تجاه شعوب تلك الأمم ، وليس ثمة مكان تبدو فيه العملية أكثر وضوحا منها في تأسيس منظمة التجارة العالمية في أوائل التسعينات ، والآن في المناقشات السرية الدائرة حول الاتفاقية المتعددة الأطراف الخاصة بالاستثمار MAI.

النقطة الثانية:

هي أهمية تحليل تشومسكي للنظام العقائدي في الديمقراطيات الرأسمالية في ظل انتفاء إمكانية الخوض في مناقشات وحوارات صادقة وصريحة حول الليبرالية الجديدة ، فانتقاد تشومسكي للنظام الليبرالي الجديد يعتبر عمليا من المحرمات بالنسبة للتحليل الرئيسي المتداول في وسائل الإعلام التابعة للشركات الكبرى والأيديولوجيون من الأكاديميين والثقافة التي تلعب كلها دورا مركزيا في توفير ” الوهم الضروري ” لجعل هذا الوضع الذي لا يطاق يبدو منطقيا وكريما بل وضروريا .

ويقول ماكشيسني

أنه بالرغم من شعور منتقدي الليبرالية بأن الوضع صعب التغيير إلا أن أعظم مساهمات تشومسكي قد تكون إصراره وتأكيده على النزعات الديموقراطية الأساسية لشعوب العالم وعلى الطاقات الثورية الكامنة ، ويهاجم تشومسكي رسالة الليبرالية الجديدة الأشد جهورية وهي الزعم بعدم وجود بديل للوضع الراهن وبأن الإنسانية قد وصلت لأعلى قممها ولكن تشومسكي يشير إلى أنه سبق وأن صنفت مراحل عدة أخرى على أنها ” نهاية التاريخ ” .

إعلان

في البداية يحلل تشومسكي إصطلاح “الليبرالية الجديدة” الذي يدل على أنه نظام مبني على الليبرالية الكلاسيكية الذي يعتبر آدم سميث القديس الراعي لها ، ولكنه ينكر ذلك لان الفرضيات الأساسية للنيوليبرالية أبعد ما تكون عن تلك التي حركت التقليد الليبرالي منذ التنوير.
ويقول أن هذا النظام أيضا يسمى “إجماع واشنطون” وقوانينه الاساسية باختصار: تحرير التجارة والتمويل، السماح للسوق الحر بتجديد الأسعار ، إنهاء التضخم المالي ، الخصخصة ( انسحاب الحكومة والشعب أيضا بما أن الحكومات ديمقراطية )، ويأتي بانتقاد آدم سميث لما يعرف “بالمصلحة الوطنية” لأنها من وجهة نظره خدعة إلى حد كبير لأنه في صفوف الأمة توجد مصالح متناحرة ويتعين علينا من أجل فهم السياسة وتأثيرها أن نسأل (أين تكمن السلطة وكيف تتم ممارستها) والذي أصبح فيما بعد يعرف بالتحليل الطبقي، وعلى هذا الأساس حدد تشومسكي المهندسين الأساسيين لإجماع واشنطون الليبرالي الجديد وهم الشركات العملاقة.

أما عن كيفية إدارة السلطة فيذكر تشومسكي عدة مواقف

منها اللجوء إلى الإرهاب والتخريب من أجل استعادة الاستقرار كما فعلت CIA التي شاركت بتقويض الديمقراطية في إيطاليا عام 1948 م كما أنها أعدت خطة للتدخل العسكري في حالة فشل عملية التخريب ويشرح حالة النظام العالمي الإقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية وأن الولايات المتحدة كانت تلعب دور المصرفي وجاءت إدارة نيكسون لتفكك هذا النظام لأنه بدأ يخرج عن السيطرة الأمريكية وأدى هذا لحالة تخبط .

النيوليبرالية والديمقراطية

يقول تشومسكي أن النيوليبرالية أصبحت خلال العقدين الماضيين الاتجاه السياسي والاقتصادي المهيمن كونيا ، تينتها الأحزاب السياسية في الوسط والعديد من اليسار التقليدي وكذلك اليمين، وتمثل هذه الأحزاب وسياساتها المصالح الآنية لكبار الأغنياء المستثمرين ولأقل من ألف من الشركات العملاقة، ويحذر بأن المصطلح غير معروف للجمهور العريض ويتم تقديم النيوليبرالية للجمهور على أنها سياسات السوق الحر، ولا يدرك معظم الناس عواقبها مثل عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية وزيادة في شدة حرمان أفقر الأمم والشعوب وبيئة كونية تعاني من الكوارث واقتصاد كوني غير مستقر، ويكمن خطر الليبرالية الجديدة أنها لاتعمل كنظام إقتصادي فقط بل كنظام سياسي وثقافي أيضا ، ويدلل على أن الليبرالية الجديدة تكون في أفضل حالاتها حيث تتوفر الديمقراطية الإنتخابية الشكلية ولكن بعد إقصاء السكان عن المعلومات والمشاركة والمنتديات العامة الخاصة بصناعة القرار.

ويورد أكبر دليل على هذا الكلام بما ورد في كتاب ميلتون فريدمان “الرأسمالية والحرية” حيث يقول

(بما أن جني الأرباح هو جوهر الديمقراطية ، فإن أي حكومة تنتهج سياسات معادية للسوق ، هي حكومة معادية للديمقراطية، بغض النظر عن حجم التأييد الواعي الذي قد تتمتع به، لهذا فمن الأفضل حصر الحكومات في مهمة حماية الملكية الخاصة وفرض الاتفاقات، وقصر النقاش السياسي على الأمور الثانوية، أما الأمور الحقيقية المتعلقة بإنتاج وتوزيع الموارد والتنظيم الاجتماعي يجب أن تقررها قوى السوق).

ونجد ما قاله فريدمان واضحا في حالة الإنقلاب العسكري لبيونشيه الذي أيدته الولايات المتحدة ضد حكومة اليندي التي انتخبت بشكل ديمقراطي، لأن اليندي عارض سيطرة رجال الأعمال على المجتمع التشيلي، وهكذا يصبح للنظام الليبرالي الجديد نتاج هام وضروري وهو مواطنون غير مسيسين يتسمون باللامبالاة والريبة، وبذلك أصبحت الليبرالية الجديدة بدلا من أن تنتج مواطنين، تنتج مستهلكين، وبدلا من إنتاج مجتمعات، تنتج أسواقا ومراكز تجارية، ويقول أنه باختصار أن الليبرالية الجديدة هي العدو الأول المباشر للديمقراطية الإنتخابية الحقيقية، ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في المعمورة كلها .

إعلان

اترك تعليقا