Three Billboards Outside Ebbing Missouri: ثلاثُ لوحاتٍ للألم

“Raped While Dying”

?Still No Arrests”

?How Come, Chief Willoughy”  

ثلاث رسائل موجعة أطلقتها ملدريد هاريس (فرانسيس مكدورماند) عن طريقِ وضعِها لثلاث لوحات إعلانيّة في الطّريق القديم المؤدّي لبلدة “إيبينج” بولاية ميزوري، ثلاث رسائل تسأل بها عن حقّها في قصاصٍ عادل-لم يتحقّق- لقاتلِ ابنتها المجهولِ الّذي لم تعثر عليه الشّرطةُ أبدًا ليظلّ ملفّ القضيّة معلّقًا دون حلّ.

Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

فيلم بريطاني/أمريكي من إنتاج 2017
كتابة وإخراج مارتين ماكدوناه وبطولة فرانسيس مكدورماند و وودي هارليسون وسام روكويل، تمّ ترشيحه لسبع جوائز أوسكار فاز منها باثنتين: أفضل ممثّلة لفرانسيس مكدورماند، وأفضل ممثّل مساعد لسام روكويل، كما ترشّح أيضًا للعديدِ من الجوائز الأخرى منها تسع جوائز بافتا حاز خمس جوائز منها وهي أفضل ممثّلة وأفضل ممثل مساعد وأفضل فيلم بريطاني وأفضل فيلم وأفضل سيناريو مكتوب للسينما.

“لا أطلبُ المستحيلَ..لكنّه العدلْ”

تمامًا كالعديدِ من القصص والملاحم القديمة لم يكن مطلب ملدريد سوى العدل، من حقّها أن ترى العدالة تتحقق وتقتص من قاتل ابنتها الذي قام بحرق الجثة بعد اغتصابها وقتلِها، إلّا أنّ الأمور عادةً لا تجري على هذا النّحو، لا يمكننا أن نرى العدالة تتحقق في كل الأوقات، خاصّة في ظلّ حالة النّفاق العام التي نواجهها هنا في البلدة الصغيرة من أغلب قاطنيها عندما يبدون تعاطفهم مع رئيس الشرطة المُصاب بالسّرطان ضد مطلب الأم بتحقيق عادل واتّهامها للشّرطة بالتّخاذل والتّقصير، يأخذنا السيناريو ومنذ البدايةِ لطرقٍ مُتشابِكة لا نستطيع منها أن نحدّد بشكل ما من طرفي النّزاع من الخيّر ومن الشرير؟
بدايةً من المكان الخياليّ-لاتوجد بلدة اسمها إيبينج في الحقيقة- والشخصيّات الثلاثة الرئيسة في الفيلم والتي تسكن على أطراف البلدة أو خارجها، وتلك العزلة التي تحياها المدينة، يكون من الصعب علينا الإجابة على هذا السؤال الآن في ظلّ سيناريو مكتوب بحرفيّة تحبس أنفاسنا كلّ دقيقة تمرّ خلال الرحلة، ولا حتّى يمكننا أن نسم الحياة هناك بالجنون فكلّ ما حدث في تلك البلدة الصغيرة يحدث خارجها لاشيء جديد.. لا شيء استثنائيّ.

“الغضب يُولّد غضبًا أكبر”

تلك العبارة الإسقاطيّة التي قالتها “بينلوبي” صديقة الزوج السابق لملدريد تلخّص الكثير من الحكاية؛ الدّافع الرئيس لشخصيّات الفيلم هو الغضب والّذي منه تولد باقي الشّرور؛ العنصريّة، الكذب، القتل، والحرق.
الكل في فيلم Three Billboards Outside Ebbing Missouri موصوم، لا أحد نقي تمامًا، لا يوجد هنا خير وشر، الشخصيّات الثلاثة تحمل صفات الخير والشر معًا.
ولكن…هل نجح السيناريو في إبراز ذلك التناقض الداخليّ للشخصيّات؟

ملدريد -فرانسيس مكدورماند-

ملدريد “.. التي تبحث عن حقّ ابنتها الضائع، مطلبٌ قد يبدو بسيطًا إلّا أنّه معقّد في تلك المدينة الصغيرة وفي تلك الظّروف، شخصيّة قد تبدو هادئة لكنّها حادّة الطباع تحمل الكثيرَ من القسوة بوجهٍ لا يضحك، لا تتورع عن إيذاءِ طبيب الأسنان أو ضرب صبية المدرسة الصغار في مدرسة ابنها، صحيحٌ أنّ كل تلك الأفعال كانت رد فعل لكن ذلك لا ينفي عنها الشر، تهين قسّ الكنيسة وتشبّه رجال الدين بالعصابة، تحرق قسمَ الشرطة وتمارس عنصريّتها على صديقة زوجها السابق حين تصف رائحتها بالكريهة، شخصيّة تحمل في داخلها التناقض، تتعاطف مع رئيس الشرطة ويلوبي حين يسعل ويبصق دمًا من فمه تتناثر قطرات منه على وجهها وفي ذات الوقت تنطق بكلمات قاسيةٍ في حقّه حين قالت جملتها الأكثر فظاظة:

إعلان

We’re all fucking dying

ويلوبي-وودي هاريلسون-

ويلوبي” .. رئيس الشّرطة المصاب بالسّرطان والّذي يقضي أيامه الأخيرة في الحياة، يحاول أن يقوم بواجبات وظيفته، يتعاطف معه الأكثريّة حين تتّهمه ملدريد بالتّقصير، غير أنّ التناقض يبدو في تغافله عن الممارسات العنصرية التي يقوم بها الشرطيّ ديكسون وعجزِه عن ايجاد حلّ لقضيّة القتل، وفي لحظة ما يقرّر التّخلص من آلامِه بالانتحار تاركًا خلفه رسائلًا لزوجتِه ولملدريد و لديكسون، تحمل تلك الرّسائل بعضًا من العاطفةِ والكوميديا في آنٍ معًا.

ديكسون ووالدته

ديكسون” -الشخصية الأكثر غرابة وتناقضًا في فيلم Three Billboards Outside Ebbing Missouri– شرطي كسول، ثمل طوال الوقت، عنصري، يقوم بإيذاء الآخرين مستغلًّا سلطتَه، يتجادل مع رئيسِه ذات مرّة، هل قال تعذيب الزّنوج أم تعذيب الملوّنين؟ لا يزعجه الفعل المشين ولكن يزعجه اختيارُ الكلمات المناسبة للوصفِ، ومع ذلك يقرأ مجلّات الكوميكس وحين يعود لمنزله يبدو كطفل بريء أمام والدته غريبة الأطوار الّتي تشبهه.

مشهد النهاية

في الحقيقةِ، إنّ فيلم Three Billboards Outside Ebbing Missouri قد بلغ غايتَه في توصيل فكرة التّناقض الّذي تحمله الشخصيّات داخلها، هم يحملون الخير والشر معًا، بدا ذلك بعد كلّ ما عانته الشخصيات الثلاث طوال الرحلة، هنا كان عليهم أن يدركوا حقيقةَ الأمور سواء صدفةً أو بتتابع الأحداث، فحين يموت ويلوبي تدرك ملدريد أنّها كانت قاسية أكثر من اللازم ويجد ديكسون أخيرًا شارته/نفسه التي فقدها وظلّ يبحث عنها طويلًا ولحظةَ اكتشافه لدليل على شخصية الشخص المحتمل أن يكون القاتل، يدركا أخيرًا أنهما ليسا عدوّين بل إنّ العدو الحقيقي هو شخص آخر.
صحيح، لم يثبت أنّه القاتل هنا لكنه قتل بنتًا أخرى في مكان آخر، لذا يتحدّان لمعاقبته ويسألان السؤال الأخير: هل نقتله عندما نجده؟؟
لينتهي الفيلم دون إجابة واضحة: من القاتل؟ وهل سيعاقب أم لا؟ وهل حقًّا تتحقّق العدالة في ظلِّ ذلك المجتمع المنافق؟

 

ويبقى السؤال الأهمّ الذي يطرحه فيلم Three Billboards Outside Ebbing Missouri ويتركه دون إجابة:

هل الحياة حقًّا عادِلة؟

 

نرشح لك: مراجعة فيلم can you ever forgive me; قصة صامتة ولكنها قصة لاتنسى

إعلان

فريق الإعداد

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا