دراسة عن ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدل يزيد عن متر واحد بحلول العام 2100

أظهرت دراسة استقصائية لأكثر من مائة متخصص أن مستوى سطح البحر قد ارتفع بمعدل أسرع من السابق، وقد يتجاوز هذا الارتفاع مترًا واحدًا بحلول نهاية القرن، ما لم يتم الحدّ من الانبعاثات العالميّة.

ويقول الخبراء – استنادًا إلى المعرفة المكتسبة حديثًا بالحساسية المناخية وذوبان الجليد القطبي – فإنّ على المدن الساحليّة أن تستعد لزيادة أكثر مما توقعته الأمم المتحدة، قد تصل إلى خمسة أمتار  قبل حلول عام 2300.

ويقول ستيفان رامستورف الباحث المساعد في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ – ألمانيا:من المتوقع أن يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر عدة أمتار أضرارًا جسيمة لعدد من المدن الساحلية؛ كميامي ونيويورك والإسكندرية وفينيسيا وبانكوك أيضًا، على سبيل المثال لا الحصر.  وقد يتعين الهجرة بشكل نهائي عن بعض هذه المدن لاستحالة إنقاذها.

تقديرات الدراسة تقول: أنه في أسوأ السيناريوهات – مع زيادة الانبعاثات وارتفاع الاحتباس الحراري للأرض إلى أربع درجات مئوية ونصف عمّا كانت عليه في المراحل ما قبل الصناعية، قد يرتفع مستوى سطح محيطات العالم في عام 2100 بنسبة تتراوح ما بين 0.6 و 1.3 مترًا أعلى من الوقت الحالي، ومن المحتمل أن يسبب غرق مناطق يسكنها مئات الملايين من النّاس.

وبالعكس، فإذا نجحت الإنسانيّة في خفض درجة انبعاث ثاني أُكسيد الكربون وتثبيت معدل ارتفاع درجة الحرارة على درجتين مئويتين، فإنّ الارتفاع سيكون أكثر قابلية للسيطرة ب 0.5 متر.

إعلان

تعتبر الأرقام في كلا المسارين أكثر تشاؤمًا مقارنة مع الأرقام التي حددتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة، والتي تتوقع  ارتفاع 1.1 متر بحلول العام 2100 على أسوأ تقدير.

تعكس هذه الفجوة تقدمًا في علوم المناخ واختلافات في المنهج المتّبع فيه. يعمل الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بشكل واسع من خلال الإجماع بين مجموعات العمل العلمية، ما يؤدي إلى إنتاج تقديرات محافظة نسبيًا.

في المقابل،  تجمع الدراسة الجديدة – المنشورة في مجلة علوم المناخ والغلاف الجوي – (Climate and Atmospheric science) وجهات نظر تعود إلى 106 من الاختصاصيين، وقع عليهم الاختيار بعد نشرهم  ست ورقات بحثية على الأقل  تمت مراجعتها ونشرها في مجلات علمية عريقة ومختصة. ونتيجة لذلك، فإنّ التوقعات جاءت مُمَثلة لنطاق واسع من وجهات النظر في هذا المجال.

تسلط التقديرات الأعلى الضوء على تعاظم القلق بشأن أكبر غطاءين جليديين في العالم، في أنتركتيكا وغرينلاند. تظهر بيانات الأقمار الصناعيّة والقياسات الأرضية، أن هاتين المنطقتين تذوبان بسرعة أكبر من تلك التي توقعتها معظم نماذج الكومبيوتر. قال العديد من العلماء أنّه يوجد الآن فهم أوسع للمخاطر الّتي يشكلها عدم استقرار الجرف الجليدي البحري، ما قد يؤدّي إلى انهيار الأجراف الجليديّة.

اقرأ أيضًا: طرق مكافحة تغيرات المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر

أشرف على الدّراسة علماء في جامعة نانيانغ للتكنولوجيا (Nanyang Technological University) في سنغافورة، بدعم من سبعة معاهد للأبحاث عبر العالم، بينها جامعة دورهام (Durham University) في المملكة المتّحدة، وجامعة تافتس (Tufts University)  في الولايات المتحدة الأمريكية، ومعهد بوتسدام  لبحوث التأثيرات المناخية (Potsdam Institute for Climate Impact Research) في ألمانيا.

قال الكاتب الرئيسي البروفيسور بنيامين هورتون من مدرسة البيئة الآسيوية في الجامعة أن البحث موجه لتكثيف زيادة حجم الدراسات الأكاديمية حول توقعات ارتفاع مستويات البحار في نظرة عامة بسيطة. ثم أردف قائلًا:من المفيد إجراء مسح لآراء كبار الخبراء حول توقعات ارتفاع مستوى البحر، ذلك يزودنا بصورة أوسع عن السيناريوهات المستقبلية، ويفيد صانعي القرار السياسي في إعداد التدابير اللازمة.

يقول المؤلفون أن النتائج تظهر مدى الاحتباس الحراري والارتفاع في مستوى سطح الأرض الذي كان بالإمكان تفاديه لو التزمت الحكومات باتفاق باريس للمناخ عام 2015 الذي يعد بخفض انبعاثات الغازات الّتي تزيد من ارتفاع درجة حرارة الأرض. معظم الدول بعيدة جدًا عن تحقيق أهدافها.

يقول رامستورف: “كما هي الحال في جائحة كوفيد، الوقت عامل حاسم في تفادي الخراب. سيفوت الأوان إذا ما انتظرت حتى تصبح في مواجهة مشكلة حقيقية. على خلاف الأمر مع أزمة كورونا، ارتفاع سطح البحر لا يمكن إيقافه لقرون عدّة، أو حتى لآلاف من السنين بمجرّد أن يبدأ الغطاء الجليديّ بالانهيار، متجاوزًا نقاط تحوّله.

أبطأ فيروس كورونا مؤقتًا انبعاث ثاني أُكسيد الكربون والميتان بسبب عدد السيارات القليل على الطرقات، والنشاط الصناعي الأضعف. تتوقع وكالة الطاقة العالميّة أن انبعاثات الوقود الأحفوري العالمية ستنخفض بنسبة 8% هذا العام.

لكن بدون تغييرات في البنية العميقة، سيكون التقليل من هذه الانبعاثات مؤقتًا، وسيكون تأثيره محدودًا في تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. توقع مكتب الأرصاد الجويّة “MET OFFICE” يوم الخميس ارتفاع نسبة ثاني أُكسيد الكربون في محطة ماونا لوا بمقدار 2.5 جزء بالمليون هذا العام.

يقول ريتشار بيتس رئيس متنبئي ثاني أوكسيد الكربون في مكتب الأرصاد الجوية:بالرغم من انخفاض الانبعاثات هذه السنة، إلا أن هذا لا يعني أن تراكم ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي سيتراجع – بل إنه سيكون أبطأ فقط.

وعلى سبيل المشابهة، فالأمر أقرب لملء حوض الاستحمام عن طريق الصنبور، وكأننا نقفل الصنبور شيئًا فشيئًا لكن، نظرًا لأننا لا نقفله بشكل كامل، مستوى المياه سيستمر بالارتفاع.”

نرشح لك: التغيرات المناخية كارثة بيئية تهدد حياة البشرية

مصدر الترجمة

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

تدقيق لغوي: مصعب محيسن

تدقيق علمي: ريهام عطية

ترجمة: أفراح مروّة

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا