الإنسان يدمن الوقود الأحفوري! الاحتباس الحراري يسجل معدلات قياسية

بعد عدة سنوات واعدة وصلنا فيها للحد الأدنى من انبعاثات الكربون، فإن العالم بدأ مجددًا يسير على طريق حرق المزيد من الوقود الأحفوري. فوفقًا لتقديرات جديدة، ستصل انبعاثات الكربون العالمية إلى رقم قياسي سيصل إلى 37.1 مليار طن متري في عام 2018.

وهذا يمثل زيادة بنسبة 2.7 في المائة، مقارنةً بإنتاج الانبعاثات العالمية لعام 2017 البالغ 36.2 مليار طن متري، حسبما أفاد باحثون في مشروع الكربون العالمي في 5 كانون الأول (ديسمبر)، وكانت أرقام 2017 تمثل زيادة بنسبة 1.6 في المائة مقارنةً بالعام السابق!

وقال روبرت جاكسون، أستاذ علوم نظام الأرض بجامعة ستانفورد: “على مدار ثلاث سنوات، رأينا انبعاثات الغازات الدفيئة في الوقت نفسه الذي نما فيه الاقتصاد العالمي، كانت تلك أخبارًا جيدة. وكنا نأمل أن يمثل ذلك ذروة الانبعاثات، لكن ذلك لم يحدث”.

لإيقاف تدفق الانبعاثات، يتعين على الدول التركيز على الطاقة المتجددة، وبسرعة، يقول جاكسون.

ارتفاع الانبعاثات

تغير المناخ يجري بالفعل. إذ وجدت دراسة أجرتها ناسا عام 2010، أن متوسط ​​درجة حرارة سطح الأرض ارتفع 1.44 درجة فهرنهايت (0.8 درجة مئوية) خلال القرن العشرين.

إعلان

تستجيب منطقة القطب الشمالي بشكلٍ خاص لهذا التغيير، حيث تظهر مستوياتٌ قياسية من الذوبان، وتسهم المياه الذائبة السطحية من غرينلاند وحدها في ارتفاع سنتيمتر عن ارتفاع مستوى سطح البحر في العالم سنويًا إلى المحيطات.

وفي أكتوبر/تشرين الأول حذر فريق الأمم المتحدة الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، من أن العالم سيضطر إلى خفض انبعاثات الكربون إلى 45% عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، ثم سيوقف جميع الانبعاثات بحلول عام 2050؛ من أجل إبقاء متوسط ​​درجات الحرارة العالمية مستقرًا  عند 2.7 درجة فهرنهايت (1.5 درجة مئوية).

في الوقت الحالي، تتجه الانبعاثات في الاتجاه الخطأ. وجد جاكسون وفريقه بين عامي 2017 و2018، أن التقديرات تشير إلى زيادة إنتاج الصين من الكربون بنسبة 4.7 %، كما ارتفع الناتج الأمريكي بحوالي 2.5٪ في نفس الفترة، وشهدت الهند أكبر زيادة في إنتاج الكربون في الفترة ما بين 2017 و2018، بنسبة تقدر بنحو 6.3%، وزاد الاتحاد الأوروبي من إنتاجه كذلك بنسبة 0.7%.

وقال الباحثون أن العوامل الدافعة لهذا هي عوامل مناخية واقتصادية؛ إذ أدى الشتاء البارد بشكل خاص في شرق الولايات المتحدة، والصيف الحار في جميع أنحاء البلاد، إلى زيادة انبعاثات الوقود الأحفوري من التدفئة وتبريد المنازل وغيرها.

كما أدى انخفاض سعر النفط إلى شراء سيارات وشاحنات أكبر في الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، قال جاكسون: “إن هناك تباطؤًا في الاقتصاد الصيني في الصين هناك، مما يحفز الصناعة الثقيلة، ويؤسس مشاريع طاقة الفحم التي كانت معلقة. إن التنمية الاقتصادية في الهند قد سارعت بتلك الأمة إلى بناء أي مشروع للطاقة تستطيعه”.

وقال جاكسون: “إنهم يبنون الفحم ومصانع الطاقة النووية والطاقة المتجددة بخطى ثابتة، ومن المحتمل أن يكون كل مصنع للفحم  يبنونه ملوثًا بعد 40 عامًا من الآن”.

الالتفاف على الأزمة

على الرغم من الاتجاهات المخيفة نحو زيادة الانبعاثات، هناك بصيص من الأمل. يقول جاكسون إن الولايات المتحدة وكندا شهدت انخفاضًا في استهلاك الفحم بحوالي 40% منذ عام 2005. وبالرغم من إدارة الرئيس دونالد ترامب المؤيدة لصناعة للفحم، فإن حوالي 15 جيجاوات من محطات الفحم من المقرر أن تغلق هذا العام في الولايات المتحدة، وهو رقم قياسي محتمل.

وأضاف جاكسون: “أسعار الرياح والطاقة الشمسية أصبحت الآن قادرة على المنافسة مع الوقود الأحفوري في كثير من الحالات”.

ويقول جاكسون إن قطاع المواصلات يمثل تحديًا كبيرًا؛ حيث دفع انخفاض أسعار النفط المستهلكين إلى القيادة بشكل متكرر وشراء مركبات أكبر. وقال جاكسون إن تحفيز السيارات الكهربائية -التي يمكن شحنها بالطاقة المولدة من الطاقة النظيفة- من شأنه أن يحدث تأثيرًا كبيرًا في الانبعاثات.

على الصعيد العالمي، فإن الصورة معقدة. فالهند، على سبيل المثال، تسعى جاهدةً لإحضار أي قوة كهربائية على الإطلاق إلى ملايين الأشخاص الذين لا يملكون أيًا منها!

وقال جاكسون: “إنهم يحتاجون إلى حوافز مالية لتقليل الاعتماد على محطات الفحم الجديدة، وبناء بنية تحتية للطاقة المتجددة”.

على الرغم من أنه من غير المشجع أن نرى الانبعاثات ترتفع بسرعة كبيرة، قال جاكسون أنه شخصيًّا متفائل.

وقال: “أعتقد أن الطاقة الخضراء ستفوز في نهاية المطاف”، والسؤال الوحيد هو مقدار الاحترار الذي يجب أن يحدث أولًا، ومدى صعوبة كبح التجاوزات اليوم.

وقال جاكسون “كلما ارتفع معدل انبعاثنا اليوم، كلما كانت التخفيضات أسرع أو أعمق في غضون عقد أو عقدين أو أكثر”.

نشر جاكسون وزملاؤه في مشروع الكربون العالمي تقديراتهم في 5 ديسمبر في المجلات.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: بشار منصور

تدقيق لغوي: تسنيم محمد

اترك تعليقا