التغيرات المناخية كارثة بيئية تهدد حياة البشرية

إنّ التغير المناخي ليس بحدثٍ جديدٍ على كوكبنا بل شهد العالم كثيرًا من التغيرات المناخية على مدى العصور الماضية، ولكن ما أثار انتباه العلماء وجَذَبهم إلى البحث عن حلول هي الوتيرة المتسارعة التي شَهِدناها في السنوات القليلة الأخيرة، مما جعل العلماء يتنبأون بأضرار جسيمة قد تُدمّر البيئة في السنوات القليلة المُقبلة.

في العقود الثلاثة الأخيرة رُصدت زيادةٌ في درجة الحرارة بمعدل 0.2ْ وسوف تصل في نهاية القرن الحالي إلى ما بين 2.5 : 5.5 درجة متفاوتة حسب الاختلاف الجغرافي لكل مكان.

قد يظنّ البعض أنّ هذه الزيادة ضئيلة ولا تستحقّ كل هذه الضجة، ولكن إذا علمنا أنّ متوسط درجات حرارة الجو العالمي كانت أبرد مما هي عليه من 3:5 درجات في العصر الجليدي “أي قبل 12 ألف عام”، إذا علمنا هذا ربما تختلف نظرتنا للأمر.

أسباب حدوث التغيرات المناخية

قديمًا كانت الأسباب الطبيعية، مثل البراكين وغيرها، هي التي أدّت إلى انتهاء العصر الجليدي وبزوغ عصر جديد، لكن الآن وبعد حدوث الثورة الصناعية وازدياد الكثافة السكانية التي تخطت ال 7 مليار في عام 2012 وانسياق الإنسان وراء شهواته كان يظنّ أنه يسعى إلى حياة أفضل بينما سعى إلى إهلاك نفسه.

“لا يُدرك البشر نتيجة سلوكياتهم المدمّرة، إلا بعد فوات الأوان”

لقد دمر الإنسان البيئة بمخترعاته فأخذ يحرق الأشجار ويجتثّ الغابات ويلوّث الأنهار والهواء؛ مما ساعد على ازدياد الغازات الدفيئة في الغلاف الجوّي، ومن أهم هذه الغازات هو غاز ثاني أكسيد الكربون، إذ يعمل هذا الغاز ما تقوم به ألواح الزجاج في الصوب الزراعية حيث يسمح بمرور أشعة الشمس لغلافنا الجوّي ولكنه يمنع الكثير منها من الارتداد.

 

إعلان

إنّ كل ما نشهده وما سنشهده في السنوات المقبلة من تدهور للبيئة ليست سوى نتيجة لسلوكياتنا اللاواعية تجاهها.

دلائل على حدوث التغيرات المناخية
1 ارتفاع متوسط البحار

إنّ مقارنة ما حدث من ازدياد في مستوى أسطح البحار خلال القرن العشرين بالعصور الماضية فإنّ ارتفاع أسطح البحار زاد بمعدل 0.5مم في السنة خلال الستة آلاف عام الماضية، وهذا المعدل يبلغ نحو عُشر ما حدث في القرن العشرين.

2 انصهار الجليد في القطبيين

تؤكد المصادر العلمية أن القطب الشمالي يفقد 36 ميلًا مكعبًا من جليده كلّ عام، وتؤكد ذلك صور الأقمار الصناعية، كما شهد القطب الجنوبي انهيار قطعة جليدية تبلغ مساحتها 3.250 كيلو متر مربع تكوّنت منذ ما يقرب من 12 ألف عام، وانصهرت في 35 يوم فقط وكانت تحتوي على 720 مليار طنّ من الجليد.

3 ارتفاع معدلات درجة الحرارة

إنّ الأعوام القليلة الماضية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا وغير مسبوق في معدّل درجات الحرارة مما سيؤدي إلى حدوث كوارث بيئية قد شاهدنا بعضها بالفعل، فما حدث في أغسطس 2010 في الهند وباكستان من فيضانات عارمة أدت إلى وفاة الآلآف وما حدث بأمريكا من إعصار إيرما لم يكن سوى دليل على السرعة غير المتوقعة للتغيرات المناخية.

التغير المناخي وهجرة البشر

ربّما شاهدنا أول هجرة نتيجة التغيرات المناخية في عام 2005 عندما غادر أكثر من 500 ألف مواطن بلا مأوى من بنجلاديش بعد أن غمرت المياه نصف جزيرة بولا بالماء، كما يتوقّع العلماء ازدياد نسبة الهجرة في بنجلاديش لتصل إلى 22 مليون مواطن بحلول عام 2050.
إنّ ارتفاع مستوى أسطح البحار والذي تنبأت به Ipcc في عام 2007، أن يرتفع بمعدل 5 أقدام خلال ال 90 عامًا المقبلة، سيؤدي إلى انزياحات ضخمة للسكّان تصل إلى 700 مليون لاجئ مناخي حسب دراسة شبكات معلومات علوم الأرض بجامعة كولومبيا،
في نفس الوقت تخطط دول المحيط الهادي بإعادة توطين سكانها حيث يهدّد ارتفاع مستوى البحار بزوالها.

التغير المناخي والتهديد بازدياد العنف

“التغير المناخي يمكنه أن يجعل التكيف مع المستقبل صعبًا جدًا حتى بالنسبة إلى أكثر الدول تطورًا”
“شركة CNA الأمن القومي وتهديد تغيير المناخ”

يشهد العالم صراعات بين العديد من الدول من أجل الأرض والماء، ويعمل التغير المناخي على تفاقم الأزمة -خاصة بدول اسيا وأفريقيا والشرق الأوسط- حيث تعيش معظم هذه الدول تحت أيدي حكّامم ديكتاتوريين لا يستطيعون توفير المتطلبات الأساسية للمواطن من مأكل ومشرب ومأوى، كما أن حكومات هذه الدول لا تستطيع التعامل مع الضغوط، وحينما تفشل هذه الحكومات في التعامل مع الضغوط وتعجز عن توفير متطلبات المواطن الأساسية، سيكون الجوّ مؤهَّلًا كي يملأ هذه البلاد العنفُ والتطرف والإرهاب.

حلول مقترحة للخروج من الكارثة

الحلّ الأمثل هو اتفاق الدول جميعًا ومحاولتهم التقليل من كلّ الاستخدامات التي تساعد على انتشار الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، كالتقليل من استخراج الوقود الأحفوري، وضرورة التحوُّل من الاعتماد على الطاقة غير المتجددة مثل البترول والغاز إلى طاقة متجدة كالطاقة الشمسية والهوائية؛ والتوسّع في زيادة المساحة الخضراء حيث تعمل النباتات على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، أهم الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ومنع عمليات قطع الأشجار من الغابات.

ربما تكون اتفاقية باريس هي الحلّ الأمثل، ولكن بعد إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة، هل تنجح الاتفاقية؟
على الرغم من أنّ قادة دول العالم أصدروا تصريحات قوية عن ضرورة استمرار جهود محاربة التغير المناخي، إلا أنه من الصعب إتمام الاتفاقية في ظل غياب دولة كانت تتحمل تمويل أكثر من 23% من جهود الاتفاقية.

 

إعلان

اترك تعليقا