أبطال الروايات على صفحات العلوم

لا يكتفي أبطال الروايات بحياتهم داخل وجداننا، بل يخلدون أسماءهم أيضًا على صفحات العلوم المختلفة، ضامنين بذلك عدم مفارقة نفوسنا قلبًا وعقلًا، ومزاحمين في شهرتهم أبطال الواقع من الزعماء والعلماء. وتزخر أفرع العلوم المختلفة بالعديد من الأمثلة التي تعكس حجم نفاذ عالم الخيال إلى محراب العلم الصارم، والتي يمكننا استعراض بعضها من باب التندر والتسلية التي تصاحب عادة مثل هذه النوعية من المعلومات التي تجذب القراء المصطفين في ساحة العلم وساحة الأدب.

أبطال الروايات في علم الحيوان

١- العنكبوت باغيرا Bagheera والعنكبوت كوازيمدو Quasimodo

سُمي العنكبوت الأول (باغيرا) وموطنه وسط أمريكا على اسم ذلك النمر الطيب باغيرا في رواية “كتاب الغابة The Jungle Book (١٨٩٤) للأديب الكبير روديارد كيبلينج، والذي يقوم بتعليم وإرشاد الطفل “موكلي” بطل هذه الحكاية، ويعد هذا العنكبوت أول عنكبوت نباتي تمامًا يتم اكتشافه علميًا. أما العنكبوت الثاني “كوازيمودو”، فلقد سمي على اسم الأحدب بطل رواية “أحدب نوتردام Hunchback of Nore Dame” للأديب الفرنسي العظيم فيكتور هوجو.

٢- سمك القرش جولوم Gollum

سميت سمكة القرش هذه على اسم شخصية جولوم Gollum برواية سيد الخواتم lord of the rings للأديب الانجليزي العظيم جي ار تولكاين، والتي كانت تطارد “فرودو” دومًا لتحصل على الخاتم الذي كان سباب فساد عقله وجسده، ولعل من شاهد الفيلم أو قرأ الرواية يتذكر كلمة “my precious” التي كان يصف بها جولوم الخاتم.

 ٣- الديناصور Sauroniops والديناصور Dracorex

سمي هذا الديناصور (Sauroniops) على اسم بطل آخر من أبطال الروايات في سلسلة  “سيد الخواتم  LORd of the Rings”  للأديب الإنجليزي “تولكاين”، وهو سيد الشر في هذه الرواية سورن Saurn، ولعلكم تذكرون تلك العين الشريرة في الفيلم التي كانت تسمى Eye of Saurn، وترجع هذه التسمية إلى أن العلماء لم يعثروا إلا على الجزء العلوي من جمجمة هذا الديناصور آكل اللحوم، وبها فتحة “عين واحدة”. أما الديناصور الثاني فقد قام الأطفال في الولايات المتحدة بتسميته حبًّا في روايات هاري بوتر Harry Potter، وذلك على اسم زميل هاري بوتر وعدوه اللدود Draco Malfoy واسم مدرسة السحر في هذه الرواية Hogwarts، وبذلك أصبح اسم هذه الديناصور Dracorex hogwartsia  أو التنين ملك هوجوارتس.

أبطال الروايات في الطب

يولع الأطباء بمصطلح “متلازمة” للإشارة إلى مجموعة أو نمط من الأعراض التي تحدث عادةً معًا وتدل على اضطراب أو مرض أو حتى حالة اجتماعية معينة، تسمى هذه المتلازمات غالبًا بأسماء الأطباء الذين اكتشفوا هذه الأعراض، ما عدا بعض الاستثناءات التي اقتنصتها الشخصيات الخيالية الشهيرة بالروايات العالمية:

إعلان

١- متلازمة بيكويك Pickwickian Syndrome

سُميت هذه المتلازمة على اسم بطل شخصية رواية الأديب الإنجليزي تشارلز ديكنز، وهو صبي مفرط السمنة يدعى جو بيكويك، وتسمى هذه المتلازمة أيضًا باسم متلازمة السمنة المفرطة Obesity Hypoventilation Syndrome.. وتجمع هذه الحالة الطبية بين السمنة المفرطة وتوقف التنفس الانسدادي أثناء النوم (OSA)، وهو اضطراب يهدد حياة الشخص المريض وقد يفضي إلى حدوث قصور القلب. وبذلك يكون تشارلز ديكنز قد سبق السير ويليام أوسلر، ويكون أول من صاغ مصطلح sleep apnea.

٢- متلازمة عطيل Othello Syndrome

سميت هذه المتلازمة على اسم بطل مسرحية عطيل للأديب العالمي ويليام شكسبير الذي تملك منه الشك الشديد في إخلاص زوجته ديدمونه، وأصابته الغيرة بضلالات وأوهام مرضية لا تتزعزع بأن زوجته تخونه. ويبدأ المريض في البحث المحموم عن أدلة تثبت صحة اتهاماته، وتبدأ أول نوبة حادة لهذا المرض في الستينات من عمر الشخص وتتفوق فيه نسبة الذكور ( 60٪ ) على الإناث (40٪). وترتبط متلازمة عطيل عادة باضطراب أو خلل عصبي neurological لا نفسي psychiatric مثل الشيزوفرنيا.

٣- متلازمة السيدة ويندرمير lady Windermere Syndromem

سميت هذه المتلازمة على اسم بطلة مسرحية الأديب الإنجليزي الشهير “مروحة السيدة ويندرمير” التي كانت تعاني من سُعال شديد تحاول كتمانه دومًا من باب الأدب، وتشكو من قصر النفس والشعور بالإجهاد المستمر. ويؤدي كتمان السعال إلى تراكم الإفرازات الضارة في الشعب الهوائية ومزيد من التهابات الرئة.

٤- متلازمة بيتر بان Peter Pan Syndrome

سميت هذه المتلازمة على اسم البطل المحبوب بيتر بان في قصة j.M. Barie ، الشخصية التي ترفض أن تكبر ليظل طفلًا دائمًا. ويتسم الناس المصابون بهذا الاضطراب بالهروب من المسؤولية، وعدم نضج التصرفات والاعتراض بشكل طفولي على القوانين والأعراف السائدة. و ينخرطون دائما في الأحلام ويعانون من الوحدة والعجز عن بناء علاقات اجتماعية سليمة مع الآخرين ويحتاج إذا تزوج إلى زوجة بشخصية الأم.

٥- متلازمة موكلي Mowgli Syndrom

سميت هذه المتلازمة على اسم الشخصية الرئيسية في رواية كتاب الغابة Jungle Book للأديب الإنجليزي الشهير روديارد كيبلينج، وتصف الأطفال الذين يعانون من ضعف بدني وربما عقلي، خاصة هؤلاء الذين تعرضوا لضغوط عاطفية هائلة نتيجة إهمال الآباء أو القسوة والإساءة في التربية. وتستخدم أيضًا هذه المتلازمة لوصف الأطفال الذين نشأوا بعيدًا عن التأثير البشري كتلك الحالات التي يقال إن الحيوانات هي التي قامت برعايتها. ويؤدي البعد عن التواصل مع البشر في سن مبكرة إلى فقدان الشخص لقدرات كثيرة مثل اللغة والنظافة الشخصية والسلوك الاجتماعي وعدم الاهتمام بالبشر من حوله.

٦- متلازمة سيندريلا Cinderella Syndrome

سميت هذه المتلازمة على اسم بطلة تلك القصة الخيالية الشهيرة للأديب الإنجليزي تشارلز بيرولت Charles Perrault التي حققت شهرة كونية نتيجة أفلام والت ديزني، ويقوم المصابون بهذه المتلازمة من الأبناء (والأطفال الذين تم تبنيهم) بتوجيه التهم الباطلة لزوجة الأب ( فيلم فاتن حمامة مثلًا “لا أنام”) أو إلى الجدة بسوء المعاملة والإهمال. ويرجع هذا الاضطراب إلى الفقدان المبكر للأب أو الأم، ويُنظر إلى هذا الاضطراب على أنه صرخة استغاثة يطلقها الطفل طالبًا للمساعدة.

٧- متلازمة رابونزيل Rapunzel Syndrome

سميت هذه المتلازمة على اسم أحد أميرات القصص الخيالية للأخوين جريم وهي الأميرة ذات الشعر الناعم بالغ الطول، وتصيب هذه المتلازمة عادة الفتيات اللاتي لديهن رغبة لا يسيطرن عليها بتمزيق شعورهن وقطعها وربما يقطمن ويبتلعن شعر رؤوسهن الطويل الذي يدخل أفواههن أثناء الأكل، و يؤدي هذا الشعر الذي يتم ابتلاعه إلى انسداد في الأمعاء، هذا إلى جانب عدد من الاضطرابات النفسية.

٧- متلازمة هاكلبري فين Huckleberry Finn

سميت هذه المتلازمة على اسم شخصية الطفل المغامر الشقي في رواية الأديب الأمريكي العظيم مارك توين، وتصف هؤلاء الأطفال شديدي الذكاء الذي يهملون مسؤوليتهم وواجباتهم بشكل معتاد مع خلاف دائم مع الآباء وشعور مستمر بالنبذ والرفض من قبل الأهل. وعندما تكبر هذه الشخصيات نلاحظ تغييرها المتكرر لعملها، والتغيب المستمر عنه. وقد ينشأ هذا الاضطراب عادة نتيجة عجز الطفل الطبيعي أو الذكي -الذي يعاني أبواه من ضعف قدراتهم العقلية أو جهلهم الشديد- عن التكيف اجتماعيًا ونفسيًا، وتمثل هذه المتلازمة آلية دفاع ضد حالة الإحباط والأزمة التي يشعر بها الطفل.

أبطال الروايات في الفلك

١- مسرح شكسبير على أورانوس

تعرفون بالطبع وليام شكسبير، صاحب المسرحيات الخالدة، والتي شاعت شهرة شخصياتها لتنافس شكسبير نفسه.. مَن منا لم يسمع بهاملت، أو ماكبث أو الملك لير؟ كل هذه الشخصيات خلدتها وكالة ناسا وعلماء الفلك بأن أطلقوا أسماءها على أقمار كوكب أورانوس، وذلك على عكس الشائع من قبل حيث اعتاد العلماء إطلاق أسماء شخصيات الأساطير الإغريقية والرومانية.

يدور حول أورانوس ٢٧ قمرًا منها “أوفيليا” من مسرحية “هاملت”، و”ديدمونة” من مسرحية “عطيل”، و”جوليت” من مسرحية “روميو وجوليت”، و”اريال وميراندا” من مسرحية العاصفة، و”كورديليا” من مسرحية الملك لير، و”روزيلاند” من مسرحية كما تحبها، و”بيانكا” من مسرحية ترويض النمرة، و”بورشيا” من مسرحية تاجر البندقية.. وعلى ما يبدو أن ناسا والكواكب كلها تحب شكسبير.

الخلاصة

إذا كان الأدب ببساطة هو طريقة للتعبير عن الوجود بأساليب فنية، بينما يعتبر العلم طريقة مختلفة للنظر إلى العالم فهذا لا يعني أنه يجدر بنا تبني أحدهما وإهمال الآخر لأن العلم أفضل من الأدب أو العكس، فهما ركنان أساسيان لتطوير وإثراء الحياة البشرية، بل ويمتزجان في لطف كما رأينا كيف ظهر أبطال الروايات على صفحات العلوم.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: سمير الشناوي

تدقيق لغوي: ندى حمدي

اترك تعليقا