قطوف من سيرة الشيخ العلامة الذهبي الحنبلي

يعد الأزهر الشريف منذ تأسيسه على يد جوهر الصقلي أيام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي في عام 359هـ/970م، منارة للعلم وقبلة للعلماء، فانجب جمهرة من شوامخ العلماء في العلوم الفقهية والشرعية وغيرها، ومنهم الشيخ الفاضل العلامة الفقيه محمد بن سبع بن يحيي الذهبي البسيوني الحنبلي ، شيخ السادة الحنابلة بالأزهر الشريف في النصف الأول من القرن العشرين وعضو جماعة كبار العلماء وعضو مجلس إدارة الأزهر.

ولد في مدينة بسيون عام 1289هـ / 1871م، ونشأ وترعرع بحي الأشراف وتعلم مبادئ العلوم والحساب في جامع جده سيدي سليمان البسيوني العلواني الادريسي بمسقط رأسه حيث ينتهي نسب عائلته إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

ثم التحق بالأزهر الشريف وبرع في علوم الفقه والنحو وعلوم اللغة العربية، ثم عين بصفة دائمة للتدريس بالمعاهد الدينية الأزهرية في 7شعبان 1320هـ/7 نوفمبر1902م، كما حصل على بيورلدي عالي من الدرجة الثالثة من الأزهر بقرار رقم 952 لسنة 1320هـ /1902م، وتزوج من السيدة زهرة جاويش والتي تنتمي إلى عائلته الأشراف وشهد على عقد زواجه شيخه واستاذه العالم العلامة السيد أحمد الشيخ البسيوني شيخ السادة الحنابلة بالديار المصرية وذلك في عام 1910م، وعُين للتدريس بالسنة الأولي في الأزهر في عام 1329هـ/ 1911م.

شارك في المؤتمر الإسلامي العام للخلافة بمصر عام 1344هـ / 1926م، حيث تم اُختير الشيخ الذهبي عضوا استشاريا في اللجنة العلمية التي ألفها المؤتمر الإسلامي وانعقدت في الفترة 16 – 18 مايو سنة 1926م لبحث المسائل التي كُلفت اللجنة ببحثها وهي : بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة في الإسلام، الخلافة واجبة في الإسلام وبم تنعقد الخلافة، وانعقد المؤتمر في محاولة لإحياء الخلافة الإسلامية التي انتهت بسقوط الخليفة عبد المجيد الثاني آخر خليفة عثماني عام 1924م.

وضمت اللجنة من المذهب الحنفي الشيخ عبدالرحمن قراعة والشيخ أحمد هارون من مصر والشيخ خليل الخالدي من فلسطين، ومن المذهبي الشافعي الشيخ حسين والي والشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مصر والشيخ حسن أبي السعود من فلسطين ومن المذهب المالكي السيد محمد الببلاوي والشيخ عبد العزيز محمود من مصر والشيخ عبد العزيز الثعالبي افندي من العراق، ومن المذهب الحنبلي السيد محمد سبع الذهبي عضوا حنبلياً وحيداً استشارياً.

إعلان

ومن تلاميذه : العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع رائد التعليم الحديث في قطر والخليج وقرأ عليه النحو والعلوم السائدة في الأزهر، والقاضي الاماراتي الشيخ محمد بن سعيد غباش واجازه في شهر شعبان 1348هـ /1930م، ونص الاجازة :

(الحمد لله الذي أعز شأن العلم في جميع الأقطار، وأعلى حزبه في سائر القرى والأمصار، والصلاة والسلام علي سند كل سند سيدنا محمد وعلي آله وصحبه الذين هم في الاهتداء بهم كزواهر النجوم، أما بعد فلما كان السند من الأمور المهمة ، واختصت به عن غيرها هذه الأمة، وشيوخ المرء في العلم آباؤه في الدين، ووصله بينه وبين رب العالمين ، وكان ممن حضر عندي في أزهرنا المعمور بالبركات مع جملة من أهل العلم السادات ولدنا الشيخ محمد بن سعيد غباش الحنبلي في شرح المنتهى للشيخ منصور البهوتي وحينما أراد السفر إلى بلاده استجازني فيه خصوصا وفيما تجوز لي روايته عموما فأجزته في ذلك ولاسيما فقه السادة الحنابلة وأصولهم موصياً له بالتقوى فإنها السبب الأقوى، وأن لا ينساني من صالح دعواته وأساله تعالى أن يفتح علينا وعليه فتوح العارفين).

ومن أشهر مؤلفاته ( الأقوال المرضية لنيل المطالب الأخروية في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل)، وفرغ من كتابته عام 1338هـ / 1920م، وحصل الكتاب على جائزة من الأزهر والمنصوص عليها في  المادة 125 من القانون رقم 10 لسنة 1911م وكان ذلك في 25 ذي الحجة 1338هـ  الموافق 9 سبتمبر 1920م.

كذلك كتابه ( الفقه علي المذاهب الأربعة )، واشترك فيه مع عدد من علماء الأزهر حيث شكلت لجنة من علماء المذاهب الأربعة لوضع ذلك الكتاب، وكانت اللجنة مكونة من الشيخ محمد سبع الذهبي والشيخ أبو طالب حسنين من علماء الحنابلة، والشيخ محمد السمالوطي والشيخ محمد عبدالفتاح العناني من علماء المالكية، والشيخ عبدالرحمن الجزيري والشيخ محمود الببلاوي من علماء الحنفية، والشيخ محمد الباهي من علماء الشافعية، وصدرت الطبعة الأولى لذلك الكتاب سنة1347هـ / 1928م مصدرة بمقدمة كتبها الشيخ عبد الوهاب خلاف رحمه الله .

ثم طبع الكتاب طبعة ثانية في عام 1349هـ / 1930م مصدرةً بتقديم للشيخ عبد الرحمن حسن مدير قسم المساجد بوزارة الأوقاف في ذلك الوقت، ذكر فيها أن بعض العلماء أبدوا ملاحظات على بعض ما تضمنه الكتاب، ولهذا ألفت لجنة لدراسة تلك الملاحظات وتنقيح الكتاب قبل طبعه، وكانت تلك اللجنة مكونة من الشيخ محمد سبع الذهبي من علماء الحنابلة والشيخ عبد الجليل عيسى من علماء المالكية والشيخ عبد الرحمن الجزيري من علماء الحنفية والشيخ محمد الباهي والشيخ محمد إبراهيم شوري من علماء الشافعية.

كما اشترك في تأليف رسالة في (الحج والعمرة علي المذاهب الأربعة)، والتي وضعت كطلب من مشيخة الأزهر لفائدة الحجاج والمعتمرين وكتبت بواسطة لجنه من حضرات أصحاب الفضيلة العلماء: الشيخ محمد سبيع الذهبي (رئيس اللجنة)، والشيخ محمود أبي دقيقة الحنفي والشيخ حسين البيومي الحنفي والشيخ عيسي منون الشافعي والشيخ أبو طالب حسنين الحنبلي والشيخ محمد عبد الفتاح العناني المالكي.

وتوفي بعد رحلة عطاء في 24 ديسمبر 1942م ودفن في بلدته بسيون بمدفنه الخاص ليرحل عن الدنيا صاحب الفقه وفقيد الدين السيد محمد سبع الذهبي.

وظلت مشيخة مذهب الحنابلة شاغرة منذ وفاته لعدم وجود من يشغلها حتى عُين الشيخ محمد عبداللطيف موسى السبكي شيخاً للمذهب الحنبلي في أكتوبر عام 1952م، حيث كان العذر في استمرار مذهب الحنابلة غير ممثل طوال تلك الفترة التي تجاوزت العشر سنوات هو عدم وجود عالم من علمائه بين جماعة كبار العلماء.

اقرأ أيضًا: شروط أداء العمرة للرجال

إعلان

اترك تعليقا