خلاصة كتاب هذا هو الإنسان: فريدريك نيتشه
يبدو كتاب هذا هو الإنسان نوعٌ من السير الذاتية أو المذكِّرات التي يرغب صاحبها بأن يكشف أسرارها لنا، ولكن الأمر ليس سهلًا حين نعرف أن نيتشه الذي يسخر من كلِّ تصوُّرٍ يزعم يقينيته يجيد التلاعب بالكلمات وبعقل القارئ فكلُّ معنًى غامض ومبهم يتسلَّل إلى كتاباته وأهدافه.
إنّ القارئ الذي يفهم نيتشه جيدًا هو قارئ مذعورٌ؛ لأنه يعرف جيدًا الحقيقة التي تدعِّي عجزه عن استيعاب أفكاره. فهو يتوجَّس عند كل ثانيةٍ يلفظ فيها حرفًٍا من كتاباته وربما يعيد قراءة الجمل مرَّات عديدة بغية فهمه على الوجه الكافي، حتى حين يبدو المعنى واضحًا.
كان هذا الكتاب هو الكتاب الأخير الذي كتبه فريدريك نيتشه قبل ثورة جنونه الكاملة ووفاته في سنته الرابعة والأربعين، تلك الثورة من الجنون التي جعلت عددًا من الأشخاص يلمحونه وهو يقفز على سريره كما زعموا مثل الطفل فاقدًا لكل عقلانية، أو حين اجتاحته نوبة من الهستيريا الغامضة وهو يبكي لمصير حصانٍ انهال عليه صاحبه بالسوط. أليس هو الشخص الذي يراه الجميع متمنطقًا بأخلاق السادة وإرادة القوة ونبذ الشفقة أو مثلما ظنوا أنهم أدركوه؟.
هل كان عقلُ نيتشه دومًا ضد نقيض العقل المألوف أم أنَّه نقيض المسيح فحسب كما نادى به يومًا، العقل الذي كتب عنه الآخرون وحكموا عليه بالجنون، والكفر، واللاأخلاقيات، والتنظير للفكر النازي مع الميسوجينية سواءً عرفوه أم ادعَّوا إدراك مقاصده؟.
وعلى أيِّ حال، يُعتبَر كتاب هذا هو الإنسان الذي يشبه مسودة تحوي ملاحظاته وجهةً لمن أراد أن يشهد على بعض من حياة نيتشه وتجاربه ومواقفه، ولاسيما لأولئك القراء الكسالى أو المستعجلين الذين يفرُّون من الكتب ذات الصفحات الكثيرة ويكتفون بتلك التي تختزن قليلها.
أنا لا أفند المُثُل بل أكتفي بوضع القفاز عند تناولها، أتطلع إلى كل ممنوع، تحت هذه العلامة سيكتب النصر لفلسفتي ذات يوم، ذلك أن الحقيقة وحدها هي التي ظلت إلى حد اليوم خاضغةً جوهريًا للحظر.
هذا هو الإنسان -فريدريك نيتشه
العظيم المادِح لذاته
لقد سكب نيتشه الحبر في مؤلٌَفه هذا فيما يخص الإطراء على نفسه بشكلٍ مفرطٍ، فقد وصف نفسه على سبيل المثال في مرات عديدة بأنَّه الخبير النفساني والمهذب الذي يجيد التعامل مع الأشخاص من دون إلحاق الضرر بهم، حتى شاء القول عند البعض أنَّ هذا الشيء الأخير ما هو إلَّا دليلٌ على جنونه وشعوره بالعظمة. لكن هل حقًا فهمناه كقراء كما يجب؟، وسبب هذا التساؤل هو أنَّه لا يمكن التكهُّن تمامًا بدواعِ هذه الإطراءات على فلسفته ومدحه للنعم التي لديه من حكمةٍ وذكاء وفهم للآخر.
إنَّ من يريد قراءة فلسفته عليه أن يعتاد على الجبل العالي الذي يطل منه فقّراء نيتشه هم زرادشتيون يألفون الهواء والنسمات الباردة في الأعالي، يقول في كتابه: سيأتي يوم يغدو فيه من الضروري تكوينُ مؤسَّساتٍ يعيش الناس داخلها ويعلمون طبقًا لمفهومي العيش والتعليم، وقد تؤسَّس أيضًا كراسي جامعية لتأويل زرادشت.
ولا يظهر عليه التعصِّب كما قالها بنفسه مرارًا، ولا الانقياد وراء أكوام العواطف المبالغ فيها حد التفتُّق، ومع ذلك فهو يجر نسبَه إلى العرق البولندي على حساب العرق الألماني الذي انهال عليه بالسخرية العدوانية التي اتسَّم بها، من دون امتلاكنا المقدرة على التيقُّن من هذا الأمر، فربما هي مجردُ ألاعيبٍ صاغها على شاكلةِ العرق والدم ليصل إلى مبتغاه، تحديدًا إصابة الدم الجرماني في مقتل باحتقاره لاظهار فلسفته بشكل أوضح.
ويمثِّل نيتشه حالة فريدة، فهو يريد قلب كلِّ القيم غير أنَّه لا يريد هدم كل شيء، يريد أن يتخلَّص العالم من عالم المثل المطبِق عليه غير أنَّه كذلك لا يود محوه، يهتم بخلاص البشرية لكن بطريقته هو فقط، فأي طريقةٍ هذه!
إنه يجعل نفسه مثال المعلم والأستاذ البارع الذي يجعل أكسل طلبته هم الأبرع في استخلاص الدروس، ويصرِّح بقدرته على معرفة الحقيقة لأنه يشتَّم الكذب، فعبقريته تكمن في أنفه كما قال، ذلك المزيج من الأدوار المهمة للجسد التي يوليها نيتشه الأهمية في عالم المتع والأفكار التي تؤدي لقيام إنسانه الأسمى.
لا آكل بين الوجبات، ولا قهوة: القهوة تعكر المزاج أما الشاي فنافع في الصباح فقط، ومن الأفضل تناوله بكميات قليلةٍ وقوية. إن الشاي يصبح مضرًا ومجلبًا للكدر على طوال اليوم إذا ما كان خفيفًا أكثر من اللزوم، ولكلٍ معياره الخاص، ومقدارٌ يتأرجح غالبًا بين الحدود الأكثر ضيقًا والأكثر دقة، وفي ظروفٍ مناخية مزعجة يكون تناول الشاي على الريق غير مستحسن.
هذا هو الانسان -فريدريك نيتشه
ثلاثية المناخ والمكان والطبخ
تلك الأمور التافهة التي يراها البعض حقيرةً على أن تكون بين طيات كتابِ لفيلسوفٍ مثل نيتشه، يؤمن هذا الأخير أنَّها الأساس والجوهر لعدةِ مواضيعٍ مخفيةٍ عن الأنظار تكون سبيلًا لنوعية عيشٍ جيدة، فنجده يكتب ما يلي: إن هذه الأشياء الصغيرة من غذاء وأمكنة ومناخ واستجمام، أي أن نكمل دقائق الولع بالذات لهي في كل الأحوال أهم من كل ما ظل إلى حد الآن يؤخذ على أنه مهم.
وعلاوة على ما سبق، نراه يوليّ الاهتمام بالنظام الغذائي للشخص لدرجة استحضاره للمطبخ الألماني والوجبات مجددًا، إنَّه يسوء على ألمانيا حتى طبخها في تلاعبٍ ماكرٍ حتى يصل إلى العقل الألماني عن طريق المعدة.
وهو أيضًا يهتم بحالة الطقس والمناخ التي تخلق إنسانًا بفكر آخر مثلما يتمناه المرء، فهو يفضِّل الأماكن التي تحزّ في نفسه الإبداع أكثر بعيدًا عن كل تشويش وتصنع، بل هو نادمٌ على كل الأماكن التي قضى وقته فيها ولم تكن تستحق ذلك، وعلى كل الأوقات التي لم يكن يراعي فيها هذه الأمور ولم يلحظها.
إنَّه يفصِّل حتى في مأكله ومشربه وينتقد مفهوم الروحانية والخلود والقداسة؛ لأنَّها لم تولي هذه الأمور المهمة الاهتمام الكافي وإنَّما على العكس من المنشود فقد شاركت في إماتة الجسد. فالغذاء والمناخ والمكان إذن هو ثالوث نيتشه للارتقاء بروح الفرد، وهذه الأشياء مرتبطة ببعض على نحو لا يمكن تفكيكه.
كم من الأشخاص الموهوبين، ذوي مؤهلاتٍ ثرية وتكوينة حرة، قد دمرتهم القراءة فغدوا في الثلاثينيات من عمرهم عبارة عن مجرد أعواد ثقاب لا بد من فركها حتى تحدث شرر، تنطق بالفكرة، أن يقرأ المرء كتابات في الصباح الباكر عند طلوع النهار في لحظة الطراوة والتوهج الصباحي لطاقاته، ذلك ما أسميه فسادًا و رذيلة.
هذا هو الإنسان فريدريك نيتشه
قلب كلّ القيم في المرض والقراءة
لا تفزعكم عبارة قلب القيم فالقراءة والمرض عند نيتشه تبدو مميزاتهما أو مساوئهما من البديهيات عنده، فعلى عكس الأطباء والإنسان غير الزرادشتي يعدُّ المرض عند نيتشه طريقًا نحو الصفاء و الإبداع، إنَّه يغنيك عن ألف حياة من الصحة والمجد الفيسيولوجي، ويفتح لك أبوابًا جديدة لم تألفها من قبل، حيث يعلن في الكتاب نفسه: هكذا تتراءى لي تلك الفترة الطويلة من المرض، لقد اكتشفت الحياة من جديد بما في ذلك نفسي وغدًا بوسعي أن أتذوق كل الأشياء الطيبة بما في ذلك الأشياء الصغيرة كما لا يستطيع أحدٌ آخر أن يتذوقها بتلك السهولة.
فأهم صفة عليك الاحتماء بها هي وجوب تقبُّل مرضك وما فرضه عليك القدر، القدر الذي آمن به نيتشه، أضف إلى ذلك ضرورة معالجة نفسك بنفسك، ومعرفة كيف تكون سليمًا داخلك، ونبذ كل ما من شأنه أن يكون من آثار المرض في أعماقك حتى تنتبه إلى القرار والفعل الصحيح.
هل نيتشه مهووس بالقراءة؟ يبدو الجواب نعم، لكن لا يمكن التأكيد عليه كما لا يمكن نفيه، فلم تكن القراءة عنده من ذلك النوع الذي يجب أن يألفه الشخص ويدمن عليه، كأن يُفني أيامه معها معتزلًا عن العالم أو يتولَّد لديه ذلك الهوس بكل أمر يتعلَّق بها فالقراءة الكثيرة هي مجرد تشتيت للعقل وظلمٌ للفكر.
وهي تجعل الشخص يضيع في ماراثونٍ للركض وراء أفكار غيره، والانشغال بها على حساب أفكاره الانطباعية التي يجب أن تشحذ، وأن يكون لها وقتًا أكثر وأهمية عند صاحبها، فينبغي على المرء أن يقرأ لكن من دون الاستغراق طويلًا في قراءة غيره بل الغرق في ذاته والعالم، الشيء الذي يتيح انتاجًا جديدًا لفلسفة أو رؤى فريدة من نوعها لا تعتمد على النسخ.
ولم ينسى نيتشه حتى أسماء الكتَّاب الذي استمتع بقراءة أعمالهم، والذي اعترف باستفادته منهم وما قاموا بخلقه في صفحات الكتب، وقد ولَّى من وجهٍ آخر اهتمامًا لبعض قراءه كذلك وما كتبوه عنه سواءً كان القارئ الزرادشتي، أم الباحثين الذين عرفهم. فهذا الفيلسوف لا توجد مسألة إلَّا وتحدَّث عنها.
أنا تلميذ لديونيسوس، وإني لأفضّل أن أكون مهرجًا على أن أكون قدّيسًا، فليقرأ الناس هذا النص فلعلي قد وفقت في مهمتي.
هذا هو الإنسان -فريدريك نيتشه
تشتيت الإله
لا يبدو هذا الكلام فوق غريبًا بالنسبة لشخص قتَل الإله (لقد مات الإله، ونحن قتلناه) فقد رفض نيتشه الأديان والآلهة، ورآها مجرد أجوبة فارغة وتصوُّرات خرافية لما يحدث في العالم. ولقد كانت المسيحية من بين المعتقدات والتراث الديني الذي اهتم به، وكرَّس له جزءًا من وقته ونقده اللاذع مسميًا نفسه بنقيض المصلوب، أو ديونيسيوس ضد المصلوب.
في هذا الكتاب أيضًا، وابتداءً من الصفحات الأولى يثني نيتشه على زرادشت ويسحب منه صلاحياتٍ تخول له إمكانية كونه أحد مؤسِّسي الأديان، من دون القدرة على معرفة إذا ما كان زرادشت مجرد صورة لنيتشه. فلقد أخذ زرادشت حصةً من الإطراء والاعتراف بالجميل على حساب الأنبياء، ورجال الدين الذين يصفهم بأسوأ الصفات التي تلصق بالملوك، و المستبدين وحثالات البشر!
إنَّ الإلحاد لم يكن بالنسبة له أمر مكتَشف وإنَّما هو حالة بديهية يولد بها الإنسان، أما الأخلاق الدينية لاسيما المسيحية فهي دخيلة عليه وضد الحياة والمتع أو كما يذكر: لقد ابتدعت فكرة الروح والعقل، وأخيرًا الروح الخالدة بهدف تحقير الجسد وإصابته بالمرض بالقداسة.
أما رجل الدين بالنسبة لنيتشه فقد تجاوز حدوده وتوغَّل في السلطة والسيطرة على حيوات وأجساد الناس. وأضف إلى ذلك فإنَّ كل مفهومٍ للخطيئة أو القداسة والرذيلة هي ضدَّ الروح القدس الحقيقية، وإنّ المعتقدات ومفهوم الروح الذي ألفناه من دعاة الدين هؤلاء حسبه هو تمزيق لما يجب على الإنسان أن يكون ويحياه. فوظيفة رجال الدين هي تدمير الانسان الأصلي وتحويله إلى آخر اصطناعي.
هل استطاع الألمان أن ينتجوا كتابًا واحدًا ذا عمق؟ إنهم يفتقرون حتى إلى مجرد فكرة عما يمكن أن يكون عمقًا في كتاب، لقد تعرفت على علماء كثيرين يعتبرون كانط عميقًا، و إنني لأخشى أن يكون في البلاط البروسي اعتقادٌ بأن السيد فون ترايتشكه أيضًا عميق.
هذا هو الإنسان -فريدريك نيتشه
الإنسان
الكتابة عن الإنسان في هذا الكتاب هو موضوعٌ يشابه عنوانَه، ولعلَّ هذا ليس بالأمر الغريب فقد استطاع نيتشه بكل فصاحة وأريحية أن يتحدَّث عن الإنسان لكن أي واحد؟ الإنسان الذي يخوض تجاربه هو ذاته ولا يكتفي بالتنظير له فقط، ففلسفته التي تتناول كل شيء فتحت نافذةً جديدةً لقراءة فيلسوف من نموذجٍ آخر لا يكتب من أفكارٍ فقط راودته وإنَّما من تجارب عاشها.
فبين المدح والذم كان مآل الإنسان عند نيتشه بداية من حديثه عن نفسه وعن مواهبه إلى والده الذي خصه بالثناء و الإطراء وصولًا لشجرة عائلته ومعارفه، وهذا الأمر على حساب أخته وأمه التي قوبلتا بشراسة وعدوانية. فالانسان عند نيتشه قريبٌ منه لدرجة بالغة وليس بعيدًا عنه.
وسيطيب لنا الحديث عن استحضار فاغنر الذي يمثِّل وضعية مربكة، فعلاقته به غريبة لأنَّه يعد في الوقت نفسه صديقًا وعدوًا له، فـ فاغنر هو ذلك الموسيقيّ الذي رآه نيتشه بنظارة أخرى غير النظارة الألمانية، وقد اعتبِر من بين الأشخاص الأكثر قربًا منه، وأوَّل من نشر له كتابه مولد التراجيديا. إلًَا أنّ فاغنر في النهاية صار مرغمًا على ارتداء القبعة الألمانية والركض حتى اللهاث وراء المجد الألماني الذي يبغضه نيتشه. فعلاقة نيتشه مع الألمان علاقة مضطربة يسودها الذم والإساءة من طرفه لدرجة سمحت له أن يتنكَّر لجرمانيته مفضِّلًا أي بلد آخر غيرها كبلاد موليير على سبيل المثال لا الحصر.
ولقد استطاع نيتشه أن يعلِّق بكلمات تتراوح ما بين الحب والكراهية على عدة مثقَّفين هم في الحقيقة فلاسفة يقرأ لهم وموسيقيين يصغي لإبداعهم وشعراء يتلمَّس دواخلهم، متجهًا بعدها كفهدٍ صياد إلى الأشخاص الذين يؤوِّلون كلامه حسب ما يريدون. يقول نيتشه وهو يشرح لنا كيف فهم البعض عبارته المميزة (الإنسان الأرقى، سوبرمان نيتشه): “لقد بلغ الأمر ببعض الدواب العالمة من ذوات القرون أن تتهمني بالداروينية بسبب هذه العبارة، بل هناك من استشف فيها حتى عبادة الأبطال على النحو الذي يدعو إليه ذلك المزور الجاهل وعديم الإرادة كارليل”.
ولم يسلم من نيتشه حتى بابا روما الذي انتقده هو والقيصر بجرأة، وقد بتنا نفهم اليوم لما أخفت أخته إليزابيث فوستر هذا الكلام من الفقرة قبل أن تعاد من جديد متذرعة بجنونه. وبمناسبة الحديث عن اليزابيث فوستر فقد نالت المرأة حظوتها من هذا الكتاب سواءً من الانتقاد على نسويتها ومكمنها في الأنثى أم الادعاء بمقدرته على فهمها مثلما يجب. كما لم يضيِّع نيتشه فرصة الحديث ولو بجمل قصيرة عن محبوبته التي رفضته سالومي، وعن زوجة صديقه فاغنر التي يكن لها كل الاحترام.
كل هذه التعليقات من شتائم ومديح جعلت نيتشه يتقيَّن بمصيره الذي سوف يكون ممجَّدًا ومدَّنسًا في الوقت ذاته بعد وفاته، فالاهتمام البالغ به سيطيل كتاباته وحياته لكن سيولد بالمقابل نتيجة لهذه الشهرة قراء وكتَّاب وأساتذة لن يفهموه أو يظنون أنهم يستطيعون ذلك، محاولين توظيف كتاباته وتفسيرها ضمن أمور لم يقلها ولم يقصدها سواء تعمدوا أم اخطئوا، فهل كان نيتشه على حق على الأقل كما فهمناه؟
وبعيدًا عن ما ذِكر، وإلى جانب نظامه في العيش ثم رؤيته للدين والإنسان، حازت عشرة كتب لنيتشه على حصّة كبيرةً من هذا الكتاب فقد تناول كل كتاب ولخَّص محتواه أو ظروف كتابته، وقد أجزل العطاء على إنجيله الخامس “هكذا تحدث زرادشت مرات عديدة“. فهذا الكتاب البسيط تنطبق عليه حرفيًا عبارة الكتاب الأخير.
ويمكننا القول في الختام بأنَّ كتاب هذا هو الإنسان هو بمثابة وداعِ باح به نيتشه لجمهوره الزرادشتي المكتوبة، وموعظته على الجبل بث فيه ما كان يختلج في صدره حول ذاته والإنسان.
“إن لم يعد لديك من سعادة تمنحني إياها، إذا فلديك بعد آلامك”.
نرشح لك: شيطان الفلسفة الأعظم، نظرات حول نيتشه
*شرح المصطلحات: -عالم المثل: نظرية أفلاطون عن وجود عالم مغاير عن عالمنا يتميز بالكمال. -كارليل: توماس كارليل (1795-1881) كاتب ومؤرخ إنجليزي. -كانط: إيمانويل كانط (1724-1804) فيلسوف وباحث ألماني. -فون ترايتشكه: (1834-1996) مؤرخ وسياسي ألماني.