لماذا يمضي الوقت سريعًا في أوقات السعادة؟

تعمل الساعات الأكثر دقة في العالم بخطىً ثابتة، حيث لا تتعدى ثانية واحدة كل 300 مليون سنة.
لكن الدماغ يأخذ تلك الثواني الإيقاعية ويجعل إحساسه بالوقت يزيد تكات الساعة أو ينقص منها، ولكن لماذا لا يستطيع الدماغ الحفاظ على الوقت مثل الساعة العادية؟ وبعبارة أخرى؛ لماذا يطير الوقت عندما تستمتع، ولماذا يمر بصعوبة عندما تشعر بالملل؟

كيف يدرك الدماغ الوقت ويعتمد على توقعاته؟ قال الدكتور مايكل شادلن -عالم الأعصاب في مركز كولومبيا الطبي لجامعة إيرفينغ في مدينة نيويورك- إن الدماغ يمكن أن يتوقع احتمال حدوث شيء ما، نظرًا إلى أنه لم يحدث بعد، كما قال  شادلن لـ “ساينس ساينس”: “كل فكر له آفاق مختلفة”. على سبيل المثال في الكتاب تكمن الآفاق في نهاية كل مقطع لفظي، ونهاية كل كلمة، ونهاية الجملة التالية وما إلى ذلك، وأن الوقت يتحرك وفقًا لطريقة توقعنا لهذه الآفاق، كما قال إنه عندما تنشغل بشيءٍ ما  فإن الدماغ يتوقع “الصورة الكبيرة” ويرى كلًا من الآفاق القريبة والبعيدة، مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يرفرف، ولكن عندما تشعر بالملل فإنك تتوقع آفاقًا أقرب مثل نهاية الجملة بدلاً من نهاية القصة، وتكون هذه الآفاق ليست متماسكة معًا ككل، والوقت يزحف.

لا توجد بقعة واحدة في الدماغ مسؤولة عن كيفية إدراكنا للوقت بهذه الطريقة، وبدلاً من ذلك فإن أي مجال يثير الفكر والوعي من المحتمل أن يشارك في هذه المهمة على حد قول شادلن.

وأضاف جو باتون -عالم الأعصاب في مؤسسة شامباليمود، وهي مؤسسة أبحاث طبية حيوية خاصة في البرتغال-: “إنه من المؤكد أن هناك العديد من آليات التوقيت في المخ”، ترتبط بالتناوب على مدار 24 ساعة لكوكبنا، ووجد باتون وفريقه في القوارض أن إحدى الآليات تتضمن السرعة التي تقوم بها خلايا الدماغ بتنشيط بعضها البعض وتشكيل شبكة عند القيام بنشاط ما، وكلما كانت تلك المسارات من الخلايا العصبية أسرع، كلما وجدنا وقتًا أسرع.

كما وجد باتون أيضًا آلية أخرى تنطوي على المواد الكيميائية في الدماغ؛ هي أن مجموعة من الخلايا العصبية التي تطلق الناقل العصبي الدوبامين -وهي مادة كيميائية مهمة تشارك في الشعور بالمكافأة قد تؤثر على طريقة إدراك الدماغ للوقت، فعندما تستمتع تكون هذه الخلايا أكثر نشاطًا- فهي تطلق الكثير من الدوبامين ويحكم عقلك على أنه قد مر وقت أقل من الوقت الفعلي.، عندما لا تستمتع لا تطلق هذه الخلايا الكثير من الدوبامين، ويبدو أن الوقت يتباطأ.

إعلان

كما قال إنه ليس من الواضح لماذا أدمغتنا ليست دقيقة بشكل منهجي عند تتبع الوقت، ولكن يمكن أن يكون لها ميزة تطورية، وأضاف باتون  لـ Live Science: “إن الحياة نوع من سلسلة من القرارات التي يجب أن أظل عليها أو أن أغيرها”، وهذا  الإحساس الداخلي بالوقت يمكن أن يساعد الحيوانات على اتخاذ القرار بالبقاء في مكانٍ ما أو تركه.

لكن عندما تعود بالوقت تجد أن المدة المتوقعة لحدثٍ ما تنطوي على الطريقة التي وضع الدماغ الذاكرة بها، ذلك كما يقول الدكتور ديفيد إيجلمان -أستاذ مساعد في علم النفس والصحة العقلية العامة وعلوم السكان في جامعة ستانفورد- أن شبكات الخلايا العصبية التي ترمز لذاكرة جديدة أكثر كثافة من شبكات أخرى لشيء جديد، وعندما تعود  بالوقت تجد أن تلك الشبكات الأكثر كثافة تجعل الأمر يبدو كما لو أن الذاكرة استمرت لفترة أطول.

على سبيل المثال؛ إذا كنت تتذكر رحلة طويلة، لكنك دائمًا ما تقوم برحلات طويلة، فقد تتذكر أنها تمر بسرعة أكبر مما كانت عليه في ذلك الوقت؛ لأن عقلك لم يضع الكثير من الذاكرة.

علاوة على ذلك “يبدو أن الوقت يتسارع مع تقدمك في السن” كما  قال إيجلمان لـ Live Science، فعندما تكون طفلاً يبدو لك كل شيء جديدًا، وبالتالي يضع عقلك شبكات كثيفة لتذكر تلك الأحداث والتجارب، فأنت كشخص بالغ لقد رأيت أكثر من ذلك بكثير ، لذلك لا تطالب هذه الأحداث بإنشاء مثل هذه الذكريات، لذلك أنت تنظر إلى الوراء في سنوات شبابك وتقول:

“إلى أين ذهب كل هذا الوقت؟”

قد يعجبك أيضًا: لماذا يتباطأ الـوقت أثناء وقوع الحادث؟

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: إسراء ذيابات

تدقيق لغوي: سلمى الحبشي

اترك تعليقا