التجاربُ الروحيّةُ للمرضى الذين يقتربون من الموتِ

أيُّ مريضٍ بالقرب من الموت يمكن أن تكون له تجربةٌ روحيةٌ، لقد رأيت ذلك.

في عملي كقسيس في المستشفى أعلم أن الناس لا يجب أن يكونوا متدينين – فهذه التجارب يمكن أن تحدث لأي شخص. أنا أرى أن هاري كان مترددًا بعض الشيء لكن بعد بعض المحادثات غير الهامة قرر أن يخبرني عن تجربة غريبة كانت لديه لم يكن يريد إخبار الأطباء لأنه كان يشعر بالقلق من أنهم يعتقدون أنه مصاب بمرض عقلي لأن هذا الشيء لم يحدث للناس العاديين مثله.

قال لي : كنت في الغرفة أنظر إلى جسدي، كان هناك الكثير من الناس من حولي قلقون ويتحدثون معي وهم يربطون الأنابيب ويحقنون جسدي و يقولون لي: “هيا يا هاري! قاتل للبقاء معنا! لن نسمح لك بالرحيل بهذه السهولة”، ثم نظرت بهدوء نظرة منفصلة تمامًا عن هذا المشهد، إلى يميني رأيت ضوءًا جميلًا وبدأت في التوجه نحوه، ولكن بعد ذلك شعرت بنفسي في جسدي ثم أستيقظت ووجدت نفسي في العناية المركزة، لقد شعرت بالاستياء من إعادتي “هاري كان في تجربة روحية خارج الجسد”.

أحد ميزات عملي كقسيس في المستشفى هي أن الأشخاص المصابين بمرض شديد، والذين يقتربون من موتهم يخبرونني عن هذه التجارب الروحية، إنها حقيقية للغاية و غالبًا ما تكون حية ومكثفة، ويمكن أن تحدث لأي شخص كان، ويمكن أن تعطي شعورًا بالبهجة والراحة، أو علي العكس فتكون تجربة مظلمة ومليئة بالحقد. بعض الناس يصفونها بالجنة أو الجحيم، و أخرون يشعرون كما لو أنّهم مع تواصُّل بشيء أكبر منهم ربما يُعبَّر عنها بكلمة “ذهول” أو يمكن أنها تشير إلى الله. و يكون لديهم أحاسيس بوجودهم و دفئهم، و يصحبهم احيانًا شعورٌ بالاطمئنان والسلام.

العديد من الناس أخبروني كيف تصرف الشخص المتوفي كما لو كان بإمكانهم رؤية شخص آخر في الغرفة، لم تكن هناك نظرة الخوف، بل كان الفضول أو حتى الاعتراف والسرور. إحدى الفتيات أخبرتني كيف أنّ أمها في الماضي قالت لها : “انظري إلي هنا، إنه جاء من أجلي “مع أن الأب كان متوفي منذ سنوات”. لقد قابلت الكثير من الناس الذين قالوا لي أنهم رأوا الملائكة، الذين يكون لديهم أجنحة عمومًا، وفي كثير من الأحيان تبدو وكأنّها شيءٌ من نهضة اللوحة الدينية ولكن ليس دائمًا. هذا النوع من التجارب يمكن أن يحدث لأي شخص كان، و قد سمعت في كثير أنها لمحة عن الحياة الآخرة.

إعلان

ألبرت الذي كان يعمل مزارعًا، كان يتمتع بحيوية خاصة حيث وجد نفسه على أبواب حديقة جميلة كانت مصنوعة من الحديد المطاوع المزخرف بأنماط متدفقة، كان الطقس مثاليًا مشمسًا ولكن ليس حارًا جدًا رائع للنباتات، وكان بإمكانه رؤية الحديقة تمتد إلى مسافة طويلة، كان هناك الكثير من النباتات التي شعر أنه مغروس فيها، وبينما كان يمشي عبر البوابات اشتم هناك رائحة زكية نقية وصفها بالسماوية، وكان هناك نوع خاص من الضوء الهادئ و موسيقى قادمة من مكان ما، كما أدرك بجميع حواسه أنه يجب اختيار إما البقاء أو الرجوع، شعر أنه من الأفضل أن يعود لعائلته وسحب نفسه على مضض، أخبرني ابنه : نحن أدركنا الآن أن هذا حدث له عندما أصيب بسكتة دماغية و اعتقدنا أننا فقدناه. ألبرت آمن بأنه لمح السماء، المكان الذي سيذهب إليه عندما يموت، فخوفه ممّا يحدث بعد الموت قد أزيل تمامًا، وأضاف: هل تعلم أنه إذا أتيحت لي الفرصة في العودة إلى الحديقة سأختار ألّا أعود أبدًا ” ثم أومأ ابنه باتفاق”.

تتمثل قصة ألبرت كما لو أنه في نهاية نفق طويل يصحبه ضوء خافت و في الطرف الآخر يشعر به الناس، غالبًا ما توجد هناك موسيقى جميلة لم يسمعوها من قبل ولا يمكنهم وصفها بشكل صحيح،في جميع هذة التجارب يغيب الألم والقلق ويسود الشعور بالسرور والاطمئنان. أيًا كانت معتقداتك حول هذه الأحداث الروحية فإنها يمكن أن تكون تحويلية حقًا، حيث يمكن أن يكون الشخص الذي تحدث له مثل هذة التجارب حذرًا من الحديث عنها بسبب الخوف من عدم إيمانهم بأنهم غير عقلانيين، أو الخوف من أن يقول الآخرون أن تجاربهم كانت نتاجًا لمرض عقلي. و هذة هي المصيبة حقًا لأنّ مثل هذة التجارب من الممكن أن تكون مفيدة في تهيئة شخص ما لموته، كما يمكن أن تكون مصدرًا مهدئًا و شافيًا.

لم أتعلم أبدًا وضع افتراضات حول الأشخاص الذين أتعامل معهم بشكل مهني، مرارًا وتكرارًا فوجئت بالتجارب التي اكتسبها الأشخاص فليس عليك أن تكون متدينًا لتحدث لك مثل هذة التجارب لأنها من الممكن أن تحدث لأي شخص كان. هناك خطر من الموت الطبي عندما تكون التجربة الروحية عميقة وفريدة من نوعها لكل شخص،و يتمثل دورنا في دعم الشخص المتوفي بأن نكون منفتحين على كل ما هو واقعي وأن نسافر معهم في تجربتهم (طالما أنّها لا تؤذينا) لتأكيد تلك التجربة.

نرشح لك: علماء ألمان يثبتون أنّ هناك حياة بعد الموت.. و لكن !!

المصدر:

https://www.theguardian.com/society/2019/mar/28/patient-death-spiritual-experience-hospital-chaplain?fbclid=IwAR13DQ4Nbr6cbopGRP9Mdp14PwwYG4RhQmC9246IsxK6Hhe6kvCXAgjaIwQ

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

تدقيق لغوي: أحمد المسيري

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا