هل ستبقي تجارة الذهب ملاذنا الآمن للاستثمار في ظل أزمة كورونا؟!

عندما يعطس الاقتصاد العالمي تُصاب العملات بالوباء..

يُحافظ المعدن الأصفر على احترامه ومكانته في جميع أنحاء العالم وذلك بسبب قيمته، وتاريخه الثري مقارنة بالعملات والأوراق المالية الأخرى، ولكن أن تزداد قيمته بشكل أكبر في ظل أزمات اقتصادية ذات تهديد حقيقي فتّاك كتلك التي يشهدها العالم اليوم –كورونا (COVID-19) – والركود الكبير في قيمة العملات فهذا يمثل ثراء حقيقي لـ تجارة الذهب ومستثمريه.

قال المستثمر الشهير فارن بافيت (Warren Buffett) ذات مرة: “الذهب هو وسيلة للشراء في ظل الخوف” وتأتي مستويات مخاوف المستثمرين مرتفعة بشكل خاص في الوقت الحالي، حيث حوّل جائحة فيروس كورونا أزمة صحية عالمية إلى أزمة اقتصادية. ومن غير المؤكد متى سيتعافى العالم من أي من هاتين الأزمتين…!!

المستثمرون يكرهون المخاطر إلى حد كبير بسبب تهديدات الموجة الثانية من فيروس كورونا. بدأت حالات جديدة في الارتفاع. كان من المتوقع حدوث بعض الارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا حيث بدأت الاقتصادات في الانفتاح. ولكن ما لم يتم تسعيره هو أن الوضع سيبدأ في الخروج عن السيطرة تمامًا كما حدث في تكساس. ارتفعت الحالات الجديدة بنسبة 4.5٪ والمستشفيات قريبة من طاقتها الكاملة.

وبناءًا على ما سبق، سُجلت النتائج منذ بداية يناير الماضي وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) صعدت أسعار الذهب بنحو 20%، وهو أكبر معدل صعودي في العشر سنوات الماضية. فخلال هذا العام اخترقت أسعار الذهب مستوى الـ 1300 دولاراـ 1400 دولا، ثم الـ 1500 دولار للأوقية…!! فيما بدأ الحديث الآن عن مستوى الـ 1600 دولار، كما وتشير التوقعات أن الذهب قد يسجل هذا المستوى قبل نهاية العام الحالي.

وبالتالي فإن الوضع الاقتصادي العالمي يدعم صعود الذهب، خصوصًا التوترات الصينية الأمريكية، بجانب إلى خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأغلب دول العالم، كما ولا تزال بالخلفية قضية بريكست وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وأخيرًا الركود الاقتصادي العالمي وتباطؤ النمو الصيني.

إعلان

كما وتشهد الأسواق موجة من بيع الأصول عالية المخاطر والتوجه الى الملاذات الآمنة، فقد ارتفعت احتمالات حصول ركود بالولايات المتحدة من 25% إلى 40%، بينما يتم نصح المستثمرين والمتداولين بالتوجه إلى تجارة الذهب ، بحسب ما نقلته «سي إن بي سي» عن شركة «ستاندرد تشارترد» البريطانية للخدمات المصرفية والمالية.

وبذلك تُواصل الاقتصادات العالمية تقديم استجابة مالية قوية لمواجهة تفشي فيروس كورونا. ابتكرت الدول في جميع أنحاء العالم العديد من الحوافز الضريبية، وضمانات القروض، وإعانات الأجور من أجل حماية مواطنيها وكذلك شركاتهم من الآثار المدمرة للوباء. من المرجح أن تؤدي زيادة المعروض النقدي بمبالغ هائلة في اقتصاد حيث يكون الإنتاج مقيدًا بموجب القانون إلى تضخم. في مثل هذه الأوقات، لا يمكن أن يؤدي التحفيز إلى زيادة الإنتاج الحقيقي في الاقتصاد لأن المشكلة الآن تتعلق بجانب العرض والطلب. يميل الناس إلى التحفظ في قراراتهم الاستثمارية، حيث لا يتجه تدفق الأموال في مثل هذه الأوقات نحو فئة الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم والسلع والسندات ذات العائد المرتفع والعقارات والعملات.

يشير الافتقار إلى انتعاش سريع في النشاط الاقتصادي إلى أن الركود قد يكون أطول، في حين أن الانتعاش أبطأ. هذا خبرٌ سارٌ بالنسبة للذهب، الذي يتألق أكثر خلال الأزمات الاقتصادية. وكلما كانت الكارثة الاقتصادية أقوى، زادت فرص تداعيات الجولة الثانية على النظام المالي. في عالم ما بعد الوباء، قد يكون النفور من المخاطرة أكبر مما كان عليه قبل الوباء، وهو أمر ينبغي أن يكون إيجابيًا بالنسبة للأصول الآمنة مثل الذهب.

بالنهاية، لا نرى أن الذهب قد يتخلى عن مكاسبه قريبًا، إلا إن حدث غير المتوقع، كتراجع الأزمات والتوترات الجيوسياسية، أو تلاشي توقعات الركود، هذا كله قد يغير هذه التوقعات بشأن المعدن الأصفر.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: عمار ابو النمر

تدقيق لغوي: أحمد المسيري

اترك تعليقا