مترجَم: اكتشاف بروتينات الكولسترول يبعث آمالًا لاختراع أدوية أكثر ذكاءً

بقلم لاشلن جلبرت، جامعة نيو ساوث ويلز  بسيدني

توصّل عُلماء في جامعة نيو ساوث ويلز في مدينة سيدني إلى اكتشافٍ متقدّمٍ حول انتقال الكولسترول في خلايا الجسد. يفتح هذا الاكتشاف الباب على مصراعيه أمام أدوية جديدة تُساهم في زيادة مستويات “الكولسترول النافع” في الجسم. ويمكن أن يُوَظَّف هذا الاكتشاف أيضًا لوضع إستراتيجية جديدة لمكافحة السرطان.

استهدفت الأدوية حتى الوقت الراهن -بما في ذلك الأدوية المخفِّضة لمعدلات الكولسترول والتي تُعَد أكثر أنواع الأدوية الموصوفة وأكثرها ربحًا في التاريخ- “الكولِسترول الضار” المعروف أيضًا باسم LDL (البروتين الدُهني منخفض الكثافة) عن طريق منع تخليقه في الكبد في محاولة للحد من مخاطر أمراض القلب والسكتة الدماغية.

ورغم أنَّ الأدوية المخفضة لمعدلات الكولسترول فعّالة في خفض مستويات البروتين الدُهني منخفض الكثافة (LDL)، فإنها لا تُجدي الكثير من النفع في رفع مستويات الكولسترول النافع -أو البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة (HDL). ولا يوجد دواء آخر قيد الاستهلاك يمكن أن يعزِّز بشكل ملموس مستويات HDL في جسم الإنسان.

أفاد البروفيسور روب يانغ من معهد علوم التكنولوجيا الحيوية و الجزئية الحيوية في جامعة نيو ساوث ويلز أنه بإمكان كل ذلك التغيُّر و ذلك بفضل تمكنه وفريقه من الباحثين من تحديد البروتين المسؤول عن نقل الكولسترول إلى الخلية.

يأخذ الجزيء المعني – وهو بروتين ناقل للدهون يُطلق عليه اسم نظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2)- الكولسترول من عُضيّات الخلية الحيوانية – أو الأجزاء الداخلية – وينقله إلى غشاء الخلية السطحي (المعروف أيضًا باسم الغشاء البلازمي). حيث يستخدم الكولسترول في هذا الغشاء كمواد بنيوية لتوفير القوة والمرونة. و قد اكتُشِف أن ما يصل إلى 90 ٪ من كولسترول الخلية موجود في الغشاء الخلوي (الغشاء البلازمي للخلية).

إعلان

وصرَّح البروفيسور يانغ: “يُفرز الغشاءُ البلازمي الكولسترولَ النافع (HDL)، حيث يتدفق بعض الكولسترول خارج الخلية عبر الغشاء البلازمي عندما يُُفرز الكولسترول داخل الخلية بشكلٍ مفرِط، وذلك لتشكيل الكوليسترول النافع (HDL) والذي يُنقل بعد ذلك حول الجسم. وتمثِّل معرفة الجزيئات التي تنقل الكولسترول إلى غشاء البلازما خطوةً كبيرةً إلى الأمام؛ إذ أن نقل الكولسترول إلى غشاء البلازما هو المفتاح لتوليد البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة، و يمكن لنظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) زيادة كمية الكولسترول الذي يتدفق خارج الخلية، وهي عملية تُسَمّى تدفُّق الكولسترول. ونعتقد أنَّ هذا المسار سيكون هامًّا جدًّا لتطوير دواء لزيادة نسبة هذا الكولسترول النافع”.

سبر أغوار هذا اللغز

أفاد البروفيسور يانغ بأنَّ السؤال عن البروتين المسؤول عن نقل الكولسترول إلى الغشاء البلازمي شَغِل بال العلماء لسنواتٍ عديدة، و أضاف : “لقد بحث علماء بيولوجيا الخلية لوقت طويل عن إجابة لسؤالٍ بسيطٍ للغاية: كيف يصل الكولسترول إلى الغشاء البلازمي؟ فنحن نعلم أن 90٪ من الكولسترول موجود في الغشاء البلازمي، ونعلم  أنّه ينتج داخل الشبكة الإندوبلازمية (الشبكة البلازمية الداخلية) أو تطلقه الجسيمات الحالّة، ولكننا لم نكن نعلم كيف تنتقل من العُضيّات الداخلية إلى الغشاء البلازمي الذي يكون في أمسِّ الحاجة إليها، لم نكن متأكدين من أننا سنكتشف أي شيء عندما بدأنا هذا المشروع؛ لذلك كنا متحمسين للغاية  لحل هذا اللغز”.

وقال البروفيسور يانغ إنّ هذا الاكتشاف الجديد سيمهد الطريق لعلماء الخلية للتركيز على نظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) بُغية زيادة كمية الكولسترول التي يتم نقلها إلى غشاء الخلية؛ مما يرفع الكمية التي تغادر الخلية لتشكيل البروتينات الدهنية مرتفعة الكثافة. يمكن أن تتمثل إحدى الإستراتيجيات في زيادة عدد نظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) في الخلية، بينما يتمثل الآخر في تحسين كفاءة البروتين.

وأكد البروفيسور يانغ بأنه إذا كان من الممكن تطوير مثل هذا الدواء، فلن يحل محل الأدوية المخفضة لمعدلات الكولسترول ولكنه سيُستخدم بشكلٍ تكميلي؛ أي تناول دواء لخفض الكولسترول الضار وآخر لزيادة مستويات الكولسترول النافع.

علاج السرطان

أثار هذا البحث احتمالًا آخر مثيرًا للاهتمام يتمثّل في إمكانية توجيه نظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) لمكافحة السرطان. يمكن وقف مسار النمو المفرط الخارج عن السيطرة للخلايا التي تحدد خصائص السرطان عن طريق تقليل كمية الكولسترول المنتجة، بما أن ذلك يمثل أمرًا حيويًّا لبنية غشاء الخلية السرطانية.

أوضح البروفيسور يانغ: “يكون نظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) مضبوطًا بشكلٍ مفرط في  العديد من أنواع الخلايا السرطانية، نظرًا لوجود حاجة إلى المزيد من الكولسترول للوصول إلى الغشاء البلازمي من أجل التوسّع السريع للخلايا السرطانية، إلا أنه يمكن إنهاء هذا الأمر داخل الخلايا السرطانية، ربما إذا قمنا بعرقلة وظيفة هذا البروتين، يمكننا منع الخلايا من النمو والتكاثر بسرعة”. وأكد على أن فكرة توجيه إنتاج الكولسترول في الخلايا ليست طريقة جديدة في مكافحة السرطان، ولكن يمكن لنظير البروتين الرابط للأوكسي ستيرول 2 (ORP2) أن يقدِّم نهجًا استراتيجيًا جديدًا للبحث وربما ينجح في المناطق التي لم ينجح استخدام الأدوية المخفِّضة لمعدلات الكولسترول في علاجها.

لكن البروفيسور يانغ يقدِّر حاجتنا إلى عشر سنوات قبل أن تساهم هذه الأفكار في تطوير مستحضرات صيدلية قابلة للتسويق، فحتى نصل لتلك المرحلة، سيكون أمامنا طريقًا طويلًا لمزيدٍ من البحث والتطوير، وإيجاد الإستراتيجيّة الصحيحة، وفحص المركَبات المُحتملة بدقة ثم اختبارها على نماذج حيوانيّة.

نُشرت نتائج هذا البحث في تقريرٍ بحثيٍّ على موقع Molecular Cell وأكدها مقال نشرته مجلة Nature Reviews.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: درة شقمة

تدقيق لغوي: راما ياسين المقوسي

اترك تعليقا