ما هو عصر التنوير؟
عصر التنوير والمعروف أيضًا باسم عصر العقل، هي حركة فلسفية كان مهدها الأول في أوروبا. ثم انتقلت في وقت لاحق إلى أمريكا الشمالية أثناء أواخر القرن السابع عشر وفي أوائل القرن الثامن عشر.
واعتقد المشاركون في الحركة أنّ من شأنها أن تنير ذكاء الإنسان وثقافته إثر عصور الظلام الوسطى. وتشمل خصائص التنوير بزوغ مفاهيم مثل العقل والحرية والمنهج العلمي. وقد كانت فلسفة التنوير تشكك في الدين -وخاصة الكنيسة الكاثوليكية- وفي الأنظمة الملكية والأرستقراطية الوراثية. وقد كان لفلسفة التنوير الأثر في التبشير بالثورات والدساتير الفرنسية والأمريكية.
وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، اختلف المؤرخون على وجه التحديد على بداية عصر التنوير، على الرغم من أنّ معظمهم يتفقون على أنّ أصول التنوير مرتبطة بالثورة العلمية في القرن السابع عشر، وبلغ عصر التنوير أوجَه في الثورة الفرنسية (1789-1799) وتبعتها الفترة الرومانسية.
الثورة العلمية
تقول المؤرخة والكاتبة سوزان ابرنيثي Susan Abernethy: “إنّ بذور الأفكار الفلسفية التي ستؤدي إلى التنوير قد بدأت خلال حرب الثلاثين عاما (1618-1648)”. ثم أضافت قائلة: “لقد كان هذا صراعًا دمويًا طويلًا خاض معظمه بسبب الدين وأفضى إلى اضطراب اجتماعي كبير.
وقالت “أبرنيثي: “إنّ عصر الاستكشاف، الذي اكتشف فيه كولومبس ما يسمى بالعالم الجديد، قد أظهر فلسفات وثقافات أخرى”.
وأردفت قائلة: “وأخيرًا، بعد قرون من الاستغلال وسوء المعاملة من قِبل الملكيات والكنيسة، غضب المواطنون العاديّون في أوروبا وبدأوا في الكتابة والتحدث”.
واستكملت أبرنيثي قائلة: “بالإضافة إلى ذلك، دفعت أفكار عصر النهضة الرجالَ إلى دراسة العالم الملموس عن كثب، مما أدى إلى مزيد من الدراسة العلمية”. وهذه الحركة معروفة بالثورة العلمية.
ووفقًا لقسم التاريخ في جامعة إنديانا الشمالية الغربية Indiana University Northwest فإنّ الثورة العلمية بدأت بنشر نظرية نيكولاوس كوبرنيكوس عن مركزية الشمس في عام 1543. وتشمل الاكتشافات العديدة للثورة العلمية قوانين يوهان كيبلرJohann Kepler الثلاثة للحركة الكوكبية ونظريات غاليليو غاليلي Galileo Galilei للحركة والجمود ورأي تيكو براهي Tycho Brahe الجديد من النجوم وكيفية عملها. وانتهت الثورة العلمية باكتشاف إسحاق نيوتن لقانون الجاذبية وفهم الكون الميكانيكي في أواخر القرن السابع عشر.
ومع كلّ اكتشاف علميّ جديد، تغيّر الفهم اليهودي المسيحي المتفق عليه للكون. وتدريجيًا، احتضن المفكّرون النموذج الكوبرنيكي النيوتوني. يقول هذا النموذج أنه بينما خلق الله الكون، وضّح العلم هذا الكون، ومن خلال هذا العلم يمكن للبشر أن يفهموا الكون. وقد بدأ المفكّرون في رؤية الكون على أنه ربما لانهائيّ ومليء بالحركة. وقد مهّد هذا النموذج الطريق لفلسفة التنوير واحتضان أفكار العقل البشري.
المفاهيم الفلسفية
المنطق:
يعتقد الفلاسفة التنويريون أنّ التفكير العقلاني يمكن أن يؤدي إلى تحسين الإنسان إذ أنه كان أكثر طرق التفكير منطقية. وقد رأوا القدرة على استخدام المنطق باعتباره أكبر قدرة بشرية. يمكن للمنطق أن يساعد العقل البشري على التحرّر من الجهل واللاعقلانية، كما أنّ تعلّم التفكير بشكل معقول يمكن أن يعلِّم البشر التصرّف بشكل معقول.
الشكّ:
بدلاً من أن يكون المحتوى مشوبًا بالإيمان الأعمى، أراد مفكّرو التنوير إثبات أنّ هناك شيئًا ما حقيقيًا. وفقًا لمجلة ستانفورد للفلسفة، اختبر مفكرو التنوير المفاهيم الشعبية مع التجارب الخاضعة للرقابة العلمية والخبرة الشخصية وذلك على الرغم من أنّ التشكك في حواسّ المرء كان عاملًا آخر في الفكر التنويري، وتسبب في تعقيدات فلسفية معقدة.
كان مثقفو التنوير يشكّكون في الحقّ الإلهي للملوك والملكيات بشكل عام، والادعاءات العلمية الخاصة بالعالم الطبيعي، وطبيعة الواقع والعقيدة الدينية. تقول أبيرنيثي:
“أراد علماء اللاهوت إصلاح إيمانهم خلال عصر التنوير مع الحفاظ على إيمان حقيقي بالله”
وقد أصبحت الحركة الربوبية شائعة خلال عصر التنوير. وتعني الربوبية أنّ الله موجود لكنه لا يتدخل على الأرض. فالكون يمضي وفقًا للقوانين الطبيعية والقائمة على أساس علمي. وكان العديد من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ربوبيين، بما في ذلك توماس جيفرسون.
التسامح الديني:
على الرّغم من الشكّ في المؤسسات الدينية، يعتقد العديد من مفكّري عصر التنوير أنّه ينبغي أن يكون الناس أحرارًا في العبادة حسب رغبتهم. وقالت أبرنيثي “لقد سعى مفكرو عصر التنوير إلى تقييد السلطة السياسية للدين المنظم (الدين المؤسسي). في محاولة للحد من اندلاع حروب دينية تعصبية”.
الحرية:
التسامح التنويري للدين مرتبط بتأكيد الحركة على الحرية الشخصية. يفترض هذا المفهوم أنّ الله/أو الطبيعة أعطت الإنسان جميع حقوقه الأساسية. وأنّ البشر يجب أن يكونوا أحرارًا في التصرف دون قيود قمعية.
وتوضّح أبيرنيثي هذا قائلة “لقد أكّد هؤلاء الفلاسفة أنّ الحكومة ليس لديها سلطة على ضمير الفرد، إنّ للأفراد حقوق، وجميع الرجال متساوون، والقوة السياسية الشرعية مبنية على موافقة الشعب وملزَمة بأن تكون ممثّلة لإرادة الشعب”.
التقدم:
تميّزت القرون التي سبقت عصر التنوير بالتغيّرات السريعة، من اكتشافات الثورة العلمية إلى استكشاف العالم. والتقدم في التقنية الفنية خلال عصر النهضة. وبسبب هذا، يعتقد مفكّرو التنوير أنّ حالة الإنسان تتحسن مع مرور الوقت. وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، أنّ الفلاسفة أمثال ديفيد هيوم وآدم سميث– كلاهما اسكتلنديّان- ربطا مبادئ التنوير بالسياسة والسياسات الاقتصادية وغير ذلك.
التجريبية مقابل العقلانية:
وفقًا لجامعة لويولا في نيو أورليانز Loyola University New Orleans، ترتبط التجريبية بفلاسفة التنوير البريطانيين. بما في ذلك جون لوك وجورج بيركلي وهيوم. جادل التجريبيون بأنّ كلّ المعرفة البشرية تأتي من خلال الحواسّ والخبرات الحسية. أما العقلانيون -والذين عاشوا في المقام الأول في قارة أوروبا- يقولون أنّ الحواس غير جديرة بالثقة. وأنّ المعرفة جاءت من العقل، من خلال تصور الأفكار أو الحدس بها.
ونحو نهاية هذه الفترة، بدأ الفلاسفة بالتفكير في ما يعنونه بالضبط بمصطلح “التنوير”. وقد قدّم الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط هذا التعريف في مقاله “ما هو التنوير؟”:
التنوير هو خروج الإنسان من فترة عدم النضج المفروضة عليه [كثيرًا ما يُفسّر عدم النضج بقلة الخبرة]. وعدم النضج هو عدم القدرة على استخدام الفهم الشخصي دون توجيه شخص آخر.
الشخصيات الرئيسية في عصر التنوير
جان آموس كومينيوس (1592-1670): كان مثقفًا تشيكيًا اعتنق التعليم العام والتدريس التطبيقي. كان له دور فعّال في تقديم الكتب المدرسية المصورة المكتوبة باللغة العامية للطالب بدلاً من اللاتينية. دعا للتعلم مدى الحياة وتطوير التفكير المنطقي بدلاً من الحفظ عن ظهر قلب. أراد تقديم التعليم للنساء والأطفال الفقراء.
الهولندي هوغو غروتيوس (1583-1645): كان مفكرًا رائعًا أرسى الأساس للقانون الدولي على أساس مفهوم القانون الطبيعي. كان واحدًا من الروّاد في طرح فكرة مجتمع الدول الذي يحكم بالقوانين والاتفاق المتبادل لإنفاذ تلك القوانين وليس بالقوة والحرب. كما تبنّى أيضًا فكرة التسامح الديني.
توماس هوبز (1588-1679) وجون لوك (1632-1704):
من الإنجليز الذين كان لهم الأثر في عصر التنوير هم توماس هوبز وجون لوك. دافع هوبز عن الحكم المطلق للملك لكنه آمن بحق الفرد والمساواة بين جميع الرجال. وذكر أنّ المجتمعات السياسية ينبغي أن تستند إلى “عقد اجتماعي” والذي يعني أنّ الأفراد يوافقون، إما صراحة أو ضمنًا، على تسليم بعض حرياتهم ويخضعون لسلطة الحاكم (أو لقرار الأغلبية) في مقابل حماية حقوقهم المتبقية. وقد روّج لوك للنوع المقابل من الحكومة، التي كانت حكومة تمثيلية.
أخذ الفلاسفة الفرنسيون عصر التنوير نحو آفاق جديدة. قام تشارلز-لويس دي سيكستات، المعروف باسم البارون دي مونتسكيو (1689-1755)، بتطوير عمل جون لوك واعتنق مفهوم فصل السّلطة من خلال خلق انقسامات في الحكومة.
كان فرانسوا-ماري أرويت (1694-1778)، المعروف باسم فولتير، كاتبًا غزير الإنتاج، استخدم الهجاء والنقد للتحريض على التغيير الاجتماعي والسياسي. وقد شنّ هجمات على الكنيسة الكاثوليكية وكشف المظالم. روّج لمفاهيم حرية الدين وحرية التعبير وفصل الكنيسة والدولة. كانت كتاباته شعبية ووصلت إلى العديد من القراء.
أما جان جاك روسو (1712-1778) فقد كتب كتاب “العقد الاجتماعي”، الذي دافع فيه عن شكلٍ من أشكال الحكم القائم على ديمقراطية صغيرة ومباشرة، وهو ما يدلّ صراحة على إرادة الشعب.
دينيس ديدرو (1713-1784):
لم يكن مهتمًا بالتحريض على الثورة ولكنه أراد جمع المعرفة التنويرية ونشرها. شرع في مشروع ضخم لإنشاء موسوعة، أو قاموس منهجي للعلوم والفنون والحرف”. ساهم العديد من الكتّاب في هذا المشروع المؤلف من 35 مجلدًا، قد صدروا بواسطة دينيس ديدرو و لورن دالمبير. ستشمل “الموسوعة” كلّ معارف العالم وتنشره إلى بلدان أخرى في جميع أنحاء العالم.
ديفيد هيوم (1711-1776):
وفقًا لمجلة ستانفورد للفلسفة، كان هيوم فيلسوفًا اسكتلنديًا اكتسب شهرةً ككاتب مقالات. وقد كان أحد التجريبيين ذوي النفوذ الكبير الذي جادل بأنّ البشر كانوا مجموعة من الأحاسيس الخالية من الأنفس الحقيقة (وتسمى هذه نظرية الحزمة) وأنّ الأخلاق كانت قائمة على العاطفة بدلاً من المبادئ الأخلاقية.
إيمانويل كانط (1724-1804):
وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، كان كانط فيلسوفًا ألمانيًا رئيسيًا في عصر التنوير. جمع بين العقلانية والتجريبية من خلال نظرياته حول الاستقلالية البشرية وتمهيد الساحة للحركات الفلسفية اللاحقة.
آدم سميث (1723-1790):
وفقًا لمجلة ستانفورد للفلسفة، آدم سميث هو صديق مقرّب لهيوم، كان فيلسوفًا واقتصاديًا اسكتلنديًا أكثر شهرة بنظريته عن “اليد الخفية للسوق” ،. وضع كتابه “ثروة الأمم” الذي يعدّ الأساس لاقتصاديات السوق الحرة.
إسحاق نيوتن (1642-1727):
وفقًا لمعهد إسحاق نيوتن للعلوم الرياضية Isaac Newton Institute for Mathematical Sciences، إسحاق نيوتن عالِم رياضيات وفيزيائيّ إنجليزي وضع الأسس للميكانيكا الكلاسيكية وحساب التفاضل والتكامل. وقد طوّر نيوتن قوانين الحركة والجاذبية الكونية، مما أدى إلى تحسينات في فهم الكون الكوني في مركز كوبرنيكا.
توماس جيفرسون (1743-1826)
وفقًا لمؤسسة توماس جيفرسون Thomas Jefferson Foundation تأثّر توماس جيفرسون، الأب المؤسس الأمريكي، بشدة بفلسفة التنوير وقضى عدة سنوات في فرنسا. كتب إعلان الاستقلال، الذي شدّد على أفكار التنوير مثل الحرية وحقوق الإنسان الأساسية والمساواة (وإن لم يكن للعبيد)
نهج التنوير للعلم
وقال المؤرخ والكاتب روبرت وايلد Robert Wilde الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرًا له. إنّ عصر التنوير والثورة العلمية شهد توسعًا كبيرًا في معرفتنا عن العالم وفي دقة هذه المعرفة. وأضاف قائلاً: “جزء من هذا يرجع إلى تطوير ما يمكن أن نعتبره طريقة علمية حديثة”. وفقًا لموسوعة ستانفورد للفلسفة، على الرغم من أنّ آخرين قد طرحوا اختلافات في الطريقة العلمية، إلا أنّ نيوتن وضع الأساس للطريقة التي نعرفها اليوم.
وبفضل زيادة معرفة القراءة والكتابة وانخفاض تكلفة الكتب، تحسّنت وسائل نشر نتائج التجارب العلمية، وكذلك رغبة المفكرين والعلماء في مناقشتها واعتمادها.
كيف غيّر عصر التنوير العالم
قالت أبرنيثي “لا يمكن التأكيد بما فيه الكفاية على مدى أهمية أفكار التنوير في تغيير التاريخ والمجتمع في جميع أنحاء العالم”. ما زلنا نحتفظ بالعديد من مُثُل التنوير. وقد تطوّرت بعض النظريات العلمية، لكنّ العديد منها ظلّ كما كتبه مؤلّفو التنوير. لقد أثّرت مفاهيم الحرية والعقل والمساواة على النسوية ماري وولستونكرافت Mary Wollstonecraft [والدة ماري شيلي Mary Shelley مؤلّفة كتاب “فرانكنشتاين”]، والداعية الأمريكية لإلغاء عقوبة الإعدام، فريدريك دوغلاس Frederick Douglass، وغيرهم من القادة الأساسيين.
وقالت أبرنيثي “إنّ أفكار التسامح الديني والفصل بين الكنيسة والدولة أدّت بالفعل إلى انخفاض الحروب بسبب الخلافات الدينية”.
ومع تضاؤل قوة الكنيسة، اكتسبت المجتمعات جماعات مثل الماسونية والمتنورين الذين بدأوا في التجاذب للفوز بتلك القوة. ظهرت الصالونات الأدبية والمقاهي كأماكن جديدة للتواصل الاجتماعي ومناقشة الأفكار. أصبح التعليم للأطفال أكثر انتشارًا، وتم تأسيس المزيد من الجامعات. وزادت معدلات معرفة القراءة والكتابة بشكل كبير، وتمّ إدخال المكتبات العامة والمتاحف.
وقالت أبرنيثي: “لقد أدّت مفاهيم عصر التنوير إلى العديد من الثورات، التي كان لها تأثير هائل على تغيير التاريخ والمجتمع”. واستطردت قائلة :”في عام 1688، قام البروتستانت الإنجليزيون بدور أساسي في إسقاط الملك الكاثوليكي جيمس الثاني وتثبيت الملوك البروتستانت وليام وماري. وبعد ذلك، صادق البرلمان الإنجليزي على “قانون حقوق جديد “يمنح المزيد من الحريات الشخصية للإنجليز.”
كانت الثورات الأكثر تأثّرًا بتأثير عصر التنوير هي الفرنسية والأمريكية
الثورة الأمريكية
قالت أبرنيثي: “تبنّى الآباء المؤسسون العديد من أفكار فلاسفة عصر التنوير في كتابة الدستور ووثيقة حقوق الولايات المتحدة”. لقد أعطوا سلطةً أقل للحكومة وطاقةً أكثر للشعب. وأضافت أنها أنشأت أيضًا تعليمًا عالميًا في أمريكا.
الثورة الفرنسية
أخذت الثورة الفرنسية الانقلاب الإنجليزيّ خطوة إلى الأمام وأزالوا الملكية برمتها. تمّ قطع رأس الملك لويس السادس عشر وملكته ماري أنطوانيت، وتشكيل شكل جمهوري للحكم.
وقال وايلد: “هناك جَدَل حول ما إذا كان التنوير قد أثّر على المجتمع أم أنّ المجتمع قد اعتراه التغيير من خلال وسائل مختلفة أثرت على التنوير”. “في كلتا الحالتين، أثّرت أفكار التنوير على الطبقة الوسطى الفرنسية بأن جعلت لها الرغبة في التصويت على الحكومة. وفي عام 1789، أنتجت [هذه الرغبة] طبقة ثالثة، والتي انشقّت عن الحكم الملكي، وأشعلت الثورة الفرنسية”.
على الرغم من أنّ فلسفة التنوير ركّزت على مُثل إيجابية -على ما يبدو- مثل الحرية والتسامح، إلا أنّ وايلد أشار إلى أنهم ربما اعتنقوا تلك القيم من أجل التطرّف. فمن المهم التأكيد على أنّ مفكري عصر التنوير لم يلتزموا تمامًا بمُثل الآخرين.. وأنّ تطرف الفكر التنويري، مثل رفض الكنيسة، أدّى إلى إلقاء اللوم على التنويريّين بسبب الإرهاب في الثورة. وتوضّح وحشية الثورة والحروب النابليونية اللاحقة حدود محاولة إعادة بناء المجتمع على طول خطوط عقلانية بحتة.