لماذا سيخسر دونالد ترامب الانتخابات القادمة

مقال مُترجم من موقع صحيفة نيويورك تايمز

يعمل الرئيس الأمريكي الحالي على تطوير استراتيجية تتمثّل بإثارة غضب كل من قاعدته الانتخابية والقاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي التي تُمثّل الشريحة الكبرى في المجتمع الأمريكي.

تزامن إعلان ترشُّح عددٍ من ممثلي الحزب الديمُقراطي مع ظهور تسريبات عن مؤامرات تُحاك على قدم وساق من قِبل البيت الأبيض لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020. كما أنّ نتيجة الانتخابات القادمة معروفة وثابتة كنقشٍ في الصخر ما لم يتعرّض النظام الأمريكي لصدمة حادّة وطارئة. حيث أثرت المعدلات المرتفعة للتعصب الحزبيّ ولحملاتِ استقطاب الناخبين على السلوك السياسي للمجتمع الأمريكي، الأمر الذي جعل من السهل توقّع نتيجة الانتخابات القادمة. كما أصبحت التشاركية -التي دائمًا ما تُثبِت فعاليتها في أمريكا- الملجأ المثالي والنهائي للناخب الأمريكي فالاستِعانة بهذه النشاطات السياسية القائمة على العلاقة التفاعلية بين المُرَشحين والناخبين تسهِّل ترشّح شخص اتهمته العديد من المراهقات والشابات بسوء السلوك الجنسي وقد تُساعده على الظفر بأصوات 90% من حزبه كما حصل مع المرشح الجمهوري Roy Moore في انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية ألاباما عام 2017  وذلك وفقًا لمسح اقتراع الناخبين، وهو مسح تُجريه لجنة ما على الناخبين عند خروجهم من مكاتب الاقتراع.

وفيما يتعلق بحملات الاستقطاب، تمّ التغاضي عن جانب التّحيُّز السلبي الذي يتم من خلاله حشد الناخبين بوساطة كراهيتهم للحزب المُعارض  بدلًا من حشدهم بوساطة تأييدهم للحزب الآخر. ويعود التّحيُّز السلبي بالنفع على الحزب الذي لم يتولَّ الرئاسة الأخيرة وذلك لأن الناخبين المؤيدين لهذا الحزب يشعرون بأن آرائهم السياسية تتعرض للهجوم بشكلٍ مستمر تحت حكم الحزب الحاكم. وبناءً على هذا المنظور الجديد لسُلوك الناخب الأمريكي قُمتُ باستحداث نموذج يتوقع نتيجة الانتخابات النصفيّة؛ فعلى الرغم من أن توقعاتي سبقت غيرها بأشهر إلا أنها كانت شديدة الدِّقة بحيث تفوّقت على  أفضل آليات توقع نتائج الانتخابات. وتكمُن أهمية أسلوب توقع نتائج الانتخابات هذا بأنه يُطلِعنا مُسبقًا على نتائج الانتخابات القادمة.

أمّا بالنسبة للانتخابات النصفية فقد توقعتُ -بالاستعانة بنموذجي السابق- ارتفاعًا في تحيُّز الناخبين للحزب الديمقراطي؛ حيث اتخذَتُ ضواحي أمريكا كنقطة بداية لإعادة تشكيل الانتماءات السياسية بعيدًا عن مرشحي الحزب الجمهوريّ، فاعتَمدت عمليةُ إعادة تشكيل الانتماءات السياسية على:

  1. ابتعاد الناخب الساخط على الاستقلالية أو الناخب ذو الرأي المتقلب عن الحزب الذي ينتمي له الرئيس؛ الأمر الذي سبق أن حدث في جميع الانتخابات النصفية المُنعقدة منذ عام 2006.
  2. الاستفادة من تأثير التحيّز السلبيّ في توجيه مشاركة الديمقراطيين الذين  يقومون بتنظيم الانتخابات النصفية.

فعن طريق تحديد الولايات الداعمة للفكر الجُمهوري التي تضُم تحيزًا كبيرًا في القاعدة الانتخابية وعددًا كبيرًا من الناخبين الجامعيين القادرين على زيادة نسبة المشاركة لصالح الحزب الديمقراطي توقعتُ في شهر تموز من عام 2018 أن التحيز السلبي سيؤدي إلى حصول الحزب الديمقراطي على 42 مقعدًا في مجلس النواب و اكتساحِهم للأصوات في Orange County الواقعة في ولاية كاليفورنيا. في بداية الأمر بدت توقعاتي خارجة عن المألوف ولكن بحلول الانتخابات وافقتني الرأي كل من المواقع التالية:

إعلان

سيُشارك أتباع الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة وخاصّة النساء الجامعيات اللواتي يدفعُهنَّ الشعور بأنهنّ مهددات من قِبل  الحكومة التي يترأسها دونالد ترامب إلى المُشاركة الانتخابية؛ حيث ازدادت نسبة مشاركة النساء في العملية الانتخابية منذ تولي ترامب الرئاسة وسيستمر الوضع على حاله ما دام خطر توليه السُلطة يحوم في الأفق. كما تمّ استبدالُ الهيئة الانتخابية للحزب الديمقراطي المُتقاعسة عن عملها  والتي تولّت الانتخابات النصفية البرلمانية لعاميّ 2010 و 2014 والانتخابات الرئاسية الماضية بِأُخرى تنفذ واجباتها بشكل مُتآزر والتي ستعود -على الحزب الديمقراطي- بالامتيازات الهيكلية ذاتها التي تجلّت في الانتخابات النصفية لعام 2018. إلا أن نسبة ارتفاع التصويت لصالح الحزب الديمقراطي لن تكون موّحدة  في جميع الولايات الأمريكية؛ حيث سيفوز الحزب الديمقراطي في المُدن والولاياتِ التي يقطنها مواطنون ليبراليون متعلمون من مختلف الأصول والأعراق بينما ستتراجع احتمالية الفوز لصالح الحزب الديمقراطي في الولايات الأخرى كولاية ميزوري. وعلى الرغم من أن دونالد ترامب قد يظفر بولايتيّ أوهايو وفلوريدا، إلا أنه فوزه يعتبر أمرًا بعيد المنال في كل من الولايات التالية:

  • ميشيغان
  • ويسكونسن
  • بنسيلفانيا

فإن أخذتَ بعين الاعتبار سلوك الناخب في الانتخابات النصفية على مستوى هذه الولايات ستجدُ أنه يميل لصالح الحزب الديمقراطي، كما ستؤدي الصعوبات التي يواجهها ترامب في إقناع  الناخب ذو الرأي المتقلّب إلى فوز الحزب الديمقراطي في كلٍّ من أريزونا وكارولانيا الجنوبية وجورجيا بينما سيظفر بكلٍّ من فيرجينيا وكولورادو و نيفادا ونيوهامبشير.

وخُلاصة القول أن الانتخابات الرئاسية القادمة معركةٌ يعتمد الفوز بها  على حجم القاعدة الانتخابية؛ وبما أن القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي أكبر حجمًا فإن فوزهم مُحتَم. كما تُظهر العوامل التالية الميزة التنظيمية التي يتمتع بها الحزب الديمقراطي:

  1. الدعم الديموغرافي السُّكاني للحِزب الديمقراطي
  2. الاندفاع لصالح التصويت للحِزب الديمقراطي
  3. الولاء الحِزبي المُتزايد للحِزب الديمقراطي؛ حيث يرفعُ التحيّز السلبيّ من ولاء المواطن للحزب الديمقراطي.

كانت نسبة إقبال الشعب الأمريكي على المشاركة في الانتخابات النصفية أعلى بنسبة 12 نقطة في عام 2018 مقارنةً بعام 2014 وأعلى من أي انتخاباتٍ سابقة منذ عقود؛ حيث تُعطي نسبة الإقبال على الانتخابات النصفية لمحة عن إقبال الناخب على الانتخابات الرئاسية القادمة بفارق 20 نقطة، ففي الانتخابات النصفية الأخيرة وصلت نسبة الإقبال إلى 10 نقاط عندما بلغت نسبة الأصوات 50% مقارنةً بتلك التي عُقِدت في 2016، ومن المُتوقَّع أن تزداد نسبة الإقبال في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة عن 65%.كما أن القاعدة الانتخابية للدورة الرئاسية القادمة ستشهد ارتفاعًا لصالح الحزب الديمقراطي مقارنةً بالانتخابات النصفية؛ وبلغت نسبة مشاركة حزب ثالث (أي حزب بخلاف أكبر حزبيّ الولايات المتحدة الأمريكية؛ الجمهوري والديمقراطي) في الانتخابات النصفية لعام 2018 أدنى مستوياتها منذ عُقود. أمّا في الانتخابات النصفية البرلمانية فقد بلغ مُعدل الاقتراع لصالح حزب ثالث في الانتخابات السابقة لعام 2018 3.5% بينما بلغت نصف هذا المعدل في الانتخابات النصفية لعام 2018.

سنُمضي أيامنا  في الأشهر القادمة مُولَعينَ بانتخاباتٍ قد تكون نتيجتها محدَّدةً من خلال تحليل عملية استقطاب الناخبين وتحيُّز الناخبين السلبيّ، فطريق الحزب الديمقراطي معبَّدٌ نحو استعادة السيطرة على البيت الأبيض.

إنّه لمن الصعب تخيُّلُ رئيس أمريكي بخلاف دونالد ترامب يواجه هذه الظروف السياسية أثناء ترشّحه للانتخابات الرئاسية للمرة الثانية على التوالي.

إعلان

مصدر https://www.nytimes.com/2019/01/24/opinion/trump-2020-election.html?smid=fb-nytimes&smtyp=cur
فريق الإعداد

إعداد: راما ياسين المقوسي

اترك تعليقا