آلان دي بوتون في كتابه «دروسُ الحبّ»: ما قبلَ الحبّ وما بعده!

كتبَ فنسنت فان غوخ في إحدى رسائلهِ إلى أخيهِ ثيو: «لا من أمرٍ يفتحُ أعيننا على حقيقةِ الحياة أكثرَ من حبٍّ أصيل». ويتساءلُ الفيلسوف مارتن هايدغر في إحدى رسائلهِ الغراميّة المؤثِّرة لحنّا آرندت: «لمَ يُثيرنا الحب أكثر من أيةِ تجربةٍ إنسانيّةٍ أخرى، ومع ذلك يُلقي ثِقلًا عذبًا على أولئك البؤساءِ الرازحين تحت قبضته؟!». لتجيبهُ آرندت: «لأنّنا نتشبَّه بالمحبوب تدريجيًّا إلى درجة التماهي، ومع ذلك نحتفظُ بأصالةِ ماهيّتنا».

تنبعُ -تقريبًا- كلُّ جوانب الحبّ المؤلمة من التضارب الحتميّ بين الذات الراقدة في سباتِ الحياة الروتينيّة والتوقِ إلى الصحوةِ الماسخة لهذه الذات النائمة.
ولا نخطأ الظن إن اعتقدنا أنّ خيبة الأمل شرطٌ أساسيّ على طريقِ الحجّ للوصول إلى الرضا في كلّ علاقةٍ عاطفيّة. لكن كيف لنا التصالحُ مع خيبات الأمل الناجمة عن هذه القوى التي تتقاذفنا في كلّ الاتجاهات؟

هذا ما يحاولُ الفيلسوف آلان دي بوتون الإجابة عنه في كتابه «دروسُ الحبّ»؛ كتابٌ حكيمٌ ومتبصِّرٌ لجمالية العاطفةِ الإنسانيّة وهشاشتها المُفرطة ورقّتها المُحزنة.
كتابُ دي بوتون أشبه برِثاء، أو لِنقُل تحذيرٌ من الأوهام التي باعنا إيّاها النموذجُ الاستهلاكي للعلاقات العاطفية. رثاءٌ للتجربة الحياتيّة الأهم والأدق؛ ألا وهي: الحبّ.
ويمزج دي بوتون، بجرأته ومقدرته الكتابيّة العظيمة، عدّة أنماطٍ كتابيّة، من المقالة إلى الخيط الروائي الذي يتتبّعُ فيه تطوّر العلاقة بين الشخصيتين الرئيسيتين. وفي كلّ الأحوال، يقدّم دي بوتون رؤيةً متبحّرة للمعضلات التي يواجهها الثنائي تضمّ في جنباتها كلًّا من الفلسفة وعلم النفس؛ مُزيحًا الستار عن إشكاليّات الحب وتعقيداته بصورةٍ شموليّة. وفي الحقيقة، يصلنا على امتدادِ صفحات الكتاب شعورٌ محبَّب ومفاجِئ أنّ دي بوتون قد بنى قصّة الحب هذه لتكون أساسًا متينًا لتأمُّلاته الفلسفيّة؛ أي أنه جعل من الخيال مبرّرًا للواقع. يناقش دي بوتون في كتابه قصّة حبٍّ بسيطة ويدرسها بدءًا من بداياتها الآسرة وحتى خواتيمها، ليقدّم تشريحًا أشبه بالتوثيق لمجمل العلاقات العاطفية وللإنسان الواقعِ دائمًا وأبدًا في الفخّ الذي ينصبهُ بنفسه لنفسه. يقول دي بوتون: «بعد اطّلاعي على الطبيعة البشريّة، أرى أنّنا نسلك سُبُلًا مختلفة لنحمي أنفسنا من الانهيار، ولا بأس في ذلك. وواجبنا هو أن نتوخّى الرِفق مع بعضنا، لأنّنا نعرف في قرارة أنفسنا أن ما نحن إلا كائناتٌ مفرطةُ الضّعف والهشاشة».

● الافتتان؛ «ما الوهلةُ الأولى إلّا خداعٌ للبصيرة»:

يقول الشاعر أدريان ريتش: «العلاقةُ الإنسانية النبيلة؛ تلك التي يحقّ لكائنين بشريين أن يُطلقا عليها لقب {حبّ}؛ هي رحلةٌ شائكةٌ وعنيفةٌ ومرعبة في كثيرٍ من الأحيان لكلا الطرفين. رحلةٌ لتطهير الحقائق التي سيسكبها كلٌّ منهما على مسمَع الآخر وتنقيتها».
لكن كثيرًا ما تُعمينا أوهام الحبّ وتقودنا إلى استنتاجاتٍ خاطئة حيال أنفسنا أو الطرف الآخر أو احتمالية العلاقة ككل. وسيعاني كلُّ من وقع تحت صاعقة الافتتان لسعات خيبةِ الأمل عندما يحلّ الواقع مكان الوهم الذي صنعناه ووقعنا في حبّه؛ فكلُّ محبوبٍ هو أرومةُ وهمٍ في طور التكوّن. لكن إحدى أكثر مُعضلات العاطفة البشرية إثارةً للعَجب هي سعينا رغم معرفتنا بهذا كلّه للوقوع في الحب؛ أو ما نعتقده حبًّا على أية حال!

لكن يُحاجج آلان دي بوتون في كتابه أن الافتتان ليس تشويهًا للمحبوب أو لجدارته بمحبتنا، وإنّما هو فضيلةٌ أساسية لهذا الحب. ويكتب دي بوتون: «الفتنةُ ليست وهمًا. فقد تشير طريقة المحبوب في رفع رأسه إلى شخصيةٍ واثقةٍ بالفعل أو حسّاسة. وقد يتمتّع بالفعل بحسّ الفُكاهة الذي توحي به نظراتُ عينيه والذكاء الذي يرتسم في ابتسامة شفاهه الرقيقة. فغوايةُ الفتنة أكثر غموضًا من ذلك. إذ أنّها تخدعنا وتُنسينا الحقيقة الجوهرية للفطرة الإنسانيّة؛ ألا وهي أنّ الجميع -وليس شريكنا الحاليّ الذي أضحينا خبراءً في توقّع سقطاته العديدة فحسب- يتمتعون بطبيعةٍ مُغيظةٍ وراسخة ستُفصِح عن نفسها عندما نقضي ما يكفي من الوقت برفقتهم. وستكون خصلةً كريهةً إلى الدرجة التي سنسخر عندها من نشوتنا وطربنا في بداءة العلاقة. فالوحيدون الذين ما زالوا طيّبين هم أولئك الذين لم نعرفهم بعد على صعيدٍ أعمق وبصورةٍ أفضل. العلاج الشافي للحب هو أن نعرف المحبوب!».

إعلان

على الرغم أنّ دي بوتون يبدو تهكّميًّا بعض الشيئ في تصريحه آنفِ الذّكر، فهو يطرح سؤالًا لا مفرّ منه حول مدى تأثير أن يكون المرء على طبيعته في رغبة الآخرين به. فبالنسبة للغريب المُشتهى، تغدو الشذوذات التي نشهدها نزواتٍ مُثيرةً وساحرة، أمّا بالنسبة لشريكنا على أرض الواقع، تصبح عيوبًا تثير حذرنا وخوفنا.
وعلى ضوء هذا الاستنتاج، لا يوجد إذن ما يُدعى “علاجًا شافيًا” للحب. لكن بإمكاننا حماية قلبنا وتحصينه ضدّ خيبات الأمل المُتعاقبة التي قد تُنزل الكوارث بعلاقاتنا الحميمية؛ ألا وهي: التسليم عن طيب خاطر بنقائصِ الشريك ومثالبه، والاستسلام للخذلان المستمر حتّى من شريكٍ يعاملنا بطيبةٍ وصفاء نيّة. هذا الرضى هو لقاحٌ يحقن جرعةً صغيرةً من الألم ليعوّدنا لاحقًا التصدّي له وتحمُّل جرعاتٍ أكبر منه. فما يجعل الافتتان مُسكِرًا هو بالضبط الخيبة التي تليه. وما يجعل الحبّ أشبه بمكافأةٍ وهديّةٍ غالية هو اكتشافنا لتخوم قارّة “الآخر” مع كلّ خيبة أمل. وكأنّنا نحتفي مع كلّ انكسار بوهمنا التافه عن محبوبنا «إلهنا الصغير الذي صنعناه وعبدناه وحطّمناه وتحطمنا معه». ويزداد مع تتالي الانكسارات وعينا بهذا الكائن البشري عديد الوجوه والأبعاد الذي تجاوز فكرتنا الطفولية السابقة عن مفهوم الإله: «فالأوهام، حتّى الأوهام، جميلةٌ حين تُقبلُ علينا من تلقائها»

● ما بعد الافتتان؛ «امسَحِ الغبش عن عينيّ لأنّي إن رأيت نجوت»:

يناقش دي بوتون في تأمّلاته إحدى أشيع الظواهر وأكثرها أثارةً للحيرة بين الأحباء، وهي: «النَكَد». ويكتب: «يقبعُ في قاعِ هذه الظاهرة خليطٌ من غضبٍ محتدم ورغبةٍ عارمة في إخفاء السبب الذي أثار هذا الغضب. يحتاج الطرف “النَكِد” باستماتة من الشريك أن يتفهّم وضعه على الرغم من إصراره على عدم إظهار أيّة بادرةٍ أو التعبير عن ما يزعجه. إذ تشكِّل الحاجة إلى التفسير جوهر الإهانة. أي، إن اقتضى الشريك تقديم التفسيرات فهو غير جديرٍ بالحب الممنوح له. وعلينا التنويه إلى وجوب شعورنا بالبهجة كوننا الطرف الذي يتلقّى “النَكَد”، إذ يعني ذلك أنّ الطرف الآخر يحترمنا ويثق بنا بما فيه الكفاية للاعتقاد أنّنا يجب أن نتفهّم ألمه الصامت. إنّ هذه إحدى أُعطياتِ الحبّ الأغرب على الإطلاق».

ووفقًا لدي بوتون، ينبع النَكَد من تفكيرٍ طفوليٍّ محبَّب إلّا أنّه ضارٌّ في تأثيراته، وهو أن بإمكان المستحيل أن يغدو مُتاحًا: «تستدعي هذه الظاهرة صورًا جميلة، إلّا أنّها خطيرةٌ في مثاليتها المفرطة، من طفولتنا الباكرة؛ ألا وهي الوعد الخفي بتوافقٍ دونما الحاجة إلى الكلام. إذ لم نكن بحاجة إلى التفسير ونحن في رحم الأم. كانت كلّ مطالبنا مُستجابَة في كَنَفٍ مريحٍ ودافئ، واستمرّ هذا النعيم المثالي خلال سنيّ طفولتنا، فقد تكفّل “عمالقةٌ لطفاء” بتخمين احتياجاتنا وتأمينها. لقد رأوا ما خلف دموعنا ولعثمتنا وحيرتنا، وتوصّلوا إلى تفسيراتٍ لاضطراباتنا الأعمق التي ما كنّا قادرين على إيجاد كلماتٍ تصفها. ولهذا، وحتى بالنسبة لأكثرنا فصاحةً، نفضّل في علاقاتنا بصورةٍ فطريّة عدم الإفصاح عندما يفهمنا الشريك بشكلٍ خاطئ، ونعتقدُ أنّ الفهم الصامت الدقيق لمشاعرنا هو العلامة الوحيدة على أنّ الشريك موضع ثقة».


فالنَكَد هو حيلةٌ تقهقرية طفولية نلجأ إليها لنُخبر الطرف الآخر برسالةٍ مفادها: «من الداخل ما أزال طفلًا، والآن أنا بحاجتك وأريدك أن تكون أمّي التي تَحزر مكمن ألمي وجرحي بالطريقة نفسها التي خمّنت فيها أمّي سبب مرضي عندما كنت لا أزال رضيعًا؛ هناك حيث تشكّلت فكرتي الأوليّة عن ماهية الحب. ونقدّم لشريكنا العابسِ المستاء معروفًا عظيمًا عندما نقدر على أخذ نوبات غضبه بالحنان والرأفة التي قد نأخذ بها نوبات هياج طفلٍ رضيع. نعم من المهين أن نكون أطفالًا في نظر الشريك، لكن كم هي هبةٌ عظيمة أن نحظى بشخصٍ يرى ما خلف ذاتنا الناضجة وينظر إلى طفلنا الداخلي الخائف ويغفر له غضبه وحيرته وخيبته».

وبعد نصف قرن من مقولة آيريس مردوك في مواساة صديقتها كسيرة القلب: «عذابُ وجود الحب أفضل من عذاب غيابه، حتّى إن كان وجوده مؤلمًا للغاية»؛ يقول دي بوتون حول العلاقة التفاعلية بين السكينة والعتب :«إن أكثر الافتراضات سطحيّةً وفجاجةً وإثارةً للأسف عن الحب هي أنّ المحبوب الذي نذرنا ذواتنا على مذبحه ليس فقط محور وجودنا وإنما مسؤولٌ أيضًا -بصورة تشييئيّة واستبدادية- عن كلّ ما يحدث لنا، سارًّا كان أم ضارًّا. وفي عمق هذا الافتراض تكمُن هديّة الحب العجيبة». ويتابع دي بوتون إبّان نهاية الكتاب في استعراض النتائج الإشكالية لهذه الهبة بقوله: «يأتي النضج عندما نقدرُ، دونما مقاومة أو دفاع، على رؤية مقدار ما نحمله من جنون والاعتراف به. إن لم نشعر بالحرج على الدوام من كينونتنا، فرحلتنا إلى فهم ذواتنا لم تبدأ بعد»

● الفراق؛ «ما أحببتُ شيئًا إلّا أماتني وأحياني طيفًا ثم صار غريبي»

غنّت نينا سيمون عام 1969: «على امتداد سماءِ الفجر أرى الطيور المهاجرة. كيف لها أن تدركَ أوانَ الرحيل؟!». قد تُرعِبنا فكرةُ موتِ المحبوب وتُرعِبنا أكثر فكرة تخطّي موته، إذ تبدو الحياة من بعده مُستغلِقةً ومُبهَمة في بادئ الأمر، إلّا أنّها واجبٌ حتميّ على كلٌّ منّا. لكن هناك ضربٌ من الحزن يولد من خسارةٍ غامضةٍ وأكثر اتّساعًا من مجرد موت الحبيب؛ خسارةٌ أشبه بفكرةِ الخوض في مُستنقعٍ وعرٍ ومضلِّل، ألا وهي دوّامة الحسرة الناجمة عن حبّ إنسان لما يمتلكه من خصالٍ طيّبة، أي الوقوع في حبّ قناعهِ المثالي ومن ثمَّ رؤيته يتنصّل من هذا القناع، أو الناجمة عن إدراك عجزه عن اللحاق بصورة “الإله الكامل” الذي خلقناه من مجرّد إنسانٍ بسيط.
هذا الانسلاخ الذي قد يحدث بصورةٍ مؤذية والذي نقدّم لأنفسنا الأعذار مرارًا وتكرارًا لكي لا نُقدِم عليه نتيجة اعتذارات الطرف الآخر واستغفاراته ووعوده. أو ربّما ينبع غفراننا من فكرةٍ نبيلة في أنّ الروح الأعظم هي الروح الغفورة، وهي فكرةٌ مغلوطةٌ عن مفهوم الغفران. الارتحال عن هكذا علاقات هو أحد أكثر مآثرِ الحياة صعوبةً وغَلَبة، ويعود ذلك بدرجةٍ كبيرة إلى أنّنا في الأصل ندخل هذه العلاقات ونبقى رازحين تحت نِيرها لأسباب تتجاوز الشريك أو ظرف العلاقة؛ أسبابٍ تعود إلى طفولتنا الأولى وتعلُّقنا الطفولي بمن حولنا بصورةٍ تُبنَى على أساسٍ يكتنفه تفاؤلٌ أزليّ ناجمٌ عن براءةِ الطفل واستراتيجيّته في النجاة العائدة إلى عجزه أمام تلقّي الرعاية من كيانٍ يفوقه بَأسًا، مهما كان هذا الكيان مؤذيًا. وقد استعرضت ماري مكارثي مفهومها عن التفاؤل في سؤالها لصديقتها الفيلسوفة حنّا آرندت: «بماذا يفيدنا الوقوع في الحبّ، إن كان كلٌّ منا سيبقى على ما كان عليه قبل الوقوع في بئره». وتجيبها آرندت محذِّرةً إيّاها من مخاطرِ التفاؤل التي تجعلنا أسرى علاقاتٍ مؤذية بجملةٍ اقتبَسَتها من صديقها الشاعر دبليو. إتش أودِن: «إنّ للقلبِ مفاتيحًا ملتوية»؛ أودن الذي عانى الإشكاليّة ذاتها مُتأرجحًا بين توقه إلى الحبّ وبصيرته الجليّة في قدرة الفتنة على دسِّ السمّ في العسل!

وهذا ما يركّز عليه دو بوتون، إضافةً إلى طرحه آليّاتٍ للتحرّر من هذه العلاقات بطريقةٍ ناضجة: «ينبع إحجامنا عن هجر من يجرحنا من إيماننا بقدرة البشر على التغيّر، وتضرب هذه المفارقة أساساتِ الفطرة البشرية بعرض الحائط، لأنّ عقودًا من البحث والدراسة في علم النفس قد أثبتت فكرةً واحدة: تستند كينونتنا الماضية والحالية على ماهيّة الشخص الذي اخترناه لنغدق عليه عواطفنا. وما مراهنتنا على احتمالية تغيّر الشريك إلا ضربٌ من الإيمان بالغيبيات؛ وهو إيمانٌ خطير لأنّ التفاؤل غالبًا ما يتحوّل إلى تعامٍ انتقائي. طبعًا دون ذكر الاحتمالية الأخرى في أن ينقلب الشريك إلى الأسوء مع الوقت جرّاء الصدمات المكبوتة التي تجرف معها خِصاله الطيبة، كمدمنٍ يلجأ إلى المخدّر ليداوي تعاسته ويدخل عندها بحلقةٍ مفرغةٍ من إدمانٍ وتعاسة إلى أن يفنى جسده جرّاء كليهما».

لربّما كانت حنّا آرندت أفضل من وصّف هذه المعضلة العظيمة والحسرة النابعة من علاقاتٍ مع أشخاصٍ في طور النقاهة على الصعيد النفسي وتفاؤلنا الأعمى في قدرة حبّنا على إنقاذهم من جحيمهم وضياعهم، إذ تقول: «لا تتوقّع من أيٍّ كان أن يصبَّ عليك قسوةً أقل من تلك التي يصبُّها على ذاته».


قد يعجبك: تفكيك الحب: هل نحب الشخص لذاته أم لصفاته؟

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: سِوار قوجه

تدقيق لغوي: بيسان صلاح

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا