التَّحليلُ النَّفسيّ لِعُصابِ الوَسْوَاس القهْريّ 

إنَّ تَزايد شِدة المَطالب الغَريزية يَكون نَتِيجة إرغام الفَرد على مُضاعفةِ جُهودهِ للسيطرة على دوافعهِ الغريزية إلى حَدِ إحداث تَشويهٍ مَرضيّ في البُنية النَفسية.

فرويد بصفته عالمًا إبستيمولوجيًا لم يُوَجه الإنسان بهدفِ مواساتهِ إلى مخرجٍ مريح أو ملجأ في فردوسٍ أرضي، لكن دائمًا وفقط إلى الطريقِ الذيّ يؤدي بهِ إلى معرفةِ الذات وفهم الاضطراب ووعيهِ. وهو المسار الوَعر الذي يُوصل إلى أعمقِ أعماقِ الأنا. لا تَعرفُ بصيرته التَساهُل، بّدد دخوله في جوٍ خانقٍ الكثير من الضباب الذهبي وسحبَّ المشاعر الوردية في تنقيبهِ عن منشأ جُلَّ الأعصبة النفسية. لقد كان يعزو على الدوام إلى مراحل الحياة التيّ تحدثُ فيها اندفاعات الليبيدو أهمية قصوى فيما يتصل بالدراسة التحليلية، فالرغبات والتخيلات والسيرورات الغريزية التي لا تستلفتُ النظر في مراحل أخرى من الحياة أو تبقى لا شعورية تنبجسُ آنئذ في الشعور جراء تزايد توظيفها، فتتخطى العوائق التيّ يَنصبها الكبت في طريقها وتغدو مُتاحة لتشق طريقها في النور متجسدة بسلوكياتٍ مُتنوعة.

دَرَس فرويد مَناهج الباثولوجيا النفسية المُتَعددة في زمنهِ، واستخدم النموذجُ الإكلينيكي للبحثِ القائم على دراسةِ حالةٍ واحدة كيفية، وهوَّ النموذج الذي تمكن مِن خلالهِ مِن إنشاء نظريات لعٌصابِ الوَسْوَاس القهْريّ  (بناء على فهمهِ لحالة بول لورينز)، وعقدة الاضطهاد (بناء على حالة شريبر)، والهستيريا( بناء على حالة آنا أو). مِنَ المُمكن تحديد طريقة فهم دراسات الحالة الخاصة بفرويد عبر دراسةٍ مُتَزامنةٍ للبنية والتاريخ. في دراسة الحالة الواحدة، يكون الهدف هو فهم آلية عمل البُنيَة الوظيفية. وفي كل حالة لا يُمكن فصل المنهج البنيوي عن المنهج التطويري. وبذلك وضعَ فرويد فرضيات حول المراحل المتعاقبة التيّ أدت إلى ظهورِ البنية. أنشأ فروید «عائلة من الحالات» أدت إلى تكوين نماذج لمناهجِ الباثولوجيا النفسية. وقد كان البحث الإكلينيكي هو ما أتاحَ لفرويد إنشاء نماذج نظرية. 

النَّواةُ البَدَائِيَّةُ لِنَشأة العُصابِ القهريّ 

أشار سيغموند فرويد لأول مرة إلى عُصاب الوَسْوَاس القهْريّ  بمُصطلح “zwangsneurose” أو “عُصاب القلق” في عام 1895.

اختيار فرويد لهذا المُصطلح هو الذي أدى إلى المصطلح المُتداول الذيّ نستخدمهُ اليوم: حيث تُرجم  في المملكة المتحدة «عصاب الوسواس» بينما تمت ترجمتهُ في الولايات المتحدة «عصاب قهري». في النهاية تمَّ الاصطلاح عليه «اضطراب الوسواس القهري» نتيجة لذلك.

أعتمد فرويد بالأساس في تفسيرهِ لمنشأ عُصاب الوَسْوَاس القهْريّ  وبيانِ سماتهِ العقلية على مصادرهِ الغريزية. تتمثلُ حُجَة فرويد فيما يخص منشأ ظهور الوسواس، في وجودِ انسحابٍ للعاطفة من أسباب الصراع الأصلي الذي يُنظر إليه بأنه خارجٌ عن السيطرة، وتحويل هذا الصراع إلى شيء يُمكن التحكم فيهِ. والصراع النفسي يُعَرف على أنه تَعارض بين الشهوات الغريزية والبُنية النفسية الداخلية للفرد. 

إعلان

يُفسر فرويد الصراع الأصلي على أنه صراع داخلي لاواعي بين الأنا والأنا العليا، أو بين الدوافع العدوانية والجنسية الناشئة من الهُوَّ مع الأنا والتيّ تَظهر أعراضها كهواجسٍ تُمثل عقاب من قِبل الأنا العليا، وفقًا لفرويد، يقوم الفرد المصاب بِعُصاب الوسواس القهري بقمع الميول العدوانية التي تظهر من خلال سلوكيات غير مُسيطر عليها تُحاول التَكيف، في حين أنَّ الفرد الذي يُنظر إليه على أنه «سويّ» يتعامل مع هذهِ الميول بطريقة أكثر إيجابية.

إنَّ المَطالب الجنسية المُستهجنة هي أولُ شيءٍ يتناولهُ الكبت.

-فرويد

وأنَّ للكبت صلة مباشرة بالوَسْوَاس القهْريّ ، حيث تتجلى عودة المكبوت بفكرة “إجبار التكرار” أو الاجترار الذهني القهريّ. يصطنع العُصابي الوسواسي لنفسه جراء ذلك، أشباعًا بديلًا من طرازٍ نكوصي عوضًا عن المُتع المحظورة، وهذهِ تُمثل تسويات أو حلولًا توفيقية تتحقُ فيها مطالب الهُوَّ الغريزية. وهكذا يغدو الكبت أساسًا لتكوين ونشوء الأعصبة النفسية حين يتلبسُ شكلًا بالغ الحدة.

ويستفيد فرويد من نظرياتهِ الخاصة بالجنسانية وعن دَور الدوافع الجنسية، في تبيان ذلك. وتُعتبر السادية والازدواجية الجنسية أدواتٍ نظرية تُستخدَم لفهم العُدوانية في حالات الاضطرابات الوسواسية، حيث يَكُن المُصاب بهِ الحبُّ والكره للموضوعِ ذاتهِ في آن واحد؛ مثالًا.

في حالةِ الرجل العُصابي الوسواسي التيّ نَشر فرويد تاريخ تحليلها عام ١٩٠٩، كانت أحدى تجسيدات عذاباتهِ الذهنية هو سيرورة تخيلاته بأنه يجزَّ عنقهُ أو يقتل شخص مقرب منه، لكنهُ كان يدافعُ عن نفسه ضدَّ أفكاره؛ وذلك من خلال تناقضهُ الحاصل في خوفهِ الفظيع من أن يّحدث مكروه لوالده أو حبيبته.

في عودتنا إلى تاريخ نشأة الأسباب يُنظَر إلى الغرائز الجنسية، وخاصةً غريزتَي شبق النظر والفضول الطفلي، كقُوىً دافعة تقفُ خلف صراعات المُصاب بالوسواس. في كتابهِ «ثلاثة مقالات في نظرية الجنسية» أشارَّ فرويد إلى أنَّ شهوة التلصص هي التيّ تولد الطاقة لدافع المعرفة، الذي يضرب بجذورهِ في الجنسانية الطفلية، بما تنطوي عليه من الحاجة إلى السيطرة، والحاجة إلى الفهم. كما يَربطُ فرويد بين الشبق الشرجي وبين اضطراب الوَسْوَاس القهْريّ ، حيثَّ يتجلى في الإيذاء السادي ومحاولات قتلِ الموضوع، لكنه يكبتُ الرغبات السادية/الشرجية، من جراءِ نكوصِ حياته الجنسية، ويغضُ النظر عن الإشباعاتِ الفموية حين لا تكون مرتبطة ارتباطًا مباشرًا ببؤرةِ عصابه. حيث تُشير بعض الدراسات التحليلية بأن الوسواس ينبلجُ بدايةً من صدمةِ خوف العقاب في المرحلة الشرجية؛ بمعنى التهديد بالعقاب التربصي، يتحول عبر الرهاب من الخصاء إلى اندفاعاتٍ قهرية لموضوعاتٍ خارجية تتمثل عادةً في هوس النظافة أو فرط البحث عن الانضباط والمثالية. 

غير أن فرويد يبدأ بانتقادِ رؤاه الخاصة السابقة عن الوسواس باعتبارهِ مصطلحًا شاملًا أكثر من اللازم؛ ففي عام 1896، كان قد ربط رؤاهُ تلك بالكبت والنشاط الجنسي في الطفولة، لكنه راجعها في ضوء تباين الحالات النفسية التيّ يمكن جمعها معًا في إطار التفكير الوسواسي؛ فأي شيء تقريبًا قد يستعان به ليناسب أجندة المصاب بالوسواس. وفي ذلك يعلق فرويد على الطبيعة الهجينة الشبيهة بالهذيان للمعارضة العقلية التي تصاحب الوسواس؛ فالمريض في صراعه مع الأفكار الوسواسية يقبل ويرفض جوانب التفكير المضطرب على حدٍ سواء، مما يؤدي إلى صراعٍ وتردد مزمنين. تكشفُ أناه عن تشكيل ارتجاعي ضدَّ الوجدان وهو يشابه النكوص الذهني من الفعل إلى الفكر، وهذا هو الطابع الوسواسي لسلوك المصاب حيالّ الغريزة.

سِمَات العُصاب القهريّ وصَيْرورة الشَك

يُعرف فرويد «الواقعي» بأنه ذلك الشطر من المَجهول الذي يَنداحُ على أفقِ المعرفة التيّ يَقومُ عليها الواقع. وبالتالي، أنَّ هذا التعريف للواقعي هو ما يَجب أن يكون حاضرًا في الذهن، كي نفهم جيدًا ما يقوله لنا فرويد بصددِ الحديث عن أوهام العُصابي.

يُعانيّ الفرد المُصاب بعُصابِ الوَسْوَاس القهْريّ من اِجترارات ذهنية مَرضية (وساوس) يحاول الحد منها بإنجازِ طقوسٍ مُعقدة وأفعالٍ قهرية يَنقضُ بعضها بَعضًا، وذلك للحد من القلق المفرط الذي تُسببهُ هذهِ الاجترارات. وكذلك لعقد تسوية مع تطرف رغبات الهُوَّ كما ذكرنا سابقًا.

 والدوافع القهرية تُتَرجم إلى سلوكيات تُستخدم لتهدئة الأفكار الوسواسية. حيث تتفعل الأفكار الوسواسية من خلال مُحفزات ناتجة عن هوسٍ أو خوفٍ مباشر أو من خلال مُحفزاتٍ حسية معينة. وبالتالي، يتسبب التحفيز الحسي للوسواس في أن يبحث العُصابي عن شيءٍ يبدو أو يشعر بأنه منتظم وجيد بدلاً من تقليص هذا الخوف بشكلٍ المباشر.

أنَّ من خصائص الوَسْوَاس القهْريّ  سوء الفهم، والتحريف، وتشويه اللغة والأفكار، ويكتنفها وسائل خداع النفس و«النسيان» (أي إغفال الأفكار من أجل تجنُّبِ إدراكِ وجودِ صراع، أو «أخطاء الذاكرة» كما أطلق عليها فرويد) وكذلك يتجلى ذلك عن طريق تقطيع علاقات السببية -الروابط العقلية- وهذا التقطيع هو نفسه نتيجة لسحبِ الوجدان عن العالم الخارجي وإسقاطِ المكبوت بشكلٍ محسوسٍ على الواقع الخارجي لينتصب هناك شاهدًا على ما تمَّ استبعاده في الحياة النفسية. وأنَّ الأنا عند العُصابي الوسواسي تتبنى، في تشكيل أعراضه، أسلوب الدفاع بطريقة العزل. حيثَّ يفصل المصاب المحفزات الغريزية عن سياقها مع استبقائِها في الشعور. لهذا تتلبس المقاومة لدى العصابي الوسواسي بدورها شكلًا مُباينًا. فهو لا يلزمُ الصمت حتى في حال المقاومة، بل يتكلم وإنما بعد قطعهِ كل ترابط بين أفكاره، ويعزل، وهو يتكلم، تمثلاته عنْ وجداناتهِ، بحيث تظهر تداعياته وكأنها عديمة المعنى. 

وتُعتبر الشكوك المُزمنة حاجة نفسية يشتركُ فيها المصابين بعُصاب الوَسْوَاس القهْريّ ، أي الحاجة إلى اللا يقين في الحياة، فاستحداث اللا يقين هو واحد من الأساليب التي يصطنعها العُصاب ليسحب المرء من الواقع ويعزلهُ عن العالم الخارجي في مسرح الحياة النفسية، لذلك يسعى المُصاب بهِ إلى تحاشي اليقين والبقاء في الشك حين يتزايد الخطر الغريزي.

العُصاب القهريّ والتَحَول البَدنيّ الهستيري 

رغم أن فرويد يُوضح كيف أن الروابط في الاضطرابات العُصابية الوسواسية تكون أكثرَ سهولةً في الوصول إليها من خلال إدراك المريض الواعي للأعراض وما يربطه بها. يُبين في الآن ذاته أن العُصاب الوسواسي أعصى على الفهم بكثير من حالة هستيريا مثلًا. رغم أن الوسائل التيّ يستخدمها العصاب الوسواسي للإفصاح عن أفكارهِ الخفية الدفينة، أيّ لغة هذا العصاب، ما هي ، إلا لهجة من لهجات اللغة الهستيرية، بل هي لهجة كان يفترض بنا أن ننفذ إلى سرها بقدر أكبر من اليسر والسهولة، نظرًا إلى أنها أوثق صلة من لغة الهستيريا بالأشكال التعبيرية لفكرنا الشعوري. حيث لغة الوساوس براء، في المقام الأول، من تلك القفزة من ما هو نفسي إلى التعصيب البدني- التحول الهستيري – التي يتعذر على مَلَكةِ الفهم عندنا أن تستوعب أمرها استيعابًا كاملًا.

حَيثُّ أنَّ العنصر المميز للاضطرابات النفسية الجسمية هو إنها قلما تكون لها دلالة رمزية كبديلٍ مباشر لرغبة سطحية مكبوتة مثلما هو الحال في الهستيريا، وإنما هي تعبير انفعالي مُزمن وبدائي عن رغباتٍ عميقة، فالاضطرابات النفسية الجسمية من الناحية النشوئية الدينامية إنما هي أقرب إلى حالات الذهان منها إلى العُصاب بقدرِ ما هي تعبير عن صراع على مستوى مبكر. إنَّ المصابين بأشكال خطيرة من العصاب الوسواسي يقبلون على التحليل أقل بكثير من إقبال مرضى الهستيريا عليه. وهم يخفون حالتهم عمن حولهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ولا يفوضون أمرهم إلى الطبيب إلا متى ما بلغَ بهم العصاب طورًا، بحيث لو قارناه بالسل الرئوي لامتنع المعالج عن استقبالهم. ويقول فرويد بأنه يعقد هذهِ المقارنة لأننا نستطيع في حالات العصاب الوسواسي، الطفيفة منها أو الخطيرة على حدٍ سواء، إذا ما عالجناها في الوقت المناسب، أن نتوصل، كما هو الحال في ذلك المرض المعدي المزمن، إلى جملة من نتائج علاجية باهرة.

ديناميِات العلاج التَحليليّ

يركزُ العلاج في التحليل النفسي على تجارب الطفولة المبكرة، وبنية الشخصية، وتأثيرات اللا وعي من خلال تحليل الخبرات السابقة وروابط الأحلام للفرد. تملي النظرية السيكوديناميكية أن الخبرة السابقة تشكل السلوك الفردي. حيث يصاب المرء باضطرابات مثل الوَسْوَاس القهْريّ بسبب تجربة لبيدية في الماضي، والتعلم والاعتراف والتعامل مع التجارب التيّ كونت هذهِ السلوكيات تساعد الفرد في العثور على طريقٍ لكسر الحلقة غير المرغوب فيها من الاجترارات الذهنية.

إن الأسباب المعجلة بظهور المرض تخضع لفقدان الذاكرة على نحوٍ لا يقل عن تجارب الطفولة التي عن طريقها تستطيع تلك الأسباب أن تحول طاقتها «العاطفية إلى أعراض. 

-سيغموند فرويد، ١٩٠٩.

يحصل فقدان الذاكرة نتيجة للكبت، ولا تظهر الاضطرابات العصابية الوسواسية التآكل أو فقدان التأثير نفسه على الوعي. ورغم أن قدرًا من فقدان الذاكرة ربما يحجب الشرط الطفولي المسبق للمرض، فإن الأسباب المعجلة بظهور المرض والظروف المحيطة بها تظل محفورة في الذاكرة؛ فيتذكر المريض شيئًا عن بداية ورحلة المرض من خلال تقنية التداعي الحُر، وعن طريق إعادة سرد مرات لومه لذاته، قد يتيح ذلك معرفة الأصول اللا واعية لمشكلاته. يعتبر مبدأ وجود علاقة بين محتوی ظاهر وآخر مستتر مبدأ أساسيًا للتحليل النفسي، لكن فرويد يوضح هنا كيف أن الروابط في الاضطرابات العصابية الوسواسية تكون أكثر سهولة في الوصول إليها وذلك من خلال إدراك المريض الواعي للأعراض وما يربطهُ بها.

نرشح لك: سيجموند فرويد تفسير الأحلام والأنا العليا ومجموعة من أبرز أفكاره

المصادر: 
1. التحليل النفسي للعصاب الوسواسي/ سيغموند فرويد.
٢. فرويد، قراءة عصرية/ تحرير: روزين بيرلبرج/ مؤسسة هنداوي.
٣. التحليل النفسي علمًا وعلاجًا وقضية/ مصطفى صفوان.
٤. ثلاث مقالات في نظرية الجنسية/ سيغموند فرويد.
٥. الأنا واواليات الدفاع النفسي/ آنا فرويد.
٦. سيغموند فرويد، العلاج بالروح/ ستيفان زفايغ.  
٧. https://jlo62581.wordpress.com/tag/freud-and-ocd/
٨. https://www.verywellmind.com/causes-of-ocd-2510476
٩. https://www.brainsway.com/knowledge-center/history-of-ocd/
١٠. https://psycnet.apa.org/record/2017-43726-007
١١. https://med.stanford.edu/ocd/treatment/history.html
١٢. الاضطرابات النفسية في الأطفال ج2/ محمد شعلان، ١٩٧٩.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: فرح علي

تدقيق لغوي: رنا داود

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا