فيما يتعلق بأهمية المشي وفائدته التي تعود على الإنسان: قائمة القراءة (مترجم)

كاثرين توصي ب سولنت وسترايد وينبان ومور

عندما أشعر بالرغبة في الكتابة، أخرج للمشي أولاً، إذ يبدو لي أنَّ الأمرين مرتبطان ببعضهما ارتباطا وثيقا: فملامسة القدمين للأرض الصلبة يدفعني لكتابة الكلمات التي كنت مترددة بشأنها، وهنا لا أقصد أن عقلي يصبح أكثر نشاطا بل أكثر هدوءًا، فأبدأ بالكشف عن الأفكار الثاقبة التي تخفيها الضوضاء اليومية التي تشغلني والتي تدور في رأسي عادةً.

إن التريض قادر على أن يؤدي لاكتشافات شخصية عظيمة، منها على سبيل المثال، كما أوردت في كتابي “الطاقة الكهربائية في كل الكائنات الحية”، فقد أتاح لي التريض في مسار الساحل الجنوبي الغربي لإنجلترا الفرصة للكشف عن عقود من الخبرة المتشابكة، ولإدراكي أخيرا أنني مصابة بمرض التوحد. ولا أعتقد أنه اكتشاف كان من الممكن أن أقوم به من خلال أي طريق آخر، فقد كنت بحاجة لأن أشعر بالإرهاق الجسدي لكي يكشف لي الطريق عنوة ليجعلني أكثر إدراكا واستعدادا لتكوين معرفة جديدة.

إليك التأثير الذي يحدثه المشي:

يساعد المشي على فتح القنوات بين العقل والجسد، وليس غريبا إذن أن تتحدث العديد من الكتب في هذه القائمة عن شكل من أشكال التغيير، سواء أكان ذلك يتعلق بمعالجة أحداث الحياة الكبرى، أو التعامل مع الصدمات والأزمات، أو قبول الأوضاع الجديدة في الحياة، لكن هذه الكتب توضح أيضًا كيف نندمج مع المسارات التي نختارها، فالتريض يمثل تحديا لعالم يهرول بشكل لا متناهي في عجلة من أمره، فتقوم هذه الكتب بدعوتنا للسير في الطريق البطيء.

السوداوية لجاي جريفيث (دار نشر كونتربوينت)

تسلط الكتابة النثرية الجميلة لجاي جريفيث الضوء على التجربة “السوداوية” – وهو مصطلح تاريخي تفضل جريفت إطلاقه على نوبة مرض ثنائي القطب، حيث يتم تصوير الهوس هنا على أنه نوع من الإبداع المتصاعد الذي كان أكبر من أن تتحمله، لكن الشفاء يأتي من خلال رحلة إلى كامينو دي سانتياغو، حيث تجد فيها نوعًا مختلفًا من القدرة على التحمل وكذلك عن لطف الغرباء، وعندما قراءة الكتاب، شعرت أنني فهمت للمرة الأولى أنه يمكننا تكريم نفوسنا صعبة المراس، التي لا هوادة فيها، وأن العمل الشاق أمر ضروري لإتمام هذه العملية.

شيريل شارد، وايلد (عتيق)

لعل هذا الكتاب أشهر المذكرات التي تتحدث عن التريض، وهل المذكرات التي التفتُ إليها عندما كنت أتساءل كيف أكتب كتاب “الطاقة الكهربائية في كل الكائنات الحية”، وأشعر بانبهار شديد بأسلوب شيريل شارد البسيط والأنيق، والذي يجسد بشكل مثالي المناظر الطبيعية الفسيحة والوعرة لدرب باسيفيك كريست، فيسمح لنا هذا بالتوجه المباشر للمشي عبر بعض المناظر الطبيعية المؤثرة التي لا هوادة فيها، بينما تتحرى الكاتبة عن تبعات وفاة والدتها.

إعلان

سيلفيا تاونسند وارنر، لولي ويلوز (منشورات دوفر)

أعتقد أن هذه الرواية يجب أن توزع على كل امرأة تقترب من منتصف العمر، بطلتها لورا ويلوز، يبدو أن سيلفيا تاونسند وارنر تجيب على سؤال حول كيفية العثور على حياة جيدة بعد انتهاء مرحلة الشباب، كانت إجابة لورا هي التخلي عن مسؤولياتها العائلية والبحث عن العزلة (والسحر) في تلال تشيلتيرن؛ وللعثور على مكانها الجديد في العالم، تمشي وتؤكد على أحقيتها في أن تكون وحيدة بلا خوف ودون رجال ممن يحتاجون دائمًا الى الاهتمام بهم والإصغاء إليهم، كما أنها تقول: “هذا النوع من الأشياء تستقر وتلتصق بالأشخاص مثل الغبار الناعم”، ويتوجب أن تكون على قيد الحياة لتحيا حياة كاملة داخل مناظرها الطبيعية، وأن تكون على معرفة وتقوم بتسمية النباتات والحيوانات التي تعيش فيها، ليبدو أنها تتخلص من هذا الغبار.

فرجينيا وولف، “Street Haunting” (مطبعة سيموندس)

“الصيد في الشوارع من أعظم مغامرات فصل الشتاء”، صدر المقال الذي شرعت فيه فيرجينيا وولف في نزهة لشراء قلم رصاص عام 1930، وأخذت تتأمل على طول الطريق في “أعظم متعة في حياة المدينة في الشتاء وهي التجول في شوارع لندن.” في المدينة تجد سحرًا وتفاصيل لا نهاية لها، وتلاحظ أشخاصًا لا حصر لهم، كما تقول العبارة الشائعة، بأن البشرية كلها هنا، لكن الدعوة الحقيقية لهذه المقطوعة هي أن تسكن عقل المؤلفة طريقة إسقاطها للأشياء على جميع الأشخاص الذين مروا بحياتها، والطريقة التي تبني بها معانيها الخاصة من كل شيء كما ترى هي من منظورها.

فلان أوبراين، الشرطي الثالث (دالكي)

اخترت مقتطفًا من “الشرطي الثالث” ليكون بمثابة نقش لكتاب “الطاقة الكهربائية في كل شيء حي” وهو: “المشي لمسافات طويلة وبسرعة كبيرة جدًا ليس آمنًا على الإطلاق، ستتصدع قدميك باستمرار على الطريق الذي سيجعل كمية معينة منه تصطدم بك”.

على الرغم من أن معظم شخصياتها من هواة ركوب الدراجات، إلا أنها رواية تجول بالحيرة وتمجيد لإمكانيات فكر غريب الأطوار، وبالتالي استحوذت على جزء كبير من كتابي، ففي الواقع السريالي للقصة كان من المعقول تمامًا أن المشاة قد يمتص القليل من الطريق وأن الناس قد يمتصون المناظر الطبيعية الخاصة بهم.

أنيتا سيثي، أنا أنتمي إلى هنا (بلومزبري وايلد لايف)

 “ما المقصود بالانتماء؟” هكذا تساءلت أنيتا سيثي بعد الهجوم العنصري الذي طلب منها “العودة من حيث أتت”، فتؤكد سيثي على أحقيتها بأن تكون امرأة بنية اللون في وسط المناظر الطبيعة الإنجليزية الشمالية، وبأن تستكشف الإحساس العميق بالانتماء الذي تشعر به هناك، وتمحص سيثي النظر في مساحات البينيز أثناء تريضها، لتتأمل صدمة كونها ساكنًا غير معترف أو مرحب به في المكان الذي تحبه، وكم يتطلب الأمر من مثابرة وإصرار لتثبيت جذورها هناك.

بروس شاتوين، سونج لاينز (كلاسيكيات دار بنجوين)

تساءلت عما إذا كنت سأضع كتاب بروس شاتوين في “الطاقة الكهربائية في كل شيء حي”، وبالتحديد في هذه القائمة؛ لإنه يبدو دائمًا مهووسا بالذكورية، وقد سعى كتابي إلى ضحد الرواية السائدة للمغامر الذكر البطل، كما أن الكاتب لا يعد حتى مخلصا باعتباره عالم أنثروبولوجيا في تناوله لثقافة السكان الأستراليين الأصليين التي يحاول هذا الكتاب تسليط الضوء عليها، ومع ذلك أستمر في الانجذاب إلى شعر العوالم التي يخلقها بجمالها المفاهيمي القاسي والعقلاني المنطقي، يبقى سونجلاينز  كتابًا يجعلني أتوق إلى الرحلة ولإيجاد طرق جديدة للتفكير في الأماكن التي أزورها.

ريبيكا سولنيت، حب السفر (دار بنجوين)

يوجهنا التاريخ الجذري للتريض بقلم ريبيكا سولنيت إلى الطاقة المضطربة والمدمرة التي تدفع بنا نحو الأرض في عصر تم فيه دفع المشي إلى الهامش، ليمسي أمرا غير ضروري بعد أن تم استبداله بالسيارات، وتم ترويضه بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل مقاطعة المحرومين الذين يختارون المشي بأن لديهم قوة هدّامة، ولكن كما يوضح سولنيت، كان المشي والتفكير والثقافة دائمًا مرتبطين ببعضهما، ويربطوننا بأصولنا التطورية ويدفعوننا إلى أماكن خفية وإيقاعات أبطأ، فمن الصعب إنهاء وندلست دون الاقتناع بأن المشي هو عمل تمرد ضروري.

جون بنيان، تقدم الحاج (كتب كرسي براون)

هذا العمل الاستعاري يعود لعام 1678، حيث كتب جون بونيان جزء منه أثناء وجوده في السجن بسبب معتقداته المسيحية غير الملتزمة، فالعمل طويل، وروتيني، وتقي وورع، وغالبًا ما يكون واضحًا بشكل يعمي البصر، على الرغم من كل ذلك، أنا مولعة به بلا شك، فبطل الرواية كريستيان، يترك زوجته وأطفاله ليطلبوا النجاة من خطاياه، ويشرع في رحلة حج يرى فيها تجسيدًا لكل عيوبه وإخفاقاته، ويغرق في حالة من الاكتئاب، فكان يتوجب عليه أن يجد طريقة ليمضي قدما، ولهذا السبب، تظل واحدة من أصدق الروايات التي كتبت على الإطلاق عن عقلية المشي لمسافات طويلة.

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: رنا داود

ترجمة: فرح أحمد سلمان

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا