مياه البحر يمكنها توفير كميات غير محدودة من مواد البطارية النادرة (مترجم)
حفزت مبيعات السيارات الكهربائية المزدهرة الطلب المتزايد على الليثيوم، وهو المعدن الخفيف والضروري؛ لصنع بطاريات قابلة لإعادة الشحن ومفعمة بالطاقة، ولكنه ليس متوفرًا بكميات كبيرة. أما الآن، فقد أعلن الباحثون عن خطوة رئيسة نحو الاستفادة من إمدادات الليثيوم اللا محدودة عمليًا: وهي سحبها مباشرة من مياه البحر.
يقول جانغ ووك تشوي، مهندس كيميائي في جامعة سيول الوطنية، ولكنه لم يشارك في العمل: «إن هذا يمثل تقدمًا كبيرًا» في هذا المجال. ويضيف: أن هذه الطريقة قد تكون مفيدة أيضًا في استعادة الليثيوم من البطاريات المستعملة.
كما يعتبر الليثيوم ذو قيمة كبيرة للبطاريات القابلة للشحن، فهو يخزن طاقة بالوزن أكثر من مواد البطاريات الأخرى، ويستخدم المصنعون أكثر من 160 ألف طن من المواد كل عام، ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم بنحو 10 أضعاف خلال العقد القادم.
لكن إمدادات الليثيوم محدودة ومركزة في عدد قليل من البلدان، حيث يُعدن المعدن أو يستخرج من المياه المالحة.
أثارت ندرة الليثيوم العديد من المخاوف، حيث أن النقص في المستقبل قد يؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار البطاريات، وإعاقة نمو السيارات الكهربائية، وغيرها من التقنيات المعتمدة على الليثيوم مثل: Tesla Powerwalls (وهي أنظمة بطاريات شمسية)، والبطاريات الثابتة التي تستخدم غالبًا؛ لتخزين الطاقة الشمسية على الأسطح.
يمكن أن تكون مياه البحر المنقذ، إذ تحتوي محيطات العالم على ما يقدر بنحو 180 مليار طن من الليثيوم، لكنه مخفف، وموجود بنحو 0.2 جزء في المليون.
ابتكر الباحثون العديد من المرشحات والأغشية؛ لمحاولة استخراج الليثيوم بصورة انتقائية من مياه البحر، ولكن تلك الجهود تعتمد على تبخير الكثير من الماء لتركيز الليثيوم، الأمر الذي يتطلب وقتًا واستخدامًا واسعًا للأرض، ولكن حتى الآن لم تثبت هذه الجهود أنها اقتصادية.
حاول تشوي وغيره من الباحثين أيضًا استخدام أقطاب بطارية أيون الليثيوم؛ لسحب الليثيوم مباشرة من مياه البحر والمحلول الملحي دون الحاجة إلى تبخير الماء، وتتكون هذه الأقطاب الكهربائية من مواد ذات طبقات تشبه الشطيرة ومصممة؛ لاحتجاز أيونات الليثيوم وحملها أثناء شحن البطارية في مياه البحر، حيث يسحب الجهد الكهربائي السالب المطبق على القطب الكهربائي لليثيوم المنتزع، أيونات الليثيوم إلى القطب. لكنه يسحب أيضًا الصوديوم، وهو عنصر مشابه كيميائيًا وأكثر وفرة بنحو 100,000 مرة في مياه البحر من الليثيوم، ولكن إذا اندفع العنصران إلى القطب بنفس المعدل، فإن الصوديوم يكاد يزيل الليثيوم تمامًا.
وللتغلب على هذه المشكلة، درس الباحثون بقيادة يي كوي، عالم المواد في جامعة ستانفورد، طرق لجعل مواد الأقطاب الكهربائية أكثر انتقائية، فقاموا بتغطية القطب الكهربائي بطبقة رقيقة من ثاني أكسيد التيتانيوم لتعمل حاجزًا، ونظرًا لأن أيونات الليثيوم أصغر من الصوديوم، فمن السهل بالنسبة لها التملص من خلال طبقات القطب الكهربائي.
غيّر الباحثون أيضًا طريقة تحكمهم في الجهد الكهربائي، فبدلًا من تطبيق جهد سلبي ثابت على القطب كما فعل الآخرون، قاموا بتدويره، وطبقوا جهدًا سالبًا، ثم أوقفوا تشغيله لفترة وجيزة بعد ذلك، طبقوا جهدًا موجبًا، وأوقفوه مرة أخرى، ثم كرروا الدورة.
أوضح كوي أن التغيير في الجهد يتسبب في انتقال أيونات الليثيوم والصوديوم إلى القطب، ثم تتوقف؛ لتبدأ في التحرك إلى الخارج عند انعكاس التيار، ونظرًا لأن مادة القطب الكهربائي انجذابها لليثيوم أعلى قليلًا من الصوديوم، فإن أيونات الليثيوم هي أول من ينتقل إلى الأقطاب الكهربائية وآخر من ينفصل لذا، فإن تكرار هذه الدورة يركز الليثيوم في القطب، وبعد عشر دورات والتي استغرقت دقائق فقط، وصل كوي وزملاؤه إلى نسبة واحد إلى واحد من الليثيوم إلى الصوديوم، بحسب إفادتهم لمجلة جول.
تقول تشونغ ليو، عالمة المواد في جامعة شيكاغو والتي كانت سابقًا عالمة ما بعد الدكتوراه في مختبر كوي: «هذا يضاعف الانتقائية، على الأقل» مقارنة بالمحاولات السابقة؛ لاستخدام أقطاب البطاريات لكسب الليثيوم.
تقول ليو: إن التقدم ما يزال على الأرجح غير رخيص بما يكفي للتنافس مع تعدين الليثيوم على الأرض ومع ذلك، تقول: إن مجموعتها تحاول زيادة الانتقائية باستخدام أنواع أخرى من أقطاب بطاريات أيون الليثيوم.
يضيف تشوي: أن هذه الطريقة قد تكون مفيدة أيضًا في استعادة الليثيوم من البطاريات المهملة، مما يمنح المعدن فرصة ثانية للحياة، ويحتمل أن يؤدي إلى زيادة قوة المركبات الكهربائية.