الموسيقى قادرة فعلياً على تنمية دماغك (مترجم)

هل يجعلك الاستماع إلى الموسيقى أكثر ذكاءً؟

منذ نحو 30 عاماً، نشر راوشر وآخرون دراسةً عن الأطفال في مجلة نيتشر المرموقة، والتي أظهرت أنّه مجرد الاستماع إلى موسيقى موزارت يمكن أن يزيد من القدرات المعرفية للطفل، مثل النتائج في مهمة ستانفورد بينيه الفرعية حول التفكير المكاني. مع أنّ باحثين آخرين كرروا لاحقاً هذه النتائج (وإن كان ذلك بتأثيرات أقل بكثير) في الأطفال والبالغين، لكن إجماع علماء الأعصاب اليوم هو أن الاستماع إلى موزارت، أو أي موسيقا كلاسيكية أخرى، يحسّن الأداء ليس عن طريق تنمية عقلك، ولكن عن طريق رفع الإثارة والمزاج مؤقتاً حتى تؤدّى بشكل أفضل. وبالتالي، فإنّ ما يسمى بتأثير موزارت هو في الحقيقة مجرد مثال على التأثير المعروف للإثارة على الأداء (الأشخاص اليقظون أفضل في المهام المعرفية من الأشخاص الخمولين).

ومع ذلك، بدأ بعض الباحثين مؤخراً بإعادة دراسة فوائد الاستماع إلى الموسيقى ليس لدى الأطفال، ولكن لدى مرضى الخرف.

خلصت مراجعة أدبية أجريت عام 2018 في مجلة دمنشا نوروسايكوبوجيا، لخصت نتائج 24 دراسة مختلفة، إلى أن استماع مرضى الزهايمر للموسيقا، وخاصة الموسيقا المألوفة، يحسّن الحالة المزاجية والذاكرة لديهم. يفترض العلماء المشاركون في البحث أنّ الذكريات الموسيقية غالباً ما يحتفظ بها مرضى الخرف، وأن تنشيط تلك الذكريات يمكن أن يساعد في الوصول إلى الذكريات المرتبطة. تكررت هذه النتائج وتوسعت في دراسة عام 2021 نشرها الدكتور مايكل ثوت وزملاؤه في جامعة تورنتو في مجلة ألزهايمر دزيز.

لكن هل العزف على آلة موسيقية يجعلك أكثر ذكاءً؟

يمكننا أن نستنتج من البحث أعلاه أن الاستماع إلى الموسيقى لا يجعلك بالضرورة أكثر ذكاءً، ولكن يمكن أن يرفع من حالتك المزاجية ويساعدك على أداء أفضل مؤقتاً، بل ويبطئ من التدهور المعرفي لاحقاً في الحياة.

لكن ماذا عن العزف باحتراف على آلة موسيقية مقابل الاستماع السلبي إلى الموسيقا؟ يوجد بحث عن التأثيرات المعرفية الإيجابية طويلة المدى للموسيقا أكثر إقناعاً.

إعلان

تظهر مقالة مراجعة أخرى في دمنشا نوروسايكوبوجيا، كتبها  رودريغز وآخرون، «التدريب الموسيقي، واللدونة العصبية، والمعرفة» أنّ تعلّم العزف على آلة موسيقية، ثم ممارسة العزف، يمكن أن يطوّر في الواقع أجزاء من دماغك مرتبطة بإدراك الموسيقا وعزفها (الجسم الثفني، المخيخ، الحصين، القشرة المخية الحديثة الصدغية). تكون هذه الفوائد «التغذوية» للعزف على آلة موسيقية أكبر كلما بدأ التدريب الموسيقي في مرحلة مبكّرة من النمو، ولكن عُثر على زيادات ملموسة في حجم أنسجة المخ لدى الموسيقيين الذين لم يبدؤوا العزف على آلة موسيقية حتى مرحلة البلوغ.

يواصل رودريغز وآخرون الإشارة إلى أن العديد من الدراسات تشير إلى أن التغيرات الفيزيائية في الدماغ لها أهمية وظيفية، إذ أظهر الموسيقيون المدربون أداءً مرتفعاً مقارنة بغير الموسيقيين، في المهام المعرفية مثل المعالجة البصرية المكانية والذاكرة البصرية. بطبيعة الحال، فإن مناقشة أسئلة الطبيعة /التنشئة (على سبيل المثال: هل الموسيقيون وُلدوا أكثر ذكاءً أم أصبحوا أكثر ذكاءً مع الممارسة؟) ليس أمراً بسيطاً، ولكن الدراسات المطولة (التي تضمنت تجارب قبل وبعد في موضوعات اختبار فردية) للدكتور لوتز يانك في جامعة زيورخ تدعم فكرة أن الدماغ والتغيرات المعرفية المرتبطة بالعزف على آلة موسيقية يمكن اكتسابها بالمقابل يمكن توريثها.

شيء آخر، قبل أن تتخذ آلة موسيقية لتطوير دماغك

تشير الدراسات السابقة بقوة إلى أنه يمكنك تنمية عقلك وتحسين المهارات المعرفية وتأخير التدهور المعرفي من خلال العزف على آلة موسيقية بانتظام. لكن، إذا كان لديك حافز حقيقي لتعزيز مهاراتك الذهنية والمعرفية، فإن مجموعة واسعة من الدراسات في مرونة الدماغ، والتي لخصها الدكتور لورانس كاتز في كتاب حافظ على دماغك حياً، تقترح أنه لا يجب عليك التمسّك بٱلة واحدة، ولكن علّم نفسك باستمرار العزف على آلات غير مألوفة، لتعرض عقلك للتجدد المستمر.

وفقًا للدكتور كاتز، فإنّ عقلك مثل عضلاتك: إذا مارست تمارين الأثقال بأحمال ثابتة، تنمو عضلاتك إلى نقطة معينة، ثم تتوقف عن اكتساب القوة. وهذا شبيه بدماغك، إذا كنت ترغب في الاستمرار في تطوير عقلك، فيجب عليك تحدّيه باستمرار بمهام جديدة أو صعبة بشكل متزايد.

أعلم أن هذا يبدو وكأنه قدرٌ غير مريح من العمل. لكن لا يمكننا البقاء مرتاحين أثناء الخروج من مناطق الراحة لدينا، أليس كذلك؟

المصدر

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: علا ايوب

ترجمة: شيم سليمان

اترك تعليقا