من الرومان إلى نابليون إلى ميسي (مترجم)
كانت الإمبراطورية البيزنطية استمراراً للنّصف الشرقي من الإمبراطورية الرومانيّة، وفيها كان اللّون الأزرق لون النبلاء والأباطرة، إذ كان اللون الأزرق لوناً مكلفاً. لذا فقد صاحبَته مكانة اجتماعية عالية وأصبح ممثلاً للعظمة. ومع تنامي تبجيل السيدة مريم، اتجه الفنانون إلى تصويرها متوشحة بكساء أزرق لكونها شخصية مهمة، فكانت طريقة مثالية لتبجيلها.
و بعد فترةٍ قصيرة أصبح استخدام اللون الأزرق في ملابس السيدة العذراء جزءاً محورياً في التقاليد الفنية والدينية. كذلك بدأ الفنانون في عصر النهضة استخدام حجر اللازورد الأزرق _الذي حصلوا عليه من مناجم أفغانستان_ فكان أغلى من الذهب لصناعة اللّون الأزرق لكساء السيدة العذراء.
وكان التجار الإيطاليون يجلبون اللازورد من مسافة هائلة، لذا فقد أصبح اسم الصبغة “ultramarinus” باللاتينية والتي تعني “من أعالي البحار”. كانت الصبغة درجة غامقة ولامعة من الأزرق، يتضح فيها الجمال والندرة.
في القرن الثامن عشر، كان كارلوس الثالث ملك إسبانيا. وكان ابنه (كارلوس أيضا) متزوجا منذ خمسة سنوات دون أن ينجب أي أبناء.( كانت إسبانيا بالطبع تحكم الأرجنتين في ذلك الوقت). وعندما أنجب ابنه طفلاً، شعر كارلوس الثالث بالبهجة والسعادة. لذا أصدر نظاما جديداً في عام 1771 أسماه “نيشان كارلوس الثالث” تخليداً للذكرى، قسّم هذا النظام كبار الشخصيات الإسبانية إلى مجتمعاتٍ خاصة و لكل منها لون خاص في لباسها.
وكان تشارلز الثالث يدعو السيدة العذراء أن تهبه ذكراً. ولمّا حدث ما أراد، قرر اختيار لون السيدة العذراء (الأزرق) كشكرٍ لها وأضاف إليه اللون الأبيض و يمكنك أن تلاحظ أن اختيار كارلوس الثالث للأزرق كان أفتح من المعتاد. كذلك وجه الفنانين إلى رسم اللوحات لها.
هنا لوحة لجيوفاني باتيستا في عام 1767 بأمرٍ من كارلوس الثالث.
وبحلول العام 1808، كان نابليون يسيطر على المشهد في أوروبا بغزوه معظم القارة. وقد أجبر نابليون الملك فرديناند السابع (حفيد كارلوس الثالث) على التنازل عن العرش، وعيّن بدلاً منه أخاه جوزيف بونابرت ملكاً لإسبانيا. وهذا ما أدى إلى إشعل ثورة في كل أنحاء الإمبراطورية الإسبانية، ومنها الأرجنتين. فقرر الثوار في الأرجنتين لبس ألوان نيشان تشارلز الثالث (الأزرق الفاتح والأبيض) لإظهار ولائهم لملك إسبانيا الحقيقي (حفيد تشارلز الثالث)، وللتفرقة بينهم وبين المقاتلين في جانب بونابرت.
بعد ذلك بسنتين، اندلعت حرب الاستقلال الأرجنتينية في عام 1810، وبعدها بسنتين أسس قائدها مانويل بلغرانو شارة الأرجنتين، وهو رمز للتفرقة بينهم وبين قوات الثوار لصالح الملكية.
استخدم بلغرانو نفس الألوان التي استخدمها الثوار سابقاً ضد حكم جوزيف بونابرت: الأزرق الفاتح والأبيض الخاص بنيشان تشارلز الثالث. صمّم بلغرانو علم الأرجنتين لاحقاً واستخدم الألوان ذاتها وأصبح العلم رسمياً في عام 1816، وأضيفت الشّمس له في عام 1818.
114 عام ومازالت الأرجنتين ترتدي الألوان نفسها، والتي كانت نتيجة لقرون من التطورات السياسية والدينية والفنية. حقاً إنه تاريخ غني لقميص كرة قدم!
المقال ترجمة لإعداد The Cultural Tutor على تويتر