علم أعصاب الكذب

الكذب أمر طبيعي. إنه في الواقع ضروري جدًا لبقائنا. هل يمكنك تخيل أن تقول الحقيقة دائمًا؟ “كم أبلغ من العمر باعتقادك؟” أو “هل يعجبك طهيي؟” هي أسئلة لا نرغب دائمًا في الإجابة عليها بمصداقية، وبالتالي لا نفعل ذلك. وبينما يتم تعليق الاستفسارات الإضافية غالبًا بعد الرد المبدئي المزيّف قليلًا، فإننا عندما نُضغط بزيادة، فقد نجد أنفسنا بطيئين بعض الشيء في الإجابة. ذلك لأن الكذب يتطلب الكثير من العمل.

ما هو الكذب ؟

يعرّف القاموس الكذب على أنه عدم قول الحقيقة. إنه مختلف قليلًا عن الغش أو حذف جزء من المعلومات. إنه في حقيقة الأمر انحراف قليل وقول شيء آخر مختلف عن الحقيقة، على سبيل المثال :”أعتقد بأنك ستبقى شابًا للأبد”، أو قول مُبتكر للغاية: “لم أكن أبدًا لأفكر بفعل ذلك مع سمك الأنشوجة”، إنه في الحقيقة جُهد مزدوج: قمع الحقيقة واستبدالها بشيء آخر.

هناك احتمالات بأنك شاهدت أفلامًا حيث يتم القبض فيها على رجلٍ وسيمٍ جدًا -خيّر غالبًا- خارج عن القانون من قبل إحدى قوى الاستجواب وإعطاؤه اختبار كشف الكذب. بالطبع ليس من المُحتمل أن يُطلب منه تقديم رأيه حول عُمْرِ أحَدِهم أو طهيه، ولكنه يُستجوب بقوة لإعطاء جزء هام من المعلومات الأساسية للقصة. حقيقةً الأمر أن اختبارات كشف الكذب ليست دقيقة في الواقع.

‎في الحقيقة، تقيس الاختبارات الضغط الذي نواجهه عند الكذب من خلال عكس معدل ضربات القلب المتسارعة، والتنفس السريع، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة التعرق، وغيرها من الأعراض المرتبطة بالقلق. وهذه مشكلة؛ فكر في حقيقة أن المرضى النفسيين -الذين لا يملكون القدرة على التعاطف، والشعور بالذنب، والندم والذين يتعلمون كبح استجابتهم للتوتر، يمكنهم اجتياز اختبار كشف الكذب بامتياز. هذا لأنه يفتقد المكون الأساسي للكذب، ألا وهو الدليل العصبي على قرار القيام بذلك. إذن، أين يتركنا هذا؟

سأل دانيال لانجليبن نفسه -وهو طبيب نفسي في جامعة بنسلفانيا- نفس السؤال مرة أخرى. بحث في الإنترنت عن إجابات، وبالطبع، لم يعثر على شيء. وسرعان ما أدرك أن الرنين المغناطيسي الوظيفي (التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي) يمكن أن يكشف ما بقي حتى الآن لغزًا واستنتج في مجلة NeuroImage، أن “الفرق العصبي بين الخداع والحقيقة” يمكن اكتشافه.

إعلان

كشف الكذب مع تطور العلم

منذ ذلك الحين، توسع العلم بعد اكتشاف التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي الكاشف للكذب بسرعةٍ وبصورةٍ ملحوظة. وبما أن الرنين المغناطيسي الوظيفي يُمكِّن الباحثين من رسم خرائط لشبكات الدماغ أثناء مشاركة هذه الأدمغة في عملية الخداع، يمكن تصنيفه على أنه جهاز دقيق للكشف عن الأكاذيب. كتب Wired’s Steve Silberman عن تجربته في مركز أبحاث التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي التابع لجامعة كولومبيا، وذلك بتوحيد القوى مع Joy Hirsch، رئيس علم الأعصاب ومؤسس المنشأة. حيث تتبع سيلبيرمان عملية كيفية رسم خرائط الدماغ، في الواقع إنها تتم من خلال إكمال عدة مهام مختلفة أثناء وجوده داخل الماسح الضوئي.

“المرحلة الأولى من الإجراءات هي الفترة الفاصلة التي تحدد نشاط دماغي أثناء الراحة. ثم تبدأ مرحلة “الحقيقة”. بدافع من إشارة في الخلايا العصبية المرآتية، تقوم ببدء حديث داخلي حول التفاصيل الحميمة لحياتي الشخصية… أركز… على تشكيل الكلمات بوضوح وهدوء في ذهني ، كما لو كنت محقق تخاطري telepathic inquisitor… ثم، بعد إشارة أخرى، أبدأ في الكذب … أنا أتعمق وأتعمق في التشويش، أذكر الأحداث التي لم تحدث أبدًا يينما أحاول جعل الأحداث تبدو معقولة تمامًا.‎

كان هناك اختلاف واضح في وظيفة الدماغ عندما كذب سيلبرمان وحين أخبر الحقيقة. ولأنه تكلم بحواره داخليًا، فإن منطقة القشرة المخصصة للغة أضيئت. ومع ذلك، كان هناك اختلاف واضح واحد ألا وهو أن عمليات المسح أظهرت زيادة النشاط عندما كان يكذب. وعندما كان يقول الحقيقة، كانت أجزاء من الدماغ مرتبطة بالعاطفة، والصراع، والسيطرة الإدراكية -أي اللوزة المخية، والقشرة الحزامية الأمامية (ACC) والمذنبات المذنبة، والمهاد– غير نشطة، ولكن عندما كان يكذب، كان لا يمكن إيقاف هذا النشاط.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: هديل عثمان

تدقيق لغوي: آلاء الطيراوي

اترك تعليقا