سمات الذكاء الاجتماعي، وكيفية تعليمها للأطفال – ترجمات

لا بُدَّ أنَّك قد سمعتَ عن الذكاء العاطفي من قبل، لكن مصطلح الذكاء الاجتماعي من الممكن أن يكون مُبهمًا بالنسبة لكثيرين. إنها حقيقة مثيرة للسخرية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العديد من الأشخاص يمارسونه ويطورونه دون أن يمنحوه التّسمية المناسبة له.  ربما تكون قد أشرت مراتٍ كثيرة من قبل إلى الشخص الذي يتمتع بالذكاء الاجتماعي بإطلاق صفات عديدة من قبيل “مُنفَتِح” أو بوصفه مثلًا بأنه “روح الحفل” . هؤلاء الأشخاص مبدعون في  المحافظة التواصل الشخصي، وهذا تمامًا ما ترغب في أن يتعلمه أطفالك.

إن الذكاء الاجتماعي ليس ثابتًا، بل هو يتطور باستمرار خلال حياة الإنسان. فالوقت ليس متأخرًا أبدًا لإذكاء شعلته، كما أنه من السهل تعليمه للأطفال تحديدًا. إن تربية أطفالك من خلال التواصل السليم يساعدهم لتحقيق أفضل ما لديهم خلال أي علاقة.

السِمات الأربع للذّكاء الاجتماعي

يصف الذكاء الاجتماعي كيفية تفاعل الفرد مع الآخرين. إنّ الأشخاص الذين يتّصفون بالذكاء الاجتماعي العالي يعرفون مداخل ومخارج الحياة الاجتماعية. هم يفهمون كيفية لعب الأدوار المختلفة في البيئة الاجتماعية، والتواصل مع الأشخاص من كل المشارب مع بذل القليل من الجهد فقط. كما أنهم بارعون في فهم الآخرين، وفي إنشاء الصداقات، والتعامل مع الظروف الجديدة.

الذّكاء الاجتماعي يختلف باختلاف الثقافات والتركيبة السكانية، فكل جماعة تقدِّر مهارات اجتماعية مختلفة. لكن وفي كل الأحوال، فإنّ السمات تظلُّ ثابتة.

  • التعاطف: يحدّد التعاطف طريقتك في التفاعل مع مشاعر الآخرين وأفكارهم. يتفهَّم الأشخاص المتعاطفون  وجهات النّظر المختلفة، ويأخذونها بعين الاعتبار، حتى وإن لم يتشاركوا الأفكار ذاتها. يتمتعون بالقدرة على التقاط مزاج الشخص المُقابل، وتعديل ردات فعلهم بناء على ذلك.
  • الاحترام: يعتبر التقدير بين الأطفال والراشدين أو حتى بين الأقران من الأمور التي تهتم بها العديد من الثقافات. إن احترام الآخرين قد يعني أن تغير من أسلوبك في التواصل لِيتكيَّف مع احتياجاتهم، أو للتوصُّلِ إلى منطقة مشتركة معهم.
  • السّلوك: إنّ هذه النقطة تتركز حول كيفية تقديم الأشخاص لأنفسهم في المواقف الاجتماعية. هل تتناغم تصرفاتهم مع الوضع؟ هل يمنحون الآخرين الشعور بالراحة أم العكس؟ عليكَ أن تغيّر سلوكك عندما يحتاج الأمر لذلك، بينما تحافظ بكل تأكيد على خصالك الأساسية.
  • الفعالية الذاتية: تشير هذه السمة إلى كيفية حكم الأشخاص على أنفسهم عندما يتعلق الأمر بالقدرة على آداء مهام معينة. إذا كان لدى الشخص حس ثابت بالفعالية الذاتية فيما يتعلق بالذكاء الاجتماعي، فإنه يتمتَّع بالثقة بقدراته الاجتماعية. هذا النوع من الأشخاص ينتابهم الشيء اليسير من القلق أو التوتر خلال تفاعلهم مع الآخرين.

على الرغم من الارتباط الوثيق بين الذكاء العاطفي والاجتماعي، إلا أنهما مختلفان تمامًا. فالذكاء العاطفي يركز بصورة أكبر على تمييز العواطف، وممارسة التنظيم الذاتي. إن تعلُّم الذكاء العاطفي يمكّنك من النظر إلى دواخلك، ومعرفة أفكارك ومشاعرك، في حين أنّ الذكاء الاجتماعي قائمٌ – بشكل أكبر- على التفاعل. على كل حال فإنه من غير الممكن أن تتحلّى بالذكاء العاطفي دون أن تكون متَّصفًا بالذكاء الاجتماعي، فكلاهما يساعدان على التواصل بشكل فعَّال مع الآخرين. فالأشخاص الذين يتحلّون بالاثنين معًا قادرون على التواصل مع الآخرين بتعاطفٍ ومَودَّة.

إعلان

كيف يؤثِّر الذّكاء الاجتماعي على نواحٍ مختلفة من الحياة؟

تعدّ المرحلة الابتدائية والثانوية الوقت الأنسب لتعليم الأطفال الذكاء الاجتماعي. فهم ما يزالون في مرحلة يتعلمون خلالها أشياء لا تحصى عن أنفسهم، وعن العالم، وعن الأشخاص الآخرين. تغذيتهم بالذكاء الاجتماعي من شأنها أن تساعدهم في حل المشكلات الصغيرة والكبيرة مع أصدقائهم، وتعلّم مدى أهمية احترام الآخر. سيكون لديهم هويتهم الخاصة؛ لأنهم سيعرفون كيف يتبنون ويؤدون الأدوار المختلفة دون أن تُمحى شخصيتهم.

الأطفال البارعون اجتماعيًّا يتمتّعون بتعاطفٍ أكثر مع الآخرين، مما من شأنه أن يؤدي إلى ممارساتٍ أقل للتنمر والتحرش. الأمر ذاته ينطبق على أماكن العمل حيث الموظّفون ذوي الذكاء الاجتماعي الأقل يمارسون التّحرُّش تجاه الآخرين.

ما إن يكبر طفلك، ويخوض غمار العمل حتى يتوجَّب عليه أن يينغمس في علاقات مهنية. هذا النوع من العلاقات مختلف تمامًا عمّا اعتدته من علاقات غير رسمية سواء أكانت مع أصدقائك أو أقاربك. فإن مديرك أو زميلك في العمل يتوقَّع منكَ قدرًا معينًا من الاحترام المُتبادل، وإن عدم قراءة هذه الحدود بطريقة صحيحة قد يقود إلى مشكلات حقيقيّة في العلاقات.

يدرك الإنسان الذي يتحلى بقدر كافٍ من الذكاء الاجتماعي كيف يقوم بعدة أدوارٍ في مكان العمل محافظًا في الوقت نفسه على الود والهدوء، نائيًّا بنفسه بعيدًا عن الصراعات.

لكل شخص منا أسلوبه المُختلف والفريد في التعلم، ومن الممكن أن يبدو الأمر أكثر تعقيدًا إن لم نتمكّن من الانسجام والتعاون. حيث أنَّ 40 % من الناس يُفَضِّلون التعلم المرئي على التعلم السّمعي أو العملي، وهذا من شأنه أن يجعل فكرة التعاون تبدو أصعب بالنسبة للأشخاص الذين يفضّلون أساليب أقل شيوعًا. في حين أنَّ التّحَلِّي بقدر كافٍ من الذكاء الاجتماعي من شأنه أن يمكِّن الجميع من إيصال المعلومات ومشاركة الأفكار دون متاعبٍ تُذكَر.

تطوير الذكاء الاجتماعي

إن الذكاء الاجتماعي ليس شيئًا من الممكن أن تجده مختَزَلًا في منهج.

تصبُّ معظم المدارس تركيزها على المواد الأساسية مثل الرياضيات واللغة، لكنها تُغفل تمامًا الذكاء العاطفي أو الاجتماعي. في حين يتمكّن العديد من الأشخاص من تطوير مهاراتهم في الذكاء الاجتماعي من خلال الخروج والتفاعل مع الآخرين، لكن لا يمكننا أن نعمِّم هذه الطريقة في التعلم على كل الأطفال.  لهذا السبب تحديدًا علينا أن ننتبه لهذه الفجوة المعرفية، ونعمل على تثقيف أطفالنا على الانخراط في المواقف الاجتماعية.

يمكنك تنمية الذكاء الاجتماعي عند طفلك من خلال منحه الفرص للتعامل مع أترابه، سواءً أكان ذلك من خلال ترتيب نزهات للعب أو أنشطة لا صفيّة. اطرح الأسئلة على طفلك عمّا تعلمه من خلال تفاعله، وما السلوك الذي من الممكن أن يجربه في المرات القادمة ليصل إلى نتائج مغايرة.

علّموا أطفالكم كيف يتواصلون مع أصدقائهم، ومُعَلِّميهم، وذويهم. بالنسبة لمعظم الناس، إن كل مجموعة من هؤلاء تستوجب أسلوبًا مختلفًا في التواصل، ومستوىً مختلفًا من الاحترام. فعلى المرء ألا يخاطب معلميه كما يخاطب معارفه الآخرين، كما أن عدم احترام الأصدقاء يعدُّ أمرًا غير ملائمٍ. إن أي نقص في مستوى الذكاء العاطفي لدى طفلك من شأنه أن يسبب له شعورًا بالاكتئاب أو الانعزال عن الآخرين.

تذكّر أن تكون نموذجًا حقيقيًّا لأطفالك، جسِّد السلوك الذي ترغب أن يمارسوه. استمع لهم بعناية أثناء محادثاتكم، وتفهَّم وجهات نظرهم، استوعب ما يقولونه من خلال لغة جسدهم. إنّ الطفل يتشرّب ما يبصره من أفعال  والديه، لذا فإنّ تجسيد الأفكار هو أحد أفضل الطرق لتعليم الأطفال.

علِّموا أطفالكم لتمنحوهم مستقبلًا أفضل

إن الدروس التي تدمج بين الذكاء الاجتماعي والعاطفي من شأنها أن تجعل بناء العلاقات أمرًا ممتعًا بالنسبة لطفلك. تعزز هذه المفاهيم الروابط الصحية من خلال فهم اجتماعي وعاطفي وعقلي شامل.

بإمكانك أن تطور المهارات ذاتها بالنسبة لك من خلال تعليم الآخرين، الأمر الذي يعود بالنفع على الجميع.

نرشح لك: هل الذكاء فطري أم مكتسب؟

رابط المقال الأصلي

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: رنا داود

ترجمة: سماح العيسى

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا