جيمس بوند يقابل المدمر في فيلم True Lies

في أحد الأيام، بينما كان المخرج الكبير جيمس كاميرون يتناول طعام الإفطار مع النجم العالمي أرنولد شوارزنيجر، عرض أرنولد على كاميرون فكرة فيلم فرنسي يُدعى La totale شاهده مع أحد أقربائه، واقترح تحويله إلى فيلم من بطولته، تفاجأ المخرج من طلبه ولكنه انجذب إلى الفكرة وأُعجب بها بعد مشاهدة الفيلم الفرنسي، وقرر صناعة فيلم يجد فيه جيمس بوند نفسه متزوجًا ورجل عائلة، بينما يقود حياة مزدوجة، يقوم فيها بكل ما باستطاعته لإخفاء الحقيقة عن زوجته، حتى حينما يشك في خيانتها.

صدر فيلم True Lies في 1994 بميزانيةٍ ضخمةٍ تعدّت 100 مليون دولار، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأول فيلم تتخطى تكلفته حاجز ال 100 مليون، ليكسر بذلك جيمس كاميرون الرقم القياسي الذي حققه من قبل في فيلم Terminator 2: Judgement Day ب 90:100 مليون، كأغلى فيلم في التاريخ، وحقق أرباحا كبيرة تخطت ال 370 مليون دولار.

جيمس بوند يقابل المدمر

فيلم True Lies

في وقت متأخر من ليلة شتوية، يقوم حراس الأمن حول قصر ضخم في سويسرا بفحص السيارات بحثًا عن دعواتهم الرسمية، قبل المشاركة في أمسية تجمع كبار تجار السلاح في العالم، تحت الماء في قناة تمر عبر الفناء؛ يشق الجاسوس المحترف هاري تاسكر (أرنولد شوارزنيجر) طريقه نحو البوابة الخلفية، مرتديًا معدات الغوص، ثم يكشف عن ملابسه ويتوجه للقصر.

بعد اختراق الحراسات المشددة، يدخل القصر ويحصل على معلومات تفيد بوجود مجموعة إرهابية تحاول الحصول على أسلحة نووية، قبل أن ينكشف أمره ويهرب بالكاد من براثن الحراس والقتلة، بينما تفوته حفلة عيد ميلاده حيث انتظرته زوجته وابنته لساعات.

إعلان

في اليوم التالي، يحاول إصلاح ما أفسده الليلة الماضية، ويتوجه لمكتب زوجته لدعوتها على العشاء، حينها يستمع لمحادثتها مع رجل يدعى سيمون، خوفا من كونها تخونه؛ يستخدم إمكانياته وموارده كعميل سري في وكالة Omega، في مطاردة هذا الشخص ومراقبة زوجته، بينما يتدهور الوضع بالنسبة للتهديد الإرهابي. 

بالرغم من تشابه دوره مع معظم أفلام الأكشن التي قام بها، يعتبر أرنولد شوارزنيجر هذا الفيلم من أفضل أعماله، فقد كان فيه منافِسًا محتملًا لجيمس بوند ليس في أناقته فقط، بل في فعاليته كعميل سري، وقدرته على أداء عمله، وبين دوره الأشهر في سلسلة المدمر او Terminator، حيث يطارد فريسته إلى آخر الأرض، ولا يهدأ له بال حتى يمسك بعدوه.

مطاردة الدقائق الستة

من بين مشاهد الأكشن المجنونة التي يمكن أن تشاهدها في حياتك، يحتوي هذا الفيلم على مجموعة من المشاهد الجدية التي تثير الضحك أفضل من أي مسرحية كوميدية، عندما تصل سخرية الفيلم إلى حد أنك تشعر أن الممثلين ينتظرون بفارغ الصبر توقف الكاميرا عن التصوير، حتى يدخلوا في نوبة ضحك هستيرية بسبب ما قاموا بتمثيله من هراء خيالي، وما يميز الفيلم أنه صُنع من أجل ذلك، ولا يحاول تزييف حقيقته أو إظهار صورة مختلفة.

فقد نجح فيلم True Lies في تحويل أحد أكثر المشاهد جدية، إلى أكثرها كوميدية، تخيل عميلًا سريًّا يطارد إرهابيًّا يهرب بدراجة بخارية، لكن بدلا من استخدام وسيلة مطاردة مشابهة، لا يجد أمامه غير حصان تابع للشرطة، فيدفع الضابط عن الحصان، ويبدأ المطاردة على حصانه خلف الإرهابي على الدراجة البخارية!

لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، بل تستمر المطاردة لما يزيد عن 6 دقائق، يمتطي فيها العملاق أرنولد شوارزنيجر حصانه بأقصى سرعة، ويقفز فوق الحواجز والسيارات، ثم ينتقل المشهد إلى داخل أحد المولات التجارية، بينما الحركة بالدراجة البخارية سهلة نسبيا في داخل المول، لا يجد أرنولد صعوبة تذكر، وحتى عند صعود الإرهابي في مصعد، ظانًّا أن المطاردة قد انتهت بذلك؛ يصيبه الفزع عندما يصعد العميل السري بحصانه في المصعد الآخر.

وتنتقل المطاردة على سطح المبنى، حيث يقفز الإرهابي بالدراجة البخارية إلى المبنى المقابل، بينما العميل ينجو بالكاد من الموت عندما يتردد حصانه في القفز، في مشهد كان أن يموت فيه أرنولد شوارزنيجر أثناء التصوير، عندما سقطت إحدى أذرع الكاميرا على أنف الحصان وأرنولد على ظهره، فتحرك بجنون باتجاه منحدر صغير يحاكي حافة المبنى، ولولا أن أنقذه دوبلير، وأنزله من فوق الحصان، حيث كاد أن يسقط من ارتفاع 27 متر تقريبا على أرضية إسمنتية!

لكن مغامرات أرنولد المجنونة لا تتوقف هنا، بل في مشهد آخر أكثر عبثية، يمسك أرنولد شوارزنيجر بعجلة قيادة طائرة حربية، ويطير في طريقه للقضاء على العصابة الإرهابية، وإنقاذ ابنته من إحدى ناطحات السحاب، ثم تقفز الفتاة والارهابي على الطائرة، حتى يتشبث بصاروخ في الطائرة، يقوم أرنولد بإطلاقه ويتخلص من ذلك المعتوه للأبد.

فيلم True Lies

لكن التحدي الأصعب في الفيلم لأحد أكبر نجوم الأكشن والمشاهد الخطرة على الإطلاق، كان في مشهد رقص، حيث تدرب ل 6 أشهر قبل التصوير لإتقان رقص التانجو، وفي النهاية اقتصر تصوير الرقصة معظم الوقت، فقط على الرأس والكتفين، مما يدعو للتساؤل هل فعلا أتقن الرقص؟

في مواجهة تلك المشاهد، لا يسعك إلا الراحة في كرسيك، وإطلاق العنان لضحكتك العالية في انتظار ما في جعبة الفيلم من مشاهد كوميدية.

فيلم عنصري وضد المرأة؟

مع صدور فيلم True Lies في 1994، ظهرت دعوات لمقاطعته، وطالب ‘مجلس مسلمي أمريكا’ وعدد من الجمعيات العربية، بوقف الفيلم ومنعه من العرض في البلاد العربية والإسلامية، لأنه، بحسب رأيهم يسيء للعرب والمسلمين، بتصويره شرير الفيلم كإرهابي عربي مختل، وقالوا إنهم لن يسمحوا لهوليوود أن تجعل العرب الشرير الجديد بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

رفض المنتجون ومخرج الفيلم جيمس كاميرون تلك الادعاءات، وحاولت شركة فوكس المنتجة تفادي الانتقادات وأضافت توضيحًا في نهاية الفيلم، أنه لا يمثل العرب ولا يقصد الإساءة، لكن الانتقادات لم تتوقف، فيما كان رد كاميرون: ‘فقط أردنا شريرًا مناسبًا للفيلم، كان يمكن أن يكون أي أحد، كان يمكن ان نختار إرهابيين من أيرلندا’، لكن يعتقد أن تجنب الأيرلنديين كان لصدور فيلم في نفس الوقت، فأراد التجديد، وبحسب المعروف، لا يعترض أحد عند تصوير إرهابيين من أيرلندا، او أي بلد أخرى في العالم.

ومن جانب آخر، لم ينج الفيلم من إدانة جمعيات المرأة، بسبب أحد المشاهد الذي اعتبروه مهينًا للمرأة، واعتقدوا أنه يتم إهانة الممثلة جيمي لي كرتيس وشخصيتها، ويتحكم فيها زوجها بشكل مهين، بالرغم من المديح منقطع النظير للمؤلف والمخرج جيمس كاميرون، بعد تقديمه المرأة القوية المستقلة في أفلام Terminator وAliens.

فيما اعتبرت الممثلة نفسها الفيلم من أفضل أدوارها، وأوضحت أنها استمتعت بعمل هذا الفيلم، ورد كاميرون وقتها على الانتقادات قائلا ‘ليس من المفترض أن يتفق كل مشهد في الفيلم مع مبادئ الصوابية السياسية’.

اقرأ أيضًا: “Extraction” كيف تصنع مُتعة سينمائيَّة؟

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: عمرو عدوي

تدقيق لغوي: علي الكرغلي

تحرير/تنسيق: نهال أسامة

اترك تعليقا