حدث منذ ثلاثة ونصف مليون عام، ثورة في قلب مجرتنا.

طبقًا لما يعتقده علماء الفلك فإن مراكز معظم المجرّات العملاقة تأوي ثقوبًا سوداء فائقة الكتلة، وبفعل جاذبيتها الهائلة تمكّنت هذه الثقوب السوداء العملاقة _والتي يتجاوز كتلة الواحد منها عدة ملايين ضعف كتلة الشمس_، أن تجمع حولها أقراصًا دوّارة من الغبار والغاز كما أجبرت النجوم القريبة منها على أن تتخذ لنفسها مدارًا حول تلك الوحوش الفلكية.

ولطالما كشفت التلسكوبات الفلكية عن انبعاث كمّيات هائلة من الضوء والأشعة الكهرومغناطيسية من تلك الأقراص الغازية حول الثقوب السوداء العملاقة، بل وأحيانًا تندفع المادة من تلك الأقراص على شكل تيّارات نفاثة هائلة.

حاضر هادئ وماضٍ مضطرب.

وعلى النقيض من تلك المجرّات ذات القلوب المضطربة التي ترصدها تلسكوباتنا كل يوم، لطالما اعتقد علماء الفلك أن حالة من الهدوء والسكينة تخيّم على مركز مجرتنا درب التبانة، لكن يبدو أنها لم تكن دومًا كذلك، فقد أشارت بعض القرائن المكتشفة حديثًا إلى حدوث ثورة هائلة في قلب مجرتنا، أدّت إلى انطلاق نفثة من الإشعاع الكهرومغناطيسي النشط من عبر أنحاء المجرة منذ عدة ملايين من السنين.

ففي دراسة جديدة، تمكّن فريق من الباحثين  الفلكيين بجامعة سيدني الأسترالية من جمع المزيد من الأدلة على حدوث ذلك التوهج في مركز درب التبانة حيث يقبع الثقب الاسود العملاق   Sgr A * الذي يعتقد العلماء أنه المسؤول عن ذلك الحدث، نتيجة التهامه لنجم سيء الحظ تجاوز حدوده واقترب من منطقة الخطر حول الوحش العملاق، الأمر  الذي قدّر الفريق وقت حدوثه  قبل حوالي 3.5 مليون سنة.

sg A *

هذا يعني أن مركز درب التبانة قد انتقل من مرحلة نشطة إلى مرحلة هادئة في مرحلة تاريخية سبقت تجوّل  البشر الأوائل على سطح الكوكب. وربما لو حدث هذا الأمر في الزمن الحالي  لتمكّنا من ملاحظة هذا التوهّج بعيوننا  المجردة، حيث بلغ لمعانه حوالي 10 أضعاف لمعان البدر، وبدا المشهد في حينها  “كأنك تنظر إلى أشعة الضوء الخارجة من جهاز عرض سينمائي وسط ستائر من الدخان” بحسب وصف البروفيسير جوناثان بلاند_ أخصائي فيزياء الفلك بجامعة سيدني والمؤلف للدراسة التي نشرت في مجلة الفيزياء الفلكية.

إعلان

قد يهمّك أيضًا ما تريد معرفته حول الثقوب السوداء وتصحيح بعض الأخطاء حولها

مزيد من الأدلة.

ومن الدلائل المكتشفة حديثًا والتي مكنت العلماء من التعرف علي  التاريخ  المضطرب لدرب التبانة، اكتشاف فقاعات كبيرة من الغاز تنبعث منها أشعة إكس عالية الطاقة وأشعة جاما حول قرص المجرة. تلك الفقاعات التي يعتقد العلماء أنها قد تشكلت نتيجة انطلاق نفثات المادة من مركز المجرة.

Magellanic clouds

ويأتي هذا الدليل الجديد من فحص مجرى تيارات أقواس الغاز حول درب التبانة، ومنها ذلك التيار الذي يشكّل الأثر الذي خلفته المجرتين القزمتين “سحابتي ماجلان الكبرى والصغرى” أثناء دورانهما حول درب التبانة. حيث أشارت دراسة خصائص ضوء الأشعة فوق البنفسجية (UV) القادمة من ذلك التيار الغازي المسمى Magellanic Stream   أن الغازات في بعض أجزائه تبدو  في حالة من الإثارة التي يعتقد الباحثون أنها نتيجة مباشرة للتفاعل بين حزمة إشعاع صدرت في الماضي من نواة درب التبانة وبين تلك الغازات، فيما يعد دليلًا دامغًا على تلك الثورة التي حدثت يومًا في قلب مجرتنا.
وبحسب ما أعلنه البروفيسير بلانك

“فإن ذلك النشاط المستعرّ والثورة العارمة هو سمة مميزة لكل المجرات، التي يمكن تشبيهها بالبراكين التي تمر بفترات من الهدوء على امتداد فترات زمنية طويلة، ولكنّها تندلع فجأة دون سابق انذار”

المصدر

مصدر الترجمة

 

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: دعاء أبو عصبة

ترجمة: زكريا احمد عبد المطلب

تحرير/تنسيق: دعاء أبو عصبة

اترك تعليقا