خطوة جديدة على طريق الكارثة المناخية

تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يصل لأعلى درجاته منذ فجر التاريخ

بنهاية الأسبوع الماضي عبرت البشرية حاجزًا جديدًا في طريقها إلى مستقبل كارثي، ساخن وملوث، فقد سجلت أجهزة الاستشعار في مرصد ماونا لوا في هاواي -والتي يشرف عليها باحثون من مؤسسة سكريبس لعلوم المحيطات- أعلى تركيز لغاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض، منذ فجر البشرية واختراع الزراعة منذ 10 آلاف سنة تقريبًا، ففي يوم السبت الماضي بلغ تركيز ثاني أكسيد الكربون المسجل 415.26 جزء في المليون، وهو آخر سلسلة من العتبات المناخية التي ينتهكها مجتمع إنساني يرفض التخلي عن وسائل الراحة التي يوفرها الوقود الأحفوري.

فخلال بضع سنوات فقط ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 400 جزء من المليون، حتى وصلت إلى 410 جزء في المليون في عام 2017، ومع هذه الطفرة القياسية في تركيز الغاز، المتسبب بصورة أساسية في رفع حرارة الأرض، كان العلماء على يقين من أن تجاوز نسبة الغاز لحاجز 415 جزء في المليون في 2019 هو أمر حتمي.

يقول مدير برنامج سكريبس لرصد ثاني أكسيد الكربون “رالف كيلينج”: “من المحتمل أن تكون الزيادة عن العام الماضي حوالي ثلاثة أجزاء في المليون في العام، في حين أن المتوسط الأخير كان 2.5 جزء في العام”، وأكّد كيللنج على الدور الخطير الذي يلعبه الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري في هذه الزيادة.

في عام 1910 بلغت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 300 جزء من المليون -وهو أعلى مما كانت عليه لحوالي 800,000 سنة على الأقل-، ولكن النسبة قفزت إلى 100+ جزء في المليون خلال المائة سنة التالية.

كانت لحظة عبور حاجز 400 جزء في المليون لحظة رمزية هامة في تاريخ البشرية، وفي حالة استمرار زيادة التلوث الكربوني في غلافنا الجوي سوف تتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري، وسيصبح مستقبل الحياة على الكوكب على المحك، وربما تعود الأرض إلى ماضيها البعيد؛ حين كان غلافها الجوي مشبعًا بالأبخرة قبل مئات الملايين من السنين، حينها كانت الأشجار تنمو بوفرة في القطب الجنوبي.

إعلان

الزيادات الحالية في تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون تعني تجاهلنا للعواقب الوخيمة الناتجة عن فشلنا في إيقاف زيادة تركيز الغاز بهذا المعدل المتصاعد، رغم تحذيرات العلماء من سيناريوهات الكارثة التي ربما لن يتواجد على الأرض من يشهد آخر فصولها، حين تغلي محيطات الأرض وتتبخر.

في العام الماضي قال كيلينغ:

بينما نحن نستمر في حرق الوقود الأحفوري، يواصل ثاني أكسيد الكربون تصاعده في الهواء، إنها معادلة بسيطة أليس كذلك!

إن السنوات التي نعيش فيها في الوقت الحالي هي فرصتنا الأخيرة للإمساك بزمام الأمور، لا يزال هناك أمل، ولكن تغيير هذا المسار الكارثي يتطلب العمل الجماعي على تغيير طرق التعامل مع كل ما يؤدي إلى تصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجو. لابد من إعادة تقييم وسائل حصولنا على الطاقة، وما يلزم ذلك من التوجه نحو اقتصاد جديد يضع في اعتباره مدى خطورة الوضع الحالي للكوكب ككل.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: زكريا أحمد عبد المطلب

تدقيق لغوي: سلمى الحبشي

اترك تعليقا