باتت الأرضُ تعكس إشعاعًا أقل، وليس من الواضح إن كانت تنزع لذلك.

في السنوات الأخيرة، انخفضت كمية الضوء الشمسي الذي تعكسُهُ الأرض إلى الفضاء بصورةٍ ملموسة. وقد قِيسَت هذه الكمية عن طريق الوهج الخافت الذي يشاهَد على الجزء المظلم من وجه الهلال. ويقترح العلماء أن هذا التراجع في إشعاع الأرض إما أنه ومضةٌ قصيرةُ الأمد أو أنه علامةٌ منذرة بالسوء لمناخ الأرض.

يعكس كوكبُنا عادةً في المتوسط 30% من أشعة الشمس الواقعة عليه. لكن هنالك تحليل جديد يدعم الدراسات السابقة التي تشير إلى أن قدرة الأرض على عكس الإشعاع الضوئي قد انخفضت في السنوات الأخيرة، وذلك طبقًا ل”فيليب غوود Philip Goode”، عالم الفيزياء الفلكية العامل في مرصد “بيغ بير Big Bear” الشمسي في كاليفورنيا. وحسبما أفاد الفريق في الثامن من سبتمبر في دورية Geophysical Research Letters، فقد انخفض عكس الأرض للإشعاع بمقدار 0.5%.

وقد قام “غوود” وزملاؤه بقياس الإشعاع الأرضي -أي الإشعاع الذي ينعكس عن الأرض باتجاه القمر ويعود للأرض مجددًا- خلال الفترة الزمنية من عام 1998 وحتى عام 2017. وقد جمع الفريق 801 نقطة من البيانات فقط خلال تلك السنوات العشرين، ذلك على الرغم من أن الإشعاع الأرضي يسهل قياسه عندما يكون القمر هلالًا نحيلًا، وبوجود طقسٍ صافي، كما وضح “غوود” وزملاؤه.

يقول “غوود” أن معظم الانحدار في الانعكاس قد حدث خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من فترة العقدين التي درسها الفريق. ويشير “غوود” وزملاؤه إلى أن التحليلات السابقة لبيانات الأقمار الصناعية تدل على أنّ الانخفاض في نسبة الانعكاس ينبع من درجات الحرارة الدافئة على طول سواحل المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية والجنوبية، والتي بدورها قد قلّلت من الغطاء السحابي في الارتفاعات المنخفضة، فكشفت عما تحتها من البحار الأقل عكسًا للضوء والأكثر قتامة.

يقول “إدوارد شويترمان Edward Schwieterman”، عالم الكويكبات في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، والذي لم يشارك في التحليل الجديد، حول ما إذا كان هذا الكشف يعبر عن نزعةٍ طويلةِ المدى أم لا، فيقولُ أن هذا يعزز الحُجّة القائلة بوجوب جمع المزيد من البيانات.

إعلان

ويقول “شيڤ بريام راغورامان Shiv Priyam Raghuraman”، عالم الغلاف الجوي بجامعة برينستون، أن قلة الغيوم فوق شرق المحيط الهادئ ليست الشيء الوحيد الذي يقلل الانعكاس الأرضي، أي وضاءته. فتشير العديد من الدراسات إلى انخفاضٍ طويلِ المدى في كمية الجليد البحري خاصةً في القطب الشمالي. كذلك هنالك انخفاضٌ في كمية الجليد على الأرض ووجود الملوثات الصغيرة التي تسمى “الهباء الجوي”، فكل هذه العوامل تبدد ضوء الشمس نحو الفضاء مرةً أخرى من أجل تبريد الأرض.

عندما يقلُّ الغطاء الجليدي للأرض، فإنها تمتص مزيدًا من الإشعاع الشمسي. وهذه الزيادة في الإشعاع الممتص خلال العقود الأخيرة أخذت تزيد من حرارة المحيطات وتذيب المزيد من الجليد. مما أسهم في زيادة الحرارة أيضًا ضمن حلقة ارتجاع ضارية. هذا ما أضافه “شويترمان”.

إجمالًا، يقدّر “غوود” وزملاؤه أن الانخفاض في قدرة الأرض على عكس الإشعاع من 1998 حتى 2017 يعني أن كل متر مربع من سطح كوكبنا يمتص 0,5 واط من الطاقة الإضافية في المتوسط. وللمقارنة، لاحظ الباحثون في دراستهم أن الغازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري جنبًا إلى جنب مع غيرها من الأنشطة البشرية، كانت قد عززت مدخلات الطاقة إلى سطح الأرض بما يقدر بنحو 0,6 واط لكل مترٍ مربع خلال نفس الفترة الزمنية. ذلك يعني أن انخفاض قدرة الأرض على عكس الإشعاع قد عمل على مضاعفة تأثير زيادة الحرارة الذي شهده كوكبنا خلال فترة العشرين عام تلك.

المصدر

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: مريم حمدي

ترجمة: حمزة الفيل

اترك تعليقا