النجاح رحلة وليس وجهة
هناك رؤية خاصة لكل مجتمع فيما يتعلق بمفهوم النجاح ، فعند الغرب اتجهوا بالتركيز على الرأسمالية للازدهار المادي: منزل كبير والهوس باقتناء السيارات وملابس جميلة والكثير من المال.
تمركز مفهوم النجاح في غالبية المجتمعات التقليدية على العائلة: الكثير من الأطفال والأحفاد ليكونوا سند للمرء في سن الشيخوخة .
ولكن هناك بعض الصور النمطية حول مفهوم النجاح، فكل هذه الأهداف تتغير ويبدو أننا لم نصل أبداً إلى النجاح، لأن هناك دائماً شخص آخر بحوزته المزيد من المال، سيارة أفضل ومنزل أكبر ونتيجة لذلك يشعر الكثير منّا بأننا لسنا ناجحين كفاية حتى لو كان بحوزتنا ما نحتاجه أو نستخدمه أكثر من أي وقت مضى.
يخلق مجتمعنا هذه المشاعر لأن ما في الصميم يشعر بعدم الاكتفاء الذي يقودنا إلى الرأسمالية.
تحتاج الشركات إلى الشعور بأننا لم نحقق ما يكفي مما يجعلنا نسعى لشراء المزيد. وعندما لا نشعر بالرضا سنشعر بأننا مضطرون للقيام بأعمال لتساعدنا على الشعور بالمزيد من النجاح، والعديد من هذه الشركات تستخدم هذه الطريقة لإقناعنا بأن الطريق لتحقيق الشعور بالنجاح هو شراء هذه الأشياء، المشكلة بالطبع أن هذه الدورة لا تنتهي أبداً؛ لأن هناك دائماً شيء آخر نريده ونسعى جاهدين من أجله.
هذه مرآة مظلمة لواقع أساسي في الحياة: فالنجاح حقاً رحلة وليس وجهة. النجاح هو ما نعنيه بأن تكون شخصاً يحاول بجدّ و يكرّس وقته وموهبته للوصول إلى الهدف وتحقيق الحلم. ومع ذلك فإن رحلة النجاح ليست طريقاً مفروشًا بالورود وممهداً بالذهب؛ بل محاولة للعثور على الرضا والوفاء في الحياة.
المرء لا يصبح ناجحاً بالمقياس التعسفي، ومثالاً على ذلك: ذاك الرجل الذي يعتقد أن كسب 10 مليون دولار سوف يجعله يحقق نجاحًا ماليًا. هل هذا يعني إذا كسب 9.999.999 $ يعتبر شخصًا غير ناجح؟
وإذا وجد 1$ بين وسائد الأريكة، ما الذي تغير حقًا بجعله ناجحًا؟ هل عندما حصل على أخر دولار حين ضاع في الأريكة وبكل بساطة كان يظن أنه يمتلكها؟ بمعنى آخر العناصر الذي جعلت منه شخص ناجح هو العمل الجاد والشاق والإخلاص و الخبرات التي وظفها من أجل كسب المال وليس المبلغ النقدي المتاح بين يديه.
وبطريقة مماثلة، يجب علينا التفكير بالنجاح على أنه عملية من خلالها نحقق أهدافنا ولا نقصد به الأهداف المحددة نفسها.
يمكن للمرء أن يكون ناجحًا، من خلال تطوير عادات النجاح.
تخيل امرأة تريد أن تصبح فنانة عظيمة، ترسم طوال الليل والنهار، تطور مهاراتها وتصقلها لتضمن كمية مذهلة من العمل ثم تملأ المعارض بلوحاتها وفي يوم من الأيام أشاد أحد ناقدي الفن بإحدى لوحاتها وفجأة ارتفعت قيمتها، هل مديح الناقد نجح في تحويل الفن إلى نجاح؟ أم كان نجاحها في الرحلة التي قامت بها خلق العمل الذي سيقدره الآخرون؟
في النهاية الشخص الوحيد الذي باستطاعته تحديد النجاح لنا هو أنفسنا.
يجب علينا أن نقرر ما نعنيه بأن نكون ناجحين، النجاح بالنسبة لغالبيتنا ليس هدفاً محدداً بل هو كفاح وسعي ووفاء ومحرك للوصول إلى هذا الهدف.
اختيار الهدف هو نقطة نهاية تعسفية والتشبث به بشكل صارم يجعله خطراً يهدد بقطع نجاحنا في وقت مبكر، لذلك بدلاً من القول “أنا ناجح لأني كسبت مليون دولار” حاول أن تقول “أنا ناجح لأنني أعمل بجد وأسعى للأفضل كل يوم وأحصل على مكافآت تتناسب مع جهودي” من خلال تعريفنا للنجاح على أنه ما نقوم به بدلاً من تحديد مستوى معين من الإنجازات، يمكننا أن نرى بوضوح أن النجاح رحلة وليس وجهة.
و بعد كل شيء إذا وصلت للوجهة سوف تتوقف عن السفر والنجاح لا يتوقف .