الزهايمر .. ماذا تعرف عنه؟
ما إن يتقدّم الإنسان بالسن، وتبدأ حالات النسيان بالتكرار حتى يلاحقهُ هذا التساؤل هل أنا مصابٌ بِالزهايمر؟ حسب منظمة الصحة العالميّة فإنّ واحداً من كلِّ ثمانية أشخاص تجاوزوا الخامسة والستين من العمر عُرضةً للإصابة بما يُعرف بعَتَهِ الشيخوخة وهو عبارة عن مجموعة تغيّرات تطرأ على شخصيّة المُسن، وقدراته العقلية وبضمنها ذاكرته. الزهايمر، أحد أشكال عتَه الشيخوخة ويزداد خطر الإصابة بهِ إلى الضعف بعد الخامسةِ والستين، مع وجود حالات من الزهايمر المبكر الذي يحدث في العقد الرابع من العمر، والنساء أكثر عرضةً للإصابة بهِ.
يصيب الزهايمر الخلايا العصبيّة متسببًا في موتها، فينكمش حجم الأنسجة في الدماغ مقابل زيادة السوائل فيه.
وأعراضهُ متفاوتة، فقد يكون سريعًا ومدمرًا، أو يستمر بالتطوّر ببطء على مدى عشرين عامًا. يبدأ المرض بنسيان أشياءٍ بسيطةٍ، قد تتطوّر إلى نسيان استخدام الأشياء كاستخدام الشوكة لتمشيط الشعر! لا يصيبُ المرض الذاكرة العمليّة فحسب، بل الذاكرة اللفظيّة كذلك، فقد ينسى المريض طريقة هجاء كلمةً معتادة، أو صعوبةً في لفظها، وتطرأ بعض التغيّرات في شخصيّته، متمثلةً بسوء الحكم على المواقف، وتغيُّر المزاج، صعوبةً في تذكّر الطريق لعملهِ، ومن العلامات المبكرة نسيان الاعتناء بنظافته الشخصية كغسل اليدين، ونسيان الاستحمام. وقد يلاحظ المقربون لسيدة كانت تهتم بِأناقتها قبلًا أنها صارت ترتدي نفس الملابس كل يوم ناسيةً بقيّة ما في خِزانتها!
رُغم صعوبة الاعتراف بالمرض، إلا أنّ مراجعة الطبيب لا يجب تأخيرها في حال الشكّ بالزهايمر، فقد يكون التشتُّت في الذاكرة ليسَ زهايمرًا بل عرضًا لحالاتٍ أخرى كاضطراب الغدة الدرقيّة، واضطرابات ضغط الدم والضغط النفسيِّ.
إلى الآن لا يوجد سبب متفق عليهِ للمرض، لكن توجد أسباب عديدة تساهم في المرض أقواها تأثيرًا الاكتئاب الطويل وعدم معالجته، وإدمان الكحول، وبعض الالتهابات الفايروسيّة، لا يوجد علاج شافٍ للمرض للأسف، لكن بعض الأدوية والمكملات الغذائيّة تساهم في تأخير تقدّم المرض، وأثبتَت الدراسات أنّ التمارين الرياضيّة وبالأخص الركض، تساعد في المحافظة على سلامة منطقة تحت المهاد وحتى بناء خلايا عصبية جديدة فيها، كذلكَ المحافظة على نشاطٍ عقليٍّ مستمر مع تقدم العمر، كتعلّم هواية جديدة، أو تعلّم لغة حتى وإن لم يتم إتقانها، تعلُّم العزف على آلةٍ موسيقيِّةٍ يوفران سلامة وحصانة للذاكرة لمدىً أطول من بقيّة المسنين.
مريض الزهايمر كيف يشعر وكيف تتعامل معه؟
أن تعتني بمريضٍ بالزهايمر ليس بالسهل على الإطلاق، لكن كلما تم اكتشاف المرض بوقتٍ أسرع كلّما كانت إمكانيّة مساعدة المريض أكبر. من الضروريّ تخفيف الضغط على الذاكرة بالاعتماد على الملاحظات اللّاصقة هنا وهناك والتذكيرات عبر الهاتف واعتماد استخدام التقويم والساعة بصورةٍ أكثر كفاءة، ومن المهم وضع الأدوية في عُلَبٍ مقسّمةٍ حَسْب أيّام الأسبوع وبالجُرَعِ الصحيحة؛ لكي لا تقع مشاكل نتيجة نسيان الأدوية أو تناول جُرَعٍ مفرطةٍ، وبالتأكيد يجب الإصرار على سحب رخصة القيادة من المريض في حال تقدُّم حالته؛ لئلّا يشكّل خطراً على نفسهِ وغيره.
المريض الذي يكتشف مرضه غالبًا سيكون عصبيًّا، وخائفًا، وسهل الاستثارة، شاعرًا بكونه عالةً وحِمْلًا ثقيلًا على ذويه، وقد يصف الطبيب أدوية إكتئاب في حال لزوم الأمر.
تُشير الدراسات أن حالات الإكتئاب تتفاقم مع الغروب والليالي الطويلة؛ لذا فإن التحلي بالصبر ضروريّ وتفهّم الحالة النفسيّة للمريض ووضعه الذي لا يُحسد عليه، حتى وإن انفجرَ المريض بوجهك بلا داعٍ لأنّ ذلك بتأثير المرض وهو خارجٌ عن إرادتِه.
قد يُصاب الشخص الذي يتولّى رعاية مريض الزهايمر بضغطٍ نفسيٍّ هائلٍ من علاماته: التشوّش، واضطرابات النوم، وألمٌ في الظهر، والحزن، وسوء المزاج. لذا من المستحسن أن يتناوب على رعايته عدة أشخاص، وأحياناً بتقدّم الحالة يتم الُّلجوء إلى دور رعاية المسنّين.
كذلك يؤثّر وجود الجدّة، أو الجدِّ المصاب بالمرض على نفسيّة الأطفال في العائلة، حينما يكتشفون أنّ الجدَّ لا يتذكّر اسمائَهم، أو لا يعرفهم حتى، لذا من الضروريّ شرح المرض لهم والإجابة على اسئلتهم.
ما مِن داعٍ طبعاً للفزع من كلِّ حالة نسيان، فهذا لا يعني بالضرورة الإصابة بالزهايمر، وكون أحد الأبوين مريضاً بالزهايمر لا يعني إصابتك بهِ، من كل مائةِ شخص خمسةً فقط لديهم مريض زهايمر في العائلة.الوقاية من المرض ممكنة نظريًّا على الأقل بالتغذية الصحية، والاكثار من السمك، والفواكه، والمكسرات، والحفاظ على ضغط الدم، والسيطرة على مرض السكري، والاحتفاظ بوزنٍ صحيّ، والحفاظ على النشاط العقليّ وتجنُّب الضغوطاتِ النفسيَّة قدر الإمكان، أي الحفاظ على الصحة العامة.