نحو صناعاتٍ صديقةٍ للبيئة: لأنّ صلاحَ أعمالنا في صلاح كوكبنا

إذا كنت تعيش في الولايات المتحدة وتستمتع باصطحاب قهوة الصباح معك إلى العمل، فإن كُم الكوب الورقي الذي سيقيكَ من حرارة القهوة، على الأرجح أنتجت أحد محطات إعادة التدوير أو تصنيع المواد العضوية 99 ٪ من موادها.

فأيُّ مادة -من الورق والورق المقوى إلى بلاستيك التغليف والمعادن- يتم تدويرها، بل إن الأكمام نفسها مصنوعةٌ من مواد معاد تدويرها بنسبة 100%. ويقول كريس جبسون، مدير المصنع: “أجمل ما في الأمر، أننا لا نلقي أي شيء في مكب النفايات”.

وتستجيب الشركات في مختلف أنحاء العالم، على نحوٍ متزايدٍ، لضرورة عالمية ملحة ولرغبة المستهلكين في المحافظة على البيئة، وقد تبيّن وفقًا لدراسة استقصائية دولية أن أكثر من 80% من الأشخاص يحترمون الشركات والعلامات التجارية التي تتبنى ممارسات صديقة للبيئة. كما أظهرت الدراسة أيضًا أن جميع المستهلكين تقريبًا يشعرون بالقلق إزاء قضية بيئية واحدة على الأقل. وعلى الرغم من أن أكثر من نصف المستهلكين يقاطعون الشركات التي تتبع ممارسات أو تقدم منتجات غير مستدامة، إلاّ أنّ التوجهات الصديقة للبيئة لا تُتَرجَم دومًا إلى سلوكيات شرائية. وجاء في التقرير أن “المستهلكين يرغبون في القيام بعمليات شراء مسئولة تجاه البيئة، ولكنهم لا يملكون دومًا الوسائل اللازمة للقيام بذلك، وهذه فرصة عظيمة، على أصحاب العلامات التجارية أن يحسنوا استغلالها.”

وكشف الاستطلاع أن ثلث المستهلكين يريدون أن تكون معلومات إعادة التدوير وتصنيع المواد العضوية واضحة على تغليف المنتج، وطالبوا بإضافة المزيد من المعلومات حول الاستدامة لمساعدتهم في عمليات شراء صديقة للبيئة.

ويمكن للشركات أن تزيد من أرباحها، من خلال تيسير الأمر على المستهلكين. فشركة الأحذية المعروفة “أديداس”، على سبيل المثال، اتحدت مع منظمة “بارلي فور ذا أوشنز” لإنتاج 7000 حذاء رياضي محدود العدد مصنوع بالكامل من النفايات البلاستيكية التي أزيلت من مياه المحيط. ولقد بيعت جميع الأحذية الرياضية تلك على الفور، ومن المقرر أن تحقق “أديداس” مليار دولار من خط إنتاج آخر، يبلغ خمسة ملايين زوج من الأحذية الرياضية ذاتها.

إعلان

إن الالتفات للبيئة يعود بفوائد أخرى عديدة على الشركات، وتتضمن الحوافز، والإعفاءات الضريبية، وكفاءة أفضل، وأماكن عمل نظيفة وصحية، وتقليص النفقات والتكاليف، ويتم ذلك مثلًا من خلال تقليل عدد المطبوعات، وإطفاء المصابيح في الغرف غير المستخدمة، وإعادة تعبئة خراطيش الحبر. كما أن إعادة استخدام الأشياء تقلل من النفايات الناتجة عن التغليف البلاستيكي.

إن إنتاج البلاستيك يُعَدُّ واحدًا من أكثر القضايا إلحاحًا على مستوى العالم، حيث إنه تصاعد إلى أكثر من 320 مليون طن متري في كل عام، وينتهي المطاف بملايين الأطنان منها في المحيطات والأنهار وأماكن طمر النفايات.

لقد وافقت 187 دولة -باستثناء الولايات المتحدة- هذا الشهر على مراقبة نقل النفايات البلاستيكية عبر الحدود، ولقد جاء ذلك في أعقاب عريضة تحمل ما يقرب من مليون توقيع على طلب يناشد الحكومات بمنع الدول الغربية من “إغراق الدول النامية بالنفايات البلاستيكية، بدلًا من إعادة تدويرها.”

ومن المتوقع أن تتسرب آثار هذا التَّوجُّه إلى الشركات والأعمال، بينما تكافح الدول لإيجاد سبل للتعامل مع النفايات.
ويمكن لكل شركة المساهمة داخل نطاق اختصاصها، فمثلًا ينتج مصنع أكمام أكواب القهوة، الذي تديره” Mesmerize” في نيفادا، أكثر من 300 مليون كُم قهوة مخصص سنويًا، ويقوم بإعادة تدوير ما يصل إلى 1000 طن من الورق والكرتون والبلاستيك كل عام.

ويعلق جيبسون قائلًا: “إن كل ما يدخل أو يخرج من المبنى هو إما سلع تامة الصنع أو معاد تدويرها.”

ويحاول جيبسون تشجيع شركات محلية لمساعدتهم على إعادة تدوير نسبة 1٪ المتبقية من موادهم ونفايات الطعام من الكافتيريا، فبينما يتم فصل القمامة المنزلية إلى مواد قابلة لإعادة التدوير والسماد، حيث إن هذه الخدمة ليست متاحة بعدُ للتجميع اليومي من الشركات المحلية.

ويضيف جيبسون قائلًا: “نحن الآن بصدد البدء الجاد بالعمل؛ فلدي عدد من الأفراد يستكشفون الموضوع” ويعلق مضيفًا :”لقد أمضيت 14 عامًا من العمل للوصول إلى هذه النقطة، وأظن أنه إذا كان بإمكاني إنجاز ذلك خلال العام القادم فسأكون سعيدًا”.

وفي هذه الأثناء، أطلقت منظمة “Planet Ark” غير الربحية في أستراليا مجموعة أدوات مجانية للشركات الصغيرة والمتوسطة، لربطها بمجموعة إعادة التدوير وخدمات الدعم للحد من النفايات.

وفي الولايات المتحدة، تعالج منظمة “Recycle Across America” غير الربحية مشكلة العلامات المحيرة على الحاويات لتقنينها، مما يساعد على تيسير عملية إعادة التدوير.

وصرح المعنيون في المنظمة: “إن الخلط والمعمعة في سلة إعادة التدوير لا تختلف كثيرًا عن القمامة”، كما أن الموقع الخاص بهم على الشبكة العنكبوتية، يحتوي على مجموعة أدوات لإعادة التدوير في المدارس والشركات بنجاح.

وتوضح وكالة حماية البيئة الأمريكية بأن إعادة التدوير ليست الحل الوحيد؛ حيث سيساعد تقليل النفايات وإعادة استخدامها أيضًا على توفير المال والطاقة والموارد الطبيعية.

إنها على أية حال خطوة أولى مهمة، ويقول جيبسون، هناك دائمًا مجال للشركات لتحسين ممارساتها، ويوصي في البداية بأن “عليك أن تراجع شركات إعادة التدوير المحلية التي تتعامل معها”.

“إن إعادة التدوير هي الموجة التي يعوِّل عليها المستقبل، ولا بد على كل واحد منّا أن يراعي البيئة لإنقاذ كوكب الأرض”.

المصدر

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: أحمد المسيري

تدقيق علمي: ليلى أحمد حلمي

ترجمة: آلاء الطيراوي

اترك تعليقا