شريط الذكريات “بين الحب والألم والغموض” قصة قصيرة الجزء الثاني والأخير
يمكنك قراءة الجزء الأول من هنا
الساعات الأربعة والعشرون تمر ثقيلة ليس فقط على غازي وحده، ولكن على أصدقائه أيضًا الكل أصبح داخل دائرة الشك والكل متهم أمام والدة غازي ويتحملون المسؤولية أمامها إلى أن يثبت العكس.
الوضع الطبي لغازي سيء لا تحسن بالحالة وكل الطاقم الطبي بقيادة د.حسين رضوان يعمل كخلية نحل حتى يشفى غازي ويعود للوعي لكي يحل ذلك اللغز ويرفع عن أصدقائه الاتهام.
وبعد محاولات عديدة استفاق غازي من غيبوبته وهو يردد: “سأنتقم منك يا كوجا أنت من قتلت بلسم وقتلت طفلتي.” وتارةً يصرخ: “لا، أنا لست بقاتل”، وسط ذهول الجميع. وبعد أن ارتوت الأم برؤية ابنها مرة أخرى بعد أن ظن الجميع أنه بعداد الأموات، حان وقت الإجابة على السؤال
“ماذا حدث يا غازي؟”، فرد بنفس الإجابة: “كوچا وليلاس قتلا زوجتي الحامل أنا لم أفعل شيئًا.”
فرد الدكتور حسين رضوان: “من هؤلاء؟ أشخاص تعرفهم؟ أم أسماء حركية لمجموعة خطفتهم مثلًا؟ أرجوك وضح أكثر.” فأصر غازي على عدم الكلام إلا بحضور الشيخ ناصر وعلى انفراد. فلبى الطبيب طلبه بعد مشاورات وأخذ الاحتياطات التي تضمن عدم تكرار انهياره العصبي وغيبوبته مرة أخرى. دخل الشيخ ناصر على غازي الذي بادره بالارتماء بحضنه وأجهش بالبكاء مرددًا: “الله حرمني من بلسم روحي ونبض قلبي. ماتت زوجتي يا شيخي.” فظل الشيخ يذكره بالصبر وأجره عند الله وأن لقاءه بزوجته وطفلته سيكون بالجنة وما أن سمع غازي هذا الكلام إلا وانفجر صارخًا: “سأدخل النار وأخلد فيها.”
فقاطعه الشيخ ناصر: “الله يغفر ويرحم، وأرحم مما تتصور عقولنا. اهدأ.” فصرخ غازي: “أنا قتلتُ زوجتي بسببه.” فرد الشيخ: “بسبب مَن؟ قُل ولا تخف.” فرد غازي: “كوجا وليلاس وكتاب الظل الأسود.منذ أن اشتريت هذا الكتاب الملعون بسبب فضولي تدمرَت حياتي، وأصبحتُ لا أطيق حياتي صرت أصرخ كل ليلة والنار تشتعل بجسدي. أُعذّب دون أن يشعر بي أحد، أصبحت ممنوعًا عن أي شيء. فقط كنت راهبًا لهذا الكتاب فقط كانت بداية الأمر عاديةً وكانت بإرادتي ولكن أصبحتُ بعد ذلك مرغمًا.” فقال له الشيخ: “صِف لي شكل هذا الكتاب وكيف تعرفت على ليلاس وكوجا. ولكن غدًا لأتركك ترتاح اليوم.
وبالفعل نام غازي وخرج الشيخ ناصر ليحكي للجميع ما قاله غازي.
وفي صباح اليوم التالي دخل الشيخ ناصر لغازي وكان الاتفاق على أنْ يراقِب الأطباء الأمر عن بُعد؛ وذلك تنفيذًا لرغبة غازي أن يكون الحديث بينه وبين الشيخ ناصر على انفراد، وكذلك كون الشيخ ناصر يُعتبر الملهِم والأب الروحي لغازي.
وفي تلك اللحظة التي بدأت بلسم فيها بالاحتضار، أتاني كوجا بعد أنْ صرختُ مرددًا: “من فعل هذا؟ لا، لا! ليكن الموت جزائي!” وصرت أنادي على بلسم إلى أن انتحرت بجرعة دواء وسقطت على الأرض.
خرج الشيخ يبكي على حال غازي الذي رباه بالمسجد منذ طفولته. جلس الشيخ ناصر مع د.حسين ود.خالد في جلسة مهمة للنقاش حول وضع غازي، بدأ الشيخ (ناصر) بسرد ما دار بينه وبين غازي بالغرفة وسجل د.خالد ما قاله الشيخ ناصر بكل دقة وعناية. وبدأ حديثه قائلًا: حالة غازي تتلخص في أنه أحب بلسم لدرجة أنه لم يستطِع تحمل فقدانها؛ أي أنها احتلت دائرة الاهتمام بالمخ لديه، فكل انفعالاتنا مرتبطه بالمخ فكل كلمة نقولها لها أثر فما بالكم لو ذكرى؟” فقاطعه قاسم قائلًا: “أتريد القول بأننا سبب حالة غازي؟” فرد خالد: “نعم بكل تأكيد وليس من العقل في شيء أن تجعلوه يذهب لشقته التي أصبحت كالمقبرة له بعد الحادث.” فقالت مودة: “هو شخصٌ عنيدٌ متوقعٌ منه أي شيء. لم يخبر غازي أحد بنيته ولولا الله ثم تفكيرنا لكان الأمر أسوأ بكثير.”
فرد الكل باندهاش: “كيف؟”
وعلى الجانب الآخر، وبعد بحث دقيق وجد قاسم أوراقًا بمكتب غازي، والموجود في منزل والدته، يُعتقد بأنها ستفيد بحل المشكلة، وُجِدتْ موضوعة داخل ظرف مدون عليه عبارة “سريّ للغاية”، وعندما تم فتحه وُجِد عددٌ من المخطوطات تحوي كمية كبيرة من النقوش والرموز وعند مقارنتها بالنقوش الموجودة على بقايا جدران وأرضية شقة غازي وبلسم وجدت مطابقة تمامًا. وكانت الشرطة قد خلصت لكون هذه النقوش هي للزينة فقط، ولا تعتبر دليل إدانةٍ، وزادت الصدمة على الجميع عندما أشار عليهم الشيخ ناصر بأن النقوش والرموز ليست للزينة ولكن تميل للسريانية والعبرية في شيء أشبه بتعويذة السحر.
وبالفعل استجاب قاسم لملاك وذهبوا على الفور للمستشفى وقاموا بفتح الجوال بالمستشفى بعد عدة محاولات، حيث كان غازي قد وضع له كلمة مرور لحمايته وهذا يدل على أهمية ما به.
وبإعادة تثبيت الألعاب على هاتف قاسم، وجد نفسه داخل صفحة لجمع معلومات شخصية قالت اللعبة أنها الزامية للدخول ودونها لا يمكن اللعب.
فرد حسين: ومن هنا بدأتْ تسيطر على عقله، ولكي نتأكد علينا أن نجري تجربةً بجعل قاسم يثبت التطبيقات على جهازه ودخل أولًا على لعبة (كهف الشيطان)، فوجد أن التسجيل باللعبة معقدٌ وكأنه تحقيق وطلب أيضًا بياناتٍ مفصلةٍ بدايةً من الاسم والصورة، مرورًا بالحالة الاجتماعية، والوظيفة، وعدد أفراد الأسرة، والعنوان وعندما ضغط قاسم على زر الرفض توقف التطبيق ورفض الاستجابة.
وظل الشيخ ناصريردد: “مش ممكن.” ويتصبب عرقًا من الصدمة. فيما قال قاسم: “كيف للعبة أن تحوّل إنسانًا متعلمًا لقاتل يأخذ أوامره من الهاتف ليدمر بها الواقع؟ رباه رأسي سينفجر القاتل أصبح تطبيقًا!” فردّ د.حسين: “مصممو تلك التطبيقات يركزون على دائرة الاهتمام والشغف لدى الإنسان بعد جمع ما يلزم من معلومات بطريقه سرية وخبيثة.” فقالت مودة: “وضع السم في العسل فرد لا التكتيك الجديد أنت صانع العسل والسم ومتذوقه أيضًا، وأنت من تتلقى الضرر الذي قد يصل إلى حد القتل كما نرى.” فردت مودة: “وماذا يستفيدون هم؟”
فرد دكتور حسين: “التجارة بالمعلومات الشخصية أصبحت رائجةً ومربحةً. الآن حتى الكتاب الموجود على الهاتف هم من أشاروا عليه به وأخبروه بما يجب عليه أن يفعل طبعًا تحت مظلة الارتقاء بالمستويات.
وكان زعيم لعبة كهف الشيطان يُدعى “كوجا” والأخرى “ليلاس” نفس الأسماء التي كان يرددها غازي وهو يصرخ.”
فرد د.حسين: “وماذا عن النقوش والرموز المرسومة على الحوائط في الحادثة الأولى والثانية؟”