الطمأنينة تحت العاصفة: كيف نحافظ على هدوئنا في الأزمات

تستمع إلى المذياع يتحدث عن العواصف المرتقبة التي لم تمر البلاد بمثلها منذ عقود، بعدها تتحدث الأخبار عن جائحة لم تحدث منذ قرن أو يزيد. تتلاحق أمام عينيك في وسائل التواصل وفي كل مكان كلمة “عاجل” يتبعها خبر سيء، يتصاعد الأدرينالين بدمك، يزداد الضغط عليك وترتفع مستويات القلق والخوف لديك. كل الأخبار سيئة وكل خبر أسوأ من سابقه، يصبح التوتر في هذه الظروف أمرًا بديهيًا ! ولكن لابدّ من أفكار أو خواطر تساعدنا في أوقات الكوارث ونحن تحت عاصفة من الأزمات، حتى تمر علينا بسلام.

تقبّل: نحن كائنات رائعة، ولكننا كذلك كائنات هشّة تعيش في ركنٍ ضئيلٍ من الكون، غني بالأكسجين بصورة غامضة. لم نكن ولن نكون أبدًا سادة لظروفنا تمامًا. سنبقى دائمًا تحت رحمة قوى رائعة لا يمكن التحكم بها، والتي علينا أن نستسلم لها بدرجة من الإعجاب.

استسلم: لضعفنا أمام الأحداث، ولعجز عقولنا العظيمة، للشعور بالتواضع أمام قوى الطبيعة، ولضعفنا أمام عبث الكائنات الدقيقة.

تخلّى: عن صور الكمال، عن الحياة الخالية من العيوب والمسارات التي لا تشوبها شائبة. علينا أن نتوقع، باستمرار، أننا قد نُباغت أو نؤخذ على حين غرة.

لا اضطهاد هنا: نحن لسنا المقصودين من أي شيء مما حدث، لم يصيبنا ما أصابنا عن عمد وقصد. قد نكون ضحايا للأمر، لكننا بالتأكيد لم نكن أهدافًا له.

إعلان

قدّم الحب: قدّم الحب لرفاقنا البشر المصابين، قدم يد العون لجيرانك الحائرين والخائفين مثلك تمامًا. ابنِ صداقات في رحلتنا الرائعة من الضعف المشترك والمليئة بالمفاجئات.

اخدم: يمكن أن تتحصل على الراحة من الغنى الناتج عن تقديمك الحب بدلًا من استقبال الحب، وكم إنّ الأمر بهيج أن تخدم أكثر من أن تُخدم. خذ عطلة من البحث القاسي عن الإنجاز الفردي لصالح الهدف الأسهل دائمًا: طمأنة وراحة الآخرين.

التشاؤم: تحصّل على راحة البال بأن لا تتوقع الأفضل، بل بتوقع الأسوأ وجعل نفسك على وفاق تام مع الاحتمالات الأكثر بغضًا. استنزف من الهلع والخوف نقطة قوته المتمثلة في الصدمة والمفاجأة.

كن ممتنًا: لزقزقات الطيور، لرسومات الأطفال، لفروع الأشجار المهتزة أمام نافذتك، لطعم الشراب البارد في حلقك، ولذكرياتك على الشاطئ مع عائلتك أو أصدقائك من سنين.

اضحك: على عبثية العرض، واستمر في السخرية بتحدٍ حتى في أحلك الأوقات.

سامح نفسك: على عجزك أن تكن كما تريد تمامًا، وأن تكن هادئًا وذكيًا كما ترغب. من الطبيعي تمامًا ومن المطلوب أحيانا أن تكون مخبولًا معظم الوقت.

الملذّات الصغيرة: يومًا بيوم، مع الحفاظ على مكان خاص للملذات الصغيرة: النظر للزهور وأكل الشوكولاته والاستحمام بماء ساخن والدعابات مع الأصدقاء.

نحن جزء من كائنات استطاعت في مائة ألف عام فقط من الوصول إلى فهم مذهل للوجود، وبناء آلات عملاقة، وتعلمت أن تعتبر أنفسها مسؤولة عن الأمور. علينا أن نتقبل حاجتنا للشعور بالخوف قليلًا ومن وقت لآخر، بأننا ضئيلون للغاية.

نرشح لك: كيف تتكون الظواهر المناخية الشتائية بمختلف أنواعها؟!

سفن حربية في عاصفة

في القرن السابع عشر، طور الهولنديون تقليدًا في اللوحات برسم السفن في عواصف عنيفة. لم تكن هذه الأعمال التي كانت معلقة في البيوت ومباني البلدية في كل أنحاء الجمهورية الهولندية بغرض التزيين فقط، بل كان لها هدفًا ورسالة محددة، بتوصيل فكرة للمطّلعين عليها الذين كانوا يعيشون في دولة تعتمد على التجارة البحرية. رسالة عن الثقة في الإبحار والحياة بصورة أعمّ. قد تبدو صورة السفينة مائلة بهذ الدرجة في بحر هائج –لغير الخبير- كارثة، ولكن هناك مواقف كثيرة تبدو أخطر مما هي فعلًا.

تبدو لوحة لودولف هنا مضطربة للغاية؛ كيف يمكن للسفينة أن تنجو؟ ولكن السفن كانت مصمّمة لمثل هذه المواقف، فهيكلها مصمم خصيصًا ليتحمل عواصف البحار الشمالية، كما أن طاقم السفينة مدربون جيدًا ويعرفون كيف يبقون هادئين في مواجهة البحر الهائج والعاصفة الثائرة. يحاول لودولف هنا أن يبعث لنا رسالة بأننا جميعًا يمكننا التأقلم أفضل بكثير مما نتوقع، وأن ما يبدو خطيرًا للغاية قد يمكننا النجاة منه.

ما ينطبق على العواصف في بحر الشمال ينطبق تمامًا على الاضطرابات في حياتنا. ستخمد العواصف في نهاية الأمر، ربما سنكون منهكين وقد تتصدع بعض الأشياء في حياتنا، ولكننا في النهاية سنصل إلى الشواطئ الآمنة.

اقرأ أيضًا: كيف يجعل القلق لحياتنا معنى؟

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: سدرة الأصبحي

اترك تعليقا