تلوث المياه: كلّ ما تحتاجون إلى معرفته
تعجّ أنهارنا وخزّانات مياهنا وبحيراتنا وبحارنا بالمواد الكيميائيّة والنّفايات والبلاستيك وغيرها من المواد الملوّثة. إليكم الأسباب الكامنة وراء تلوث المياه وما يمكنكم القيام به للمساعدة.
كتب الشّاعر البريطاني (ويستن هيو أودين) ذات مرّة أنّ: “الآلاف من البشر قد عاشوا دون حبّ، إلاّ أنّه لم يسبق لنفر واحد العيش دون ماء.” ومع ذلك، رغم أنّنا جميعًا نُدرك أنّ الماء سرّ الحياة، فإنّنا نلوّثه على أيّة حال. إذ يقع إلقاء حوالي 80 في المائة من المياه المُستعملة في العالم -إلى حدّ كبير دون معالجة- في البيئة، ليلوّث ذلك بدوره الأنهار والبحيرات والمحيطات..
إنّ معضلة تلوث المياه واسعة النطاق وتشكّل خطرًا على صحّتنا. إذ تحصد المياه غير الصّالحة للشرب أرواح النّاس كلّ عام أكثر ممّا تحصده الحرب وجميع أشكال العنف الأخرى مجتمعة من أرواح بشريّة. وفي الوقت نفسه، فإنّ مصادر المياه الصّالحة للشرب لدينا محدودة: أقلّ من 1 في المائة من المياه العذبة على الأرض في متناولنا بالفعل. ودون اتّخاذ إجراء، فإنّ التحدّيات ليس من شأنها إلاّ الازدياد حتّى حلول عام 2050، إذ من المتوقّع أن يزيد الطلب العالمي على المياه العذبة بمقدار الثّلث عمّا هو عليه في الوقت الرّاهن..
ارتشفوا كوبًا من الماء البارد الصافي بينما تقرؤون هذا المقال، وسيسري في اعتقادكم أنّ تلوث المياه يمثّل مشكلة في مكان آخر. ولكن في حين أن معظم الأميركيين يمكنهم الحصول على مياه صالحة للشرب، فقد وُجدت مواد ملوّثة محتملة الضرر -نحو الزّرنيخ والنّحاس والرّصاص- في مياه الصّنبور لكلّ ولاية من الولايات المتّحدة. ومع ذلك، لم يسر اليأس في قلوبنا تجاه القضاء على كلّ ما يهدّد المياه النظيفة. لنيل فهم أفضل للمشكلة وما يمكننا القيام به إزاءها، إليكم نظرة عامّة عن ماهيّة تلوث المياه ومسبّباته، وكيف يمكننا حماية أنفسنا.
1.ما تلوث المياه ؟
يحدث تلوّث المياه عندما تلوّث المواد الضّارة غالبًا -المواد الكيميائيّة أو الكائنات الحيّة الدقيقة- جدولًا أو نهرًا أو بحيرة أو محيطًا أو طبقة مياه جوفيّة أو أيّ جسم مائيّ آخر، ممّا يؤدّي إلى تدهور جودة المياه وجعلها سامّة لدى الإنسان أو البيئة.
2.ما أسباب تلوّث المياه؟
المياه مُعرّضة بشكل خاصّ للتلوّث. يُعرف الماء بأنّه “مذيب عالمي”، وهو قادر على إذابة المزيد من المواد أكثر من أيّ سائل آخر على الأرض. هذا هو السبب في أننا نمتلك العلامة التجاري(kool Aid) والشّلالات الزّرقاء الرّائعة. وهو أيضًا سبب تلوّث المياه بسهولة. تذوب المواد السّامة من المزارع والبلدات والمصانع بسهولة وتختلط معها، ممّا يسبّب تلوّث المياه.
3.أصناف تلوث المياه
المياه الجوفيّة
عندما يهطل المطر ويتسرّب إلى عمق الأرض، ويملأ الشّقوق، و الصّدوع، والمساحات القابلة للنفاذ من طبقة المياه الجوفيّة (مخزن للمياه تحت الأرض بالأساس)، يصبح مياه جوفيّة -أحد مواردنا الطبيعية الأقل وضوحًا للعيان والأكثر أهميّة. يعتمد ما يقرب من 40 في المئة من الأميركيين على المياه الجوفيّة التي تُضخّ على سطح الأرض كمياه للشرب و بالنّسبة لبعض النّاس في المناطق الريفيّة، يمثّل مصدر المياه العذبة الوحيد لديهم. تتعرّض المياه الجوفيّة للتلوّث عندما تصل المواد الملوّثة من المبيدات الحشريّة والأسمدة إلى النّفايات المتسرّبة من مدافن النّفايات وأنظمة الصّرف الصحي- إلى طبقة المياه الجوفيّة، ممّا يجعلها غير آمنة للاستخدام البشري. يمكن أن يكون التخلّص من المواد الملوّثة في المياه الجوفية أمرًا صعبًا ومستحيلًا فبمجرد تلوّثها، قد تصبح طبقة المياه الجوفيّة غير صالحة للاستعمال لعقود أو لآلاف السنين حتّى. يمكن أن تنشر المياه الجوفية أيضًا التلوّث بعيدًا عن المصدر الملوّث الأصلي إذ تتسرّب إلى الجداول والبحيرات والمحيطات.
المياه السطحيّة
تغطّي المياه السطحيّة حوالي 70 في المائة من سطح الأرض، وهو ما يملأ محيطاتنا وبحيراتنا وأنهارنا وجميع تلك المناطق الزّرقاء المرسومة على خريطة العالم. تمثّل المياه السطحيّة من مصادر المياه العذبة (أي من مصادر أخرى غير المحيطات) أكثر من 60 في المائة من المياه التي تُمدّ إلى المنازل الأمريكيّة. ولكن كميّة كبيرة من تلك المياه في خطر. وفقًا لأحدث الدّراسات الاستقصائيّة التي أجريت حول جودة المياه الوطنيّة من وكالة حماية البيئة الأمريكية، فإنّ ما يقرب من نصف الأنهار والجداول وأكثر من ثلث بحيراتنا ملوّثة وغير صالحة للسّباحة وصيد الأسماك والشّرب. يعد تلوّث المغذّيات، الذي يشمل النترات والفوسفات، النّوع الرّئيس من التلوّث في مصادر المياه العذبة هذه. بينما تحتاج النّباتات والحيوانات إلى هذه العناصر الغذائيّة للنموّ، فقد أصبحت ملوّثًا رئيسًا بسبب النّفايات الزّراعية ونفايات الأسمدة. و يساهم تصريف النفايات البلدية والصناعية بحصّة عادلة من السّموم أيضًا. هناك أيضًا كلّ النّفايات العشوائيّة التي تتخلّص منها الصناعة والأفراد مباشرةً في الممرّات المائية.
مياه المحيطات
ثمانون في المائة من تلوّث المحيطات (ويسمّى أيضًا التلوّث البحري) تنشأ من البرّ -سواء على طول السّاحل أو في المناطق الداخليّة البعيدة. تُنقل المواد الملوّثة مثل المواد الكيميائية والمواد المغذّية والمعادن الثّقيلة من المزارع والمصانع والمدن عبر الجداول والأنهار إلى الخلجان ومصبّات الأنهار الخاصّة بنا؛ و من هناك تتسرّب إلى البحر. وفي الوقت نفسه، تعصف الرّياح بالحطام البحري وخاصّة البلاستيك أو تجرفها مصارف المياه و قنوات الصرف- في بعض الأحيان، تتلوّث بحارنا بسبب الإنسكابات النفطية وتسربّاته كبيرةً كانت أو صغيرةً وتمتصّ باستمرار تلوّث الكربون من الهواء. يمتصّ المحيط ما يصل إلى ربع انبعاثات الكربون من صنع الإنسان.
المصادر الثّابتة
عندما ينشأ التلوّث من مصدر واحد، فإنّه يطلق عليه اسم مصدر ثابت. ومن الأمثلة على ذلك مياه الصّرف الصحي (وتسمّى أيضًا النّفايات السائلة) التي تصرّفها الشركة المصنعة أو معمل تكرير النّفط أو مرفق لمعالجة مياه الصّرف الصحّي بشكل قانوني أو غير قانوني، فضلاً عن التلوّث النّاجم عن تسرّب أنظمة الصّرف الصحّي و التسرّبات الكيميائيّة والنفطيّة و الإلقاء غير القانوني. تنظم وكالة حماية البيئة الأمريكيّة تلوّث المصدر الثّابت من خلال وضع قيود على ما يمكن تصريفه بواسطة منشأة مباشرة في مسطّح مائي. على الرغم من أنّ تلوّث المصدر الثّابت ينشأ من مكان مُحدّد، فإنّه يمكن أن يؤثّر على أميال من الممرات المائيّة والمحيط.
المصادر غير الثّابتة
تلوّث المصادر غير الثابتة هو تلوّث ناتج عن مصادر الانتشار. وقد تشمل هذه المياه الجريان السطحي للزراعة أو مياه الأمطار أو الحطام الذي يندثر في الممرّات المائيّة من الأرض. يعدّ تلوث المصادر غير الثّابتة السّبب الرئيس لتلوّث المياه في الولايات المتّحدة، ولكن من الصّعب تنظيمه، ذلك أنّه لا يوجد جاني واحد يمكن التعرّف عليه..
تلوّث عابر للحدود
من الغنيّ عن القول أنّ تلوّث المياه لا يمكن احتواؤه بخطّ على الخريطة. يكون التلوّث العابر للحدود نتيجة تسرّب المياه الملوّثة من بلد إلى مياه بلد آخر. يمكن أن ينجم التلوّث عن كارثة مثل: التسرّب النفطي أو التسرّب البطيء أسفل النّهر النّاتج عن التّصريف الصّناعي أو الزّراعي أو البلدي.
4.أكثر أنواع تلوث المياه شيوعًا
التلوّث الزراعي
لا يقتصر الأمر على كون القطاع الزراعي أكبر مستهلك لموارد المياه العذبة العالمية، إذ يستخدم الإنتاج الزراعي والحيواني حوالي 70 في المائة من إمدادات المياه السطحيّة للأرض، بل إنّه أيضًا ملوّث خطير للمياه. تعدّ الزراعة السبب الرّئيس لتردّي نوعيّة المياه في جميع أصقاع العالم. يعتبر التلوّث الزّراعي المصدر الرئيس للتلوّث في الأنهار والجداول في الولايات المتّحدة، وثاني أكبر مصدر تلوّث في الأراضي الرّطبة، والمصدر الرّئيس الثّالث في البحيرات، و يعدّ أيضًا مساهمًا رئيسًا في التلوّث في مصبّات الأنهار والمياه الجوفيّة. في كلّ مرة تمطر فيها السّماء، تجرف الأسمدة و المبيدات ونفايات الحيوانات من المزارع وعمليّات الثّروة الحيوانية العناصر الغذائيّة ومسبّبات الأمراض مثل: البكتيريا والفيروسات في ممرّاتنا المائيّة. يُعدّ تلوّث المغذّيات، النّاجم عن فائض النيتروجين والفوسفور في الماء أو الهواء، التّهديد الأوّل لجودة المياه في جميع أنحاء العالم ويمكن أن يتسبّب في تكاثر الطحالب، وهو خليط سام من الطحالب الخضراء المزرقّة يمكن أن يكون ضارًا بالناس والحياة البرية.
مياه الصّرف الصحي والمياه العادمة
المياه المستخدمة هي مياه عادمة. وهي تأتي من أحواضنا و حماماتنا ومراحيضنا (تذكروا مياه الصرف الصحي) ومن الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية (خمنوا في المعادن والمذيبات و الرواسب السّامة). يشمل المصطلح أيضًا جريان المياه السّطحي عند العواصف، والذي يحدث عندما يحمل المطر أملاح الطرق، و النفط، والشحوم، والمواد الكيميائية، والحطام من الأسطح الكتيمة في المجاري المائيّة الخاصة بنا.
تعود أكثر من 80 في المائة من مياه الصرف الصّحي في العالم إلى البيئة دون معالجتها أو إعادة استخدامها، وفقًا للأمم المتحدة؛ في بعض البلدان الأقل نموًا، تصل النّسبة إلى 95 في المائة. في الولايات المتّحدة، تُعالج منشآت معالجة المياه العادمة حوالي 34 مليار جالون من المياه المستعملة يوميًا. تقلّل هذه المرافق من كميّة المواد الملوّثة مثل مسبّبات الأمراض و الفوسفور والنيتروجين في مياه الصرف الصحي، وكذلك المعادن الثّقيلة والمواد الكيميائيّة السّامة في النّفايات الصناعيّة، قبل تصريف المياه المعالجة إلى المجاري المائية. و يكون ذلك عندما تسير الأمور جيدا. ولكن وفقًا لتقديرات وكالة حماية البيئة الأمريكية، فإنّ أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي التي تسود بلادنا والتي تطغى عليها بسهولة تُصدّر أكثر من 850 مليار جالون من مياه الصرف الصحي غير المعالجة كلّ عام.
التلوّث النّفطي
قد تهيمن الإنسكابات الكبيرة على العناوين الرئيسة، لكنّ المستهلكين يمثّلون الغالبية العظمى من التلوّث النفطي في بحارنا، بما في ذلك النفط والبنزين الذي يقطر من ملايين السيّارات والشّاحنات كل يوم. علاوة على ذلك، فإنّ ما يقرب من نصف المليون طن من النفط التي تشقّ طريقها إلى البيئات البحرية كل عام، لا تتجمّع من انسكابات ناقلات النفط و إنّما من مصادر بريّة مثل المصانع والمزارع والمدن. تمثل انسكابات صهاريج النفط في البحرحوالي 10 بالمائة من النفط في المياه حول العالم، بينما تساهم العمليّات المنتظمة لقطاع النقل البحري -من خلال التصريفات القانونية وغير القانونية- بنحو الثلث. بالإضافة إلى إطلاق النّفط طبيعيّا من قاع المحيط من خلال التصدّعات المعروفة بالتسرّبات.
المواد الإشعاعيّة
النّفايات الإشعاعيّة هي أي تلوّث ينبعث منه الإشعاع بما يتجاوز البيئة الطبيعية. وهو ناتج عن استخراج اليورانيوم، ومحطّات توليد الطّاقة النوويّة، وإنتاج واختبار الأسلحة العسكريّة، فضلاً عن الجامعات والمستشفيات التي تستخدم المواد الإشعاعيّة في الأبحاث والطبّ. يمكن أن يستمر وجود النّفايات الإشعاعيّة في البيئة لآلاف السنين ، ممّا يجعل التخلّص منها تحدّيًا كبيرًا. تفكّروا في موقع إنتاج الأسلحة النووية هانفورد الذي وقع إيقاف تشغيله في واشنطن، إذ يُتوقّع أن تُكلّف عمليّة تنظيف 56 مليون جالون من النّفايات الإشعاعيّة أكثر من 100 مليار دولار وتستمرّ حتّى عام 2060.
تهدّد المواد الملوّثة الملقاة عن طريق الخطأ أو التي يتمّ التخلّص منها بطريقة غير صحيحة كلا من المياه الجوفيّة والمياه السطحيّة والموارد البحريّة.
5.آثار تلوث المياه
على صحّة الإنسان
بعبارة صريحة: إنّ تلوث المياه قاتل. في الواقع ،فقد تسبّب في 1.8 مليون حالة وفاة في عام 2015، وفقا لدراسة نشرت في مجلّة The Lancet. يمكن للمياه الملوّثة أن تجعلك مريضًا. كلّ عام، تصيب المياه غير الصّالحة للشّرب حوالي مليار شخص بالأمراض. وتكون المجتمعات ذات الدّخل المنخفض معرّضة للخطر بشكل مفرط لأنّ منازلها غالباً ما تكون الأقرب إلى الصّناعات الأكثر تلويثًا.
إنّ مسبّبات الأمراض التي تحملها المياه، في شكل البكتيريا المسبّبة للأمراض والفيروسات من النّفايات البشريّة والحيوانيّة، هي سبب رئيس للمرض ناتجة عن مياه الشّرب الملوّثة. تشمل الأمراض التي تنتشر عن طريق المياه غير الصالحة للشرب الكوليرا والجيارديا والتيفوئيد. حتّى في الدول الغنية، تُسهم الإطلاقات العرضيّة أو غير القانونية من مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك الجريان السطحي من المزارع والمناطق الحضرية، في مسبّبات الأمراض الضّارة في الممرّات المائيّة. يصاب الآلاف من النّاس في جميع أنحاء الولايات المتّحدة بالإعياء كلّ عام بسبب مرض (Legionnaires) (وهو نوع حادّ من الالتهاب الرّئوي ينتج عن مصادر المياه مثل أبراج التبريد والمياه المنقولة عن طريق الأنابيب)، و قد شهدت كلّ من ديزني لاند بكاليفورنيا و حي أبر إيست سايد في مانهاتن حالات مصابة بذلك المرض.
وفي الوقت نفسه، فإنّ محنة السكّان في فلينت بولاية ميشيغان -إذ أدّت تدابير خفض التكاليف والهياكل الاساسية للمياه المتداعية إلى ظهور أزمة تلوّث الرّصاص الأخيرة- تقدّم نظرة صارخة على مدى خطورة المواد الكيميائيّة وغيرها من الملوّثات الصناعيّة في مياهنا. تتجاوز المشكلة مدينة فلينت وتتضمّن أكثر من الرّصاص، إذ تنتقل مجموعة كبيرة من الملوثات الكيميائية -من المعادن الثقيلة مثل الزرنيخ والزئبق إلى مبيدات الحشرات والأسمدة النتراتية- إلى إمدادات المياه لدينا و بمجرّد شربها، يمكن أن تسبّب هذه السّموم مجموعة من المشكلات الصحية، من السّرطان إلى خلل الهرمونات إلى تغيير وظائف المخ. الأطفال و تكون النّساء الحوامل معرّضات بشكل خاص للخطر. حتّى السباحة يمكن أن تشكل خطرًا. إذ يعاني 3.5 مليون أمريكي، كلّ عام، من مشاكل صحيّة مثل الطّفح الجلدي و الرّمد الساري والتهابات الجهاز التنفّسي والتهاب الكبد النّاجم عن المياه السّاحلية المحمّلة بمياه الصّرف الصحّي، وفقًا لتقديرات وكالة حماية البيئة.
على البيئة
تعتمد النظم الإيكولوجية السليمة، من أجل تحقيق الازدهار، على شبكة معقّدة من الحيوانات والنباتات والبكتيريا والفطريات و تتفاعل كلّها، بشكل مباشر أو غير مباشر ، مع بعضها البعض. يمكن لأيّ ضرر يلحق بهذه الكائنات خلق سلسلة من التأثيرات، ممّا يعرّض البيئة المائية بأكملها للخطر.
عندما يتسبّب تلوّث المياه في تكاثر الطّحالب في البحيرة أو البيئة البحريّة، فإنّ انتشار العناصر الغذائيّة التي أُدخلت حديثًا يحفّز نموّ النباتات والطّحالب، ممّا يؤدّي بدوره إلى تقليل مستويات الأكسجين في الماء. هذا النقص في الأكسجي، والمعروف باسم الإغناء، يخنق النباتات والحيوانات ويمكن أن يخلق “مناطق ميتة”، حيث تكون المياه خالية أساسًا من الحياة. في بعض الحالات، يمكن لانتشار الطّحالب الضارّة أيضًا إنتاج السّموم العصبيّة التي تؤثّر على الحياة البريّة، من الحيتان إلى السلاحف البحرية.
تلوّث المواد الكيميائيّة والمعادن الثّقيلة من مياه الصرف الصناعي والبلدي الممرّات المائيّة كذلك. هذه المواد الملوّثة سامّة بالنّسبة للحياة المائيّة -ففي معظم الأحيان تقلّل من العمر الافتراضي للكائن الحيّ وقدرته على التّكاثر- وتشقّ طريقها إلى السّلسلة الغذائيّة كمفترس يقتنص طريدته. هو هو ما يفسّر إنطواء سمك التونة والأسماك الكبيرة الأخرى على كميّات كبيرة من السّموم، نحو الزئبق.
إنّ النّظم الإيكولوجيّة البحريّة مهددّة هي الأخرى بالحطام البحري، الذي يمكن أن يُقيّد الحيوانات ويخنقها ويجهز عليها. إنّ الكثير من هذا الحطام الصّلب، مثل الأكياس البلاستيكية وعلب الصودا، يقع جرفه عبرالمجاري ومصارف المياه لينتهي به المطاف في البحر، ممّا يحوّل محيطاتنا إلى خليط من القمامة ويتجمّع في بعض الأحيان ليشكّل بقع عائمة من القمامة. إنّ معدّات الصّيد المهملة وغيرها من أنواع الحطام هي المسؤولة عن إيذاء أكثر من 200 نوع مختلف من الحياة البحرية. وفي الوقت نفسه، يحول ارتفاع نسبة الحموضة في المحيطات دون بقاء المحار والشعاب المرجانية على قيد الحياة. رغم أنّها تمتصّ حوالي ربع التلوّث الكربوني الناتج كلّ عام عن حرق الوقود الأحفوريّ ، إلاّ أنّ المحيطات أصبحت أكثر حموضة.تُعسّر هذه العمليّة على المحار والأنواع الأخرى بناء الأصداف وقد تؤثر على الجهاز العصبيّ لأسماك القرش ،و سمكة العظمية، و الكائنات الحيّة البحريّة الأخرى.
6.مالذي يمكنكم فعله لمنع تلوّث المياه؟
الإجراءات الخاصّة بكم
من السّهل أن تستنكروا على شركة النّفط استخدام ناقلة مسرّبة، لكنّنا جميعًا مسؤولون إلى حدّ ما عن مشكلة تلوّث المياه اليوم. لحسن الحظّ، هناك بعض الطرق البسيطة التي يمكنكم من خلالها منع تلوّث المياه أو على الأقلّ الحدّ من مساهمتكم في ذلك:
قلّلوا من استهلاككم للبلاستيك وأعيدوا استخدامه أو أعيدوا تدوير البلاستيك عندما تستطيعون ذلك. تخلّصوا بشكل صحيح من المنظّفات الكيميائيّة والزّيوت والمواد غير القابلة للتحلّل البيولوجي للحول دون أن ينتهي بها المطاف في المجاري.
.حافظوا على صيانة سيّارتكم حتّى لا تسرّب البترول أو مضادّ التجمّد أو سائل التّبريد.
إذا كان لديكم فناء خارجيّ، فكّروا في المناظر الطبيعية التي تقلّل من الجريان السّطحي وتجنّبوا استخدام المبيدات الحشريّة ومبيدات الأعشاب. أمّا إذا كان لديكم جرو فتأكّدوا من التقاط فضلاته.
من خلال صوتكم
إنّ واحدة من أكثر الطّرق فعاليّة للدّفاع عن مياهنا هي أن نجهر بالقول لدعم قاعدة المياه النظيفة، التي توضّح نطاق قانون المياه النّظيفة وتحمي مياه الشّرب لفائدة شخص واحد من كلّ ثلاثة أمريكيين.
أخبروا الحكومة الفيدرالية و فيلق المهندسين التّابع للجيش الأمريكي ومسؤوليكم المنتخبين المحليّين تأييدكم قاعدة المياه النظيفة. تعرّفوا أيضًا على كيفيّة اشتراككم أنتم ومن حولكم في عمليّة وضع السياسات. تخدم الممرّات المائيّة العامة لدينا كلّ أمريكي لذلك يجب أن يكون لنا رأي في كيفيّة حمايتهم.