ما هي النجوم؟
منذ وُجِد الإنسان على هذه الأرض أثارت إعجابه تلك السماء بلونها المبهر وبعظمتها وبحوادثها وبأصواتها وبغرابتها؛ ففيها يرى الشمس والقمر والنجوم والسحب والبرق والرعد، وكلها عجائب أثارت مخيلته لتؤلف الحكايات وتخترع الأسباب، فتلك الشمس إله يُعبد، وهذا القمر ابنها، وذاك النجم إشارة، وهذه الكواكب تحدد مصيره!
وفي سكرات تلك الأحلام صاح “كوبرنيكوس” و”غاليليو” وغيرهم من العلماء: “توقفوا! لسنا مركز الكون وليست تلك إلا أجرامًا تدور حولنا وبجوارنا” -وهي صيحة كلفتهم الكثير-.
تدخل العلم في القضية فبّين أن لكل ظاهرة سببٌ علمي قاطع، وأن حال ذلك القمر كحال الأرض مع الشمس وأن تلك النجوم ما هي إلا شموس أخرى!
مرت السنوات والقرون وأذعن الناس أخيرًا لهذا وحان وقت أن نتساءل جديًا:
ما هي النجوم؟
اليوم نعرف أن النجوم هي أجسام كروية ضخمة ملتهبة مكونة عادة من الهيدروجين والهيليوم وتكون بحالة البلازما (وهي الحالة الرابعة للمادة بعد الصلب والسائل والغاز) .
تشتعل النجوم لهبًا بفضل تفاعلات الاندماج بين نوى الهيدروجين مكونة الهيليوم ومطلقة طاقة إشعاعية ضخمة جدًا مما يزيد من اشتعال النجم وينقص من كتلته في نفس الوقت، وتعيش النجوم على هذا الوقود مابين 1 إلى 10 مليار سنة -حسب نوعها- وقد يصل عمرها إلى ما يقارب عمر الكون مثل فى حاله أقدم نجم تم رصده HD 140283
وبسبب كتلتها الكبيرة جدًا تشكل النجوم حقل جاذبيتها الخاص مما يشكل مجموعات تضم الكواكب والنيازك والأقمار والأجرام الأخرى حولها يتوسطها النجم -تمامًا كالمجموعة الشمسية-.
ما هي دورة حياة النجوم؟
النجم الأوّلي: نجم صغير جدًا مازال يجذب الذرات من السحابة الجزيئية.
تبدأ حياة النجم الأوّلي بالارتفاع المتزايد فى درجات الحراره داخل القلب فتحدث الاندماجات النووية بين نوى نظير الهيدروجين deuterium والتي تولد الهيليوم، مما يؤدى إلى تضخم حجم النجم الأوّلي.
في هذه المرحلة يصبح النجم خاضعًا لقوّتين، قوة الطرد الناتجة عن الانفجارات التي تحدث داخل النجم بسبب التفاعلات النووية الاندماجية والتي تدفع أطراف النجم للخارج (قوة طرد)، وقوه الانجذاب نحو مركز النجم نتيجة الكتلة وهذه القوة تشدّ أطراف النجم نحو الداخل (قوة جذب).
وتستغرق عملية الانكماش تحت تأثير الجاذبية من 10 إلى 15 مليون سنة ليتكون النجم في شكله النهائي.
تتكون النجوم بكتل مختلفة عن بعضها (بحسب ظروف التشكل) ولذا تنقسم لنوعين نجوم متوسطة ونجوم ضخمة، ومع “بداية نهايتها” تغدو النجوم المتوسطة نجم أحمر عملاق (حيث تتغلّب قوى التمدّد على قوى الجذب فيتضخم النجم ويتعملق وقد يبتلع ما حوله أيضًا) وتغدو النجوم الضخمة نجمًا عملاقًا ضخمًا…
1- العملاق الأحمر: (الشمس مثالًا)
يكون نجمًا كبيرًا لكنه قليل الكثافة، يقضي معظم حياته بدمج الهيدروجين والهيليوم للحصول على مزيد من الطاقة حتى تنتهي كل كمية الهيدروجين الموجودة ويكون في وقتها قد خسر 30% من كتلته، فجأة تتوقف التفاعلات ويبدأ النجم بالبرود تدريجيًا ثم يتمدد بسبب نقصان الجاذبية في المركز حتى ينطفئ ويتحول إلى قزم أبيض ثم يصغر أكثر ويتحول إلى قزم أسود صغير.
2- العملاق الأحمر الضخم:
يكون نجمًا هائلَ الكثافة ويتمّ فيه عملية تصنيع العناصر الجديدة من الهيليوم والهيدروجين حيث تكون الطاقة زائدة أصلًا عن الحاجة، وعندما يصل إلى تصنيع عنصر الحديد يبدأ هذا الأخير بالتراكم في نواة النجم مما يمنع حدوث مزيد من التفاعلات، ولكن بسبب الكثافة الكبيرة يزيد الضغط دون أن يتمدد النجم مما يؤدي إلى حدوث انفجار عظيم جدًا يسمى ب “السوبرنوفا” والتي يتمزق فيها النجم وينثر كلّ العناصر المتشكلة داخله في الأرجاء.
ما هو القزم الأبيض والقزم الأسود؟
القزم الأبيض هو فعليًا نجم يحتضر حتى الموت حيث يكون النجم قد دخل بمرحلة استنفذ فيها كل كمية الهيدروجين فيه فتتوقف تفاعلات الاندماج تمامًا ويتحول لونه إلى أصفر قريب إلى البياض ويصبح حجمه قريب من حجم الكواكب، ويبدأ بفقد حرارته تدريجيًا والتي تكون في أعلى مستوياتها (ما بين 10 إلى 100 ألف درجة) كما يكون عادة بكثافة تساوي مليون ضعف كثافة الشمس!
ويستغرق أحيانًا مليارات السنين حتى يبرد ويتحول إلى قزم أسود وهو المرحلة النهائية لانطفاء النجم العملاق الأحمر تمامًا وفقدانه كل الحرارة والكثافة.
وهذا -بطبيعة الحال- مصير شمسنا بعد 5 مليارات عام تقريبًا من الآن.
ما مصير العملاق الأحمر الضخم بعد السوبرنوفا؟
* إذا كان النجم كثيفًا جدًا سيتحول إلى ثقب أسود (وهي مناطق في الفضاء تكون جاذبيتها عالية جدًا جدًا ولا يهرب من جاذبيتها أي شيء ولا حتى الضوء ولذلك لا نستطيع رؤيتها).
* إذا كان كثيفًا لكن بدرجة أقل سيتحول إلى نجم نيوتروني (وهي نجوم غير اعتيادية تكون بحجم صغير ولكن بكتلة كبيرة جدًا –تخيل أنك لو أخذت مقدار ملعقة صغيرة من النجم النيوتروني فإن وزنها سيساوي وزن جبل ايفرست كاملًا!) ويُعتقد أن بقية العناصر بعد الحديد تتكون فيها مثل “اليورانيوم”.
والجدير بالذكر أن بعض أشلاء النجوم في النهاية تشارك في تشكيل السدائم في الكون ومن هناك -كما ذكرت في البداية- ينطلق نجم جديد إلى هذا الكون.. الأمر أشبه بعملية إعادة تدوير كونية!