مُترجَم: كيف تكوَّنت المجرَّات؟

المجرات وحداتُ الكون العظمى، فيها تدور مليارات النُّجوم في رقصةٍ أبديَّةٍ على وقعِ قوى الجاذبية، وقد أحاطت بها تلك السحب الشاسعة من الغازات والغبار الكوني، يقول علماء الكونيَّات أنَّ أولى المجرات ظهرت إلى الوجود منذ ما يقرب من أربعة عشر مليار سنة؛ أي عقب مليار سنةٍ فقط من حدوث الانفجار العظيم، ويبقى السؤال: كيف تكوَّنت المجرات؟

نظريَّتان متعارضتان:

عقب الانفجار العظيم مباشرة، كان الكون البدائي بأكملهِ عبارةً عن إشعاعٍ وجسيماتٍ تحت ذرِّيَّةٍ فقط. وعبر أزمانٍ وأزمان، تحوَّلت تلك المكوِّنات الأوليَّة إلى أكثر من 100 مليار مجرة؛ لكن كيف تكوَّنت المجرات؟

هناك نظريَّتان، كلتاهما تؤكِّدان على الدَّور الكبير الذي لعبته الجاذبيَّة في انهيار السُّحب الغازيَّة التي ملأت الكون في مراحله الأولى.

في النظريَّة الأولى، يتبع العلماء طريقة البناء من أسفل إلى أعلى؛ حيث تعمل الجاذبيَّة على انهيار السُّحب الغازيَّة (المكوَّنة من غازي الهيدروجين والهليوم) ومن ثم تضغط تلك السُّحب على شكل كتلٍ يصل حجم كلًّا منها إلى حجمٍ يوازي مليون شمس، ولعلَّك تندهش إذا أخبرتك أنَّ ذلك يُعدُّ حجمًا صغيرًا بالمقاييس الكونيَّة، وفي النِّهاية، تندمج هذه الكتل على شكل مجرَّاتٍ بدائيَّة.

أمَّا النظريَّة الثانية، فتقوم على البناء من الأعلى إلى الأسفل، فنجد أنَّ الكتل الناتجة من انهيار السُّحب الغازيَّة كانت من الضَّخامة بحيث يبلغ حجم كلًّا منها ما يماثل عدَّة مجرَّات، ثم تفتت تلك الكتل العملاقة إلى المجرَّات الحاليَّة. وتمتلك تلك النظريَّة تفسيرًا واضحًا لظاهرةٍ فلكيَّةٍ معروفة؛ وهي ظهور المجرات في الكون على شكل عناقيدٍ مجريَّة. عمومًا وفي كلتا الحالتين نحن بصدد كتلٍ غازيَّةٍ عملاقة، تحوَّلت إلى كتلٍ ماديَّةٍ ضخمة، جمعت ما بين غاز الهيدروجين والمادة المظلمة، يسميها العلماء (الـمجرَّات البدائيَّة)، وفي مرحلةٍ لاحقةٍ من عمر تلك المجرات، تجمع غازيَّ الهيدروجين والهليوم في قلب كلٍّ منها، فتتكوَّن المجرَّات الحاليَّة، تحيط بكلٍّ منها هالةٌ من المادَّة المظلمة، أحد ألغاز الكون. لكنَّ السؤال الآن، كيف تبدو المجرات في الفضاء؟

إعلان

أنواع المجرات

الآن وقد عرفنا، كيف تكوَّنت المجرات؛ تعالوا نتعرف على أنواعها: هناك نوعان أساسيَّان من المجرَّات، بيضاويَّة وأُخرى حلزونيَّة، بالإضافةِ إلى نوعٍ ثالثٍ يُسمّى: المـجرات غير المُنتظمة. ويرجع ذلك الاختلاف في الشَّكل -كما تقول إحدى النظريَّات- إلى طريقة تشكيل النُّجوم داخل كلٍّ منها. وكما يقول علماء الكونيَّات، فإنَّ النجوم تولد داخل المجرَّات عندما تندمج وتتصادم السُّحب الغازيَّة.

فإذا حدث وولدت النُّجوم داخل مجرَّةٍ بدائيَّةٍ ما، في وقتٍ واحد، فإنَّ المجرَّة حينها تتحوَّل من مجرَّةٍ بدائيّةٍ إلى مجرَّةٍ ناضجةٍ، تظل مُحتفظةً بشكلٍ مقاربٍ للشَّكل الكرويَّ للمجرة البدائيَّة؛ فتظهر بالشَّكل البيضاوي.

أمّا المجرَّات الحلزونيَّة؛ فتتكون عندما تولد النُّجوم داخل المجرَّة على مدار فتراتٍ زمنيَّةٍ متفاوتة، فحينها تولد بعض النُّجوم وما زالت السُّحب الغازيَّة من حولها تواصل الانهيار لتنتج نجومًا أخرى في فتراتٍ لاحقة، حينها تؤثِّر قوى الجاذبيَّة الناتجة عن عمليات الانهيار المتتالي للسُّحب الغازيَّة على النجوم الوليدة، وكذا على سحب الغبار والغاز؛ فتكون النتيجة ظهور قرصٍ دوَّارٍ في قلب المجرَّة البدائيَّة بالإضافة إلى أذرعٍ حلزونيَّةٍ تدور من حوله.

  • ويقول العلماء أنَّه ربما تحدث تغيُّراتٍ إضافيَّةٍ في شكل الـمجرَّات عندما تندمج معًا؛ فعندما ندمج مجرَّتين حلزونيَّتين يكون النَّاتج مجرَّة بيضاويَّة الشَّكل. وعلى هذا النحو، فإنّ درب التبانة ربما لم تندمج أبدًا مع مجرَّةٍ أُخرى، في حين أنَّ المجرَّات البيضاويَّة الشَّكل الضخمة التي وُجدت في وسط مجموعاتِ المجرَّة، يُرجَّح أنْ تكون نتيجةً لعدَّةِ عملياتِ مزجٍ كونيَّة.

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

إعداد: زكريا أحمد عبدالمطلب

تدقيق لغوي: مرح عقل

اترك تعليقا