لماذا يسبب الإنترنت الاكتئاب وكيف نتجنبه؟

عوّض الإنترنت في الوقت الحالي كثيرًا من الأنشطة التي اعتدنا على ممارستها خارج البيت وتلك التي تتطلب تفاعلًا وجهًا لوجه، إذ إن العالم يتغير ولم يعد كما كان سابقًا. هل وجدت نفسك تتصفح عالم الإنترنت اللامحدود لوقت طويل جدًا بحيث يحدد مزاجك وسلوكك؟ يحدث هذا بسبب وجود صلة وثيقة بين الوقت الذي تقضيه على الإنترنت والرضا عن حياتك والإدمان على الإنترنت، حيث إننا متعلقون بالحياة الافتراضية حتى إننا لا نشعر بذلك أحيانًا. فكلما قضينا وقتًا أكثر في الجلوس على شبكة الإنترنت، أصبحت الفرصة سانحةً أكثر للغرق في اكتئاب الإنترنت.

أسباب ظهور الاكتئاب

هناك العديد من العوامل التي تشكل نقطة البداية لمشاكل الصحة النفسية وهي كما يلي:
1- الإفراط في المعلومات:
أصبح الإنترنت في العقود الأخيرة إحدى القوى الجبارة في الجنس البشري، فهي تتيح لنا الوصول إلى معلومات من أي مكان في العالم. بيد أنه -في الوقت ذاته- يخلق إفراطًا في المعلومات الرقمية بشكل لا يمكن للعقل أن يتعاطى معه. وربما يؤدي هذا إلى الاكتئاب المتعلق بالإنترنت.

2- حالة الفشار الذهنية:

عندما تتعرض أدمغتنا لفيض من المعلومات، فإننا نعتاد ذلك الزخم الهائل من البيانات. وهذا ما يجعل الحياة خارج المعلومات رتيبةً ومملةً وتفقد الحياة في العالم الواقعي متعتها. بيد أننا لسنا متعلقين بكمية المعلومات فحسب، وإنما يتعدى تعلقنا إلى تنوع هذه المعلومات، فتصبح أدمغتنا مدمنةً على أشياء جديدة بإثارة الأشياء الجديدة لإنتاج هرمون الدوبامين الذي يزيد سعادتك. وأمّا إذا كان هذا الإفراط ثابتًا، فستقع تحت ضغط كبير لأنك لا تستطيع إشباع حاجتك في التوصل إلى معلومات جديدة.

3- الاستخدام المفرط للإنترنت:
توصل المختصون البريطانيون في علم النفس إلى أن هناك صلة وثيقة بين الاستخدام الزائد للإنترنت والاكتئاب، حيث درس الباحثون مقدار الوقت الذي يقضيه البالغون على الإنترنت بالإضافة إلى ماهية المحتوى الذي يستهلكونه. ولم تتوصل الدراسة إلى نتيجة بخصوص أيهما يأتي أولًا: هل المكتئبون ينجذبون نحو الإنترنت أم الإنترنت هو الذي يجلب الاكتئاب. لكن الظاهر أن ما يمكن التأكد من نتيجته هو أن المواقع التي تهدف إلى استبدال التواصل الحقيقي بالتواصل الافتراضي هي المرتبطة باضطرابات الصحة النفسية. وتناقش دراسة أخرى بأن الشباب الذين لا يعانون من اضطرابات نفسية أصلًا سوى الاستخدام المفرط للإنترنت هم الذين يحتمل أن ينغمسوا تدريجيًا في الاكتئاب، فغالبًا ما يتصفح الشباب الذين يستخدمون الإنترنت بشكل مرضي مواقع التسلية أكثر من المواقع ذات المحتوى المعلوماتي.
4 مقارنة نفسك بالآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي:
إذا كنت تتابع باستمرار صور أصدقائك على الفيسبوك، فربما تشعر بالغيرة أو حتى بالاكتئاب، إذ ينسى الناس أن المستخدمين يميلون إلى المبالغة في وصف حياتهم على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي هذه الحالة يكون للمقارنة الاجتماعية أيما تأثير، إذ يسبب منشور زميلك المتباهي عوارض الاكتئاب. وفي خضم كل هذا ننسى أن كل شخص لديه إيجابياته وسلبياته في حين أن لدينا ميولًا قوية لعرض اللحظات السعيدة فقط على العامة.

إعلان

كيف ندرك وجود اكتئاب الإنترنت

لا يدرك الذين يقضون ساعات طوال في الجلوس على شبكة الإنترنت تأثير التفاعل الاجتماعي المتدني عليهم، ذلك أن أعراض الاكتئاب ربما تتجمع بشكل غير ملحوظ. إذا شككت بوجود اكتئاب لديك أو لدى طفلك، تأمل الإشارات التي لخصتها المؤسسة الوطنية للصحة النفسية التي تساعد في تحديد الاضطراب النفسي وهي كما يلي:
1 مشاكل في التركيز واتخاذ القرار.
2 التعب وقلة الطاقة.
3 الشعور بالذنب أو بعدم الفائدة أو بالتشاؤم.
4 الأرق أو النوم المفرط.
5 الغضب أو التهيج.
6 فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضلة.
7 الأكل المفرط أو فقدان الشهية.
8 آلام الظهر المستمرة أو التشنج أو مشاكل في الهضم.
9 أفكار بالانتحار أو محاولات انتحار.

إذا اكتشفت زوجين على الأقل من القائمة المبينة أعلاه، ضع في اعتبارك اتخاذ الإجراءات المبينة أدناه.

ما الذي يجب فعله

لا يقوم الاكتئاب بتدمير نفسه بنفسه ولكن يمكن معالجته، فإذا كنت تستخدم الإنترنت بكثافة ولديك أي من الإشارات المبينة أعلاه فإن ما يجب عليك فعله أولًا هو تقليل الوقت الذي تقضيه على شبكة الإنترنت والعودة إلى العالم الواقعي. فحالما تقوم بتعزيز التفاعل الاجتماعي، فستذهب عنك أعراض الاكتئاب. وإذا لم تكن الأمور خطيرةً إلى هذا الحد، فتلقي الدعم من الأصدقاء والعائلة سيكون حلًا يفي بالغرض. حاول تعويض دردشات الإنترنت بمحادثات واقعية، فربما تطلب من أصدقائك تناول وجبة الغداء معًا أو الذهاب معًا لمشاهدة فيلم. وإذا تشتت انتباهك بسبب الحاسوب فلا تخف من الحديث عن مشاكلك، إذ من الممكن حل هذه المشاكل بشكل تدريجي. وأمّا في الحالات الأكثر خطورة، ربما يتطلب الأمر علاجًا متخصصًا بمساعدة معالج أو مركز علاج محلي. يتطلب العلاج عادة تناول مضادات للاكتئاب لإزالة الأعراض وإعادة العقل إلى حالته السوية. وبالإضافة إلى ذلك يمكن للعلاج أن يساعد في التعاطي مع مشكلة إدمان الإنترنت والمشاكل الأخرى المتعلقة به.

كيف تحمي نفسك من الاضطراب النفسي

كما تعلم، فإن الوقاية من المرض دائمًا ما يكون أسهل من علاجه. وأما بالنسبة لقضية الشبكة العنكبوتية، فمن المستحيل تركها لأنها أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، فالأهم من ذلك هو الموازنة بين عالم الإنترنت والعالم الواقعي.

اقضِ وقتًا أكبر بصحبة أقربائك وأحبائك ولا تكتف بالتواصل مع العائلة والأصدقاء على الفيسبوك أو برنامج السكايب.

نظم رحلة عائلية أو اذهب إلى أقرب متنزه. خطط لقضاء مساء في ألعاب الطاولة في حلقة عائلية.

اذهب إلى مقهى أو لمشاهدة فيلم وتجنب الأماكن التي تحوي الإنترنت اللاسلكي المجاني.

اكتشف هواية جديدة: يمتلئ العالم بالحرف الممتعة لامتهانها خارج الشبكة.

جد شيئًا تستمتع بفعله، فهو ما يجعلك تنخرط فيه على الصعيدين العاطفي والبدني.

لمَ لا تسافر أو تذهب سيرًا على الأقدام؟ انخرط في كرة القدم أو ابدأ الطبخ. إن الانخراط في الأنشطة المسلية سينير حياتك ولن يعطي أي فرصة للاكتئاب.

استخدم تطبيقات التحكم الوالدي: إن الحل المفيد للوقاية من إدمان الإنترنت المسبب للاكتئاب هو القيام بتثبيت برنامج على جهازك وجهاز طفلك، إذ يمكنك بمساعدته حظر المحتوى المثير للاكتئاب وتحديد وقت تشغيل الشاشة بشكل عام. فربما يساعد هذا الأمر في الابتعاد عن النتائج الخطيرة للاستخدام المكثف للإنترنت.

ابقَ إيجابيًا: عند الحديث مع الناس إما على الإنترنت أو على العالم الواقعي، حاول التشبث بالإيجابيين. لا تنخرط في المحادثات التشاؤمية أو الرد على التعليقات السلبية.

ولا تنسَ أن العالم خارج الشبكة مليء بالعجائب، لذلك عش حياتك واستمتع بها بأفضل ما تستطيع ولا تعطِ فرصة لاكتئاب الإنترنت.

إعلان

مصدر
اترك تعليقا