كوكب الأرض يستهلك 173% من قدرته الحيوية والخبراء يحذرون

وفقاً لما جاء في دراسة حديثة، يستهلك البشر حول العالم الموارد الطبيعية أكثر بكثير مما يمكن لكوكبنا الاستمرار في تحمّله لدعم الحياة، مما يحكم على غالبية الناس بالفقر البيئي.

عندما حاول الباحثون تحديد نسبة عجز مواردنا الطبيعية لسنة 2017، وجدوا أن عدد سكان العالم الذي يزيد عن 7.5 مليار نسمة قد استهلكوا 173% من إجمالي القدرة الحيوية للكوكب في ذلك العام.

من الواضح أن هذا تجاوز خطير، كما أنه يمثل جزءاً من الاتجاه الاستهلاكي الذي أصبح أسوء بكثير في العقود الأخيرة، ففي عام 1980م، كانت البشرية تستهلك فقط 119% من قدرة الكوكب الحيوية.

ومنذ ذلك الحين، كانت الدول الأكثر ثراءً تشكل النسبة الأكبر في الزيادة على الطلب، لتطلبها مستوياتِ معيشة أكثر، حتى لو اضطرت لشراء الموارد من دول أخرى.

يعيش اليوم ما يقارب ثلاثة أرباع سكان العالم في دول ذات دخل أقل من المتوسط وتعاني ندرة في الموارد الطبيعية، مما يعني ببساطة أنهم لا يستطيعون المنافسة.

إعلان

ومن الواضح أن الطريق الذي نسلكه اليوم لا يمكن اتباعه دائماً، إذ يقول الخبراء أنه لا يمكننا الاستمرار في تجاهل موارد الأرض كعامل مقيد إذ كنا جادين حقاً في القضاء على الفقر.

ومن خلال تقسيم بلدان العالم إلى أربع فئات، وذلك بالاعتماد على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والعجز البيئي المحلي، أشار الباحثون أن هناك تحولاً لا يمكن تحمّله لسد احتياجات البشرية المتزايدة للموارد.

إذا لم نسع إلى تحسين أمن الموارد بصورة عاجلة -من خلال الحفظ والترميم وخفض استهلاك الوقود الأحفوري والتنمية المستدامة وتغيير أنماط الاستهلاك- فالخبراء يُحذرون من أن رأس مالنا الطبيعي لن يكون قادراً على التعافي، ما سيؤدي إلى القضاء  على أملنا بمستقبل أكثر مساواة.

توصل الباحثون إلى أن 57% من سكان العالم قد عاشوا في دولة تتسم بدخل أقل من المتوسط وعجز في الموارد البيولوجية عام 1980م، وفي عام 2017 قفزت هذه النسبة إلى 72%.

من جهة أخرى، فإن سكان الدول ذات الدخل المرتفع التي لديها عجز في الموارد لا تشكل سوى 14% من سكان العالم، ولكن هذه الأقلية تتطلب 52% من القدرة الحيوية لكوكب الأرض.

سويسرا وسنغافورة، وهما دولتان بارزتان تندرجان ضمن هذه الفئة الأخيرة، وهو ما يعني أنهما في مأمن من انعدام الموارد، وذلك بسبب قدرتهما المالية الضخمة لشراء ما تحتاجانه من دول أخرى.

يعتقد العلماء أنه لا ينبغي لنا أن نستخدم أكثر من نصف ما يوفره لنا كوكبنا من موارد لكي نعيش حقاً بطريقة مستدامة، ولكن إذا عاش كل من في العالم مثل أولئك الذين يعيشون في بلدان ذات دخل أعلى وموارد أقل مثل سويسرا، فإننا سنحتاج إلى ما يقرب من 3.67 كواكب أرضية لتلبية الطلب العالمي.

ويستنتج المؤلفون إلى أنه “إذا لم تكن أنماط التنمية في هذه المدن أو الأراضي قابلة للتكرار، فلا توجد سوى طريقة واحدة لهذه الكيانات لتجنب زوالها، إذ يجب أن تكون متأكدة من أنها قادرة على المنافسة ماليا والتغلب على الجميع على هذا الكوكب إلى الأبد لتأمين عملية استهلاك الموارد الطبيعية لها.”

ويضيفون “إن اشتراط نجاح مثل هذه الاستراتيجية أمر محفوف بالمخاطر لكل المناطق ولأي مستوى من مستويات الدخل”.

ومن جهة أخرى يشكل هذا الأمر خطراً بصفة خاصة على المناطق ذات الدخل المنخفض والتي لا تستطيع التنافس على الموارد بنفس المستوى. في الحقيقة، بدون مساعدة من الدول الأكثر غنىً، لا يوجد الكثير الذي يمكن لهذه الدول القيام به.

في الواقع، يقول الباحثون أن الدول منخفضة الدخل تواجه حاليا مفارقة مستعصية، ولا شك أن الاستمرار في الوضع الراهن سيجعل أزمة الموارد الحالية تتفاقم، ولكن إجراء تغييرات عاجلة في استهلاك الموارد الطبيعية سيكلف أيضاً الكثير من المال، وهو ما لا يستطيع الكثير منها ببساطة تحمله.

والأكثر من ذلك أن الدول الأكثر ثراء لديها مجالٌ أكبر للمناورة في مواجهة كوارث المستقبل، لأنها تستهلك أكثر بكثير مما هو في غاية الضرورة للعيش.

في حالة تدهور الاقتصادي، مثلًا، لن تكون خسارة الموارد كارثية بالنسبة لإسبانيا مثلما ستكون للنيجر وكينيا، حيث يمكن لهذه الخسارة السريعة أن تقلص أمن الغذاء والطاقة للعديد من الناس، ما يعرض حياتهم للخطر.

ويخلص المؤلفون إلى أن “هذه الورقة تدعم الحجة القائلة بأن أمن الموارد البيولوجية هو عامل أكثر تأثيرا مما توحي به معظم النظريات وممارسات التنمية الإقتصادية في المساهمة في النجاح الإنمائي المستدام، كما توضح مدى التفاوت الذي يؤثر على مجتمعات بعينها.”

في الختام، من الواضح أننا نستهلك أكثر مما يمكن للبشرية أو كوكبنا تحمّله.

نشرت هذه الدراسة على موقع Nature Sustainability.

المصدر

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق علمي: زياد حسنين

اترك تعليقا