رب ابنك ليكون رجلًا صالحًا وليس ليكون رجلًا ‘حقيقيًا’ (مترجم)

عوضًا عن توبيخ أبنائنا حول “الذكورة السامة“، لندعوهم لاختبار هذه التجربة التأمُّليِّة الصغيرة: اسأل نفسك: “ماذا يعني أن تكون رجلًا صالحًا؟”. تخيل الاستيقاظ صباحًا، والنظر إلى المرآة، وقولك لنفسك: “أنت رجل جيد”. تخيل جنازتك، سترغب في أن يقال عنك: “لقد كان رجلًا طيبًا”.

قمت  بطرح هذا السؤال على عدة آلاف من الشباب والفتيان من مختلف أنحاء العالم، من مدارس الذكور في أستراليا، وأكاديمية الشرطة في السويد، إلى نجوم كرة القدم السابقين في الفيفا، والتلاميذ الضُبَّاط للمدرسة التحضيرية للأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة في وست بوينت، ونادرًا ما اختلفت إجابتهم، إذ إن الرجال يعددون الصفات التالية فيما يمثله الرجل الصالح:
النزاهة والاستقامة.
الشرف والأمانة.
حس المسؤولية.
العطاء والحماية.
القيام بالشيء الصحيح.
تبجيل الآخرين على نفسه وقيم التضحية.
الاهتمام والرعاية.
الوقوف إلى جانب المستضعفين.

أسألهم: “أين تعلمتم هذا؟” فتظهر عليهم علامات الحيرة، إلى أن يقول شخص ما في نهاية المطاف: “حسنًا، إن هذا السائد في كل مكان”، وهو محق، فهذا شكسبيري وهوميروسي، وجزء من التراث اليهودي المسيحي. ويعتبر هذا أمرًا متعارفًا عليه، مثل الهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه، إذ تقريبًا يتفق الجميع على أن هذا ما يعنيه أن تكون رجلًا صالحًا، وأننا نتعلم هذا من خلال السائد في ثقافاتنا الخاصة (بالطبع هذا ما يعنيه أن تكون شخصًا جيدًا، لكن يمكنك أن تتفاجأ كيف يراها الذكور فيما بينهم؟).

أقول: “حسنًا، هذا أمر معقول”،”أخبروني الآن إذ خَطَر على بالكم أي من هذه الأفكار أو الكلمات أو العبارات عندما أقول لك: “اللعنة ، كن رجلًا حقيقيًا”.

يبدو على الرجال الذهول ليصرخوا تقريبًا على الفور وبصوت واحد قائلين: “لا، انتظر، هذا الأمر مختلف تمامًا.”

إعلان

أسألهم: ماذا يعني أن تكون “رجلًا حقيقيًا؟”، فكانت إجابتهم في هذه القائمة القصيرة:
لا تبكي أبدًا.
كن قويًا.
لا تُظهِر مشاعرك.
عدم الاكتراث للألم.
تحمُّل المشقة.
القوة.
العدوانية.
الفوز بأي ثمن.
كن عنيفًا.
اصنع ثروة.
إقامة العلاقات.

ممم، سأقول: “وأين تعلمتم هذا؟”، وهذه إجابتهم حسب الترتيب:

  1. الأب.
  2. المدرب.
  3. أصدقائي الشباب.
  4. أخي الأكبر.

وفي هذا السياق نادرًا ما يأتي أحدهم على ذكر النساء، وإن فعل أحدهم فيذكر “الأم” التي يأتي ترتيبها تقريبًا في المرتبة السادسة، وأحيانًا يقولون المُعلِّمة قبل أن يقولوا الأم.

أن تكون رجلًا حقيقيًا ليس شيئًا “داخليًا”، بقدر ما هو استعراض للرجولة أمام الرجال الآخرين، إذ تتعلَّق الذكورة بالعَلاقات الاجتماعية بين الرجال، وهذا يعني أن الرجال الآخرين هم المعنيون في الحكم على ما إذا كنا نفعل ذلك بالشكل الصحيح، فنحن نريد أن نكون “رجلًا في عين الرجل”، وليس “رجل في عين السيدات”، رجل بين الرجال.

وهنا العبِرة، التي آمل أن يستخلصها الرجال من خلال هذا الدرس: هناك أوقات في حياة كل رجل، أين يَطلُب منه رجال آخرون نقض مبادئه وأخلاقياته، وتصوره الخاص عن ما يعنيه أن يكون رجلًا صالحًا تحت غاية إثبات أنه رجل حقيقي، إذ من خلال محاولة إثبات  ما يدعونه “رجال حقيقيون” للرجال الآخرين، سيدفعنا، بل سيجبرنا أحيانًا على فعل الشيء الخطأ، والفشل في الدفاع عن الرجل المسكين داخلنا، وأن نتصرف بشكلٍ مخزٍ.

فإذا كان هذا صحيحًا، وكل رجل يقرأ هذه الكلمات، يعرف بالضبط ما أتحدث عنه، لأننا جميعًا حظينا بتجربة، حيث طُلِبَ منا فيها خيانة مبادئنا الخاصة، لإثبات ذكورتنا للرجال الآخرين. إذًا، هذه هي القصة التي يجدر بنا إخبارها لأبنائنا: أننا وجدنا أنفسنا في هذا الموقف في وقتٍ ما، ونعرف الضغوط التي يواجهونها.

طبعًا، أنا أفضِّل أن أخبر ابني: كم أنا رجل رائع! لكن الحقيقة هي أنني قمت بخيانة ذلك التصوّر الذي أملكه عن أن أكون رجلًا صالحًا مثلي مثل أي شاب آخر.

بالنسبة لي، كان ذلك في الصف الثامن ،عندما كان بعض الفتيان الأضخم جسدًا وعضلاتًا، والأكثر شعبية، يتنمرون على الطفل الذي خزانته بجانب خزانتي، كنت أعرف ما عليَّ فعله، وما يفترض أن تفعله عندما يتعرَّض شخص ما للتنمر، إذ من المفترض أن تتدخل وتدافع عنه، وفي هذا الصدد تقول إحدى الدراسات المحترمة: “إن واجه شخصٌ واحد المتنمرين، فغالبًا ما يتراجع”.

في تلك اللحظة، رغم ذلك، أصبح حذائي رائعًا بشكلٍ غريب، لدرجة أنني لم أستطع رفع عيني عنه. لم أرفع عيني عنه لما شعرت أنه ساعة من الزمن، وأخذت أحرِّك قدميّا هنا وهناك دون أن أرفع عيني عن الأرض.

باختصار، أعلم أنني فعلت الشيء الخطأ بإدارتي ظهري للطفل جانبي. لقد خنته وخنت مبادئي، ربما كنت على حق، إذ كنت خائفًا جدًا لأفعل أي أمر آخر، لكنني كنت أعرف أنني أفعل الشيء الخطأ.

تلك الليلة، شعرت بالخزي من نفسي، ومن ثَمَّ تجنبت الطفل الذي تعرَّض للتنمر لأيام بعد الحادثة.

أيها الآباء، إن أردتم قصة لأبنائكم، فحدثوهم عن ذلك الوقت الذي فعلتم فيه الشيء الخطأ لأنكم كنتم خائفين، هذه هي القصة التي يجب علينا، نحن الرجال الناضجون، أن نخبرها لأبنائنا من أجلهم أولًا، لأنها يمكن أن تساعدهم على معرفة المواقف التي يمكن أن يجدوا فيها أنفسهم يشعرون بضعظ في الاختيار بين قيمهم وقيم الآخرين، لكن يجب أيضًا أن نخبرهم ذلك من أجلنا، حتى يمكننا أخيرًا أن ننبههم للضرر الذي لحق بنا وبقلوبنا وأرواحنا، من خلال فرض مطالب مُحاولِة إنكار إنسانيتنا، وأن نكون رجالًا حقيقيين.

الخبر السار هنا، هو أنهم متقدِّمون علينا بالفعل، وقد حان الوقت بالآباء أن يتعلموا ويتبعوا أبنائهم بقدر قيادتهم لهم، إذ إن الشباب الأصغر سنًا أكثر مساواة بين الجنسين من الأجيال السابقة، وسيساعدون بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال أكثر من أي جيل من أجيال الرجال الأمريكيين، كما سيحظون بعَلاقات صداقة بين الجنسين أكثر من أي جيل آخر، ويرضخون لقواعد جديدة تمامًا في العمل.

وقد توقَّع أبناء جيلي، أن تبدو أماكن العمل مثل فريق مسلسل “رجال مجانين”، حيث كان جميع الرجال يتمتعون بمكاتب ذات شبابيك، وتجمعت مكاتب النساء في الوسط مثل الحظيرة، وكان الوصول إليهن جنسيًا يعتبر ميزة للوظيفة، لكن الشباب الأصغر سنًا واعين أكثر، إذ  في الخريف الماضي ارتكزت دراسة استقصائية بطرح سؤال، عن الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 سنة، عن السلوكيات المناسبة في العمل، وقد صارح ما يقارب نصف الرجال، الذين تتراوح أعمارهم  بين 30 سنة فيما تحت، أنه من غير المقبول التعليق على مظاهر النساء في العمل، لكن أكثر من ثلاثة أرباع الرجال الأكبر سنًا رأوا أن ذلك أمر عادي.

لذلك، لا أعتقد أننا نقود الأجيال الشابة إلى أي مكان، إذ لدينا الكثير لنتعلمه منهم، نحن في حاجة فقط إلى أن نبتعد عن طريقهم ونسمح لهم بقيادتنا إلى مكانٍ أفضل.

رابط المقال الأصلي:

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
فريق الإعداد

تدقيق لغوي: أمل فاخر

ترجمة: ألفه المناعي

اترك تعليقا