فيلم A Quiet Place II:لأن الصمت أصبح لا يكفي
عادت (إيملي بلنت) مرة أخرى لتصدر المشهد مع زوجها (جون كراسنسكي)، من جديد بجزء آخر من الفيلم الناجح A Quiet Place، الأكثر رعبًا وتشويقًا عن الأفلام التقليدية، وحاملًا في طياته مدرسةً جديدةً من صناعة أفلام الرعب المعاصرة، لكن هل يستحق الفيلم كل هذا النجاح؟ وهل يحتمل عالم الفيلم جزاء ثالثًا؟
بميزانية صغيرة تقدر ب 60 مليون دولار، نجح الفيلم في حصد ما يقارب 250 مليون، وتربّع على عرش صندوق التذاكر لأسابيع، ليكون من أنجح أفلام هوليوود ما بعد الجانحة، بعد صدوره أخيرًا بعد طول انتظار تخطى عامين تقريبًا، وقع خلالها الفيلم ضحية للتأجيل مع مجموعة من الأفلام الأخرى.
أهم ما يميز الفيلم، عدم اعتماده على تيمات الرعب المعروفة، من بطل مغوار يواجه الشرّ وحده، أو التركيز بشكل كامل على الرعب، لكن الفيلم يستعرض الروابط العائلية، والصراع المشترك للنجاة، كذلك يعطي مساحة أوسع للأطفال للتأثير في أحداث الفيلم، ويستمر في تنمية وتوسيع عالمه الخاص، بشكل أشمل من الجزء الأول.
أصل الكارثة
في يوم من الأيام، كان “لي أبوت” يقود سيارته خلال المدينة الهادئة، ليشتري بعض البرتقال كالعادة، بينما يشاهد صاحب المتجر شيئًا يبدو كأنه انفجار قنبلة في الصين، راح ضحيتها عدد كبير من الناس، في ظل غياب أي معلومات عن الحادث.
ثم يتوجه إلى الحديقة، حيث تنتظره عائلته، بينما تدفع زوجته طفلهم الصغير على أرجوحة، تبدأ مباراة كرة المضرب، حيث يشارك الابن الأصغر، عندها تجتمع العائلة لمشاهدة المباراة مع صديقهم “إيميت”، لكن قبل أن يضرب الكرة، يسقط نيزك ضخم إلى المدينة بالقرب من الملعب، ومعه يهرع الجميع للهرب.
حينها يبدأ الرعب، وتظهر كائنات غريبة في الشوارع لم يرها أحد من قبل، والتي تقوم بالقتل العشوائي، وتطارد البشر في كل مكان، فتعاني عائلة أبوت في سبيل النجاة، وهنا كان أصل الكارثة وبداية الكابوس.
الوافد الجديد
بعد وفاة (لي) في الجزء الأول، يأخذ مكانه النجم “كيليان مورفي”، بطلًا الفيلم إلى جانب (إيملي بلنت)، حيث يقوم بدور (إيميت) صديق العائلة الذي فقد كل شيء، لكنه نجح في البقاء رغم كل الصعاب، لكنه شهد موت كل أحبابه وبالأخص زوجته، التي توفيت أمامه في ظل المصيبة ولأجلها غادروا منزلهم.
بالرغم من أنه كان قريبًا من عائلة (أبوت) منذ فترة، وتبادل الإشارات معهم من قبل، وكان يدرك أنهم أصدقائه، إلا أنه لم يحاول قط الاتصال بهم، حتى توجهت العائلة إليه طلبًا للمساعدة، بعد أحداث الفيلم الأول.
ليجدوا أنه أصبح شبه إنسان مجرد من المشاعر البشرية، بسبب ما عاناه منذ بداية الأزمة، وبالتالي يرفض مساعدتهم في البداية، بل ويرفض الإفصاح عن هويته، حتى يتعرفوا عليه وفي النهاية يطلب منهم المغادرة بحلول اليوم التالي، لكن للقدر رأي آخر.
عندما تهرب الابنة للبحث عن مصدر أغنية دائمة الإذاعة على الراديو، والتي تعتقد أنها إشارة من نوع ما تدعو للتوجه إلى البحر، فتحاول إثبات أهميتها للعائلة، ورغبة منها لتصحيح ما تعتقده ذنبها في وفاة والدها دفاعًا عنها، تنطلق وحدها لتواجه العالم القاسي، لتجد الفردوس الضائعة.
مما يجبر (إيميت) على الخروج خلفها، بعد تضرع والتماس أمها، ومعا تبدأ مغامراتهم إلى جزيرة يعيش فيها البشر بحرية، بلا خوف أو تهديد من الوحوش، كأن شيئًا لم يحدث.
تفاصيل ضائعة
للأسف وقع فيلم A Quiet Place II في فخ التفاصيل، وتجاهل شرح وإتقان العديد من جوانب القصة، وترك المجال لتساؤلات عديدة لم يجب عليها، مثلًا في بداية الفيلم وعند وصول الوحوش لأول مرة ومهاجمة المدينة، يقوم (لي) بوضع يده على فم صاحب المتجر الذي كان يصلي بصوت عالي، حتى لا يجذب الكائنات إليهم، فكيف علم أن الوحوش تتبع الصوت؟ بالرغم من أن تلك أول مرة يواجه فيها تلك الكائنات؟ هل اعتمد على معرفته من الفيلم الأول أم لأنه المخرج؟
وفي نفس المشهد بينما عدد من الناس مختبئون في المتجر، بشكل مفاجئ وبعكس أي رد فعل طبيعي، الجميع هادئون ولا أحد يصرخ أو يصدر أي صوت، وعندما بدأ الهاتف في الرنين، توقف الجميع في لحظة ترقب قبل هجوم الوحش، على أي أساس يعلم الجميع انجذاب الكائنات للصوت؟ من المفترض أن يتوقف المشاهدون في لحظة ترقب، لا شخصيات الفيلم.
إذا كان الصوت الخافت القادم من المشي على بعض أوراق الشجر، يهدد بهجوم من الوحوش، لماذا إذا أصوات صرصور الحقل والحشرات لا تعد تهديدًا كذلك، بالرغم من أنها تبدو صاخبة بين الهدوء القاتل؟ كذلك لماذا لا تهاجم الوحوش الطيور وهي تصدر أصواتا عالية أيضًا، لكن يتم تجاهلها بشكل غير مبرر، وعند ظهور طائر فجأة في الفيلم، كان التأثير الوحيد هو فزع الشخصية من الظهور المفاجئ فقط، بغض النظر عن الصوت العالي.
ومع التقدم في الفيلم، والعثور على الجزيرة الناجية في وسط المياه، لماذا لم يعثر عليها أحد من قبل، بالأخص العصابات المتمركزة على رصيف المراكب، حيث تفصلهم مسافة قصيرة، بدليل أن الأبطال وصلوا الجزيرة بسهولة وسرعة، بعد الهرب من رصيف المراكب، كيف لم يلاحظهم أحد من قبل؟ وكيف لا يظهر صخبهم بين هدوء المدينة الكامل؟
وإذا كانت الحكومة قد اكتشفت بالفعل أن تلك الكائنات لا يمكنها السباحة، كما أخبر رجل الجزيرة الأبطال، لماذا لا يعرف الأبطال ذلك بالفعل؟ وإذا كانت هناك محاولات لتهريب البشر إلى سفن في البحر، لماذا لا يقوم الجميع بذلك الآن، لماذا لا يعيش الناجين في جزر أو في سفن بوسط المياه بمأمن من الوحوش؟
وبنهاية الفيلم، كيف قاد الوحش مركب وطارد الأبطال إلى الجزيرة، إذا كانت الكائنات تتبع الصوت فقط، ولا سبيل آخر لها للتعرف أو تمييز البشر، بأي طريقة عثر الوحش على الجزيرة؟ وإذا كان الوحش بذلك الذكاء والقدرات الخارقة، لماذا لم يجد الجزيرة من قبل، وكيف لا يمكنه مهاجمة باقي البشر بنفس الضراوة والذكاء؟
هل يحتمل هذا العالم جزء ثالث؟
عندما أعلنت شركة ‘بارامونت’ المنتجة نيتها عن صناعة جزء آخر، بعد نجاح الفيلم الأول ماديًا، تردد جون كراسنسكي وأخبر المنتجين بعدم رغبته في العودة، وطلب منهم البحث عن مخرج ومؤلف آخر، لأنه لم يكن مقتنع بقدرته على الخروج بأفكار أخرى تضاهي الفيلم الأول.
كذلك رفض الكاتبين ‘سكوت بيك وبريان وودز‘ المشاركة في سلسلة الأفلام، بعد دورهما الأساسي في الجزء الأول، ويُنسب لهما كتابة الشخصيات، وعبرا عن رغبتهما في خلق أفكار جديدة باستخدام الشخصيات، بدلا من التكرار والعمل في نفس البيئة.
لكن في النهاية تراجع كراسنسكي وعاد وكتب الفيلم وحده، معتمدًا على تيمة المرأة القوية والبطولة النسائية، في نجاح الفيلم بالرغم من افتقاره لعناصر عديدة، منها الأداء الباهت (لكليان مورفي) والسيناريو الضعيف، وعدم تطور شخصية (إيملي بلنت)، مما يطرح السؤال هل يحتمل العالم فيلم آخر، في حين ان هذا الفيلم قد عبر بالكاد بسلام من تلك النواقص.
ماذا تبقى ليتم عرضه في فيلم آخر، في الفيلم الأول تم عرض ملامح عالم ما بعد النهاية، وتوفير معلومات عن الكائنات الوحشية، والتعريف بالشخصيات، وفي الفيلم الثاني، تم الكشف عن البداية وكيف بدأت الكارثة، وإعطاء تلميح عن هجوم الكائنات من الفضاء، وعجزها عن العوم في المياه وغيره، ثم وصلت الشخصيات لأقصى تطور ممكن لها، بالأخص الأطفال الذين تعدوا الأبطال البالغين.
ماذا من المفترض أن يكون الفيلم القادم عن، كان من الممكن إنهاء السلسلة هنا، بعد الوصول لجزيرة الناجين مثلًا، أو إيجاد طريقة للقضاء على الوحوش باستخدام تشويشات موجات الراديو، لكن آثر صانعوا الفيلم المماطلة، وفتح الطريق أمام عمل آخر يدر عليهم الأموال، على حساب جودة الفيلم، وانتهى القديم بنفس نهاية الجزء الأول تقريبًا.
نرشح لك: فيلم waking life : عندما لا تستيقظ أبدًا