دِفاعًا عن حُريَّة الانتباه (مترجم)

بقلم: خوسه انتونيو مارينا

تحوَّلَ الانتباه الذَّي طالما شغلَ بالَ المُربِّينَ وعلماء النَّفسِ إلى مشكلةٍ سياسيَّةٍ. ويعاني مُجتَمعُ اليومِ منْ “نقصِ الانتباهِ”، نعيشُ في مُجتَمعِ المعلوماتِ الذَّي يقومُ على القدرةِ على اجتذابِ المستخدِمين واستعمارِهمُ وتوجيهِ انتباهِهمُ، استراتيجيَّةُ الشَّركاتِ التُّكنولوجيَّةِ الكُبرى هي تَقديمُ خدمةٍ مجَّانيَّةِ مُقابِلَ اهتمامِ مُستَخدمِيها، ويعبِّرُ عن ذلك بوضوحٍ كتابُ تيم وو “Tim Wu”: تجَّارُ الانتباهِ، النِّضالُ المَلحميِّ في سَبيلِ الدُّخولِ إلى رؤوسِنا “The Attention Merchants: The Epic Scramble to Get Inside Our Heads”. ووفقًا لـ “جِيف هامرباتشر “Jeff Hammerbacher”- أحد مؤسسي فيسبوك-: “إنَّ أفضلَ عقول جِيلِيْ يَعملونَ في كيفيَّةِ جعلِ الأفراد يضغطُونَ على زرِّ الإعلاناتِ”. محاولةُ الإمساكِ بانتباهِ النَّاس كانَت ثابتةً تاريخيَّةً: جميعُ الدُّعاةِ والبائعين والسياسييّن المُخادِعِين تطلَّعوا إلى توجيهِ انتباهِ عامَّةِ النَّاسِ، فهو البابُ الذَّي تُدَارُ من خلالِهِ مشاعرُهم وذاكرتُهُم وقراراتُهم. منْ يتحكَّمُ في الانتباهِ، يتحكَّمُ في الحريَّةِ. أُقَدِّمُ نصيحتين: ١- الانتباهُ موردٌ نادرٌ، فكِّر فيما تستثمرهُ فيهِ. ٢- الانتباهُ موردٌ مَطمُوعٌ فيهِ، لا تدعْهُم يسرقونَهُ منكَ.

الانتباه الذَّي كانَ حتَّى اليومِ مَوضعَ اهتمامِ علماء النَّفسِ والمُربين، صارَ قضيَّةً سياسيَّةً واقتصاديَّةً.

يُشجِّعُني على كتابةِ هذا الهولوغرام (hologram الصَّورة المُجسَّمة) الكتابُ الصَّادرُ حديثًا “Valeurs de L’attetion Perspectives éthiques، politiques et épistémologique”،  بإشرافِ “Nathalie Granjean  وAlain Loute”.

تعلمُونَ أنَّ الهولوغرام/الصَّورة التَّجسيميَّة يُدْرِجُ في فعلٍ، أو في فكرةٍ، أو في ظاهرةٍ ما، نظامًا برمَّتِهِ. لماذا صارَ الانتباهُ موجودًا في كلِّ مكانٍ؟ ربَّما تكونُ الإجابةُ الأكثرُ دقَّةً وإيجازًا هي التَّي يقدِّمُها المُعلِّمُ يودا “Yoda” إلى لوك سكايووكر “Luke Skywalker” في “حربِ النُّجومِ”: “إنَّ انتباهَكَ هو ما يحدِّدُ واقِعَكَ”، وهذا ما يفسِّرُ أنَّ للكثيرِ منَ النَّاسِ مصلحةً بالاستحواذِ على انتباهِكَ، يمكنُ أنْ يُقرّرَ أيّ واقعٍ تعيشُ فيهِ، أهذا أمرٌ حقيقيٌّ أمْ أنَّها جُملةٌ ذكيَّةٌ في فيلمٍ رائعٍ؟ سأقدِّمُ مِثالًا سياسيًّا: تبدو إسبانيا بأكملِها مُنشغلةً بالتَّفكيرِ بكتالونيا فقط، ما يجعلُ منَ المُلائِمِ السُّؤالُ عمَّا إذا كانَ تركيزُ الانتباهِ هو الذَّي يَخلقُ الظَّاهرةَ؟

فلنبدأ الهولوغرام بتحليلِ ماهيَّةِ الانتباهِ، إنَّ حياتَنَا الواعيةَ هي تَدفُّقٌ مُستمرٌّ منَ التَّصوراتِ والمشاعرِ والذِّكرياتِ والأفكارِ، نقولُ: إنَّنا نُعنَى بالمعلوماتِ التَّي تَشغلُ مركزَ وعينا، أنا موجودٌ في حفلةٍ وأُعنَى بما يقولُهُ رفيقي فيما تُطمَسُ بقيَّةُ المُحادثاتِ في ضجيجِ الخلفيَّةِ. يتلفَّظُ شخصٌ قريبٌ بكلمةِ “تجذِب انتباهي” وأحاولُ الإصغاءَ إلى ما يقولُهُ، فجأةً، أدركُ أنَّني نسيتُ إجراءَ مُكالمةٍ مُستعجلةٍ، تُصبحُ المُحادثاتُ في المَقامِ الثَّاني الآنَ؛ لأنَّ ما يشغلُ انتباهي الآنَ هو هذا الاهتمامُ، ندعو “انتباهًا” هذه ِالتَّحويراتِ والتَّغيراتِ في التَّجربةِ الواعيةِ، لكنَّهُ وصفٌ للجانبِ المَرئيِّ منَ الظَّاهرةِ، لفهمِها ينبغي علينا أنْ نعرفَ أسبابَها غير الواعيةِ، ما يَشغلُ انتباهنا والشّدة الَّتي يفعلُ بها ذلك، يعتمدُ على عملياتٍ عصبيَّةٍ سابقةٍ قامَ بها دماغُنا.

إعلان

في بعضِ الأحيان، تَنطلقُ هذهِ العملياتُ جرَّاءَ مُحَفِّزٍ ما (ضربةٍ قويَّةٍ- وميض- كلمة- ألم)، في هذه الحالة، نتحدَّثُ عن “انتباهٍ غير إراديٍّ” في أحيان أخرى، وفي المقابلِ الشَّخصُ نفسُه هو منْ يُقرِّرُ أيًّا منَ العملياتِ سيقومُ بها. إذا أردْتُ حلَّ مسألةٍ رياضيَّةٍ عليَّ أنْ أُركِّزَ عليها، نتحدَّثُ عندئذٍ عن “انتباهٍ إراديّ”، وفي لُغةٍ أكثر راهنيَّة، عن “انتباهٍ تنفيذيّ مُسيطَرٍ عليه”. اللَّغةُ الإسبانيَّةُ حكيمةٌ جدًا وهي تقولُ أحيانًا: “شيءُ ما استدعى انتباهِه” وفي أحيان أخرى “ركَّز -التَّرجمة الحرفية: وضع انتباهه- على ما كانَ يفعلُهُ”. الأشخاصُ الذَّينَ يعانونَ منْ “نقصِ الانتباهِ” هم تحتَ رحمةِ المُحفِّزِ، لم يطوروا المنظوماتِ التَّنفيذيَّةَ، التَّي تُسيطرُ على حياتِهُمُ العقليَّةِ، لذلك، إنَّ هذه المُشكلاتِ المُتعلّقةِ بتوجيهِ الانتباهِ عادةً ما تكونُ مَصحُوبةً بصعوباتٍ أخرى في السَّيطرةِ على السُّلوكِ الخاصِّ، كفرطِ النَّشاطِ والاندفاعِ.

إنَّ سيطرةَ المرءِ على الانتباه الخاصِّ بهِ هي العُنصرُ الأساسيّ في السُّلوكِ الحُرِّ، لذا عندما يُخفِقُ هذا التَّحكُمُ الذَّاتيّ تتراجعُ الحُريَّةُ، فالشَّخصُ الذَّي يُعاني من اضطرابِ الوسواسِ القهريِّ لا يستطيعُ التَّوقُّفَ عن التَّفكيرِ في شيءٍ ما، والشَّخصُ الذَّي يُعاني منْ نَقصِ الانتباهِ لا يستطيعُ أنْ يُقرِّرَ فيما يريدُ أنُ يُفكِّرَ فيهِ. كِلا الاضطرابين يزيدانِ منْ صُعوبةِ السُّلوكِ المُستَقلِّ، التَّنويمُ المغناطيسيّ هو درجةٌ قُصوى من اغتصابِ الانتباهِ. منْ يُريد الاستحواذَ على حريّةِ شخصٍ ما، فليبدأ بالاستحواذِ على انتباهِهِ؛ فبفعلِ ذلك يُمكنُهُ توجيهَ تَدفُّقِ حياتِهِ الواعيةِ، على سبيلِ المثالِ: صُمِّمَتِ الطُّقوسُ المُعقَّدةُ في بعضِ المِلَلِ لكي يكونَ المؤمنُ في حالةِ تفكيرٍ مُستَمرٍ بالمَضامِينِ الدِّينيَّةِ. أرادَ عصرُنَا التَّحررَ منْ نِيرِِ هذهِ الاعتماديَّةِ فهلْ تمكَّنَ من ذلك؟ يبدو أنَّهُ لمْ يفعلْ. المشهدُ المُتَزايدُ باطِّرادٍ لحشدٍ يُركِّزُ على النَّظرِ إلى الهاتِفِ المُتحرِّكِ مَشهدٌ مُدهِشٌ، من حيث المبدأ ينظرُ كلُّ شخصٍ إلى شيءٍ مُختَلفٍ، لكنَّهُ يفعلُ ذلكَ من خلالِ النَّافذةِ نفسِها. ما تغيَّرَ هو أنَّ الشَّركاتِ التِّقنيَّةَ تقومُ بذلكَ الفعلِ الاستعماريِّ لانتباهِنا، بمساعدَتِنا المُتَحمّسةِ وبمنهجيَّاتٍ دقيقةٍ، يفعلونَ ذلك بتقديمِ الجوائزِ، بحيث نعتقدُ أنَّنا نتصرَّفُ بحريَّةٍ ووفقًا لمصلحتِنَا الخاصَّةِ. شبكةُ الإنترنت التّي ظهرَت بوصفِها وعدًا بالمساواةِ والحُريَّةِ، صارَت تجارةَ تلقينٍ ضخمةٍ. وفي كلِّ ذلك، يُصبحُ الانتباهُ صاحبَ الدَّورِ الرَّئيس.

لتعزيزِ رأيي سأقدِّمُ شهاداتٍ لأشخاصٍ من داخلِ هذهِ الصِّناعةِ، ففي أواخرِ تسعينيَّاتِ القرنِ الماضي صَرَّحَ “Éric Schmidt” رئيسُ غوغل “Google”: بأنَّ القرنَ الحادي والعشرين سيكونُ صَنوًا لما سمَّاهُ “اقتصادَ الانتباه”، وأنَّ الشَّركاتِ على المُستوى العالميّ ستكونُ تلكَ التَّي تتمكَّنُ من التقاطِ الحدِّ الأقصى منْ “مُقَلِ العيون”. وأعلن “Patrick Le Lay” رئيسُ “TF1”: “ما نبيعُهُ لكوكا كولا هو وقتُ دماغٍ مُتاحٍ”. أمَّا تيم وو “Tim Wu”، فيقول في كتابه”The Attention Merchants: The Epic Scramble to Get Inside Our Heads”: “إنَّ اقتصادَ الانتباهِ لا مناصَ منهُ. بعضُ الشَّركاتِ التّقنيَّة كانت بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى نموذجِ أعمالٍ جديدٍ؛ وقدْ أدركوا أنَّ عليهم التقاطَ انتباهِ النَّاسِ، كانَ تغييرًا كبيرًا في تاريخِ الرَّأسماليَّةِ عندما اختارَت بعضُ أكثرِ هذه الشَّركاتِ أهميَّةً هذا النَّموذجَ”. عملَ “James Williams” أكثرَ من عشرِ سنواتٍ في غوغل “Google”، إلَّا أنَّهُ تركَ الشَّركةَ للبحثِ في كيفيَّةِ أَسرِِ التُّكنولوجيا لحواسّنَا والتَّداعيات الأخلاقيَّةِ والسياسيَّةِ لاقتصادِ الانتباهِ. “لاحظَتِ الكثيرُ من الشَّركاتِ وجودَ ذلكَ المَوردِ الطَّبيعيِّ من حولِها: انتباه النَّاسِ؛ إذا قدَّمتَ لهم أشياءَ مجانيَّةً، فسيمكنُكَ أسرُ انتباهِهِمُ وبعدَ ذلك تبيعُ أكثرَ”، يقول ويليامس: “ذلك ما صارَ إليهِ نموذجُ الأعمالِ الافتراضيَّةِ في شركاتِ وادي السيليكون. عندما عملتُ في “Google”، كنتُ في قسمِ “Search Advertising”، وكانَ أحدَ أهدافِهِ تغييرُ منظومة الدَّعايةِ”. المهمُّ الآنَ هو تعظيمُ عدد نقراتِ الأزرارِ- clicks- ووقت البقاء على الشبكة”. “إنَّ الانتباهَ – كما يكتبُ توماس مانديل “Thomas Mandel” وجيرارد فان دير لون “Gerard Van der Leun” في كتابهما “Rules of the Net ” هو العملةُ الصَّعبةُ في الفضاءِ السِّيبراني”. في مجلَّة “Wired” يكتبُ مايكل غولدهابر “Michael Goldhaber “:مع زيادةِ الشَّبكةِ لحضُورِها في الاقتصادِ بأكملِهِ، فإنَّ تَدفُّقَ الانتباه لا يستبقُ تدفُّقَ المالِ فقط؛ بل إنَّهُ سوفَ يَحلُّ محلَّهُ في الآن نفسِه”. يُقِرُّ الكاتبُ بأنَّ ذلكَ قد يبدو غريبًا، لكنَّ كلّ المشاركين في الشَّبكةِ يحتاجونَ إلى التقاطِ الانتباهِ، كلُّ هذه المنظومة قائمةٌ على تَدعيمِ “الانتباهِ غير الإرادي” وإضعافِ “الانتباهِ الإرادي”، وهذا ما يؤديّ إلى مُجتَمعٍ ضعيفٍ قليلِ الحَصَانَةِ. يؤكّدُ نيكولاس كار “Nicholas Carr”، الذَّي كانَ مديرًا لمجلَّةِ هارفارد للأعمالِ” Harvard Bussiness Review”، في كتابهِ: ” ?The Shallows: What the Internet Is Doing to Our Brains” يؤكِّدُ تأكيدًا قاطعًا أنَّها “تُقلّلُ منَ القُدرةِ على السَّيطرةِ على أفكارِنا وعلى التَّفكيرِ الذَّاتيِّ المُستَقلِّ”. وبالعودةِ إلى التُّكنولوجيا، يكتبُ تيم هاريس “Tim Harris”: “أستطيعُ ممارسةَ السَّيطرةِ على أجهزتِي الرَّقميَّة، لكنَّني لا أنسى أنَّهُ على الجانبِ الآخرِ منَ الشَّاشةِ يوجدُ عددٌ كبيرٌ من الأشخاصِ عملُهُم هو القضاءُ على أيّ أثرٍ من مسؤوليَّةٍ قد تتبقّى لي”. إنَّ شهادَتَهُ مُهمَّةٌ لأنَّهُ، بوصفِهِ خبيرًا، كان جزءً من هذا العددِ الكبيرِ منَ الأشخاصِ، عندما كانَ يعملُ في “Apple وWikia وApture وGoogle.”

يَقترِنُ إضعافُ الانتباه بتجلّياتٍ أُخرى للوظائفِ التَّنفيذيَّةِ الأقل تطورًا، في المَقامِ الأوَّلِ، فَرطُ النَّشاطِ والاندفاع. قبلَ سنواتٍ في مُؤتَمرٍ طُبيِّ حولَ نقصِ الانتباهِ، دافَعتُ عن الأُطروحةِ المُتمثّلةِ بأنَّ الزِّيادةَ في هذا الاضطرابِ لها أسبابٌ ثقافيَّةُ. فنحنُ نُعزِّزُ الـ (zapping)**  أسلوبًا للوجودِ، لأجلِ مصالحَ تجاريَّةٍ. في ذلكَ الحين لمْ تكنْ حُجَّتِي مُقنِعَةً، لكنَّني أعتقدُ أنَّّ الأحداثَ أظهرَت أنَّني كنتُ مُحِقًا. في كتابهِ “The Cultural Problem, the World Behind Your Head” المُخَصَّصِ لأزمةِ الانتباهِ بوصفِها مُشكلةً ثقافيَّةً، يربطُ “Mathew B. Crawford” الأزمةَ المذكورةَ بالصُّعوبةِ المُعاصرةِ في أنْ يكونَ للمرءِ “أنا” مُتماسِكةٌ. وصفَ إيف سيتون “Yves Citton” تأثيرَ هذا الإضعافِ على عمليَّةِ الاتِّخاذِ المُستَقلِّ للقراراتِ. أشارَ برنارد ستيغلر”Bernard Stiegler”  إلى الاختلافِ بينَ “اقتصادِ انتباهٍ عامٍّ”، ووجدَ في جميعِ الثَّقافاتِ “اقتصادَ انتباهٍ مُقيَّدٍ”، “يُهدَّدُ في نظامٍ رأسماليِّ باستنفادِ انتباهاتِنا الاحتياطيَّةَ باستغلالِها وفقًا لـمنطقٍ صِناعيِّ مُفرِطٍ في صناعيَّتِهِ”. شوشانا زوبوف “Shoshana Zunboff” في كتابِها الضَّخمِ  “The Age of Surveillance Capitalism” تربطُ بين اقتصادِ الانتباهِ و”الاقتصادِ اللُّيبيدي” الذَّي يحتاجُ إلى التَّحفيزِ المُتواصِلِ للرَّغبةِ.

إنَّ صناعةَ الإعلانِ وغايتَها الرَّئيسة هي استدعاءُ الانتباهِ، تتحوَّلُ إلى مُكوِّنٍ أساسيٍّ للاقتصادِ. أمَّا “رأسماليَّةُ التَّجَسُسِ الإلكترونيَّةِ المُتلاعِبَة” فقدْ جمَعَت بينَ التَّلقينِ والإعلانِ. وقد انبثقََتْ عندما اكتشفَ غوغل وفيسبوك، اللذَّان وُلِدَا بهدفِ تيسيرِ المَعلوماتِ والاتِّصالِ، أنَّ الإعلانَ مَصدرٌ هائلٌ للدُّخولِ، وفي وقتٍ لاحقٍ، ما بُدِىء بتسميَتِه “الفائضُ السُّلوكيّ”، أيُّ المعلوماتِ حولَ سلوكِ المُستَخدِمِينَ التَّي يُمكنُ أن تُفيدَ في تَوقُّعِ السُّلوكيَّاتِ والرَّغباتِ المُستَقبليَّة، وتوفيِر هذهِ المعلوماتِ لشركاتٍ تَضطَّلِعُ بصناعةِ المُنتجاتِ المُلائمةِ. منْ جانِبي، وصفْتُ قبيل بضعةِ أعوامٍ “متلازمة فرط النَّشاط المعرفيِّ”، وهي الحاجةُ إلى التَّلقي المُستمِرِّ لمُحفّزاتٍ مَعرفيَّةٍ مُوجَزةٍ ومُتغيّرةٍ، والقسر على الاستجابةِ لها على نحوٍ فوريّ. إنَّ ساستَنا فَرائِسُ سهلةٌ لهذا المَرضِ.

هذه الظَّواهرُ كلُّها تشكِّلُ جزءًا من “هولوغرام الانتباه”. ويَدفَعُنِي تَأثيرُها في حيواتِنا إلى إطلاقِ “-Manifest -“بيانٍ في الدِّفاعِ عن حريَّةِ الانتباه”. لقد أسَّسَ جيمس ويليام “James William” الذَّي ذَكرْتُه آنفًا، والذَّي يَعملُ في قسمِ عُلومِ الحَوسَبَةِ في جامعةِ أكسفورد بإنكلترا منظَّمةََ “Time Well Spent”، وهي منظَّمةٌ غيرُ ربحيَّةٍ تَسعى إلى عكسِ “أزمةِ الانتباهِ الرَّقميّ” التَّي سبَّبتها الشَّركاتُ التُّكنولوجيَّةُ. وشرحْتُ في كتابِي “الذَّكاء التَّنفيذيّ” أنَّ الحلَ الأفضلَ هو تحديدُ تطويرِالوظائفِ التَّنفيذيَّةِ بوصفِه هدفًا ذا أولويَّةٍ في التَّعليمِ، من أجلِ تَعزيزِ القُدرةِ على السَّيطرةِ الذَّاتيَّةِ، التَّي هي أساسُ الحريَّةِ. إنَّ تعليمَ الانتباه هو الشَّرطُ الَّذي لا يُستَغنَى عنْهُ لتحقيقِ الحُريَّةِ. وفي هذا، إنَّ الغربَ مُتأخِّرٌ جدًا نسبةً إلى الشَّرقِ، الذَّي اكتشفَ منذُ قُرونٍ عديدةٍ أنًّ السَّيطرةَ على الانتباهِ كانَت البَّوابة التَّي قادَت إلى الحريَّةِ والحِكمَةِ.

** Zapping: هو تغيير القنوات التلفزيونية عن طريق جهاز التحكم عن بعد.

رابط الأصل الإسباني:

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: ديما الخطيب

ترجمة: زيـاد الأتاسي

اترك تعليقا