حقائق و تجارب تزيدنا إعجابا بـ الميتوكوندري
في المقال الأول تحدثنا عن القدر الكبير الذي يمتلكه الميتوكوندري هذا العضي الطاقي، لكن هناك شيء وجب ذكره حول DNA mt الذي يحمله ، فهو نفس DNA الذي تحمله جميع ميتوكوندريات خلاياك مثل وحدانية DNA النواة.
لكن الميتوكوندري الذي تمتلكه أنت، هل هو من أبوك أم من أمك ؟
ماذا تظن ؟ 50% والد و 50 % والدة ؟ أم احتمال أن يكون أحدهما فقط .
الأمر محسوم من هذه الناحية، حيث سيتجه بنا المطاف للحديث عن الإخصاب، لأنها المرحلة التي تحدد ذلك بالظبط .
أثناء سفر الحيوانات المنوية التي تحمل جينات الرجل، تكون البويضة في انتظار البطل المقدام، ذلك الحيوان الوحيد الذي سيقوم بالإخصاب يرجح العلماء أن الشيء الوحيد الذي يقوم به أثناء التحامه هو تقديم نصف المكون الجيني عينيتيچ پاتريموني ليندمج مع نصف المكون الجيني للبويضة فتنتج الزايغوت 2ن (نZygote 2)، لكن البويضة تحمل كل ما تحتاجه ، من مكونات خلوية وجدار واحتياطات حيوية .
إذن فقد علمت الآن ميتكوندريُّ من تحمل أنت أليس كذلك ؟
هل ستكون هذه أول مرة نفهم العلاقة بين الرياضة والشيخوخة ؟
تشير الأبحاث والدراسات أن شيخوخة الخلية يسبقها انخفاض كبير لإنتاج ATP من طرف الميتوكوندري والذي يليه تلف واضح لهذه العضيات ، ولو حللنا هذه الحالة سنصل إلى استنتاج أن التلف يزداد بسبب عدم استعمال هذه الميتوكدريات، حيث أن استعمالها يتمثل في الكسل والجلوس لساعات طويلة دون الحركة أو المشي أو ممارسة رياضة معينة ، و نفس الشيء ينطبق على حالة انخفاظ إنتاج المكونات الطاقية الذي يرجع لتغير بنية الغشائين الميتوكوندريين، و سببه نقص شدة الأيض metabolisme ( أي العمليات الخلوية النشطة ) إضافة لعوامل أخرى كالبقاء في غرفة منغلقة دون السماح للأوكسيجين الضروري الوصول لماتريس matrix العضي من أجل إتمام الأكسدة oxidation في دورة كريبس krebs cycle والتي تليها الفسفرة المؤكسدة phsphorylation oxidative .
الأمر واضح جدا ، اذن يمكنك من الآن أن تقوم بكتابة برنامجك الرياضي من أجل ابعاد الشيخوخة عن خلاياك ، كما ستضيف أمورا أخرى تعزز من وصولك لهذا الهدف الذي نحبه جميعا .
يمكننا حماية هذا المصنع الطاقي داخل خلايانا :
وذلك بالتقليل أو الابتعاد الكلي عن المأكولات المحولة جينيا أو المعدلة .
التقليل من السكر الأبيض.
التوقف عن أكل الذهون والمواد الطاقية بكميات لا تناسب نشاطنا اليومي
زيادة استهلاك المأكولات التي تحتوي نسبة كبيرة من مضادات الأكسدة ،
كما أن النوم المنتظم عامل أساسي أيضا .
أعداء الميتوكوندري كثيرة؛ كالأدوية، المخدرات، التغذية المليئة بالسكريات، الحساسية الغذائية، المواد الكيميائية …
فتلاشي الميتوكوندري وتلفه يعني أن الأزمة قد حلت على الخلية وأن الأوقات العصيبة بدأت .
هناك بعض الحالات المرضية الوراثية inherited mitochondrial disease ( مرض محمول بجينات الميتوكوندريا )
ما يميز هذه الحالات، هو الظهور المبكر جدا للأعراض والأضرار مقارنة بالأمراض الوراثية المتعلقة بجينوم النواة .
لأن العوز الذي يصيب الجينات المرتبطة بهذا العضي إضافة إلى جيناته الخاصة يظهر في العصبونات neurons والعضلات musculars ، هذا العوز يصيب الأنزيمات النشطة والمحفزة مما يجعل تركيز بعض المواد كبيرا جدا، فالبي
روفات لن يتم استهلاكه بل سيظل في السيتوبلازم ويتحول للاكتات lactate .
صعود تركيز هذا المركب هو أحد اشارات المرض المرتبط بالميتوكوندري كما أن تشوهات تحدث بالدماغ والنويات الرمادية تعد أيضا علامات كاشفة له ،وعلاج هذه الحالات للأسف ليس مباشرا للمرض لحد الآن، فالوصفات والأشياء الموصى بها هي فقط : مكملات غذائية تحتوي على عوامل مساعدة ، حمية غنية بالذهنيات و مفتقرة للسكريات ، وتجنب الأدوية التي تؤثر بالعلاج المتبع .
يتواجد بهذا العالم الآن طفل له ثلاث آباء :
في 6 أبريل سنة 2016 ازداد هذا الطفل الذي يختلف عنا جميعا، يحمل هذا الطفل DNA والده ووالدته إضافة إلى قطعة جينية صغيرة مضافة إليه من طرف امرأة مُعطية Female carrier، قام بهذا الإجراء فريق أمريكي نزل للمكسيك للقيام أول مرة بأمر فريد قد يتيح طريقا جديدا لعلاج أمراض مولد الطاقة الخلوي .
والدة هذا الطفل هي امرأة سليمة لكنها تحمل مرضا ميتوكوندريا يسبب أضرارا عصبية كانت سببا في موت
طفلين لها من قبل، لكن التجربة جا ءت كهدية انقاذ لحلمها بإنجاب طفل جميل .
قامت هذه التجربة على استخلاص نواة بويضة الأم و زرعها في بويضة المرأة المانحة ، حيث أن بويضتها تحتوي على ميتوكوندريات سليمة دون نواة، إذن فالبويضة المصنعة من طرف الباحثين تحمل نواة الأم و ميتوكوندريات المرأة المانحة وبعدها أتى دور مشيج الأب لإعطاء نواة حيوانه المنوي ، وبذلك تمت عملية الإخصاب بنجاح.
هذه العملية المعقدة والمدهشة لم تحمل في طياتها أي احتمال بظهور شبه بين الطفل والمرأة المانحة ، فالنواة التي تضم الصفات الجسمانية و المظهر الخارجي قادمة من والدته ووالده الذي خصّب مشيجه البويضة المحصل عليها . إذن فالطفل يحمل بخالاياه ميتوكوندريا مخالفا لميتوكوندري والدته، يتقدم البحث العلمي ساعيا لحل مشاكل لطالما وقفت في وجه الطب والبايولوجيا، فالجهود المبذولة المجدة غالبا تكون لها نتائج محمودة وإيجابية فها نحن قد جنيْنا ثمار هذه البحوث التي مكنتنا من فهم و ادراك أهمية الميتوكوندري الذي يعتبر مولدا طاقيا أساسيا بخلايانا