جائزة نوبل وتاريخها بين المجد والجدل

“أحاطت بهم هالات المجد والفخار، تمجدت أسماؤهم وحُفظت في سجلات الخالدين، هم الآن في محراب ربات الفنون، على بعد خطواتٍ من الإكليل الذي سيُزين رؤوسهم للأبد، في حضرة ملك السويد. اليوم هو العاشر من ديسمبر، ذكرى وفاة ألفريد نوبل، صاحب الوصية التي قُدر لها أن تصنع الكثير من زخم العالم، وأن تردد صداها الرياح الأربع في كل ركن في الأرض وفي كل زمانٍ تالٍ”.
بهذه المقطوعة الشاعرية يبدأ الدكتور أحمد سمير كتابه الممتع (جائزة نوبل .. تاريخ المجد والجدل)!

إن هذه الجائزة الفريدة التي تعتبر “أهم جائزة على سطح الأرض” – بحسب تعبير الكاتب- لها تاريخ، وهو كأي تاريخ مثير للجدل ومرصع بالمجد والخيبة معًا!

لكن ارتباط هذا التاريخ بأشهر جائزة يجعل الحديث عنه ممتعًا، وهذا ما يقدمه هذا الكتاب الذي سنعرضه في السطور القادمة.

بعد المقدمة تتلاحق فصول الكتاب الاثني عشر.

 في الفصل الأول (إكليل الغار.. مراسم التتويج):

عرض الكاتب لطقوس مراسيم تتويج الفائزين هناك في ستوكهلم، ولفظة فائز (laureate) المشتقة من لفظة غار (laurel)، إلى جانب أشياء أخرى طريفة كالأكلات المقدمة في مأدبة نوبل، لكننا سنهرول عنه سريعًا لأن أمامنا تاريخٌ طويل يستحق التوقف عنده خيرًا من الرسميات وبذخها!

إعلان

في الفصل الثاني (الوصية):

يذكر الكاتب نص وصية ألفريد نوبل التي على ضوئها تم تقسيم ثروته وتخصيص جزءًا منها لتمويل هذه الجوائز، وكيف تم تطبيق هذه الوصية والجدل الذي دار حولها.

أما في الفصل الثالث (ألفريد نوبل):

فيسرد الكاتب سيرة الكيميائي ألفريد نوبل بتفصيل، مركزًا على نقطة مهمة وهي إبداعاته في الأدب؛ حيث عرض الكاتب نماذج من شعر ألفريد نوبل وأسماء بعض رواياته رغم أن أغلبها كانت مسودات وأعمالاً لم تكتمل، وكانت حوارات مع الذات!

ثم يعرّج الكاتب على علاقة نوبل مع فروع جائزته الخمسة التي أوصى بها.

الطريف في الأمر أن ألفريد نوبل الذي بنى مجده العلمي والمالي من تصنيع مادة النيتروجليسرين – المستخدمة لصناعة الديناميت، تكون هي نفس المادة التي وصفها له الأطباء من أجل علاج قلبه المعتل!

في الفصل الرابع (جائزة نوبل في الفيزياء):

نُقش على أحد وجوه ميدالية جائزة نوبل في فرعي الفيزياء والكيمياء صورة للربة (إيزيس) تبزغ من السحاب وتحمل في يدها رمز الوفرة (قرن ماعز ملآن حد الفيضان بالزهور والفواكه والحبوب)، ثم يجوب الكاتب مع أول خمس جوائز في الفيزياء، وبعدها يعرض– بإسهاب- لمجالات الفيزياء التي حظيت بالجائزة خلال المائة عام المنصرمة، وأخيرًا يعرض الكاتب الجائزة في أعوامها الأربعة الأخيرة (2018-2015م).

في الفصل الخامس (جائزة نوبل في الكيمياء):

يبدأ الكاتب في الحديث عن التخوم المشتركة بين العلوم؛ حيث يمكن أن يصنف البحث العلمي ضمن علمين معًا، كالفيزياء والكيمياء أو الكيمياء والطب وغيرهما، ثم يعرض لآلية اختيار الفائزين بالجائزة في فرعي الكيمياء أو الفيزياء، وبعدها يتحدث عن الكيمياء في القرن العشرين عارضًا لأول خمس جوائز في الكيمياء، وبعدها يعود يسرد – بإسهاب- لمجالات الكيمياء التي حظيت بالجائزة خلال المائة عام المنصرمة، وكذلك يعرض للجائزة في أعوامها الست الأخيرة (2018-2013م).

في الفصل السادس (جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب):

يتحدث الكاتب عن القرن العشرين والثورة البيولوجية والطبية الكبرى التي حدثت فيه؛ “كان هذا هو قرن الوراثة، عرفت مادته، أصبح كل كائن عبارة عن شفرة ومجموعة من المعلومات، يمكن حلُّ لغزها وفك التشفير وقراءة كل الأسرار، معرفة الصفات وما سُطر بين العيون على الجبين”.

نُقش على أحد وجوه ميدالية معهد كارولين التي يمنحها الفائز بجائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب عبقري الطب وهو جالس، في كنفه وعلى ركبتيه كتاب مفتوح، يجمع الماء المنسكب من صخرة كي يقوم بإطفاء عطش فتاة مريضة، مكتوب عليها “إلى أولئك الذين يعززون الحياة على الأرض التي تتزين بفنونهم”، وهي المقولة المقتبسة من أحد أبيات فرجيل إينيد من أغنيته السادسة “الشعراء الذين يحبهم الله، أولئك الذين كلموا الأشياء فاستحقوا قلب فويبوس، أولئك الذين يعززون الحياة على الأرض التي تتزين بفنونهم.”

وفويبوس هو أبوللو ابن زيوس رب الأرباب، هو رب الشمس وأخته ديانا ربة القمر، هو شاعر وفنان وجميل الخلقة وطبيب.

تحت الصورة والاقتباس يُنقش اسم الفائز واسم معهد كارولين.

ثم يشرح الكاتب لآلية اختيار الفائزين بالجائزة، ومن ثم يجوب مع أول خمس جوائز في الطب والفسيولوجيا، وبعدها يعود يسرد –بإسهاب- لمجالات الطب والفسيولوجيا التي حظيت بالجائزة خلال المائة عام المنصرمة، وأخيرًا يحط الكاتب رحالة عند جائزة عام 2018م.

في الفصل السابع (جائزة نوبل في الأدب):

يبدأ الكاتب بعرض آلية اختيار الفائز أو الفائزين بالجائزة، ومعايير اختيار أكاديمية نوبل للفائزين على ضوء وصية ألفريد نوبل التي نصّت على “منح جائزة الأدب لأكثر الأعمال تميّزًا في نزعةٍ مثالية”، وهنا يعرض الكاتب لتباين تأويلات الأكاديمية لذلك المعنى عبر السنوات المختلفة عاكسًا رؤى أعضائها وتأثرهم الأكيد بالأفكار والآراء والفلسفات التي تسود العالم بين آن وآخر حول الفن والجمال، وكيف أثّر ذلك على مسار الجائزة خلال سنواتها المائة المنصرمة من خلال نماذج للفائزين!

في الفصل الثامن (جائزة نوبل في السلام):

يشرع الكاتب في الحديث عن هذه الجائزة المثيرة للجدل بقوله: “ربما تمثل جائزة نوبل في السلام رصدًا تاريخيًا لصراعات البشر سواء الحربية أو الفكرية أو الأيديولوجية، أمثلة حية لتاريخ دفع البشر لبعضهم البعض والظروف الحاكمة لهذا الدفع، وهي وإن عكست فإنما تعكس رؤية مانحي الجائزة لمعنى ومفهوم الفعل الأخلاقي والصواب الإنساني، وهو ما سيعني أن هناك من سيقف منتقدًا بشدة لهذه الرؤى لأنه يرى الأمر من الطرف الآخر للصراع وساعتها سيكيل الإتهامات، وربما يملك أحيانًا كل الحق في ذلك”.

ثم يعرض آلية تحديد الفائز بالجائزة ومنهم المؤهلون لتقديم ترشيحاتهم لمجلس الجائزة؛ وهم خمسة أفراد ينتخبهم البرلمان النرويجي، حيث كان نوبل قد أوصى أن البرلمان النرويجي هو المنوط بمنح جوائز السلام.

ثم يعرض الكاتب للمسار التاريخي للجائزة حتى عام 2018م، مع المؤثرات التي صاحبت منح الجائزة!

في الفصل التاسع (جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية):

يبدأ الكاتب في عرض خلفية تأسيس هذه الجائزة في عام 1968م وهي لم تكن ضمن وصية نوبل!

ويبين أن الفروع الخمس سابقة الذكر للجائزة إنما تعكس شغف ألفريد نوبل نفسه، في حين أن هذا الفرع كأنه رد اعتبار للرياضيات التي لم يخصص لها نوبل فرعًا من وصيته، حيث قام البنك المركزي السويدي في عيد تأسيسه الثلاثمائة -في عام ١٩٦٨م- بتقديم تبرع لصالح مؤسسة نوبل من أجل تأسيس فرعٍ جديد للجائزة يختص بمنح جائزة سنوية لأصحاب الأعمال الفارقة في مجال العلوم الاقتصادية، تختص الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم بمنح هذه الجائزة على نفس ذات مبادئ جوائز نوبل الأخرى، وذلك بالتأكيد لتحظى بذات الموثوقية والمجد.

ثم يشرح الكاتب كيفية اختيار الفائز بهذه الجائزة، ثم يعرض لتاريخ علم الاقتصاد، ومجالات الاقتصاد التي حظيت بالجائزة منذ تأسيسها، وهي الاقتصاديات الكلية؛ أي النظريات التي تعالج الاقتصاد ككل واحدٍ وتهتم بأشياء من قبيل الإنفاق العام والناتج القومي الإجمالي ونسب البطالة والتضخم وغيرها.

في الفصل العاشر (جائزة نوبل.. تاريخ من الانتقادات):

يبدأ الكاتب بمقولةٍ للكاتب الإيرلندي الساخر برنارد شو: “قد أغفر لنوبل اختراعه الديناميت، لكنني لا أغفر له إنشاءه جائزةَ نوبل”!

ثم يعرض الكاتب لأهم الانتقادات التي وجهت للجائزة في مجال العلوم؛ على هيئة سؤال:

هل علينا ألا نحكم على الفائز أخلاقيًا؟

ويضرب مثلاً لذلك الكيميائي الألماني فرتز هابر الحاصل على الجائزة عام 1918م في الكيمياء لتحضير الأمونيا من النيتروجين والهيدروجين المستخدمة كسماد، لكنه كان متورطًا في إنتاج الكلورين كغاز سام استُخدم لأول مرة عام 1915م، ومثله برادفورد شوكلي أحد مخترعي الترانستور الذي فاز بالجائزة في الفيزياء عام 1956م لأنه معتنق الاختلافات الجينية بين البشر!

وفي سؤالٍ آخر: هل تخطئ جائزة نوبل؟

الإجابة التي قدمها الكاتب هي نماذج من أخطاء لجنة الجائزة؛ مثل التفسير الخاطئ الذي قدمه الفيزيائي فيرمي أنه حصل على عنصر أثقل من اليورانيوم جراء التجربة التي قام بها ومن أجلها حصل على نوبل الفيزياء عام 1938م، وكذلك تجربة قطرة الزيت لمليكان التي حصل بسببها على نوبل الفيزياء عام 1923م وتم التشكيك في نتائج التجربة، وغيرها من الأمثلة الكثير عرضها الكاتب.

في فقرة لاحقة عرض الكاتب لأهم الاكتشافات والابتكارات المهمة التي أغفلتها جائزة نوبل؛ مثل إغفالها للكيميائي الروسي ماندليف واضع أسس الجدول الدوري الحديث، وعدم منح الجائزة للعالم الكبير ألبرت آينشتاين عن أهم نظرية قدمها وهي النسبية والتي تم إثبات صحتها عمليًا، بل منح لعمل آخر قدمه لا يصل لعظمة النسبية، وأمثلة كثيرة عرضها للتدليل على فكرته تلك.

أما المرأة فلم تحظَ بمكانة كبيرة في الفوز بالجائزة؛ فخلال هذا التاريخ الطويل لمنح الجائزة (118 سنة) لم تنل الجائزة إلا 50 امرأة فقط من أصل 590 جائزة مسلَّمة!

يقول الكاتب:

“قد يذهب البعض إلى تفسير الأمر باعتبار أنه قد لا يرجع للتمييز ضد المرأة من لجان الجائزة نفسها، لكنه تمييز مجتمعي وعلمي وسياسي ضد المرأة يمنع وصولها بالأساس ويقزم من الدور الذي قامت به متى كانت مشاركة وفاعلة”.

وعن الانتقادات التي وجهت لجائزة نوبل في الأدب يقول الكاتب: “نالت جائزة نوبل في الأدب الكثير جدًا من الانتقادات منذ اليوم الذي بدأت فيه وحتى اللحظة، لا يكاد يمر عام دون جدلٍ كبير حول الفائز، بالطبع كان الجدل في بعض الأعوام أكثر كثيرًا من أعوامٍ أخرى، لكنه جدلٌ لم يتوقف قط، أحيانًا حد كيل الاتهامات والتي تنوعت بين الذائقة المنغلقة والمركزية الأوروبية (عدد الفائزين من السويد على سبيل المثال يفوق عدد كل الفائزين من قارة آسيا)، والانغلاق والجهل بالعالم والمآرب السياسية”، ثم يعرج على ذكر كل هذه الاتهامات مع أمثلتها، ليختم الفقرة بقوله: “كان العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب هو نجيب محفوظ رغم أن القائمة ربما قد تمتلئ بالكثيرين من المميزين، إلا أن جائزة الأدب هي جائزة ثقافية بالأساس، والثقافة العربية ليست في مركز فكر الغرب، هم يستكشفون من بعيد ويحتفون بها كفلكلور وعوالم غريبة لا أكثر، القائمة في رأيي تطول لمستحقين آخرين لنوبل من العرب”.

أما عن الانتقادات لجائزة نوبل في السلام فيكفي ما قاله الكاتب في بداية الفقرة لنعرف حجم هذه الانتقادات التي يحظى بها هذا الفرع من الجائزة: “من العسير التغاضي عن التأثير السياسي لجائزة نوبل، هذا ما يجعلها مثيرة دائمًا للجدل وعرضة للاتهامات، بالإضافة إلى أن جائزة نوبل كثيرًا ما تُمنح لرجال دولة، أصحاب سلطة وبأس ومصالح وسياسات، إضافةً إلى أنها كثيرًا ما تتدخل برأي ما في صراع ما، معليةً من كفة فئة ضد فئة وهو ما تُعده بعض الدول تدخلاً سافرًا في شؤونها أو ترى فيه تنفيذًا لأجندةٍ ما”.

ومن الجدل الذي أُثير حول ترشيحات هذه الجائزة هو أنه تم ترشيح أدولف هتلر مرة واحدة في عام 1939م!

شرح الانتقادات التي وجهت لفرع الجائزة في الاقتصاد.

في آخر الفصل يقول الكاتب:

“يبدو أن أي جائزة مثيرة للجدل مهما تلزم نفسها بمعايير، لكن تبقى جائزة نوبل هي أهم جائزة على سطح الأرض، غير أنه بعد كل هذه السنوات لنا أن نسأل: هل تم تنفيذ وصية ألفريد نوبل حقا؟”.

هنا يوضح الكاتب – كأنه يقيم الجائزة إجمالاً: “يبدو أن ألفريد كان يطمح أن تكون جائزته مشجعًا وحافزًا إلى الإنجاز العلمي، وربما أمانًا ماليًا كذلك للفائزين، لكن الملاحظ الآن أن الجوائز ربما تُعتبر كتكريم نهاية الخدمة، لا تأتي إلا في نهاية طريق طويل، وبعد أن يكون العالم قد تجاوز كل المعوقات ومواطن الشقاء”.

ويردف قائلاً: “كان نوبل كذلك ينشد من جائزته للسلام أن تكون مسعىً نحو قيم الخير والسلام والصداقة بمفاهيمها المطلقة والعامة التي يكاد ألا يكون هناك خلافٌ عليها، لكنها ورغمًا عنها انزلقت في وحل السياسة الذي لوثها بعض الشيء”.

 في الفصل الحادي عشر (جوائز نوبل مصرية وعربية وإسلامية):

يعرض الكاتب لأسماء وسِير منْ فازوا بالجائزة في فروعها من العرب والمصريين والمسلمين وهم: الرئيس الراحل محمد أنور السادات والروائي الكبير نجيب محفوظ ود. أحمد زويل ود. محمد البرادعي ود. بيتر مدور –اللبناني الأصل– وعالم الكيمياء إلياس خوري والرئيس الراحل ياسر عرفات واليمنية توكل كرمان والباكستاني د. محمد عبد السلام وغيرهم.

في الفصل الثاني عشر والأخير (إحصاءات سريعة حول جوائز نوبل):

هنا يقدم الكاتب أرقامًا على طريقة موقع الجائزة الإلكتروني –أحد أهم مصادر الكاتب- حول كل جائزة ومنْ فاز بها مشتركًا ومنفردًا ومنْ فاز بها من عائلة واحدة، وعدد الذكور وعدد الإناث الذين فازوا بها ومتوسط الأعمار وغيرها من الإحصائيات.

في الختام يقول الكاتب: “لكن يبقى تساؤل: ما المعيار؟ كيف تكون المفاضلة؟

هنا ربما علينا أن نفكِّر بشكل مختلف في الجائزة، فمثلاً حصول تقارير صحفية وإن كانت فنية يوسع مدار الجائزة بشكل مرهق للجميع، بل ربما يجعل من رجلٍ عادي يكتب يومياته حاصلاً على جائزة نوبل، أو تحصل عليها باحثة بلا مرجعية أكاديمية ربما نجرب كصبي متحمس يفعل نفس الشيء بل يرسخ ربما للمصادفة التي قد تقف خلف كشفٍ واحد وبلا أدلة منهجية.

لكن خلف ذلك معنىً إنساني ضخم، معنىً يعلي من قيمة النشاط الإنساني ككل ليجعل من كل كاتبٍ لديه صدق وفن وشغف فائزًا، ومن كل مثابرٍ على فكرة ومتتبع لها في صبر وإخلاص فائزًا”.

لمحة عامة

كتابٌ جميل لأنه يجمع بين أوصال جائزة نوبل ويعرض لها ولكواليسها بعيدًا عن العرض المهتم بالأسماء المجردة!

نقلنا الكاتب إلى جو مراسيم تسليم الجائزة هناك في ستوكهلم مباشرةً في الفصل الأول، لكنها تحدث عن وصية نوبل في فصل الكتاب الثاني سابقًا لعرض سيرة نوبل نفسه التي جاءت في الفصل الثالث، وكان الأوْلى العكس حتى يعرف القارئ الخلفية التي انبثقت منها تلك الوصية الغريبة!

في فصول الكتاب من الرابع إلى التاسع دار الكاتب مع كل جائزة عارضًا لفلسفة منحها، وبعض الأعلام الذين فازوا بها بشكل مسهب، وفي طي الحديث يضع تصنيفات للمواضيع كعنوانه في جائزة نوبل للفيزياء –على سبيل المثال- (مجالات الفيزياء التي حظيت بجائزة نوبل) ليختتم الكاتب الفصل بقوله: “هكذا كانت جائزة نوبل تلهث وراء الفيزياء الحديثة التي تغيرت معالمها تمامًا مع بدايات هذا القرن واستمرت طوال سنوات طويلة تالية في كشف المزيد من السحر، إلا أننا ربما قد وصلنا لنقطة نحتاج فيها لقفزة ضخمة كتلك التي كانت منذ ما يزيد عن المائة عام، تفتح آفاقًا لم نكن نعلم عنها شيئًا أو نتخيلها، عوالم بكر لم يسبق لها أن كشفت لنا أيًا من أسرارها، وجائزة نوبل ستكون كذلك في الانتظار كي تكلل بالغار المغامرين، رواد ذلك الطريق الجديد الذي لا نعرف عنه شيئًا الآن”.

ولا بأس من شرح مواضيع مساعدة لتوضيح رؤية هيئة نوبل المانحة للجائزة، مثل فقرة (معيار الجمال) في الفصل السابع حول جائزة نوبل للأدب، حيث استعرض الكاتب معايير الجمال لدى الفلاسفة وكيف تنوعت تأويلات مانحي نوبل لمفهوم الجمال، ومثله (تاريخ علم الاقتصاد) في الفصل التاسع.

لقد اجتهد الكاتب كثيرًا لتقديم كل ما يتعلق بجائزة نوبل التي لا يمكن عرض كل شيءٍ عنها في كتابٍ واحد، نظرًا للمدى الزمني والمسارات التي مرت بها الجائزة خلال عمرها الذي نيّف على مائة عام وعشر سنين، لكن الكاتب كان موفقًا فيما قدمه حول الجائزة وخصوصًا فلسفات كل فرعٍ من فروع الجائزة ومعاييرها؛ حتى يعرف المتلقي لماذا نال ذلك العالم أو الأديب أو السياسي الجائزة وحُرم منها غيره.

طبعا كل ذلك كان ضمن اجتهاد الكاتب ومصادره التي اعتمد عليها، ولا يمكننا أن نقول أو يقول الكاتب نفسه أن تلك الاجتهادات هي كلمة الفصل في الأمر.

إن أخصب فصول الكتاب هو الفصل العاشر (جائزة نوبل.. تاريخ من الانتقادات)؛ الذي أعتبره من أهم فصول الكتاب وأبدع ما قدم الكاتب في هذا الكتاب المثير حول أكثر الجوائز اهتمامًا وإثارةً وجدلاً.

وهناك بعض الانتقادات التي ذكرها مثل: لماذا لم يخصص نوبل جائزة للرياضيات؟

لكن تركه الكاتب بدون إجابة، التي كان يجب أن تكون في هذا الكتاب!

أخيرًا في الفصل الثاني عشر والأخير (إحصاءات سريعة حول جوائز نوبل)، كنت أتمنى على الكاتب لو عرضه أو لخصه بشكل جدولي بدلاً من العرض الكلامي الذي قدمه الكاتب؛ لأن الجداول تُلخص الكلام الكثير في أعداد مرقومة، خصوصًا أن الفصل تغلُب عليه لغة الإحصاءات.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: عبدالحفيظ العمري

تدقيق لغوي: سلمى الحبشي

اترك تعليقا