ثلاثي من العلماء يفوز بجائزة نوبل للفيزياء عن عملهم في مجال المناخ

فاز ثلاثة من العلماء بجائزة نوبل للفيزياء لعام 2021 عن اسهاماتهم الرائدة في مجال النظم الفيزيائية المعقدة، بما في ذلك فهم أفضل لكيفية تأثير البشرية في مناخ كوكب الأرض.

ويتقاسم الفائزون الثلاثة، سيوكورو مانابي، وكلاوس هاسلمان، وجورجيو باريزي، الجائزة التي أعلن عنها اليوم الثلاثاء، والتي تقدمها الأكاديمي الملكية السويدية للعلوم وتبلغ قيمتها 870 ألف جنيه استرليني.

وقد منح مانابي وهاسلمان نصف قيمة الجائزة مناصفة عن النموذج الفيزيائي لمناخ كوكب الأرض، والذي يعمل على تحديد كمية المتغيرات ليتنبأ بشكل دقيق بارتفاع حرارة الأرض. أما نصف الجائزة الآخر فمنح لباريزي عن اكتشافه للتفاعل المتبادل بين الاضطراب والتقلبات في النظم الفيزيائية، والتي تتراوح من المقاييس الذرية إلى المقاييس الكوكبية.

ويصعب فهم النظم المعقدة نظرًا لاتصافها بالعشوائية والاضطراب، إلا أن جائزة هذا العام أقرت سبلًا جديدة لتوصيف هذه النظم والتنبؤ بسلوكها طويل الأمد.

ويقول بول هارداكر، كبير التنفيذيين بمعهد الفيزياء: “بينما يصعب التعامل رياضيًا مع النظم المعقدة، إلا أنها تنتشر من حولنا وتؤثر في حياتنا بأشكال شتى، ليس أقلها تأثيرها في طبيعة الطقس والمناخ”.

إعلان

“وقد رسخت جهود العلماء الأسس الضرورية لفهم نظام كوكب الأرض وأثره على تفاعلاتنا معه، فلم يسبق أن كان لهذا أهمية كما يحمل اليوم في ضوء الجهود المبذولة للتعامل مع تحديات تغير المناخ، وللمضي قدمًا نحو اقتصاد أخضر جديد”.

وقد شرح مانابي، وهو أحد كبار علماء الأرصاد الجوية بجامعة برينستون، كيفية ازدياد مستويات ثاني أكسيد الكاربون في الغلاف الجوي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض. وخلال ستينيات القرن العشرين، كان لمانابي دورًا قياديًا في تطوير النماذج الفيزيائية لمناخ كوكب الأرض، مما وضع الأسس لنماذج المناخ التي نستخدمها اليوم.

وبعد مرور عقد من الزمان، قام هاسلمان، وهو أستاذ بمعهد ماكس بلانكس لعلم الأرصاد الجوية بمدينة هامبرج بألمانيا، بوضع نموذج منفصل يربط ما بين الطقس والمناخ، بما ساعد على إيجاد إجابة عن السؤال حول أسباب كون نماذج المناخ صادقة على الرغم من أن الطقس ذاته يعد متغيرًا وفوضويًا.

كما أنه وضع أساليب للتعرف على إشارات محددة تعمل المظاهر الطبيعية والأنشطة البشرية على طبعها في المناخ، بما يوضح أن ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي قد ترتبط بانبعاثات ثاني أكسيد الكاربون التي يتسبب فيها البشر.

ويقول دكتور رالف تاومي، وهو مساعد مدير معهد جرانثام بالكلية الملكية بلندن: “يكاد يستحيل تخيل أن يأتي يوم مفعم بهذه النداءات للتحرك من أجل التغيرات المناخية دون وجود إسهامات الكثير من واضعي النماذج، وخاصة مانابي وهاسلمان”.

أما عمل باريزي الرائد فيركز على تحديد النسق الخفية في المواد المعقدة المضطربة والتي تعرف باسم “الزجاج المغزليّ”، بما يجعل من شبه المستحيل فهم الكثير من المواد والظواهر المختلفة والتي قد تبدو عشوائية تمامًا، ومن ثم توصيفها.

وقال عضو لجنة جائزة نوبل، جون ويتلاوفر، وهو أستاذ علوم الأرض والكواكب بجامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية: “فعمل باريزي على ترويض هذا المشهد المعقد من خلال بناء نموذج فيزيائي ورياضي متعمق، امتاز بعرض كافٍ ليكون له أثر على مدى واسع من المجالات التي تتجاوز الزجاج المغزلي، وذلك من حزم المواد الحبيبية، إلى علم الأعصاب، إلى كيفية إجراء العمليات الرياضية، إلى أشعة الليزر العشوائية، إلى الظواهر الناشئة التي تتجاوز بمراحل ما كان يتصوره باريزي في سبعينيات القرن العشرين عندما استهل عمله”.

أما ثور هانز هانسون، وهو رئيس لجنة جائزة نوبل للفيزياء، فقال: “على الرغم من أنه تم قسم الجائزة إلى قسمين، إلا أن هناك قاسم مشترك بينهما، ألا وهو كيف أن الاضطراب والتقلبات معًا –إن تمكنت من فهمها بشكل صحيح– قادرة على توليد شيء يمكن لنا فهمه والتنبؤ به”.

“إن اكتشافات هذا العام توضح أن علمنا بالمناخ يعتمد على أسس علمية رصينة، وعلى التحليل الدقيق للملاحظات. وقد أسهم الفائزون لهذا العام في حصولنا على تفهم أعمق لخصائص النظم الفيزيائية المعقدة وتطورها”.

وردًا على سؤال حول توقيت الجائزة، أجاب باريزي، وهو أستاذ بجامعة سابينزا بروما، إيطاليا، قائلاً: “إننا في وضع يتيح لنا الحصول على ردود إيجابية بما قد يسرع من ارتفاع درجة الحرارة. ومن الواضح أنه يجب علينا التحرك الآن وبأسرع ما يمكن ودون المزيد من التأخير، من أجل أجيال المستقبل”.

لقد كان مجال الفيزياء هو المجال الأول للجائزة الذي جاء بذكره ألفريد نوبل في وصيته عام 1895، والتي نصت أن يتم تكريس كل ما تبقى من ممتلكاته هبة “جائزة لمن قدموا أعظم الخدمات للبشرية خلال العام المنصرم”.

أما الجوائز الأخرى فتتضمن جوائز في مجالات الفيزياء والكيمياء، والفيسيولوجيا أو الطب، والأدب، ومناصرة السلام.

إعلان

فريق الإعداد

إعداد: ليلى أحمد حلمي

تدقيق لغوي: رنا داود

اترك تعليقا