ماذا لو تحوّل الطعام إلى صديقنا المفضل؟
طعامٌ أم صديق؟ الطعام والشراب جزءٌ لا يتجزّأ من حياتنا بحكم طبيعة احتياجاتنا الإنسانية، لكن لو تحول الطعام إلى صديقٍ يدعم مشاعرنا طوال الوقت، مِن هنا لا بدّ أن نشعرَ بالقلق!
النظرية ودلالاتُ المشكلة:
النظرية الرئيسية المرتبطة بالأكل العاطفي هي النظرية السيكوسوماتية للسمنة، والتي تؤكد أنه في أوقات الضيق يتمّ استخدام الطعام كدفاعٍ عاطفي يؤدي بدوره إلى السمنة. لكن في البداية نحن بحاجة إلى معرفة علامات الأكل العاطفي، وبقليلٍ من مراقبة النفس نستطيع الإقرار بهذا. على سبيل المثال: هل تأكل لكي تشعر بالسعادة، أو تكافئ نفسك بالطعام؟ هل تأكل عندما تكون مضغوطًا، أو سعيدًا، أو حزينًا، أو قلقًا، أو ملولًا، أو متوترًا، أو تشعر بالأرق، أو عدم الأمان؟
تعلُّق غير صحيّ
التعلق في هذه الدائرة غير الصحيّة بدلًا من التعامل مع الشعور الحقيقي أو محاولة معرفة مكمن المشكلة الحقيقية، يجعلنا ننغمس في الشعور بالذنب. ولكي نستطيع معالجة الأمر لا بدّ من تفنيده، والبحث في الحالة التي نكون عليها عندما نتناول الطعام.
علامات الجوع العاطفيّ:
بدايةً، لفكّ تشابك خيوط المشكلة، نحتاج لأن نفرّقَ بين: الأكل العاطفي، والجوع الطبيعي.
الأكل العاطفي:
* يباغت الإنسانَ بدون مقدماتِ الجوع الطبيعية، فيشعرك برغبةٍ في تناول الطعام في التوّ والحال.
* يأتي في صورة رغبة في تناول طعام بعينه، وإذا لم تتناولها، لا تشعر بالشبع.
* غالبًا ما يكون مصحوبًا برغبةٍ في تناول الأطعمة غير الصحيّة، مثل: البيتزا، والآيس كريم، ورقائق البطاطس، والمقرمشات، وشطائر البرجر. وعند الانتهاء من تناولها تشعر بالذنب والخجل.
علامات الجوع الطبيعيّ:
* يظهر بشكلٍ تدريجيٍّ بدون هجوم مفاجئ.
* تستطيع الصبر على جوعك حتى تجد فرصةً مناسبة لتناول الطعام.
* تملك اختيارات عديدة في اختيار ما ترغب بتناوله، ولا يكون منحصر بالوجبات التي تفضلها فقط، بل أحيانًا تتناول طعامًا لا تحب تناوله عادةً.
* تتوقف عن الأكل بمجرد الشعور بالشبع.
* عند الانتهاء من تناول طعامك لا تشعر بالذنب.
مشروعيّة الأكل الإدماني:
ما يجعل عادةً تناول الطعام لتحسين المزاج عادة صعب التخلص منها، هو كون الطعام شيء مشروع ويسهل الحصول عليه في أيّ وقت، ولا يلاقي استهجان من قبل نظرات الآخرين، كعادة التدخين مثلًا. فإذا لم تكن من مكتسبي الوزن الزائد عند التهام الطعام بكميات كبيرة، غالبًا لن تعرضك هذه العادة غير الصحية للنقد.
الآثار المترتبة على هذا الإدمان:
هذه العادة الإدمانية ذات أثر نفسي مدمر على الوقت الطويل، فتُشعِر المعتادين عليها بانعدام الإرادة وقلة الثقة بالنفس. فحتّى أنظمة إنقاص الوزن تفشل أمامها؛ لأن تلك الأنظمة تخاطب العقل، بينما معتاد تناول الأكل بشكل عاطفي لا يستطيع أن ينظر للطعام بنظرةٍ عقلانية في الأساس. لذا فمن الهام محاولة السيطرة عليها، ومعالجة أصل المشكلة في اعتمادية الشخص على الطعام بدلًا من إقرار مشاعره بشكل صحيح.
هل الأكل العاطفي ظاهرة؟
ظاهرةُ تناول الطعام كاستجابةٍ للمشاعر أمرٌ شائعٌ للغاية، وطبقًا للإحصائيّات فإن تصنيفَ الأمرِ منقسمٌ إلى نوعين: الأول هو نوعٌ من الناس يرى أن تناول الطعام كاستجابةٍ للمشاعر شيءٌ عاديّ ولا يستحق التوقف عنده، والنوع الآخر يرى أنها ظاهرةٌ غير صحية وتستدعي العلاج.
صعوبةٌ في التوقف
نظرًا لصعوبة توقف السلوك المرتبط بالأكل العاطفي؛ فإنّ المصابين بهذه العادة لا يفقدون الوزن بسهولةٍ عادةً، ونسبتهم في فقد الوزن أقل من الأشخاص الذين لا يعانون من هذه الظاهرة بأربعة في المائة تقريبًا. وطِبقًا للإحصائيّات أيضًا فإنّ الأكلَ العاطفيّ ليس مجرد شيء يفعله الناس من وقت لآخر، لكنّه سلوكٌ له أثر خطير على الصحة على المدى البعيد.
شكوكٌ حول صحة تصنيف الأمر
رغم كلّ ما تم ذكره، إلا أن العلماء لم يستطيعوا الجَزم بشكلٍ مطلقٍ أنّ الأكلَ العاطفيّ ظاهرةٌ أو سلوكٌ شائع، أو حتى أنه ذو تأثيرٍ سيءٍ بشكل حاسم. والشكوك بسبب أن الدراسات التي أجريت على المتطوّعين كانت مفتقرة إلى خصوصية العاطفة. علاوةً على ذلك، تميل الدراسات التي تقيم عواطف معينة إلى قياس سلوك الأكل استجابةً للمشاعر أو إلى حالات مزاجية محددة.
أسباب الاهتمام بهذه الظاهرة
الوقاية من السمنة هي الأولوية الأولى لبحوث الصحة العامة، ومن الواضح أن الأكل العاطفي قد يلعب دورًا مهمًّا في مسببات السمنة، وبالتالي فمن الضروري دراسة المحددات المحتملة للسلوك المؤدّي إلى زيادة الوزن من أجل تحديد طرق الوقاية، ويشكل الأكل العاطفي نقطةَ تدخلٍّ جيدة؛ لأنه يبدو أنه عامل خطر قابل للتعديل السلوكي.
نصائح للتغلب على الأكل العاطفي
الفجوة المتسعة بين الأكل العاطفي والجوع الطبيعي تسهّل على ممارس عادة التهام الطعام بشكلٍ عاطفيّ أن يلاحقَ نفسه ويلحظ هذه العلامات. وإليكم بعض النصائح التي قد تساهم في التقليل من هذه العادة:
* دوّنْ في دفترٍ خاص كل مرة تتناول فيها الطعام ماذا كنت تشعر قبلها وماذا شعرت بعدها.
* دوّنْ أيضًا عاداتك الغذائية، وهل تميل إلى تناول الأطعمة الصحية أم تتنزل أطعمة سريعة التحضير.
* قمْ بشرب المياه أولًا عند شعورك بالجوع المفاجئ، وحاول أن تفعل شيء يغير مزاجك ولو قليلًا.
طلب المساعدة
عندما تتيقّن من كونك تعتمد على الطعام لتحسين مشاعرك وحالتك المزاجية، عليك الحصول على المساعدة من متخصص؛ لأن هذه العادة تكون مرتبطة بصعوبةٍ في التعرف على المشاعر وتفريغها. والاستعانة بصديقٍ للحديث عن مشاعرك بشكل دوريّ، يساعد في التعرف على المشاعر وتفريغها بطريقة صحية بدلًا من اللجوء للطعام. كذلك كتابة اليوميات تساهم في تنسيق المشاكل وتحرير المشاعر السلبية بعيدًا عن عادة التهام الطعام بشكلٍ عاطفي.
ترشيحات للقراءة
إذا كان من الصعب عليك الاستعانة بمعالج نفسي، إليك بعض الكتب التي قد تتيح لك أفكارًا تساعدك على معالجة الأمر وتخطيه بنفسك:
-كتاب “التحرر من الأكل العاطفي”، لكاتبه دكتور بول ماكينا.
-كتاب “توقّفْ عن أكل قلبك”، لكاتبه ميريل هيرشي بيك.
-كتاب “عندما يكون الطعام مصدرًا للراحة”، لكاتبه چولي م سايمون.
كتاب “الأكل العاطفي: أربعة كتبٍ في كتابٍ واحد”، لكاتبه إيڤيلين أنجر.
نرشح لك/ خمس استرتيجيات تساعدك في التوقف عن الأكل العاطفي
المصادر: موقع وزارة الصحة الأمريكية.