أُفول العَقل الإسلاموي بين التاريخ والعصر “مفهوم الخلافة أنموذجًا” (٢)

عرضنا في الجزء الأول من المقال، أبرز الدعائم المستقرَأة في ترسيخ مفهوم الخلافة في الوعي الجمعي “ميتافيزيقيا نهاية التاريخ، سيكولوجية التخلف الحضاري” والتي تجعل قابلية استحضار شكل الخلافة كنموذج ومفهوم للخلاص مِن وهن تأخّر الحاضر، وتمثل عناصر فاعلة في خلق دوافع حركية لاستعادة الخلافة. كما تناولنا صورة سريعة للذهن العربي المُشكِّل لنظام الخلافة. ومن هنا، سوف نتابع القراءة داخل بعض مضامين وقائع السلطة في التاريخ المفارِقة للصورة المثالية في الأذهان التقليدية الجمعية عن مفهوم الخلافة.

* التَشكّل في التاريخ والإشكال مع العصر: تاريخ الصراع السياسي للخلافة

“في دولة الراشدين -الدولة الإسلامية الأولى- انتهت النبوة فبدأت الدولة (وهي بصدد التكوين فعليًا) طريقَ العودة إلى التعبير عن ذاتها ككائن اجتماع طبيعي. وكان الفرقاء عند السقيفة أكثر فهمًا لطبيعتها فتحدثوا عن خلافة السلطة السياسية للرسول، أو “سلطان محمد” على حد تعبيرهم.. ظلّ الدين في موقعه كمظلة أخلاقية تظلل الأهداف، وظلّ حضوره طاغيًا في المعادلة على حضور الدولة التي لم يكن جهازها قد اكتمل نضوجًا بالمعنى التسلطي المعروف.”[١]

بالفعل كان الدين -النص القرآني وبيان النبي في حياته؛ السنة الفعلية والشفهية قبل التدوين- هو الباعث والواعظ في نفوس الجيل الأول في الإسلام الذي خَطَا مع الدين كنصّ ومقصد. ومع ذلك، لم تسلم الفترة الراشدة من الأزمات؛ فكانت التجربةُ العربيةُ بشريةً تُخرج آثام وعيوب البشر في واقع الاختلاف والتصارع؛ فهذا الجيل هو ذاته الذي أُخرجت على أثره أكبر صدعات في تاريخ دولة الإسلام الناشئة: فرّقت الصحابة وكشفت عن آثار الحميّة العائلية والأرستقراطية القبلية في الشخصية العربية الإسلامية التي آلت إلى التقسم إلى فرق متناحرة ظلّ أثرها إلى الآن. فالتعامل مع رموز صدر الإسلام يكون في سياق تاريخه بالمنظور البشري، إذ أنّ تحميلهم ما يفوق بشريتهم يجعل الأحداث التاريخية مضطربة، وتظهر أزمة في رفض المرويات بناءً على اللوحة المرسومة عن المثال المطلق وما يسمّى بمجموعات “الصحابة”، فالتاريخ يحكي الجانب الواقعي للصراع البشري.

بداية اندلاع الفتنة الكبرى

وبدأ الاحتقان في عصر خلافة عثمان لأسباب عديدة، وأكثرها بريقًا هو الوضع الاجتماعي؛ فقد خالف عثمان سياسة عمر في منع كبار أثرياء الصحابة من الخروج من المدينة وسمح لهم بالخروج والتملك الضخم وتشغيل رؤوس الأموال “فظهرت في الإسلام طبقة جديدة من الناس هي طبقة البلوتقراطية التي تمتاز إلى أرستقراطيتها التي تأتيها من المولد بكثرة المال وضخامة الثراء وكثرة الاتباع أيضًا”[٢]، وذلك له بالغ الأثر في الغليان الاجتماعي من جراء اتساع الفوارق الاجتماعية من الثروة. وبالإضافة إلى النزوع إلى تولية المحسوبية مما غلب بشكل كبير توليته للأقرباء من بني أميّة وما منح الأقارب من أموال، وما تبع ذلك من سخط على تلك السياسات “فقد روي أنّ عمار بن ياسر كان يكفّر عثمان ويستحلّ دمه ويسميه نعثل، وروي أنّ ابن مسعود كان يستحلّ دم عثمان أيام كان في الكوفة”[٣]. وإلى نقم أبا ذرّ الغفاري على حكم عثمان “ونظر ذات يوم فإذا عثمان يعطي مروان بن الحكم مالاً كثيرًا، ويعطي أخاه الحارث بن الحكم ثلثمائة ألف درهم (….) فينكر ذلك ويستكثره ويقول: بشّر الكانزين بالنار[٤]. والصحابي عبد الرحمن بن عوف “فإذا هو أحد المعارضين لعثمان في أمور الدين والسياسة معًا”[٥] وخالف عليّ بن أبي طالب لعثمان في سياساته مشهورة.

ولقد كان موقف عثمان من معارضيه حازمًا في الرفض وعدم الالتفات لخطورة الوضع “فإنه قد أسرف وترك عماله يسرفون في العنف بالرعية ضربًا ونفيًا وحبسًا”[٦]، فلم تكن المعارضة في المدينة فقط بل في الأمصار -مصر والعراق-، ولقد احتدم المشهد حتى سار إلى دعوته لخلع نفسه عن الخلافة وقد رفض بجملته الشهيرة “والله لا أنزع ثوبًا سـربلنيه االله (أي ألبسنيه الله)”[٧]. وما حدث بعد ذلك من محاصرة الثائرين لبيته وقتله، حتى أن “لبث عثمان بعدما قتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ثم حمله أربعة”[٨]، وقد كان مقتل عثمان بداية عصر الفتنة الكبرى الذي سيؤول إلى تبلور شكل الحكم السياسي؛ فمع الصراع الشديد بين عليّ بن أبي طالب (بني هاشم) ومعاوية بن سفيان (بني أمية)؛ افترق المسلمون لثلاثة تيارات رئيسية؛ شيعة عليّ وشيعة معاوية وخوارج.

إعلان

مآلات الفتنة الكبرى والشكل السياسي للخلافة

  • تبلور شكل الحكم السياسي

وقد أدت تلك الحروب إلى مقتل آلالاف المسلمين وغالبية الصحابة -موقعة الجمل وصفّين والنهروان- وذلك في الموقف حول السلطة والخلافة. ولما استقرّت الخلافة بعد تخلّي الحسن بن عليّ عنها لمعاوية، بدأت حقبة جديدة من شكل السلطة والتي حاكت نماذج الممالك والقياصر وأصبح الخطاب السياسي معتمد على التغلب والقهر، فبعد خطاب أبو بكر “ولّيت عليكم ولست بخيركم”، أصبح الخطاب تسلطيًا صريحًا؛ يقول معاوية “والله ما ولّيتها بمحبة علمتها منكم ولا مسرة بولايتي، ولكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة”. وتهديد عبد الملك بن مروان “والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه”[٩]. وفي أمر سليمان بن عبد الملك “اجمع الناس وأمرهم بالبيعة، فمن أبى أضرب عنقه”[١٠]. وهدّد يزيد أهل المدينة قبل موقعة الحرة، يقول “وأيم الله لئن آثرت أن أضعكم تحت قدمي لأطأتكم وطأة أقل منها عددكم، وأترككم أحاديث تتناسخ كأحاديث عاد وثمود”[١١]. فبذلك كانت الحجة للغلبة في العصر الأموي؛ وقد كان سفك الدماء مباحًا لدرجة الإفراط من أجل إحكام وإخماد كلّ حركات المعارضة؛ فجيش يزيد بن معاوية أخمد ثورة الحسين وأدّى إلى مقتله وقطع رأسه، كما سحق يزيد بجيش مسلم بن عقبة تمرد المدينة -واقعة الحرة- واستباحها جنوده أيامًا بالقتل والاغتصاب، وأكرهوهم على المبايعة “ووقعوا على النساء حتى قيل أنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج والله أعلم.”[١٢]. وبعد موت يزيد؛ أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة وبويع في مكة وبعث أخاه عبيد الله بن الزبير إلى المدينة فاستنابه عليها، وأمره بإجلاء بني أمية عن المدينة فأجلاهم. واستطاع ابن الزبير أن يسيطر على الكوفة والبصرة وقد تشارك مع بعض الخوارج، وعندما تولّى عبد الملك بن مروان الخلافة تمكّن من قتل وصلب بن الزبير والقضاء على حركته على يد الحجاج بن يوسف الثقفي.

* لوحة فنية عن معركة كربلاء

أما زياد بن أبيه، والي العراق فقد شرَّع القتل بالظنة والشبهة في قتاله لثورات الخوارج، فقتل على يد نائبه سمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل العراق”[١٣] على الظن والشبهة. الأحداث التاريخية في القهر والغلبة للعصر الأموي غزيرة وكثيرة، وما يلاحظ من قراءة تلك الحقبة هو طبيعةُ المرحلة المضطربة داخليًا من ثورات الخوارج وثورة الأشعث والشيعة آل البيت “الزيدية” وبعد ذلك الحركة العباسية، إلى جانب الفتوحات الإسلامية خارجيًا في سياسة التوسع في الإمبراطورية الجديدة.

  • تموضع خطاب الدين من الدولة

     

وهنا نرى نظام حكم عربي عائلي قبلي يستفيد من بنية دول الشام والعراق ويؤسّس لشكل ملك توريثي، يكون موضع الدين من الدولة كجزء مؤسسي؛ “في حقبة الخلافة كان الدين غاية في ذاته، وكانت الدولة إحدى وسائله، كانت أهداف الدين هي الحافز الذي يحرك السلطة (……..)” أما بتحولها لملك “فبانتزاع الدولة من الدين لم تعد الدولة هي الدين، بل صار الدين مؤسسة من مؤسسات الدولة، لم يعد غاية في حد ذاته بل صار وسيلة في خدمة الدولة”[١٤؜]، حتى أنّ ابن خلدون قرر ذلك حين تحدث عن الحكم بعد معاوية “صار إلى الملك وبقيت معاني الخلافة من تحرّي الدين ومذاهبه والجري على منهاج الحق، ولم يظهر التغير إلا في الوازع الذي كان دينًا ثم انقلب عصبية وسيفًا”[١٥]. والعصر الأموي لم يتسم بالوفاق بين رجال الدين والخلفاء، إلى أن نجحت الحركة العباسية بقيادة أبي مسلم الخرساني في إنهاء العصر الأموي وقُتل مروان بن محمد -آخر خليفة أموي- وبويع العباس السفاح كأول خليفة عباسي، وقد نهجوا الشكيمة والقوة في الحكم منذ البداية حتى أنّ أبا جعفر المنصور -الخليفة الثاني، فتك بقائد الدولة أبو مسلم الخرساني الذي سفك الدماء لأجلهم وقاد سقوط الأمويين- مكانته مثل الحجاج بن يوسف الثقفي في ترسيخ الخلافة للأمويين.

وقتلوا أبا مسلم وقطعوه إربًا، ثم وقف المنصور عليه وهو قتيل فقال له: “رحمك الله يا أبا مسلم، بايعتنا فبايعناك وعاهدتنا فعاهدناك ووفيت لنا فوفينا لك، وإنا بايعناك على ألا يخرج علينا أحد في هذه الأيام إلا قتلناه، فخرجت علينا فقتلناك وحكمنا عليك حكمك على نفسك لنا”[١٦]. واستمرت الصراعات في الدولة العباسية قائمة وشهدت عديدًا من الانقسامات: أمويّون في الأندلس، فاطميّون في مصر، وبوهيون وسلاجقة.

وأما موضع الدين فقد اهتموا بتوثيق العلاقة برجال الدين على خلاف الأمويين. وقد نصبوا الخلافة تحت مسعى حماية ورعاية الدين -لأنهم كانوا حركة دينية من الأساس- فقد جمعوا بين السلطتين سياسية ودينية؛ الخليفة صاحب جهاز دولة تسلطي وحارس العقيدة، وهذا ما يتبدى في خطاب المنصور “أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده، وحارسه على ماله، أعمل فيه بمشيئته وإرادته فارغبوا إلى الله وسلوه أن يوفقني للرشاد والصواب”[١٧].

ومن جانب التاريخ وأحداثه ووقائعة الخاصة بالخلافة، نلاحظ جليًا الصراع الدنيوي البشري المحمّل بالرغبات والأهواء والآثام البشرية، وأنّ شكلَ الحكم الملكي مستوردٌ من تجارب الروم (البيزينطين) ومن الفرس (الساسانين). وأنّ موضع الدين اختلف في النماذج المتغيرة، حتى أنّ ما يسمّى بالفتوحات الإسلامية لم تكن لأجل نشر الدعوة خالصة لله، فالطموح السياسي التوسعي لأي إمبراطورية صاعدة يقتضي السير على خطى نفس المسالك للهيمنة والمتعارف عليها في تلك الفترات الزمنية، فالحروب والاحتلال للأمم لأهداف سياسية واقتصادية تمثّل للغازي فتحًا مبينًا وخيرًا لملكه، وتمثل للمغلوب والمحتل غزوًا ونهبًا؛ فالصورة الموضوعية ترى المشهد مكتمل السياق من حيث أنّ حكم الخلافة المتّسم بالعصبة القبلية ما هو إلا عمل بشري في طموحه السياسية ومطامعه الاقتصادية، ولا منطقية من اختزال الصورة بأنه نشر للدين وفتح للإسلام.

 أكان هؤلاء الخلفاء نموذجًا لدعوة الإسلام؟!

إنكار عامل القوة والغزو في توسّع مناطق المسلمين، وبالتالي القدرة على الدعوة للإسلام إما عن رضا أو فرض واقعٍ حينها، لَمِن الغشاوات المقدسة المسدلة على تاريخ الخلافة الإسلامية؛ فالتوسع والغزو يقتضيان القوة والسيطرة، لذلك تُقابَل البلدان المقاوِمة بفرض القوة حتى تذعن وتخضع، وفي سبيل ذلك تسيل الدماء وتُنتهك الأعراض وتُفرض الثقافة. فمن متناقضات التاريخ الإسلامي، اعتبار توسع الفتح للأمم مشروعًا عن باقي تاريخ الإمبراطوريات السابقة واللاحقة، ومثال الهند من شواهد التاريخ على أن حروب الخلافة غارقة في البشرية وخطاياها “لعلّ الفتح الإسلامي للهند أن يكون أكثر قصص التاريخ تلطخًا بالدماء؛ وإن حكاية الفتح لمما يبعث اليأس في النفوس لأن مغزاها الواضح هو أن المدنية مضطربة الخطى، وأن مُركَّبها الرقيق الذي قوامه النظام والحرية، والثقافة والسلام، قد يتحطم في لحظة على أيدي جماعة من الهمج تأتي من الخارج غازية”[١٨].

هذا من جانب بعض ملامح التاريخ. أما محاولة النظر في العقل المعاصر الغارق في أحلام الماضي -العقل الإسلاموي الحالم بالخلافة- فيجب أن ننظر في تاريخ الفقه الإسلامي، حيث هو المكون الجوهري في تأصيلاته للقضايا المرتبطة بالهوية الإسلامية.

* نشأة الفقه وتأصيلاته لنموذج الخلافة

مررنا في الفقرات السابقة عبر مراحل تاريخية حول السلطة تشير لملامح شكل العقل العربي قبل وآن تكوين دولة العرب، والملحوظ من القراءة الآنفة، تواجد ثلاثة عوامل رئيسية في بنية وشكل الذهن العربي تُمثل مكونًا عضويًا للعقل العربي يمكننا من خلاله فهم السياق. وتتلخص بشكل تجريدي في:

  1. القوم: طور القبيلة الذي سينحو إلى سلطة مركزية تجمع القبائل في طور موحد.
  2. الدين: مراحل الميثولوجيا عند العرب إلى ظهور دين شمولي مركزه عقيدة التوحيد ودورها في المركزية.
  3. الثروة: النشاط التجاري والصراع بين القبائل حول الريادة والسيطرة على مراكز الرحلات، ومن ثم تشارك المصالح التجارية داخل إطار موحد (إمبراطورية العرب).

والثلاثة محاور مرتبطة بعلائقية ديناميكية متغيرة، فموضع الدين مثلاً قبل الإسلام غير موضعه في عصر النبي، مختلف كثيرًا عن شكله في العصر الأموي! وتتباين فاعلية الدين مع المحاور الأخرى؛ فتارة يكون وسيلة لتقويم وتدعيم التجارة ومراكزها، وتارة هو المؤثر الجوهري في التغير في الطور القَبلي لشكل التأسيس للدولة.

أما لمحاولة فهم العقل الإسلاموي المعاصر، فسيتطلب البحث داخل البنية الثقافية للعقل التي ترتّب عليها التنظير الفكري عن نظام الخلافة.

أمة الإسلام هي أمة القرآن، فالبناء الثقافي للهوية الإسلامية ينطلق من النص؛ الذي نُزّل على مدار الدعوة -٢٣ عامًا- ويحظى بالتقديس والإذعان؛ فهو منطوق الوحي. وقد عاش الإسلام حقبة من الزمن معتمدًا بشكل كامل على النص القرآني -المدون- وبيانه من السنة الفعلية وبعض الشفهية -غير المدونة حينها- ما عدا بعض الحالات التي تم تغليب المصلحة فيها- فلم تكن علوم اللغة والتفسير والقرآن والحديث والفقه والكلام قد نشأت بعد، ونشأة الفقة جاءت استجابة طبيعية للواقع ومقتضيات المصلحة وذلك باحتكاك النص مع الزمان واختلاف المكان، فكانت الضرورة تحتّم نشأة علمٍ لاستنباط الأحكام لتيسير الجوانب الحياتية في ضوء قيم وثقافة الإسلام كدين وشريعة.

* ولكن التساؤل هنا: هل نشأ الفقه في معزل عن تاريخ الصراع حول السلطة؟

بالطبع، لم ينشأ بعيدًا عن الصراع السياسي الذي تتمثل محاوره في الجماعة -أهل السنّة- وهم بنو أمية والخوارج، وهم جماعة المؤمنين -كما يسمون أنفسهم- والشيعة وهم أصحاب نظرية الإمامة والوصية. فقد تشكّل الفقه في مناخ التمذهب السياسي، ومع نشأة الفرق الكلامية مثل المعتزلة والمرجئة؛ فلكلّ فريق من المتصارعين حول نظرية السلطة فقه ومنظور خاصّ مرتبط بموقعه من الصراع، فقد نظرّت الخوارج إلى سلطةِ خلافةٍ تقوم على العدالة والمساواة ورفض التوريث في شكله الملكي.

أما الشيعة فكان صراعها من منطلق أحقية آل البيت بالسلطة وتبلور موقفها بعد ذلك في نظرية للإمامة على يد الباقر وابنه الصادق، وهو التنظير الذي يرى استحقاق خلافة النبي بالوصية؛ ومفهوم الإمام هنا جامع بين المفهوم الديني والسياسي -نموذج ثيوقراطي- ولأسباب القهر والغلبة التي يخضع لها أهل البيت من بعد مقتل الحسين، انتهجوا التقية السياسية اتقاءً لقهر وسفك بني أمية وبني عباس؛ وهذا ما حدث لزيد بن علي زين العابدين بن الحسين -المعتزلي المذهب، أخو الباقر- وثورته ضد بني أمية التي آلت لمقتله وصلبه.

فكر أهل السنة

أما ما يهمنا بالنظر فهو فقه وفكر أهل السنة الذي يهيمن على التاريخ والعقل الإسلاموي السني حتى الآن؛ فإلى جانب سلطة الخلافة التي تبطش بكل معارض، نشهد في الفكر السني حركة التكفير والتضليل والتبديع لكلّ من خالف مدارس السنة وخرج عنها، وقد هيمنت مدارس الفقه وأهل الحديث على مناهج السنة والذي يأخذ طابع تقديم طلب النقل على استدلال العقل، ويرجع ذلك لمنظورهم إلى أنّ العقل البشريّ نسبيّ ومحدود وأنّ النص مُطلق، ولذلك تعتمد مرجعية استنباط الأحكام على تضييق مجال الرأي إلى حد الذم في صلاحيته، ولذا فكانت عملية الطلب على المرويات متّسعة، فإذ بالواقع يفرض أحداثًا ووقائعَ جديدة لم يتناولها النص القرآني أو الخبر النبوي، فكانت الأداة الثالثة لمنهج الفقه في التشريع وهي الإجماع، وتعني الالتزام باجتهاد السابقين وما أجمعوا عليه من الصحابة إلى التابعين إلى الفقهاء، ودور الإجماع هو الذي سيساهم في خلق طبقة الماضي في الاجتهاد “السطوة الزمنية” إلى كون تنصيب الصحابة كرمزيةٍ للخير المطلق والذي نشاهد مكانته عند أهل الحديث في اعتبار الصحابة ثقات -عدول- وقد زاد التضييق في حدود الاجتهاد مع الإلزام بالمصدر الرابع وهو القياس، الذي ردّه البعض مثل ابن حزم، ورفضت الشيعة “الإجماع والقياس” كمرجعية لصالح مرجعية أهل البيت.

وفي ضوء تلك المنهجية الفقهية وما سبق ومررنا عليه من بعض الوقائع التاريخية الهامة في نشأة تكون الخلافة كنظام حكم، سوف نستقرئ المسوّغات الفكرية التي رسّخت نظام الخلافة في العقل حتى الآن، بل وأُصِّلت كونها جزءًا من الدين، فكيف شرّع فقهاء السنة نظام الخلافة؟

ذكرنا سابقا أن النصَّ (قرآنًا أو سنة) لم يحدّد شكلاً للحكم السياسي؛ فلم تتناول النصوص تفصيلاً عن وجوب السلطة أو طريقة اختيار الحاكم وصلاحيته، وظهر ذلك في تجربة الخلافة الراشدة التي مثّلت التمسك بالنصّ والمبادئ العامة التي دعى إليها “إقامة العدل والمساواة” والشورى مع ممارسة الحكم عبر ثقافتهم القبلية؛ فمبدأ الشورى بين أهل الحلّ والعقد هو نفسه الشورى بين نخبة أعيان القبيلة، فذلك من تقاليد الممارسة القبلية ولكن مع اختلاف أهل الصفوة من أرستقراطية قبلية إلى أرستقراطية دينية. ومع تأسيس الملك أصبح أهل والحلّ والعقد من حاشية الملك والشورى انقلبت للإرث ومع الانقلاب من الشكل الراشدي للملك القياصري، امتعض أهل الفقه في الفترة الأموية لما بها من إسراف في الدماء ولأنها انقلبت إلى ملك عضوض، ولكن مع ذلك نجد التخريجات السنية للإلزام بالنظرية في الخلافة والطاعة لذلك الملك.

* النظرية السلفية في الخلافة تمثل انعكاسًا لحال الواقع وصراع السلطة والمعارضة

وسط الخضم المتلاطم من صراع السلطة والخلافة في التاريخ، تأتي الشيعة بالأدلة النصية والتأويلات العقلية على أحقية عليّ وبنيه، وتردّ السنة بنفي وجوب الإمامة وتنظر لوجوب الخلافة، وكما سبق ورأينا أن الصحابة الأوائل في السقيفة وفي مبايعة عمر وعثمان، لم يستدلّ أحد منهم بالدين على وجوب شكل لاختيار السلطة، ولكن مع الصراع السياسي ظهرت المرويات المنسوبة للنبي مع كلّ فريق يحاجج الآخر بها؛ حتى وإن ظهر التعارض بينها، حتى أنّ بداية التدوين للسنة كانت بأمر سياسي؛ ومع التمذهب ورفض رجال المذاهب لبعضهم، كانت عملية التنقية التي اعتمدت منهج الإسناد في قبول الرواية، كانت تقوم على أسس مذهبية محضة، يقول ابن سيرين “لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيأخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم”[١٩].

أما عن تأخر تدوين السنة القولية، فقد جعل كلام النبي عرضه للتاريخ والصراع السياسي بما يحمله من تمذهب وأهواء -ناهيك عن ظنية الفهم والذاكرة البشرية- فنجد الشيعة تنسب كثيرًا من المرويات عن النبي التي تؤكد الوصية لعليّ، ونجد السنة في فترة الأمويين تُظهر شرط القريشية مع صراع الخوارج؛ ثم حديث “الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك” (الترمذي). وبالرغم من ثبوت الخلافة بإجماع الصحابة عند السنة إلا أنّ كثرة مرويات الشيعة لإثبات الوصية وأحقية الإمامة نصيًا، ألزم السنة على المجابهة بنفس الدرجة فظهرت عملية صناعة النصوص بما يلائم الحاجة المذهبية.

ففي دراسة المستشار عبد الجواد ياسين عن السلطة في الإسلام، يخصص فصلًا عن السنة وعملية الاستنصاص والتنصيص “ونعني بالاستنصاص، طلب النص بعد الحاجة إليه على مستوى التمذهب، أما التنصيص فنعني به تصنيع النص بطريقة تركيبية موافقة للأحداث، سدًا لحاجة المذهب. وهو ما يعني أنّ التمذهب سابق على النص وليس العكس”[٢٠]. ومن النماذج البارزة في إكثار الرواية عن النبي هو أبو هريرة تلميذ كعب بن الأحبار؛ بالرغم من أن أبا هريرة أسلم في عام ٧هـ إلا أنه روي عنه ما يزيد عن خمسة آلاف حديث، وفيها الكثير في فضل معاوية؛ يقول أبو هريرة عن النبي “إن الله ائتمن على وحيه ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية”[٢١]، والمعروف أنّ أبا هريرة عاش في كنف معاوية بعد طعنه الجارح في موقف عليّ.

وتورد دراسة المستشار ياسين حالات التنصيص السياسي الواضح في العصر الأموي والعباسي، فوضع الأحاديث معروف عند أهل الحديث “إنّ أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهةِ الشيعة، فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم، حملهم على وضعها عداوة خصومهم. فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة صنعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث” [٢٢] ولكنهم يعتبرون أنّ عمليات التنقيح والتنقية قد تمت وانتهت على أيديهم وتبلورت في الكتب الستة، وذلك بالطبع يتناقض مع بشرية التدوين والتنقيح.

وأما من جانب تقرير العقل الفقهي لمفهوم الخلافة عن مفهوم العقد حول تولّي الخلافة؛ حيثُ يكون بين الصفوة الأرستقراطية -أهل الحل والعقد- وبين الإمام محل الاختيار، فعنصر الشعب والجمهور ليس مُدخلاً في معادلة نظرية الخلافة داخل العقل الفقهي؛ “فالأمة كمثل المرأة في عقد الزواج ليست طرفًا مباشرًا” وهذا على كلّ حال تشبيه مطروق فقهيًا، استخدمه الماوردي وأبو يعلى وفقهاء المعتزلة، فعند التنازع على الإمامة يجب عقدها “لأسبقهما بيعة وعقدت كالوليين في نكاح المرأة إذا زوجاها باثنين كان النكاح لأسبقهما عقدًا”[٢٣]، فلا وجود إذًا لمفهوم الأمة سياسيًا، كما هو الحال في المفهوم المعاصر.

ومع إمعان النظر في القراءة السياسية لتاريخ النصوص في ظلّ الخلافة، يظهر بوضوح من خلال نماذج عديدة؛ لا مجال لتفريدها، أنّ العوامل السياسية والمذهبية ذات دخل للاستفادة من التنصيص لتدعيم مواقفها ونظرياتها؛ فالنظرية في الخلافة عند السنة لا تعتمد على نص خالص وإنما على عوامل تاريخية مفارقة للنص وقوامها الفقه الذي انحصر في طلب الخبر، وخلق مسوغات ذات طابع فقهي ديني حتى تجابهه مخالفيهم من الشيعة والخوارج، فالفقه لم يأتِ بنظرية للخلافة بل قرّر الواقع ودافع عن موقعة
المذهبي من الصراع.

* خاتمة: أفول العقل المعاصر

نظريات الخلافة إذًا؛ هي بنت الواقع، وإفراز حركة التاريخ ومجرياته، فهي منظومة حكم ذات شكل أوتوقراطي، والدين بها مؤسسي -أحد أذرعتها المهمة- ولقد نظرنا لبعض ملامح الصراع وعصور الفتن حتى نلتمس بشريةَ التجربة ومماثلتها لتجارب الإمبراطوريات السابقة عليها؛ من حيث الغزو والقوة العسكرية والطموح السياسي. ومن المؤكّد أنّ النقد ليس موجِّهًا لشكل نظام الخلافة على قدر ما هو اتباعٌ لمسار الممارسة وعقلية السلف وتأثير الوضع السياسي ومنظومته الفقهيه على إرساء مفاهيم معرفية ورموزية تنخر الوجدان الشعبي وتحصره خارج إطار صيرورة التاريخ، وهذا الذي نجد أثره المعرفي في العقل المعاصر الذي يتوه وسط القيم الحداثية.

وبالطبع، أنتجت الحضارة الإسلامية معالمها الثقافية الخاصة وكانت منارة للعلم بلغتها العربية في سياق العصر الوسيط، حين ذاك وبالرغم من أنها مرت بعصر ذهبي اتسم بحركات ترجمة واسعة، أبرزت مفكرين عِظام في مجالات شتّى منهم من وضع بذرَ بعضِ العلوم التجريبية والإنسانية إلا أنّ العقل الفقهي -لأسباب وعوامل سياسية- ساد وهيمن، بطابعه المعادي للاجتهاد ولكلّ ما هو مستحدث وقدّس كلّ ما هو ماضي وقديم.

فأصبح العقل الإسلاموي يفكّر في قضايا عصره المتجدّدة من خلال قالب ذي قابلية بطيئة المرونة، فالعقل الإسلاموي التراثي هو نموذج سكولستيكي “وتعني السكولستيكية هنا انغلاق العقل داخل دائرة أطروحات وقضايا تبلورت في وضع وحقبة معينين، فأصبحت هي التي تتحكم برؤية العقل للواقع وتمنعه من تحديد أدواته وطرائقه بالاحتكاك مع التجربة المتغيرة والملاحظة المباشرة، وتجعله لا يعيش الواقع إلا على مستوى القضايا والأفكار المصاغة مسبقًا” [٢٤]، فتكون إشكالية العقل الإسلاموي مع العصر هي أزمة الثقافة التقليدية التي تزداد عدم مجاراتها للواقع طرديًا مع حركة التاريخ، وذلك مما يجعل علاقة الثقافة بالمجتمع والنهضة مرتبطة باعتبار الهوية الثقافية جوهرًا ثابتًا في التاريخ، فتكون الأزمة الثقافية إذًا سابقةً على حركات الاستعمار؛ لذا عند الهزائم والأزمات الحضارية نجد أنّ ما ينتقده العقل الارتكاسي التراثي ينصبّ بعيدًا عن الواقع وشروطه الموضوعية التي أدت لواقع الهزيمة والتأخر، حيث تُرى النجاة في الرجوع للماضي “إنّ أمور حاضرنا لا تصلح إلا بما صلحت به أمور ماضينا”، فالعقل الإسلاموي ينظر لمفهوم الخلافة بأنه تحقيق الاستقلال والسيطرة على المصير وتجلٍّ لهوية الذات، وذلك ما حدث مع هزيمة الخلافة العثمانية من ردّ فعل حركي -مستمر إلى الآن مع كل مشاريع التجزئة والتبعية اقتصاديًا وسياسيًا-، أدى لانبثاق أزمة الهوية على السطح، فالثقافة ما هي إلا مظهر للوعي -تفاعل بين الذات والموضوع-، فإن لم تأتِ كاستجابة لواقع موضوعي، تُعرض للموت والفناء، وتعبّر عن حالة أُفولٍ للعقل الناتج عن الانفصال بين الذات والموضوع -الوعي والواقع- “الثقافة لا تعيش بمعزل عن السياق التاريخي والاجتماعي الذي تولد فيه وتتطور وتتبدل في قيمها وفي آليات استجاباتها أيضًا. وإنما تشكل نظامًا تحكمه قواعد محدّدة، ويخضع كغيره من النظم المجتمعية إلى التغير والتطور والموت.”[٢٥] وذلك وضع من ضمن العناصر التي تقف حيولة بين العرب والتاريخ.

وبالطبع يعيش العقل الإسلاموي التراثي في إشكال مع الحضارة الإنسانية؛ فالآفة المتلازمة تكمن حيث الاعتقاد بأنّ هناك ثقافةً صالحة لكل زمان ومكان، ويظل العقل الإسلاموي متمسكًا بمفهوم الخلافة كنوع من تعويض الذات المسلوبة، فتعظيم التراث والحمقة العاطفية تولد رفض الآخر وتُعظم من العقل التأمري، وعلى النقيض تحدث الردة على الواقع والتراث، فيصير التهميش من الذات واجبًا، واستيراد قيم المعاصرة والحضارة من الخارج فرضًا، فيقبع العقل العربي المتناقض والمتصارع قيد الهامش من التقدم، ويظلّ بعيدًا عن أي دور إيجابي فعّال في مسيرة الأمم.

ولذا يكون أفول العقل الإسلاموي ناتجًا عن عجز ثقافة الهوية وعدم مقدرتها على استيعاب ما يحدث حولها؛ ولذلك نجد ما ينتج من محاولات التوفيق بين التراث والعصر التي تعبر عن ازدواجية المعايير أو اهتراء المقاييس، حتى أنّ خطاب تيارات أبناء الصحوة الإسلامية كثيرًا ما يتزخرف بقيم الحرية والديموقراطية -التي ليست ذا صلة بقيم ومفاهيم نظم الخلافة وتأصيلاتها-؛كما يتبنى الكثير من المفكرين الإسلاميين المدنيين منظورًا توفيقيًا مخِلًّا بين التراث والتجديد -لا يعبر عن حركة الذات للنهضة-، وكما شهدنا من حركات الإسلام السياسي (جماعة الإخوان) في المشهد السياسي العام ووصولهم للحكم عبر الديموقراطية والتشبث بأدواتها لاستعادة الماضي! ومن ذلك يتراءى مدى انفصال مفهوم الخلافة التاريخي عن الزمن.. ولكن تبقى العقول قيد الأفول؛ حتى تتسق الذات مع الاعتراف بأزماتها الثقافية لكي تسلك طرق الفهم والمعالجة.

هوامش:

[١] السلطة في الاسلام، ج٢ ( نقد النظرية السياسية ) ،ص: ٩٩ ، دار التنوير

[٢] الفتنة الكبرى ، ج١/ ص: ١٠٥، طه حسين

[٣] المصدر السابق ، ص: ١٧١

[٤] المصدر السابق ، ص:١٦٣

[٥] المصدر السابق ، ص: ١٤١

[٦] المصدر السابق ، ص:١٩٨

[٨] الحقيقة الغائبة ص:١١ ، فرج فودة / او انظر المصدر السابق ص:٢١٠، طه حسين

[٨] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج٣ ،ص ٤٣٩ 

[٩] ابن عبد ربه-العقد الفريد نقلا عن : السلطة في الاسلام ، جزء ١ ص:١٠٨-١٠٩، عبد الجواد ياسين

[١٠]السيوطي ، تاريخ الخلفاء، المصدر السابق

[١١] ابن كثير، البداية والنهاية، المصدر السابق

[١٢] المصدر السابق ، ج٨

[١٣] تاريخ الطبري ،ج٥ ؛ البلاذري ، أنساب الاشراف

[١٤] السلطة في الاسلام ،ج٢ ص: ٦٦، عبد الجواد ياسين

[١٥] المقدمة ، ابن خلدون ، ص:٣٦٩

[١٦] البدايةًوالنهاية ، ابن كثير ج١٠

[١٧] ابن عبد ربه، العقد الفريد : نقلا عن ، السلطة في الاسلام ج٢ ،ص:١٠٩

[١٨] قصة الحضارة(ويل ديورانت)  : الفصل السادس: الفتح الإسلامي : إضعاف الهند - محمود الغزنوي - سلطنة دلهي - انحرافاتها الثقافية - سياستها الوحشية - عبرة التاريخ الهندي

[١٩] السلطة في الاسلام ،ج١ ص:٥٧ . عبد الجواد ياسين

[٢٠] المصدر السابق، ص:٨٩

[٢١] المصدر السابق ، ص:٢٧٠

[٢٢] ابن أبي الحديد-شوح نهج البلاغة نقلا عن المصدر السابق،ص:٥٧

[٢٣]الماوردي،الأحكام السلطانية،ص٣٨.وأبو يعلى،ص٢٥/ نقلا عن : السلطة في الاسلام/ج٢ ،ص١٣٠

[٢٤] اغتيال العقل ،ص٥٧، برهان غليون

[٢٥] المصدر السابق ،ص١٠٦

إعلان

فريق الإعداد

تدقيق لغوي: ضحى حمد

اترك تعليقا