الفرق بين “الحقيقة.. الفرضية.. القانون.. النظرية”

ربما تكون قد سمعت شخصًا ما يقول إن التطور “مجرد نظرية”، وأن الجاذبية، من ناحية أخرى، يجب أن تكون حقيقية بنسبة 100٪؛  لأنها “قانون”، ولقد تم إثبات ذلك بدقة، حتى أنه قد يطلق عليها “حقيقة علمية”.
لسوء الحظ، كل هذه الانطباعات الشائعة ليست صحيحة تمامًا. إن لكلمتي “الحقيقة” و”الفرضية”، و”النظرية” و”القانون” معانيَ محددةً جدًا في العلم، ولا تتطابق تمامًا مع المعاني التي نستخدمها في اللغة اليومية.

الحقيقة – “Fact”

“عندما تُسقط قلم رصاص، فإنه يقع على الأرض “.

هذا مثالٌ بسيط جدا.

في العلم، الحقيقة هي ملاحظة “مشاهدة” تم تأكيدها مراتٍ عديدة، بحيث يمكن للعلماء، لجميع الأهداف والأغراض العلمية، قبولها على أنها “حقيقية”.

ولكن كل شيء في العلم يأتي بمستوى من عدم اليقين، لذلك لا شيء من الناحية العلمية “صحيح” يتجاوز ظل الشك. يمكنك القول إن “كل البجع أبيض” هي حقيقة، لكن هناك دائمًا فرصة لرؤية البجعة السوداء وجعل هذه الحقيقة خرافة. وبالمثل، في كل مرة تترك فيها قلمًا رصاصًا، سيقع على الأرض، وبالتالي يمكنك القول إنها “حقيقة”، لكن العلم يترك مجالا لفرصة ضئيلة -لامتناهية الصغر- بحيث يمكن أن يحدث غير ذلك.

ما هو مقبول كحقيقة اليوم قد يتم تعديله أو حتى نبذه غدًا.

إعلان

الفرضية – Hypothesis

“يسقط قلم رصاص؛ لأن هناك قوة تسحبه إلى أسفل”.

الفرضية هي تفسيرٌ مبدئيٌ “بيان مؤقت” حول ملاحظة “مشاهدة” يمكن اختبارها، فهي تعتبر نقطة انطلاق لمزيد من التحقيق والتأكيد. أي ملاحظة تأتي عادة مع مجموعة من الفرضيات، إذا لاحظت أن البجعة بيضاء، فإن فرضيتك يمكن أن تكون بأن جميع البجع مطلي، أو أن الشمس تجعل لونه أبيض، أو أن ريشها يفتقد الصباغ فقط. وبعد أن تقوم بفرض تلك الفروض، يمكنك بعد ذلك التحقيق في كل هذه الفرضيات، وتأكيد تلك الفرضيات المدعومة أكثر بالدليل، إن وجدت.

على مر التاريخ، كانت هناك العديد من الفرضيات حول سبب سقوط الأشياء عند إسقاطها. اعتقد أرسطو أنه بسبب أن الأجسام المادية كان لها ميل إلى السقوط نحو مركز الكون -والذي اعتقد الإغريق القدماء أنه الأرض-. حتى جاء نيوتن، وأوضح أن كل الأجسام المرتبطة بالأرض يجب أن تنجذب إلى الأرض، ولكن يجب أيضًا جذب كل الكواكب إلى كواكب أخرى، وهكذا مع كل شيء في الكون. كانت فرضيته هي أن كل هذا يحدث من خلال قوة جاذبة سماها “الجاذبية”.

القانون – Law

“أي جسيم من المادة في الكون ينجذب إلى آخر باستخدام قوة تتناسب طرديًا مع الكتلة، وتتناسب عكسيًا مع مربع المسافة بينهما”.

law
قانون

قد تتوقع أن تكون “النظرية” الخطوة الطبيعية التالية في هذا الطريق إلى الحقيقة العلمية، لكنك ستكون مخطئًا. هذا لا يعني أن القانون أدنى من النظرية؛ إنه مجرد شيءٍ مختلف تمامًا.

في العلوم، يعتبر القانون وصفًا مفصلًا للطريقة التي يتصرف بها بعض جوانب العالم الطبيعي، وعادةً ما يتعلق الأمر بالرياضيات. يصف قانون نيوتن للجاذبية الكونية -كما هو مذكورٌ أعلاه- طريقة تصرف المادة بدقةٍ مدهشة، إنه يجعل من السهل التنبؤ بكيفية تصرف القمر إذا كان كبيرًا جدًا وقريبًا من كوكبه، أو إذا كان صغيرًا جدًا وبعيدًا جدًا.

لكن “كيف” تصف كل هذا؟ القانون لا يفسر “كيف”.

النظرية – Theory

“إن الكتلة والطاقة تجعل الزمكان ينحني، وتنشأ قوة الجاذبية عن انحناء الزمكان”.

النظرية هي تفسير لبعض جوانب العالم الطبيعي التي تدعمها الحقائق والفرضيات المختبرة والقوانين. الاقتباس أعلاه هو نسخة مبسطة من النظرية النسبية العامة لآينشتاين.

نيوتن قال إن كل جسمين ينجذبان على أساس مدى ضخامة كل منهما والمسافة بينهما، بينما قال آينشتاين إن هذا يحدث لأن كتلة كل كائن تشوه “حرفيًا” نسيج الكون، وكلما كبرت الكتلة، كلما ازداد التشوه.

وبالتالي فإن النظرية هي النسخة النهائية الصحيحة لجميع البيانات العلمية، وهذا هو السبب في أنه من غير المنطقي أن نقول إن التطور هو “مجرد نظرية”.

رسم توضيحي
رسم توضيحي

وكما يقول جو هانسون في مقطع الفيديو الخاص به (الفيديو في آخر المقال):

 “توقف عن وصف الأمر على أنه أمر سيئ. إن وصفه نظريًا -يقصد التطور- يعني أنه اجتاز أصعب الاختبارات التي يمكن أن نلقيها عليه، وقد تم اختبار التطور أكثر من أي نظريةٍ قد نعرفها “.

ولكن كما قلنا، فإن العلم لا يقول أبدًا أي شيء بنسبة يقين مائة بالمائة. تنهار نظرية آينشتاين عند تطبيقها على ميكانيكا الكم، التي تتعامل مع سلوك الجزيئات دون الذرية الصغيرة. ونتيجة لذلك، يلقي العديد من العلماء فرضياتٍ جديدة حول الجاذبية، لكن هذا لا يعني أن آينشتاين كان على خطأ.

تشرح النسبية العامة الغالبية العظمى من ملاحظاتنا، وفي كل مرة يحاول العلماء إثبات أنها خاطئة، يفشلوا.

هذه هي قوة النظرية العلمية، إنها مبنية على أساسٍ قويٍ بما فيه الكفاية، حتى لو وجدت بعض الشقوق فيها، يمكنك أن تثق في أن الهيكل ككل سيظل قائمًا.

إعلان

مصدر Source
فريق الإعداد

إعداد: محمود اسامة

تدقيق لغوي: تسنيم محمد غالي

اترك تعليقا