مترجم: فرضية الأكوان المتوازية

نظرية الأكوان المتوازية أو الأكوان المتعددة (multiverse) هي نظرية تقول وببساطة، أننا لسنا الكون الوحيد. لكن هناك العديد من الأكون الموازية لبعضها البعض. فحتى كوننا هذا يُسمى داخل هذه النظرية بكونٍ موازٍ. كما أنّ هناك العديد من النظريات تصبّ في صالح وجهة النظر تلك. في الحقيقة لا يعتقد كلّ الفيزيائيين بوجود الأكوان المتوازية. كما أنّ قليلًا منهم يعتقد بإمكانية الاتصال مع هذه الأكوان.

الأساس الأول: إذا سافرت بعيدًا بما فيه الكفاية، حتى آخر الكون أو بعد النهاية ربما، ستعود إلى نقطة البداية مرة أخرى.

تَعدّ الفكرةُ الأساسية في نظرية الأكوان المتعددة الفضاءَ شاسعًا لحدّ أن قوانين الاحتمال تدلّ أنه أكيدًا، في مكانٍ ما هناك، توجد كواكب تشبه الأرض تمامًا. فحقيقةً، كون لامتناهٍ يجب أن يوجد به كواكب لامتناهية. وفي بعضها تدور أحداث مماثلة فعليًّا للأحداث على أرضنا هذه.

لماذا إذًا لا نرى هذه الأكوان؟ ببساطة لأن رؤيتنا الكونية محدودة بسرعة الضوء؛ أكبر سرعة ممكنة. بدأ الضوء بالتدفق مع بداية الانفجار العظيم، منذ أكثر من 14 بليون سنة مضت. وبالتالي لا يمكننا رؤية ما هو أبعد من 14 بليون سنة ضوئية منذ أن بدأ الكون بالتمدد. هذا القدر من الفضاء يسمي ب “حقل هابل العميق” وهو ما يمثل كوننا المرئي.

هناك فرضيتان مهمتان لتواجد الأكوان المتوازية على هذا

الأساس الأول:

1. أن الكون شاسع لامتناهي.
2. وبناءً على النقطة السابقة، فكلّ تكوُّنٍ ممكن للكون في حقل هابل يحدث عدة مرات. وبالتالي بالأكوان المتكونة لامتناهية.

إعلان

إذا كان ما سبق ممكنًا، فإمكانية الوصول إلى أحد تلك الأكوان عمليًا -وبشكل غير كلي- غير ممكنة. فلا يمكننا البحث عن أحد تلك الأكوان، إذ أنها، كما عرفناها، بعيدة جدًا حيث لا يمكنهم مراسلتنا. ولا يمكننا مراسلتهم. (تذكر، يمكننا فقط تلقي الرسائل من نطاق حقل هابل الخاص بنا).

الأساس الثاني:

إذا ذهبت بعيدًا بما فيه الكفاية، ستصل إلى أرض العجائب. 
في عالمٍ موازٍ من هذا المستوى، مازالت مناطق من الفضاء مستمرة في التضخم. وبسبب التضخم في هذه الأكون، فالفضاء الواقع بيننا وبين هذه الأكوان حرفيًا يتمدد أسرع من سرعة الضوء. وبالتالي فهي بعيدة المنال تمامًا.
هناك نظريتان محتملتان تؤيدان وجود الأكوان الموازية من هذا المستوى؛ نمرية التضخم الأبدي ونظرية إكبيروتيك.

أولاً، نظرية التضخم الأبدي

في نظرية التضخم الأبدي، نذكر أن التقلبات الكومومية في الطاقة الناتجة من الفراغ بالكون الأولي سببت “فقاعات” لتلك الأكوان تناثرت في كل أنحاء الفضاء، تتوسع وتنتشر في مراحل التضخم بمعدلات مختلفة.

إمكانية وجود هذه الأكوان المتعددة مفترضة في الحدود القصوي للطاقة، فعلى الرغم من وجود متغير واحد -التضخم الفوضوي- وبتوقُّع أن الشرط الأولي يمكن أن يتمّ اختياره عشوائيًا كأي مستوى طاقة، والذي قد لا يكون له حد أقصى، ستكون النتائج واحدة.
وبناءً على ذلك، فنتائج نظرية التضخم الأبدي تعني أنه عندما يبدأ الفضاء في التضخم، فهو لا ينتج بذلك كونًا واحدًا، ولكن عددًا لا نهائيًا من الأكوان.

حاليًا، النموزج الوحيد غير التضخمي -غير المتعلق بتضخم الكون- هو نموزج إكبيروتيك، ولكنه مقترح جديد نوعاً ما، وبالتالي مازال موضع التضارب والتطوير.

ثانيًا، نموزج إكبيروتيك:

في نظرية إكبيروتيك، الكون هو ناتج تصادم برانين آخرين -البران bran هو أحد فرضيات نظرية الأوتار التي تعبّر عن زمكان شاسع يضم 10 أبعاد زمنية غير البعد الحادي عشر، وتظهر منه 4 أبعاد فقط وهي المكونة لكوننا هذا- وبالتالي؛ من الممكن أن يتم هذا التصادم في عدة أماكن مختلفة من البران الأصلي. تخيل ورقة ترفرف بخفّة على سطحٍ ما. فالورقة لا تلمس السطح في مكان واحد، بل في مواضع متعددة. فإذا كانت الورقة تمثل هذا البران -الكون- إذًا فكلّ نقطة تصادم تخلق كونًا جديدًا بخصائصه الخاصة.

لا توجد أسباب للقول أن تلك البرانات أو الأكوان تتصادم في نقطة واحدة، وبالتالي فنظرية إكبيروتيك تتقترح إمكانية وجود أكوان أخرى في أماكن أخرى، تتوسع بالقدر الذي يعتبر ممكنًا.

الأساس الثالث: إن بقيت مكانك، ستواجه نفسك.

هذا الأساس الثالث لوجود الأكوان المتوازية هو نتيجة لتفسير العوالم المتعددة (MWI) في ميكانيكا الكم، حيثما تصبح كل إمكانية كمومية ملازمة لدالّة الموجة الكمومية ممكنة في الحقيقة. عندما يفكر شخص عادي -خاصةً إذا كان من محبي الخيال العلمي- في نظرية الأكوان المتعددة، فحتمًا سيفكر فيها من هذا المنظور.

الكون الموازي من هذا المنظور مخالفٌ لما سبق، فالأكوان الموازية هنا تأخد نفس الحيز من الزمان والمكان مثل كوننا تمامًا، ولكنك لازلت لا تملك وسيلة للوصول لها.

فلنفترض أنك لم ولن تتصل بـ الأكوان المتوازية في الأساس الأول والثاني، لكنك متصل -دومًا- بالأكوان المتوازية في هذا الأساس. فكل لحظة في حياتك، كل قرار تتخذه، يُحدث انشطارًا في نفسك الحالية إلى عدد لامتناهٍ من نفسك المستقبلية. كل منها غير واعٍ بالآخر.

بالرغم من حديثنا عن انشطار الزمن، فهو غير حقيقي. رياضيًا، هناك دالة موجية واحدة، وهي تتطور بمرور الزمن فقط. فالبعد الفائق للأكوان المتوازية المختلفة حيث كلها تتعايش مع بعضها بشكل آنيّ في أبعاد فضاء هلبيرت اللامتناهية، يجعل الأكوان تتداخل بعضها البعض، مؤديًا إلى السلوك الكمومي الغريب.

من بين هذه الأساسات ووجهات النظر، تلك الثالثة أقلهم ارتباطًا بنظرية الأوتار.

الأساس الرابع: في مكان ما خلف قوس قزح، يوجد كونٌ ساحر. 

لعل هذه النقطة هي أكثرهم إثارةً للجدل. لأنها ،في الأساس، تتبع قوانين رياضية عن الطبيعة تختلف عن تلك التي بكوننا. اختصارًا، فأي كون يتمكن الفيزيائون من إيجاده على الورق موجود، تبعًا لمبدأ الديموقراطية الرياضية (Mathematical democracy principle):
أيّ كون يمكن إثبات وجوده رياضيًا يملك نظيره فعليًا.

هنا ينتهي مقالنا عن وصف 4 أساسات في نظرية الأكوان المتعددة. اختلفنا أم اتفقنا على أحدها، تكتسب النظرية قوّتها يومًا بعد يوم، ولا يعلم أحد إلى أي مدى ستصل. وهل سنتصل بأحد تلك الأكوان يومًا ما؟

قد يعجبك أيضًا: ثلاثة أسئلة لم تجب عنها صورة الثقب الأسود

إعلان

مصدر مصدر الترجمة
اترك تعليقا